الموقف الرسمي المعلن من دولة الفاتيكان تجاه القدس هو «التدويل» أي لا يجوز أن يتكون القدس خاضعة للسيادة الإسرائيلية ولا للسيادة العربية بل للجنة دولية تضمن حرية الأديان والوضع الخاص بالمدينة.
كان آخر بيانات الفاتيكان الرسمية في شأن وشع القدس صدر عن رئيس الأساقفة مارتينو في 19/11/1991. ومما جاء فيه: «أن الباب يوحنا بولس الثاني في خطابه إلى أعضاء السلك الدبلوماسي في 12/01/91 أبرز نواحي عدة تدعو إلى القلق بالنسبة إلى الشرق الأوسط بما في ذلك وضع مدينة القدس». وذكر مارتينو أن «الوضع الراهن للقدس هو أنها أرض محتلة. وهي بهذه الصفة، يجب أن لا تخضع لأي تغييرات قبل التوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات… والحبر الأعظم، انطلاقاً بشكل عام من روح قرار الأمم المتحدة السابق أواخر الأربعينات والمتعلق بتدويل القدس – وهو قرار لم يبطل مفعوله رسمياً أبداً – يرى أن المدينة يجب أن تتمتع بوضع خاص ومتميز بضمانات دولية». وخمت الأسقف مارتينو تصريحه بالقول: «يجب أن تولى مشكلة السيادة (على القدس)، وهي بالتأكيد مشكلة مهمة وحساسة، اعتباراً ثانويا».
هناك مؤشرات الآن تشير إلى أن الفاتيكان يغيّر موقفه هذا باتجاه التسليم بسيادة إسرائيل على القدس بشرط وجود ضمانات دولية لحماية الأماكن المقدسة لدى النصارى وصيانة الحرية الدينية في المدينة.
فقد نُقل اليهود عن رئيس أساقفة نيويورك الكاردينان أوكنور قوله: «الكنيسة (الكاثوليكية) لا يهمها، في شكل خاص من يشرف على القدس. ومن يشرف على إدارتها وتدبير شؤونها… ولقد جرت مناقشات مستفيضة في مرحلة ما عن الوضع الديني للقدس وعن أثناء زيارته لها أوائل هذا العام. وكان أوكنور مرّ بالفاتيكان عند قدومه إلى الشرق الأوسط وعند عودته. ولم ينف أوكنور ما نقل عنه.
وقال الحاخام ديفيد روزين، أحد مسؤولي الاتصال في أميركا مع الفاتيكان: أن تصريحات أوكنور تشكل تغييراً في موقف الفاتيكان إزاء القدس. وأضاف أن الفاتيكان لم يعد يصرّ على أن تكون القدس تحت إشراف دولي بل يركز بدلاً من ذلك على «ضمانات دولية» بحماية الأماكن المقدسة لدى المسيحيين وصيانة الحريات الدينية في المدينة. وأضاف روزين إن الفاتيكان «أقرب من أي وقت مضى إلى الإقرار بسيادة إسرائيل على القدس برمتها».
وقال تيدي كوليك رئيس بلدية القدس (اليهودي) الذي اجتمع بأوكنور: «من السابق لأوانه التصريح بأن الباب يقر الآن بالسيادة الإسرائيلية على الأمكان المقدسية المسيحية المقدسة» لكن الأمر يبدو قريباً من ذلك. وهذا ما يحمله أوكنور في قلبه.
وإذا أضفنا إلى ذلك العبارة التي ختم بها الأسقف مارتينو بيانه الرسمي باسم الفاتيكان وهي: «يجب أن تولى مشكلة السيادة (على القدس) اعتباراً ثانوياً» يمكن أن نفهم أن البابا خضع لتوجيهات أميركية بشأن الإقرار بالسيادة الإسرائيلية على القدس برمتها، وأن فكرة التدويل صارت شيئاً من الماضي. ويكتفون الآن بضمانات دولية لممارسة الحريات الدينية بدل التدويل.
فهل أختم علماً أيها المفاوضون؟