مقالان يكشفان عوار الرأسمالية العفنة
2009/01/02م
المقالات
1,846 زيارة
مقالان يكشفان عوار الرأسمالية العفنة
كتبت الدكتورة نازرين نواز الممثلة الإعلامية لحزب التحرير في بريطانيا المقالين التاليين، وقد رأت مجلة الوعي أن تنشرهما على صفحاتها لما فيهما من وقائع حية تدل على الفساد والكذب والدجل، ومنتهى السوء والعار… الذي يسربل الحياة الرأسمالية العفنة في بلاد الغرب، وهي تدل كذلك على مدى الذل والخنوع وشدة العار الذي يلف الحكام الظلمة في بلاد المسلمين بسبب صمتهم على جرائم الكفار المستعمرين في بلاد المسلمين. بل وفوق الصمت، فإن هؤلاء الحكام هم الممر السهل لجرائم أولئك الكفار، والمساعد الفعلي لتلك الأعمال الفظيعة الشائنة…
وهذا هو المقال الأول، وهو بعنوان:
عار على الغرب، وأشد العار على حكام المسلمين في قضية الدكتورة عافية صديقي
بالتأكيد، إن قضية الدكتورة عافية صديقي ليست مؤثرة فحسب، وإنما تحرق قلب أي إنسان لديه أدنى إحساس. إن المعاناة المضنية لأم لثلاثة أطفال كما حدثت تعتبر فصلاً جديداً في المأساة الإنسانية في مسرحية “الحرب على الإرهاب” كمعنى مرادف للحرب على الإسلام نفسه. إنه لخزيٌ وعار لأولئك المتورطين وتلك الحكومات التي تدعي الريادة في مجال حقوق الإنسان محلياً وحتى دولياً، الذين اختاروا صمت القبور حيال قضية الدكتورة مطأطئين رؤوسهم من الخجل. الدكتورة عافية صديقي هي عالمة في مجال الأعصاب وأخصائية في علم الوراثة، درست لعشر سنوات في الولايات المتحدة لتحصل على درجة الدكتوراه في علوم الأعصاب. وقد عادت فيما بعد إلى باكستان، وطنها الأم قبل خمس سنوات، إلا أنه في آذار 2003م اختفت الدكتورة عافية هي وأولادها وأعمارهم سبع سنوات، وخمس سنوات، وستة شهور، حيث اختفت خلال زيارة لبيت والدتها في كراتشي. وكان أغلب الظن أنها اعتقلت وهي في طريقها إلى المطار من قبل المخابرات الباكستانية، والتي سلمتها بدورها للمباحث الأميركية الفدرالية التي تعتقد أن الدكتورة من نشطاء القاعدة. هذه قصة أخرى عن تسليم مواطن باكستاني للأميركيين من قبل حكومة مشرف مقابل حفنة من المال أو من أجل دعم زعامته. في البداية جاء تأكيد اعتقالها في الصحافة الأردية الباكستانية حسب تعليقات الناطق الرسمي لوزارة الداخلية الباكستانية بالإضافة لاثنين من الرسميين الأميركيين، لكنه وبشكل غريب بعد عدة أيام أنكرت وزارة الداخلية الباكستانية والسلطات الأميركية أي علم لهم بمكان اعتقالها وحتى باعتقالها نفسه.
لخمس سنوات، كان مكان الدكتورة عافية وأطفالها الثلاثة مجهولاً حتى صرح ضباط في الشرطة الأفغانية في مقاطعة غزنة في تموز 2008م أنها قد اعتقلت في المنطقة من أجل تهم تتعلق بالإرهاب، وأنها الآن موجودة في سجن في بروكلين في نيويورك. وهكذا فإن مواطنة ومن سكان الباكستان تُرَحّل للولايات المتحدة من دون إجراءات قانونية لاعتقالها حتى، في انتظار مواجهة محاكمة في محكمة أميركية. بتهم الاعتداء ومحاولة القتل لعناصر من الجيش الأميركي في أفغانستان – ويبقى مكان أطفالها الثلاثة مجهولاً!! يعتقد محاموها والعديد من منظمات حقوق الإنسان أنها اعتقلت بعد اختفائها لسنوات عدة في قاعدة باغرام الأميركية في أفغانستان. وتقول العديد من منظمات حقوق الإنسان وأفراد من عائلتها أنها عُذبت خلال تلك الفترة بوحشية لدرجة أفقدتها عقلها، ويعتقدون أن اسمها كان السجين 650 في باغرام، حيث وصف ذلك سجناء فارون أو مفرج عنهم من باغرام أن امرأة تحت رقم 650 كانت معتقلة في زنزانة انفرادية، وكان بكاؤها وصراخها يصل لكل أنحاء السجن، وقد صرح رئيس الشرطة العسكرية نزير أحمد والذي أثار القصة عن وضع السجينة 650 في مجلس الأعيان الأفغاني في وقت كانت هويتها مجهولة له، أنها عذبت جسدياً واغتصبت بشكل منتظم من ضباط السجن، وأخبر أن السجينة 650 ليس لديها حمام تغلق على نفسها فيه، وأنها تنظف شؤونها على مرأى من باقي السجناء!
إهانة هذه الأخت لم تتوقف عند باغرام، فهي الآن معتقلة في مركز للاعتقال في بروكلين حيث اعترفت إدارة السجن بأنها تفتش عارية بعد كل زيارة لمحاميها أو دبلوماسيين باكستانيين أو حتى من أعضاء عائلتها. كل هذا على الرغم من أن مكتب السجون الفدرالي كان قد منع منذ البداية اي احتكاك من الدكتورة مع أي من زوارها. مما دفعها في عدة مناسبات لرفض تلك الإهانة مما حرمها من الاتصال بمحاميها في تلك المناسبات.
والآن عافية صديقي تواجه محكمة هزلية أميركية ومحاكمة سياسية لتحمي الولايات المتحدة من الافتضاح. وكانت محاميتها إلين وايتفيلد شارب قد صرحت أن موكلتها كانت قد اعتقلت لأسباب سياسية، فكيف تخضع الآن امرأة كانت قد وصفت من المباحث الأميركية الفدرالية لفترة خمس سنوات أنها واحدة على رأس المطلوبين في الحرب على الإرهاب واعتقلت من السلطات الأفغانية على حد زعمهم حاملة مخططات حول طرق صناعة القنابل في حقيبة يدها، بالإضافة إلى قوارير من المواد الكيميائية الخطرة، فكيف فجأة، وبغرابة شديدة تخضع الآن للمحاكمة، ليس بتهمة الإرهاب وإنما بتهم جنائية بزعم الاعتداء ومحاولة القتل؟!
لقد كانت القصة الأميركية المفبركة حول ملابسات اعتقال الدكتورة تنص أنها انتزعت مسدس أحد الجنود الأميركيين خلال استجوابها في أفغانستان، وأنها قد فتحت النار على مجموعة من الضباط الأميركيين. وقد ادعوا أن أحد الضباط أطلق عليها النار وأصاب صدرها عند محاولة السيطرة عليها. والتي لو أدينت فقد تقضي عقوبات تصل لـ20 سنة لكل تهمة منها، لكن هناك العديد من الفجوات في تلك القصة، فقد كانت إفادات عناصر الشرطة الأفغانية في استجوابات القضية لا تتفق مع القصة المزعومة، وقد أخبر البعض رويتر أن الأميركيين قد نزعوا سلاح عناصر الشرطة الأفغانية عندما رفضوا تسليمها لهم، وقد أخبروا الصحافة أن الأميركيين أطلقوا عليها النار من البدء ظانين أنها انتحارية تنوي تفجير نفسها.
ونتساءل كيف يمكن لامرأة تزن أقل من 45 كغ، مصابة بعيار ناري في صدرها، وصفت أنها كانت ضعيفة لدرجة احتاجت للمساعدة للدخول لقاعة المحكمة، لأنها لم تكن تقوى على المشي، كيف استطاعت هكذا امرأة أن تقاوم وتطلق النار على مجموعة من الضباط الأميركيين وهم يحاولون اعتقالها؟ وقد تساءلت محامية الدفاع عن الدكتورة عافية (اليزابيث فنك) أن قصة العنف من امرأة تزن أقل من 45 كغ حسب الزعم الأميركي ما هو إلا تلفيق وخداع، وحتى إن أ.عبد الرحمن المدير العام لمنظمة حقوق الإنسان الباكستانية، وهي منظمة مستقلة، صرح أن قصة اعتقال عافية هي من أكبر كذبات القرن الواحد والعشرين.
لقد كان رد فعل الحكومات الغربية وحكام المسلمين، وخاصة الحكومة الباكستانية، تجاه المأساة المريعة التي تتعرض لها الدكتورة عافية مخزياً للغاية. وبقي العديد من الأسئلة بلا إجابة في قضيتها: من هو المسؤول الحقيقي عن إختفائها؟ ولماذا اعتقلت بدون إدانة في قاعدة بغرام على مدى كل تلك السنوات بدون حتى الحصول على تمثيل قانوني لها؟ ولماذا تم ترحيلها من أفغانستان إلى أميركا بدون مبرر؟ أين أولادها الثلاثة؟ أسئلة كثيرة كهذه يجب أن توجه من قبل أي حكومة غربية للولايات المتحدة والحكومة الباكستانية؟
إن السلبية والاستجابة المشوهة وازدواجية المعايير للحكومات الغربية التي تدعي الريادة الدولية في مجال حقوق الإنسان ظهر واضحاً في هذه القضية، حيث أداروا ظهورهم للمعاملة اللاإنسانية التي كانت تتلقاها دكتورة صديقي من حيث الخرق الفاضح لحقوق الأفراد، كل ذلك أصبح جلياً أكثر فأكثر للعالم. ومما لا يدعو للشك أن مصطلحات مثل حقوق الإنسان، وسيادة القانون، والعدالة، والأعراف الدولية… ما هي إلا أدوات سياسية للحكومات الغربية للتوسع والهيمنة على المستوى الدولي لحماية مصالحها الوطنية، فيمكن استخدامها أو إساءة تطبيقها أو حتى إهمالها عند الضرورة بدلاً من تبني حقوقٍ ذات قيمة حقيقية للإنسانية. فكيف تجرؤ هكذا حكومات على ركوب موجة الأخلاقيات العالية عندما يفتضح نفاقهم الذي يخرج من بين أظهرهم؟! وكيف تجرؤ تلك الحكومات على الإشارة بأصابع الاتهام عن جهل وإجحاف للإسلام ومعاملته للمرأة بينما قضية الدكتورة عافية ترينا أن جعبة الساحرة لم تفرغ بعد؟! فمن الشرير حقاً في هكذا سلوك؟
إن تورط الحكومة الباكستانية في هذه القضية، سواء باعتقال الدكتورة صديقي أم بالسكوت عن الدفاع عنها، أبسط ما يمكن وصفه أنه جريمة، وكم هو مخزٍ كيف سمحوا بخرق سيادة النظام القضائي وتسليم مواطنة باكستانية للسلطات الأميركية! وكم هو مخزٍ كيف قايضوا شرف هذه الأخت مقابل حفنة من الدولارات! وكم هو مخزٍ كيف باعوا بنتاً من بنات هذه الأمة لأولئك الذين لا يوفرون فرصة إلا ويظهرون فيها عداءهم للإسلام.
إن خيانة حكام المسلمين لا تعرف حدوداً، وإن عدم اكتراثهم باحتياجات وحقوق أبناء شعبهم لهو جلي واضح للعيان. إنهم فعلاً لم يقدموا شيئاً لأمتهم. فكيف يمكن لحكومة مشرف أن تقبل بترحيل أحد مواطنيها للولايات المتحدة ليحاكم في محكمة صورية بدون أن تنبس ببنت شفة؟ إن مواقف أولئك الحكام لا تخدم سوى المحافظة على عروشهم وحسب. إن لديهم مناعة وبلادة إحساس تجاه المعاناة والآلام والدموع التي تعانيها شعوبهم طالما أن كراسيهم محفوظة وثرواتهم الشخصية كذلك. فكيف تقبل أي حكومة بتعذيب أحد مواطنيها حتى تخسر عقلها؟ واي حكومة تقبل بانتزاع ثلاثة أطفال من أمهم أصغرهم بعمر 6 أشهر لا يعرف من الدنيا شيئاً إلا حب ودفء ذراعي أمه؟ فعلاً القضية هي في خانة خيانة حكام المسلمين الذين الجبن ديدنهم.
إن قضية عافية صديقي تعكس أكثر من أي وقت مضى الحاجة الملحة لتأسيس دولة الخلافة. إن نساء هذه الأمة يتطلعن بشوق إلى تلك القيادة الإسلامية المخلصة التي ستصون عرضهن، وتعيد لهم حقوقهن، وتزيل حالة الخوف عندهن، وتنشر الأمن في أرضهن. إنهن ينادين بالدولة التي ستضع حداً لبؤسهن وآلامهن ودموعهن مؤذنة بفجر جديد ملؤه الأمل والقوة والعدالة لهذه الأمة. إنها دولة ستقدم للعالم كيف يكون التقدير الحقيقي لحياة الإنسان وعزته وكرامته وحقوقه.
إن بنات هذه الأمة ينتظرن بيعة الخليفة الذي سيلبي حاجاتهن ويصونهن ويحميهن حيث ستجد إماء الله المظلومات ملجأ يلجأن إليه، سيجدن أميراً مسلماً مخلصاً يرسل أبناء الأمة الشجعان ليحرروا النساء المسلمات من سجون الظالمين، كما حدث في القرن الثامن عندما سبى “راجا دلهي” بعض النساء المسلمات، فما كان من الخليفة إلا أن أرسل محمد بن القاسم بستة آلاف من الفرسان بخيولهم حيث واجه جيشاً يزيد أضعافاً في عدده عن جيش المسلمين، ولكن الحق يعلو دائماً، فهزم جيشُ المسلمين جيشَ الكافر الفاجر “راجا” شر هزيمة.
وبعدُ فإني أناشدكم، أيها المؤمنون، يا عباد الله الموحدين، أن تبذلوا المهج والأرواح، وتصدعوا بالحق، شاحذين كل الهمم لإقامة تلك الدولة العتيدة التي ستقلب ظهر المجن، وتبدل يأس أخواتنا إلى أمل، وظلامهن إلى ضياء، ولتعلمن نبأه بعد حين:
يقول الله عز وجل:
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور 55].
– وهذا هو المقال الثاني، وهو بعنوان:
لن ترفع دعواتُ تحرير المرأة المسلمة الظلمَ عن النساء في العالم الإسلامي،
بل إن تطبيق الإسلام من خلال دولة الخلافة هو الذي يرفعه
انطلقت في الـ23 من تشرين الثاني أعمال المؤتمر الثالث لتحرير المرأة المسلمة والذي ينعقد على مدار ثلاثة أيام في مدينة برشلونة الإسبانية، ويرعى هذا المؤتمر الوكالة الإسبانية للتطوير والتعاون الدولي بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني.
يتمحور المؤتمر ككل حول فهم نسائي خاص للقرآن في سبيل الحصول على حقوق أكبر للمرأة المسلمة في العالم الإسلامي، وحتى ضمن المجتمع الغربي. ويقترح المؤتمر أيضاً أن الترياق ضد الاضطهاد الاقتصادي الناشئ عن العولمة والظلم السياسي لما يدعى الأصولية الدينية، يكون بتقديم الدعم اللامحدود للتنظيمات النسائية الإسلامية ودعاة المساواة بين الجنسين في العالم الإسلامي، والعمل من أجل تأسيس مجتمع مدني مستنداً على ثقافة حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحرية الاعتقاد والمساواة بين الجنسين.
وقد علقت الدكتورة نازرين نواز -الممثلة الإعلامية النسائية لحزب التحرير بريطانيا – على ذلك بقولها:
” بلا شك، إن النساء المسلمات ما زلن عرضة لأن يكُنَّ ضحايا لجرائم مريعة كقتل الشرف والحرق بالأسيد، ولكن دعوات التحرر النسائية بدلاً من التركيز على التقاليد والعادات القبلية التي هي السبب لتلك المآسي أخذوا يحاولون تصوير كل ما يحدث أنه بسبب الإسلام، وأن الإسلام لن يعمل إلا على إطالة أمد المعاناة للكثير من النساء. وبالإضافة إلى ذلك، فعلى الرغم من أن الكثير من النساء المسلمات كنّ ضحايا للسقوط الحضاري والاقتصادي والاجتماعي للرأسمالية نفسها، فإن الدعوة لتحرر المرأة المسلمة من خلال محاولة فهم جديدة لنصوص الشريعة من وجهة نظر علمانية يثبت أن كل ذلك ببساطة ما هو إلا محاولة للترويج للعقيدة الراسمالية بقيمها التي لم تزد الإنسانية إلا شقاء.
قيم كحرية التعبير والحرية الشخصية أعطتا رخصة لكشف عورات النساء من خلال السماح بصناعة الأفلام الإباحية والإعلانات والتسلية بدون رقيب. كل ذلك عمل على الحط من مستوى المرأة ضمن المجتمع، وساهم بظهور أفعال مشينة في المجتمع كالتحرشات الجنسية، والاستغلال وحتى الاغتصاب. ودليل ذلك واضح من خلال الازدياد المتسارع لمعدلات تلك الجرائم في المجتمعات الغربية. وقد أنتجت الحرية الشخصية والجنسية نوعاً من الثقافة تتقبل نسب حمل مرتفعة بين المراهقات (الحمل السفاحي)، إضافة للإجهاض والأمراض المنتقلة بالجنس وزنا المحارم والزنا العائلي في تلك المجتمعات التحررية (الليبرالية).
إن فكرة المساواة بين الجنسين جلبت معها معضلاتها وتناقضاتها. فكيف تستطيع امرأة تدعو من أجل المساواة بين الجنسين متخطية الطبيعة الجسمية لكل منها، وفي الوقت نفسه نراها تدعو من أجل حقوق الأمومة والتراخي معها في ساعات العمل بحجة اختلاف الطبيعة بين الجنسين، ربما كثير من النساء يرفعن نظرياً شعار “احصلي على كل شيء أيتها المرأة”. لكن على أرض الواقع، إن الشعار يستحق أن يكون “اعملي كل شيء أيتها المرأة”.
المرأة التي كانت وما زالت تتأفف من الأعباء المنزلية سنراها اليوم تتأفف من الأعباء المالية للأسرة الملقاة على عاتقها أيضاً، وأكثر من ذلك فإن مفهوم تحرر المرأة والمساواة بين الجنسين هي مفاهيم ولدت عند الغرب بسبب اضطهاد النساء من قبل القوانين العلمانية الوضعية. فلم يكن أي مظاهر لهذا “الكفاح السياسي” عبر التاريخ الإسلامي على الإطلاق، بل كانت حقوق المرأة مصانة من خلال النصوص الشرعية منذ بدايات الدولة الإسلامية (الخلافة)، وإلا لماذا كان الاحتفال في تموز الماضي بالذكرى الثمانين لصدور قانون السماح للمرأة في بريطانيا بحق التصويت والاقتراع أسوةً بالرجل، بينما في كانون الأول المقبل ستكون الذكرى الـ1430 عندما أعطى الإسلام المرأة حق التصويت نفسه الذي للرجل. وبينما كانت نساء أوروبا تربط نفسها بالسلاسل لسكك الحديد والإضراب كذلك عن الطعام للحصول على صوت مسموع سياسياً والسماح لهن بالتعليم، كان الإسلام يأمر النساء أن يكنّ نشيطات سياسياً في المجتمع، والتاريخ الإسلامي يعج بآلاف الأسماء من النساء العالمات.
النساء المسلمات لسن بحاجة لتأويلات جديدة للقرآن لصيانة حقوقهن. إنهن بحاجة لإقامة دولة الخلافة التي ستبطق وتضمن الحقوق الممنوحة لهن أصلاً من النصوص الشرعية. إن الاختلاف الواضح بين دعاة تحرر المرأة حول إعادة التأويل المستمر للنظرية التحررية النسائية عبر التاريخ الغربي، إضافة لتعدد فروعهم وتوجهاتهم وحتى فهمهم للحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، يعكس تخبطهم، بينما الإسلام كان مُعرِّفاً واضِحاً محِدِّداً لمفهوم العائلة والمسؤوليات الاجتماعية للرجال والنساء على حدٍ سواء.
فلم يذكر التاريخ الإسلامي أن قانوناً أو نصاً اضطهد النساء المسلمات، وإنما هي الأنظمة التي تحكم العالم الإسلامي التي لا تلقي بالاً لما يضمن سعادة النساء ورفاهيتهن وراحة بالهن. ولذلك فلنعمل معاً لإقامة دولة الخلافة التي ستحيي آمال ملايين النساء، ليس في العالم الإسلامي وحسب، وإنما في العالم أجمع”.
2009-01-02