رياض الجنة: حرص أمير المؤمنين عمر (رضي الله عنه) على إطعام الناس
2008/10/30م
المقالات
1,803 زيارة
رياض الجنة:
حرص أمير المؤمنين عمر (رضي الله عنه) على إطعام الناس
– أخرج ابن سعد عن أسلم قال: لمّا كان عام الرمادة تجلَّبت العرب (تجمعت) من كل ناحية فقدموا المدينة. فكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قد أمر رجالاً يقومون عليهم ويقسمون عليهم أطعمتهم وإدامهم، فكان يزيد ابن أخت النمر، وكان المِسْوَر بن مَخْرَمة، وكان عبد الرحمن بن عبد القاريّ، وكان عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله عنهم، فكانوا إذا أمسَوا اجتمعوا عند عمر فيخبرونه بكل ما كانوا فيه، وكان كل رجل منهم على ناحية من المدينة، وكان الأعراب حلولاً فيما بين رأس الثنية إلى راتج، إلى بني حارثة، إلى بني عبد الأشهل، إلى البقيع، إلى بني قريظة، ومنهم طائفة بناحية بني سلمة، وهم محدقون بالمدينة. فسمعت عمر يقول ليلة -وقد تعشى الناس عنده- أحصوا من تعشى عندنا. فأحصَوهم من القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل. وقال: احصوا العيالات الذين لا يأتون والمرضى والصبيان فأحصَوا فوجدوهم أربعين ألفاً!!
ثم مكثنا ليالي فزاد الناس، فأمر بهم، فأحصوا، فوجدوا من تعشى عنده عشرة آلاف والآخرين خمسين ألفاً. فما برحوا حتى أرسل الله السماء، فلما مطرت رأيت عمر وقد وكل كل قوم من هؤلاء النفر بناحيتهم يخرجونهم إلى البادية، ويعطونهم قوتاً وحملاناً إلى باديتهم، ولقد رأيت عمر يخرجهم هو بنفسه. قال أسلم: وقد كان وقع فيهم الموت فأراه مات ثلثاهم وبقي ثلث، وكانت قدور عمر يقوم إليها العمال في السحر يعملون الكركور (الحب المطحون) حتى يصبحوا، ثم يطعمون المرضى منهم، ويعملون العصائد (دقيق يُلَثُّ بالسمن ويطبخ)، وكان عمر يأمر بالزيت فيفار في القدور الكبار على النار حتى يذهب حمته وحره، ثم يُثْرَد الخبز ثم يؤدَم بذلك الزيت. فكانت العرب يُحمُّون من الزيت. وما أكل عمر في بيت أحد من ولده ولا ببيت أحد من نسائه ذَواقاً زمان الرمادة، إلا ما يتعشى مع الناس حتى أحيا الله الناس أول ما أُحْيَوا.
– وأخرج الدِيْنَوَري، وابن شاذان، وابن عساكر عن أسلم أن عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه) طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولَها صبيان يبكون. وإذا قِدْر على النار قد ملأتها ماءً، فدنا عمر من الباب فقال: يا أمةَ الله، ما بكاء هؤلاء الصبيان؟ قالت: بكاؤهم من الجوع، قال: فما هذا القدر التي على النار؟ قالت: قد جعلت ماءً هو ذا أعلِّلهم به حتى يناموا وأوهمهم أن فيها شيئاً. فبكى عمر، ثم جاء إلى دار الصدقة، وأخذ غِرارة (العِدْل)، وجعل فيها شيئاً من دقيق وشحم وسمن وتمر وثياب ودراهم حتى ملأ الغرارة، ثم قال: يا أسلم احمل علي. فقلت: يا أمير المؤمنين أنا أحمله عنك، فقال لي: لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسؤول عنهم في الآخرة، فحمله حتى أتى به منـزل المرأة، فأخذ القدر فجعل فيها دقيقاً وشيئاً من شحم وتمر وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القِدْر، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا. ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سُبُع وخفت أن أكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعب الصبيان وضحكوا. ثم قام فقال: يا أسلم، تدري لم ربضت بحذائهم؟ قلت: لا، قال: رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي. كذا في منتخب الكنـز. وذكر في البداية عن أسلم قال: خرجت ليلة مع عمر إلى حرِّة واقِم، حتى إذا كنا بصرار إذا بنار، فقال: يا أسلم هاهنا رَكْب قد قَصَّر بهم الليل، انطلق بنا إليهم. فأتيناهم، فإذا امرأة معها صبيان لها -فذكره بمعناه. وأخرجه الطبري بمعناه مع زيادات.
2008-10-30