الوجه الآخر لمسألة المتضامنين الأجانب
2008/12/02م
المقالات
1,548 زيارة
الوجه الآخر لمسألة المتضامنين الأجانب
تتسابق الفضائيات العربية لتصوير بضعة أفراد جاؤوا من وراء البحار للتضامن مع مزارعين من أهل فلسطين لكي يتمكنوا من قطاف الزيتون. وقد يسأل سائل: وما الغريب في ذلك؟ أليس هذا عملاً حسناً يُشكر عليه المتضامنون وتُشكر الفضائيات؟ الجواب هو: إن المشكلة ليست في التضامن أو عدمه، المشكلة في الوجه الآخر للمسألة، وهو أن أمة المليار ونصف المليار مسلم التي تمتلك 22 جيشاً عربياً، وتمتلك 57 جيشاً للكيانات الإسلامية، تنتظر بضعة أنفار يتولون حماية أموال وأعراض المسلمين في فلسطين، وتبقى الجيوش المدججة تتفرج على المتضامنين وعلى الفضائيات.
أما الفضائيات التي تشارك في المهزلة فهي شريك في التغطية على تقصير المقصرين؛ لأنها تتبع دولاً مدججة بالسلاح والمال، وتساهم في صرف الأنظار عن التقصير والمقصرين من الحكام عن عمد؛ وذلك بتوجيه من الجهات التي تمتلك تلك الفضائيات.
لكل مسألة وجه آخر، وقد يُستخدم أحياناً لإخفاء تقصير القاعدين والمستسلمين، وكأن الإعلام العربي يريد إشباع الناس بإنجازات سطحية، وتخديرهم ببعض الأعمال المتواضعة لتغطية عجز الدول والحكام وتقصيرهم تجاه قضايا مصيرية خطيرة.
إذا أردت أن تقطف زيتوناتك في أية قرية من قرى فلسطين فما عليك سوى استدعاء بضعة متضامنين من الأجانب من الشباب المتحمسين لكي تتمكن من ممارسة حق لك تكفله شرائع السماء والأرض. وإذا أردت أن تحافظ على بيتك من الوقوع تحت احتلال قطعان المستوطنين في القدس فما عليك سوى استدعاء بضعة متضامنين لكي يمنعوا احتلال بيتك. وإذا أردت الحصول على بضعة صناديق من الأدوية لقطاع غزة فما عليك سوى استدعاء سفينة فيها بضعة أجانب لكي يُدخلوا لك صناديق الأدوية. وبعد مدة من الزمن قد يحتاج كل شخص في فلسطين إلى متضامن أو أكثر لكي تسمح له إسرائيل وأميركا وبعض الدول المجاورة أن ينقل ابنه للمدرسة، أو أن يفتح دكانه، أو أن ينقل عروسه من بيت أهلها إلى بيت الزوجية، أو أن ينقل النساء الحوامل إلى المستشفى، أو أن يطهر ابنه الصغير، أو أن يعطيه الطعم الوقائي… إنهم يعملون لجعل الأمة تقول وتردد: أين المتضامنين بدل أين فلسطين! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2008-12-02