المسألة الفلسطينية وطريقة التعامل مع الكيان اليهودي
2016/10/29م
المقالات
1,904 زيارة
المسألة الفلسطينية
وطريقة التعامل مع الكيان اليهودي
هذه هي الكلمة التي أعدت ليلقيها ممثل كتلة الوعي الطلابية في إحدى مدارس بيت المقدس ضمن ندوة يتناظر فيها ممثلو هذه الحركات الطلابية حول المسألة الفلسطينية وطريقة التعامل مع الكيان اليهودي.
نرجو من مجلة الوعي الغراء نشر الكلمة إن أمكن لتعريف القراء الكرام بنشاطات شباب كتل الوعي في المدارس والكليات والجامعات في فلسـطين، راجين من اللـه العلي القديـر أن يطـهـر بلادنـا من رجـس المحتلين على أيدي المخلصين المؤمنين من أبناء الأمّـة الإسلامية.
بسم اللـه الرحمن الرحيم، الحمد للـه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، وبعد:
أعزائي الطلبة، أيها الجمع الكريم… السلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته،
تعلمون أن كتلة الوعي في هذه المدرسة شأنها شأن كتل الوعي في مختلف المدارس والكليات والجامعات تتبنى مفاهيم حزب التحرير وآراءه الفكرية والفقهية والسياسية، ومعلوم أن مفاهيم حزب التحرير وآراءه وتحليلاته وتبنياته منضبطة بالضوابط والقيود الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من أدلة أخرى متفرعة عنهما وهما إجماع الصحابة والقياس حصراً.
أيها الإخوة الكرام:
لا جدال في أن جميع الحركات والتكتلات التي توجد في المجتمعات ترنو إلى تغيير كل أو جزء من العلاقات الدائمية التي تربط بين أفراد تلك المجتمعات، وتصبو إلى فرض سلطان المبدأ أو الفكرة التي تؤمن به أو بها على المجتمعات والبلدان التي تعمل فيها.
ونحن نعمل من أجل التغيير، ولكن نوع التغيير الذي نطرحه هو الذي يختلف عن كثير من الأحزاب العاملة، فما هو هذا التغيير الذي ننشده؟
إنه تغيير يتعلق بالأمة بأسرها وبالعلاقات بمجموعها وبالدار برمتها، أما الأمّـة فنحن نرى أنها تخضع لقوانين الكفر وتحكم بأنظمة الكفر وعلاقات أفرادها الدائمية هي علاقات غير إسلامية وبالتالي حولت مجتمعات الأمّـة الإسلامية إلى مجتمعات غير إسلامية. وأما الدار فنحن نرى أن البلدان الإسلامية إما أنها اقتطعت من ديار المسلمين واحتلت عسكرياً من قبل الكفار وما زالت خاضعة لحكمهم كفلسطين وكشمير والشيشان وغيرها من بلاد المسلمين، وإما أنها خاضعة لحكام عملاء مأجورين للقوى الاستعمارية يتحكمون برقاب المسلمين وأهل ذمتهم نيابة عن الكفار الذين يوجهونهم كما هو الحال في بقية البلاد الإسلامية.
فالأمة والمجتمعات والديار خاضعة لنوع أو أكثر من أنواع السيطرة من قبل الكافر المستعمر واللـه سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله: ]ولن يجعل اللـه للكافرين على المؤمنين سبيلاً[ بمعنى أنه لا يجوز أن يكون هنالك سلطان أو سيطرة أو نفوذ للكافرين على المسلمين.
ومن أجل هذا الخلل في العلاقة بين المسلمين والكافرين في هذا الزمان وجد الحزب الذي نتبنّى أفكاره وطريقته ووُجِدتْ كتلتنا لتحرير البلاد والعباد من سيطرة الكفار والمستعمرين وإزالة نفوذهم عن ديار المسلمين وشعوب الأمّـة الإسلامية بشتى صوره وأشكاله سواء أكان عسكرياً أم اقتصادياً أم اجتماعياً أم سياسياً أم دبلوماسياً.
وهذا التحرير بمعناه الشمولي يستوجب مواجهة الأفكار الفاسدة والعقائد المضللة والثقافات المسممة والسياسات الذليلة وبيان زيفها وفسادها.
وهذا التحرير يستوجب أيضاً انتهاج العمل السياسي المتواصل في الأمّـة ومعها لتطهيرها من أدرانها المتعفنة وتنقيتها من قياداتها الفكرية المناقضة أو المخالفة للقيادة الفكرية الإسلامية، وتحميل قيادتها القيادة الصحيحة التي تفضي إلى التغيير المنشود، ولا تتحقق هذه القيادة إلا باستمرار مقارعة الأفكار الزائفة ومكافحة القيادات التابعة للأجنبي حتى توجد الأرضية الجماهيرية التي تصلح للارتكاز عليها ومن ثم الانقضاض على أنظمة الحكم العميلة وإقامة الحكم الإسلامي على أشلائها، ذلك الحكم الذي يتمثل في دولة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام على الناس وتحمل دعوته إلى العالم عن طريق الجهاد.
أيها الإخوة الأعزاء:
أما بالنسبة لموقف الكتلة من القضية الفلسطينية فإن النظرة الإسلامية الصحيحة لقضية فلسطين ترتكز على الثوابت التالية:
-
أن أرض فلسطين هي أرض إسلامية، ومعظمها أرض خراجية لا يجوز لكائنٍ مَنْ كان التفاوض عليها، فهي منذ دخلها سيدنا عمر بن الخطاب رضي اللـه عنه وحتى قيام الساعة لا يتغير الحكم الشرعي في صفة أرضها الخراجية، والذي بموجبه تملك الدولة الإسلامية رقبتها ويملك المسلمون منفعتها.
-
إن العهدة العمرية هي أحكام شرعية يلتزم المسلمون بتنفيذها ومن أحكام هذه العهدة – بعد تطبيق أحكام الإسلام على القاطنين في بيت المقدس – هو إخراج اليهود منها.
-
إن ضعف المسلمين في هذه الأيام وعجزهم عن تحرير فلسطين وتغيير موازين القوى ليس علة شرعية توجب تغيير الحكم الشرعي ولا هو مبرراً للتنازل عن فلسطين لليهود أو التنازل عن حكمها بالإسلام.
-
إن الحل الإسلامي الوحيد للقضية الفلسطينية – والذي لا يوجد حل سواه – يتمثل في جهاد اليهود وطردهم من فلسطين.
هذه هي الثوابت الإسلامية التي دلت عليها النصوص والأحكام الشرعية، وكونها ثوابت يعني أنها لا تتبدل ولا تتغير ولا تتطور ولا يجري عليها أي تعديل أو تبديل في أي عصر ومع أي جيل، وهي ليست موضع جدال أو تفاهم أو مفاوضات، وإن كان لا بد من الجدال أو التفاهم أو المفاوضات عليها فإنما يكون على كيفية تطبيق هذه الثوابت وعلى كيفية إنزالها على الواقع.
إننا نختار الطريق السياسي لتحقيق هذه الثوابت في هذه الأيام، ونحن نؤمن إيماناً قاطعاً بأن العمل الفردي والعمل التكتلي المنفصل عن الأمّـة لا يمكن أن يوصل إلى تحقيق هذه الثوابت، وهذا الطريق السياسي الذي اخترناه هو طريق يتعلق بجماعة المسلمين، وجماعة المسلمين مصطلح يقصد به الأمّـة الإسلامية ولا يقصد به الكتلة أو الحركة الإسلامية. فنحن نعمل بالأمة ومعها من أجل تحرير فلسطين بالجهاد، أي إننا نحمل الأمّـة بجميع قواها وإمكاناتها للقتال والجهاد وليس أفراداً أو حركات منها فحسب. وهذا العمل السياسي إذا أثمر في الأمّـة ـ وإن شاء اللـه إنه سيثمر رقيباً – فإن وجود دولة اليهود في فلسطين لا يعدو كونه مسألة وقت ليس إلا.
أيها الإخوة الأعزاء:
إن العمل السياسي وحده هو الذي يقود كل الأمّـة، وهو الذي يجمع قواها المادية وغير المادية ويحشدها لمحاربة أعدائها وهو الذي يغير أنظمة الحكم القائمة الفاسدة وهو الذي يوجد السلطان الإسلامي والخلافة الإسلامية وهو الذي يعلن الجهاد، جهاد الأمّـة كلها، الجهاد الحقيقي المنتج، الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام.
فلا يجوز ترك العمل السياسي للحكام الكفرة العملاء وحدهم، ليبعثروا ثروات الأمّـة ويحرموا المخلصين منها، ويحققوا بذلك رغبة اليهود وأعداء الإسلام الذين يعملون جاهدين لتفتيت جهود الأمّـة وبعثرة قواها لتسهل سيطرتهم عليها ومواجهتها.
لقد سعت إسرائيل والغرب إلى تحويل الصراع – بالمغالطة – من كونه صراع إسلام ضد كفر إلى صراع عرب ضد يهود، ثم حولوه ثانياً – بالمغالطة – إلى صراع فلسطيني يهودي، ثم حولوه ثالثاً – بالمغالطة أيضاً – إلى صراع منظمات فلسطينية ضد إسرائيل، ثم حولوه – أخيراً – إلى صراع أجنحة من حركات ضد إسرائيل، واللـه يعلم كيف سيحولونه مستقبلاً بالمغالطة دفاعاً عن إسرائيل.
إن تقزيم الصراع الإسلامي اليهودي إلى هذا المستوى هو الذي ضمن لإسرائيل البقاء، وهو الذي ضمن لها السيطرة والنفوذ على المسلمين. فإذا أدركنا مرامي اليهود، والغرب من ورائهم، في عزل معظم الأمّـة الإسلامية وتحييدها عن الصراع وإلهاء جيوش المسلمين في ضرب شعوب الأمّـة الإسلامية وحفظ عروش الحكام الخونة، إذا أدركنا ذلك كله فإنه يتوجب علينا إرجاع الصراع إلى صعيده الأصلي ألا وهو صراع المسلمين ضد الكفار اليهود ومن ساندهم من الغربيين.
أعزائي الطلبة:
إن سياسة قلب المفاهيم الصحيحة وتحويلها بالمغالطة إلى أشلاء مفاهيم أو إلى مفاهيم كسيحة، هي من أخطر وأخبث السياسات التي حاربنا بها الكافر المستعمر، والتي دمرت الأمّـة الإسلامية وقطعت أوصالها وأدخلت الميوعة فيها، فانتبهوا أيها الإخوة من انطلاء هذه السياسة الماكرة عليكم ولا تمكنوها من التغلغل في نفوسكم ونفسياتكم، وواجهوها بإيمان قوي وتفكير عميق ووعي ثاقب وإخلاص خالص.
فبسبب هذه السياسة اللئيمة تم حصر وتهميش جيوش الأمّـة وإلغاء دورها في الجهاد وحماية الأوطان وتوظيف دورها فقط في حفظ أنظمة القمع وإذلال الناس وقهرهم. وبسبب هذه السياسة ألقى المناضلون القدامى السلاح وتحولوا إلى مفاوضين عصريين خائبين لا شغل لهم إلا إلقاء التهم على من لم يلق السلاح بعد، ونعتهم بأقبح الأوصاف وإدراجهم في خانة العنف والخيانة.
وبفضل هذه السياسة الماكرة تحولت الأعمال العسكرية إلى أعمال إرهابية، وأصبح الجهاد إرهاباً، وأصبحت الأعمال العسكرية السالفة جزءاً من الماضي تُجتر كذكريات يتفاخر بها، ويتعامل معها على أنها مضت وانقضت، ودفع ثمنها دراهم معدودة لقاء التنازل عن أرض الإسراء والمعراج لأعداء اللـه ورسوله والمؤمنين.
هذه هي – أيها الإخوة – أفعال سياسة قلب المفاهيم، وهذه هي نتائجها، والتي من أهمها تركيز وجود الدولة اليهودية في قلب العالم الإسلامي. ولكن هذه الدولة السرطانية يجب أن تزول، ولا تزال إلا بدولة مثلها على الأقل، ولا يمكن إزالتها إلا بإزالة الحكام النواطير الذين يحرسونها، ولا يُزال هؤلاء إلا بقلبهم عن عروشهم وإسقاط أنظمتهم وإقامة الدولة الإسلامية على أنقاض حكمهم، ولا تقام دولة الخلافة إلا بوجود حزب سياسي يسعى جاهداً لتغيير الأوضاع وبناء الدولة والمجتمع وتجهيز الجيوش وشحنها لدك حصون اليهود كما فعل رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله وسلم حين دك بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وخيبر وما ذلك على اللـه بعزيز.
والسلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته
2016-10-29