السرّ أمانة يجب حفظها
2016/10/29م
المقالات
2,084 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
السرّ أمانة يجب حفظها
الأمانة هي كلّ ما طلب من الإنسان المحافظة عليه، فإن فرط فيه أو ضيّعه فهو خائن، وهي بهذا المعنى أنواع كثيرة، منها الصّلاة ومنها الوضوء، ومنها الصّوم، ومنها الودائع، ومنها الوقف بيد متوليه، ومصلحة اليتيم بيد الوصيّ، ومصالح الأمة بأيدي الحكّام، ومنها رسالة محمّد صلى الله عليه وسلم يبلّغها كل جيل إلى الذّي يليه، ومنها السرّ، والأدلّة على أن السرّ أمانة ما أخرجه أبو داود عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المجالس بالأمانة إلاّ ثلاثا: سفك دم حرام أو فرج حرام أو اقتطاع مال بغير حقّ” وما أخرجه أبو داود والترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا حدّث رجل رجلا بحديث ثم التفت فهو أمانة”، وما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “أتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلّم علينا وبعثني إلى حاجة وأبطأت على أمّي، فلمّا جئت قالت: “ما حبسك؟” قلت بعثني رسول اللهصلى الله عليه وسلم في حاجة، قالت: “ما حاجته؟” قلت: “إنّها سر” قالت: “لا تحدّثن بسرّ رسول الله أحدا” قال أنس: “والله لو حدّثت أحدا لحدّثتك يا ثابت”. وحديث أنس هذا صنّفه البخاري في الأدب المفرد تحت عنوان الأمانة.
والأسرار تتفاوت في أهميّتها بقدر الضرر الذّي يحصل من إفشائها مع أن حفظها كلها واجب، فأسرار الدّولة أهمّ من أسرار الحزب، وأسرار الحزب أهمّ من أسرار الفرد، وكما تتفاوت الأسرار يتفاوت النّاس في قدرتهم على حفظها، والحصين من يحسن اختيار موضع سرّه ، فكم من بلايا نزلت خاصّة وعامة من سوء اختيار موضع السر، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يحفظون سرّة كحديث أنس الآنف الذكر والحديث الذّي أخرجه أحمد عن ابن عمر قال: “لما تأيّمت حفصة وكانت تحت خنيس بن حذافة لقي عمر رضي الله عنه عثمان فعرضها عليه، فقال عثمان: مالي في النّساء حاجة وسأنظر، فلقي أبا بكر فعرضها عليه فسكت، فوجد عمر في نفسه على أبي بكر، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خطبها، فلقي عمر أبا بكر فقال: “إنّي كنت عرضتها على عثمان فردّني وإنّي عرضتها عليك فسكتّ عنّي، وفلانا عليك كنت أشدّ غضبا منّي على عثمان وقد ردّني” فقال أبو بكر: “إنّه كان ذكر من أمرها وكان سرّا فكرهت أن أفشي السرّ” وهناك مجالس لا يجب حفظها ولا تأخذ حكم الأمانة وهي المستثناة في حديث جابر الذّي أخرجه أبو دواد.
عبد الرحمن العقبي
2016-10-29