الشاعر: يوسف 1414هـ
أقبس هذه الومضة من عاصمة الإسلام الأولى حين شمت خيرَ رسالة وخيرَ رسول وخير صحب وخير أنصار.
في كل عام لنا الآمالُ تبتسمُ
|
|
ويُبْسَطُ الفضلُ والآلاء والنعمُ
|
هَزَّ الوجودَ نداءٌ راح يَغْمرهُ
|
|
فَيْضاً به الجودُ والإحسانُ والكرمُ
|
كأنما الكونُ تسبيحٌ لحالقَهَ
|
|
في كل هَمْسِ شُعاعٍ خافقٌ وفَمُ
|
ولمسةٍ كرفيفِ الروح من يدِه
|
|
تُحيا وتُبعثُ من أجداثها الرِّمَمُ
|
يا طَيْبَةَ النّورِ يا فجر الحضارة يا
|
|
نبعاً تَفَجَّرَ منهُ الكوثرُ والعَمِمُ
|
في ظلها دوْحةُ الأنار باسقةٌ
|
|
فروعُها بالجَنى تَزهو وتبتسمُ
|
الناصرونَ رسولَ اللهِ ما انحرفتْ
|
|
بِهمْ سَبيلٌ ولا زّلَّتْ بهمْ قَدَمُ
|
والمسرعونَ إلى الميدان إن عصَفتْ
|
|
ريحُ القتالِ ونارُ الحربِ تَضطرمُ
|
وَسَلْ حُنَيْناً وقد جاءتْ فيالقُها
|
|
تَيّاهَةً من رسولٍ الله تَنتقمُ
|
وزُلْزِلَ القومُ والميدانُ مُستعِرٌ
|
|
باللافحاتِ وكادَ الصفُّ يَنْخَرِمُ
|
والمصطفى ثابتُ كالطوْدِ تَغمرُهُ
|
|
سَكينةُ الهِ نِبراسٌ ومُعتصَمُ
|
فأقبلت عصبةُ الأنصار خائضةً
|
|
قَلْبَ العُبابِ ومَوجُ الموتِ يَلتطمُ
|
يَفْدونَ أحمدَ في الجُلى فكلُّ فتىً
|
|
في مَوْقدِ النار مُنْقَضٌّ ومقتحمُ
|
ويَقْسِمُ الفَيْءَ والأنصارُ واجمةٌ
|
|
عن العطايا، وعند الموتِ ما وَجموا
|
مغانُم الحربِ ما كانتْ مطامحَهُمْ
|
|
أغنى من الكنز حُبُّ الموتِ عِندَهمُ
|
وعُرْوةٌ برسولِ الله تَربِطهمْ
|
|
وثيقةٌ دونَها الأنسابُ والرَّحِمُ
|
يا أمةً قُطِّعتْ أشلاؤها مِزَقاً
|
|
حتى أحاطَ بها كالقَصعَةِ الأممُ
|
لَمْ يبقَ في جسمها الواهي سوى رَمَقٍ
|
|
أدوى به الوهنُ والأوصابُ والسَّقَمُ
|
هُزّي بعزم رسولِ الله عَزمتَهُ
|
|
تَرجعْ له الروحُ، والأشلاءُ تلتئمُ
|
أنَقْرَأُ اليومَ بالألحان سيرتَهُ
|
|
كالأغنيات، ونحن الصمُّ والبُكُمُ
|
تاهَ الصليبُ وقد عادتْ فيالِقُهُ
|
|
وحُرِّقِ المِنبرُ القُدْسيُّ والحَرَمُ
|
عَرينةُ الأُسْدِ ما عادت مزمجرةً
|
|
ماتَ الزئيرُ ودِيْسَ النابُ والأُجُمُ
|
ثعالبُ الغدرِ من صهيوْنَ تنهشُها
|
|
واستأسدَ الهِرُّ في الأوطانِ والقَزمُ
|
يا أمّةَ الفتح ما الفجرُ البشير به
|
|
ناءِ، ولا أمسُهُ الوَضّاءُ مُنصرِمُ
|
لكنْ نأى عنه من خارتْ عزائمهمْ
|
|
عن الجهاد وإن سادوا وإن حكموا
|
مُكلَّلونَ بتاجِ الذلِّ تَحْسَبُهُمْ
|
|
من النماريد قد عَزُّوا وقد عَظُموا
|
وهمْ لسلطانِ أميركا وقيصرها
|
|
وعرشِهِ الفَظّ في أوطانهمْ خَدَمُ
|
رضوا بما حكمتْ من ذَبح أمتهمْ
|
|
في مجلس (الرعب) وهي الخصم والحكمُ
|
ما مجلسُ الرعب؟ ما صُنَّاعُ آلته؟
|
|
أيدٍ تُمزِّقُ والأفواهُ تَلتهمُ
|
دارٌ تُشَرَّحُ أجسادُ الشعوبِ بها
|
|
كأنما البَشَرُ الفئرانُ والبُهُمُ
|
عَزّتْ يدُ الباطل الباغي وسادَ به الـ
|
|
أشرارُ، والحقُّ مسلوبٌ ومهتضمُ
|
فَسَلْ فلسطينَ والبوشناقَ ما فعلتْ
|
|
أيدي الجناةِ وما قالوا وما زعموا
|
وما تساقَوْا من الانخابِ أو شربوا
|
|
من الدماء فما سالت وما طَعِموا
|
حَتّامَ تَنْعِقُ غِربانُ السفوحِ وفي
|
|
أصواتها اليأسُ والظلماءُ والشؤُمُ
|
مصانعُ الغربِ سَوّتهمْ فراعنةً
|
|
ومَلَّكتهمْ عروشَ الأوطانَ فاستنموا
|
تلك المدارسُ لم تمنحْ شهادتَها
|
|
في الحكم إلا لمن خانوا ومن ظَلَموا
|
ومن أقاموا على أوطانهم حرساً
|
|
عَبْداً لمن سَلبوا الأوطان واقتسَموا
|
قد اتقنوا الزيفَ والتضليلَ واستبقوا
|
|
فكل فردٍ خبيرٌ حاذقٌ فَهِمُ
|
له يدٌ بالدمِ القاني مُضَرَّجَةٌ
|
|
وجَبهةٌ بسوادِ العارِ تتسمُ
|
أمْجادُه السوْطُ والأغلالُ يصنعها
|
|
والمِخلبان ونابٌ فاتِكٌ نهِمُ
|
ويَدّعي أنه الفاروقُ تَغمرُهُ
|
|
شمائلُ العدلِ والأخلاقُ والشيَمُ
|
ويدعي أنه في الحرب فارسُها
|
|
وأنه في قتال الرومِ مُعْتَصِمُ
|
فإنْ تَلَظّتْ بِحَرّ النارِ ساحتُها
|
|
ولَّى من الزحفِ والميدانُ مُحتدِمُ
|
يخوضُها بفؤادٍ راجفٍ هَلِعٍ
|
|
ويَدّعِي النصرَ فيها وهو منهزم
|
يا طَيْبَةَ النور يا ميلادَ مَشْرِقِهِ
|
|
متى يعودُ شباباً مجدُنا الهَرِمُ؟
|
خِلافةٌ وَيَدُ الصدّيقِ تُرسِلها
|
|
راياتِ نصرٍ من الكذّابِ تنتقمُُ
|
والقادسيةُ واليرموك شامخةٌ
|
|
ويومُ حطينَ والأبطالُ تصطدمُ
|
والقدسُ يَنزاحُ عن أنفاسهِ شَبَحٌ
|
|
جاثٍ، ويُكشفُ عنه الكرَربُ والغُمَمُ
|
عَراهُ صَرْحٌ من الإيمان نرفعهُ
|
|
بحبلِهِ في اتحادِ الصف نعتصمُ
|
نُطالعُ الصفحات الغُرّ ناصعةً
|
|
لآلئاً فوق صدر الدهر تنتظمُ
|
ونقرأ الوحيَ غضّاً، والقلوبُ بهِ
|
|
تَحيا من الوَهْنِ لا يأسٌ ولا سأمُ
|
عهد من النور قد مَرّتْ نضارتُهُ
|
|
كأنهُ الطيفُ للرائي أو الحُلُمُ
|
واليومَ عادتْ غواشي الليل واجبةً
|
|
تَطْغَى، وآفاقُها تجتاحُها الظُّلَمُ
|
والجاهليةُ سَكرى في تبجُّحِها
|
|
تَزْهو، ويختالُ في عليائِه الصنمُ
|
وعادَ وجهُ بُعاثٍ في تجهمِهِ
|
|
يَرْبَدُّ، والحقدُ في الأعماقِ مضطرمُ
|
ووحدةُ الصفِّ أطلالٌ مهدمةٌ
|
|
تنهارُ، والشملُ بحدِّ النصلِ منقسمُ
|
وأمّةُ المجدِ والجزّارُ ينحرُها
|
|
فكل شِلْوٍ بحدِّ النصلِ منقسمُ
|
هذي الحدوُدُ التي مُدّتْ حواجزُها
|
|
سجنٌ، فكلُّ مقيم فيه مُتّهَمُ
|
وساحةُ القدسِ ذاتُ الخدْرِ مُرخَصةٌ
|
|
للغاصبينَ، على أضلاعها جَثَموا
|
تئنّ تحت نِعال الجندِ شاكيةً
|
|
هَتْكَ العَفافِ، وفي أحشائها الألمُ
|
والبحرُ تختالُ فُلْكُ المعتدينَ على
|
|
أمواجهِ، وهو ساهٍ مطرقٌ وَجِمُ
|
ما للمآذنِ تكبي والأذنُ بها
|
|
نَوْحٌ ومَدْمَعُها الهَتّانُ مُنْسَجِمُ
|
وخيلُ حطينَ فيها غيرُ منجِبَةٍ
|
|
مُهْرَ الجهادِ وفي أرحامها العَقَمُ
|
أين الفتوحاتُ يا حطينُ، أين مضتْ
|
|
ابطالُها يا صلاحَ الدين أين هُمُ
|
قم غازياً صائلاً كالليث مقتحماً
|
|
فكمْ تصولُ وكم تغزو وتقتحمُ
|
فأرضنا أيِّمٌ لا سيفَ يحرسها
|
|
وساكنوها أُسارى: الذُلُّ واليَتَمُ
|
خِلافةٌ شِرعةُ الرحمن مَنهجُها
|
|
لهديها أمةُ الإسلام تَحتكمُ
|
لم يَنْبُ سيفٌ بأيدي الفاتحين على
|
|
ساح الجهاد، ولم يسقطْ لها عَلَمُ
|
يا ربِّ أَرجعْ إلى الأيامِ نَضْرتَها
|
|
ساد الظلامُ وساد الظالم الغَشِم
|
لقد ظلمنا بتركِ النهج أنفسنا
|
|
وأنت يا ربُّ جبارٌ ومنتقمُ
|
هذا الكتابُ جديدٌ بين أظهرنا
|
|
فيه الرشادُ وفيه الحُكْمُ والحِكَمُ
|
نرنو إليه وفي أبصارنا عَمَهٌ
|
|
من الضلال وفي آذاننا صَمَمُ
|
على الصراطِ الحميد المستقيمِ به
|
|
سَدّدْ خُطانا، ومِنْكَ الفضلُ والكرمُ
|