كلينتون وكريستوفر يخوّفان نتنياهو الحرب
2016/09/27م
المقالات
1,712 زيارة
كلينتون وكريستوفر يخوّفان نتنياهو الحرب
كتبت جريدة (الحياة) مقالاً بقلم سليم نصار في 17/1/98 بالعنوان المذكور أعلاه.
lوقد يفهم القارئ منه أن عميل (الموساد) ايهود جيل الذي ضلل حكومته وأوهمها أن سوريا كانت تستعد لحرب ضد إسرائيل في صيف 96، أنه عميل مزدوج لـ (C.I.A.) والموساد. ذلك لأن كلينتون ووزير خارجيته كريستوفر أوهما إسرائيل في خريف 96 أن سوريا قد تقوم بحرب ضد إسرائيل.
ويشير المقال أيضاً إلى:
lالشك بصحة المعلومات المتبادلة بين الـ (C.I.A.) والموساد.
lكلينتون وكريستوفر يتلاعبان بنص الرسالة المنقولة من سوريا لإسرائيل.
نحن في (الوعي) نفهم أن إسرائيل كانت لديها خطة مدروسة بالتعاون مع تركيا والأردن وبعض الأطـراف في لبنان، وبمباركة الإنجليز للقيام بحرب ضد سوريا في آخر سنة 96. ولم يكن الأمر مجرد خطأ ناتـج عن معلومات مضلِّلة من عميل كاذب. وأميركا هي التي حذرت إسرائيل وخوفتها من العواقب فأجلت تنفيذ الخطة.
ونفهم أيضاً أن إسرائيل عزمت على تنفيذ خطتها في صيف 97 بالتنسيق التام مع تركيا. ولهذا السبب رتبوا موضوع المناورات في البحر المتوسط ليتخذوا منها أداة تمويه. ففرضت عليهما أميركا الاشتراك بهذه المناورات لإفساد الخطة عليهما. فتأجلت المناورات ثم تحولت إلى تدريب على الإنقاذ.
ونفهم أيضاً أن مشروع الحرب الإسرائيلية – التركية ضد سوريا بمباركة من الإنجليز وبدعم من عملاء الإنجليز في المنطقة ما زال قائماً، وما زالت هذه الأطراف تقوم بالترتيبات وتتحيّن الفرص للقيام به.
وفيما يلي بعض المقتطفات من مقال نصّـار.
بدأت الأسبوع الماضي في إسرائيل محاكمة عميل (الموساد) ايهود جيل المتهم بإفساد أمانة واجبه الوظيفي، وباختلاق تقارير وهمية كادت أن تؤدي إلى نشوب حرب بين سوريا وإسرائيل خلال صيف 1996.
ووجهت المحكمة العسكرية إلى (جيل) اتهامات مختلفة أهمها تضليل أجهزة الأمن، وتقديم معلومات كاذبة تتعلق بتفسير إعادة انتشار الجيش السوري في لبنان منتصـف عام 1996، الأمر الذي استغله العميل إياه ليصف التحركات الروتينية بأنها تحضيرات لحرب خاطفة ضد إسرائيل. (…)
وقادت هذه المحاكمة بعض المعلقين الأميركيين إلى فتح ملف الجاسوس جوناثان بولارد، وإلى التشكيك بصحة المعلومات المتبادلة بين أجهزة الدولتين بحكم التحالف الاستراتيجي القائم بينهما. وروى أحدهم على لسان الوزير السابق وارن كريستوفر أن الحكومة الإسرائيلية أبلغت واشنطن استعدادها لتوجيه ضربة وقائية استباقية لقناعتها بأن سوريا وضعت قواتها في وضع هجومي مثير للقلق. وأجرت الإدارة الأميركية اتصالات عاجلة مع دمشق تبين من نتيجتها أن استنفار الجيش السوري في لبنان كان بدافع الحماية والتأهب لصد أي هجوم محتمل. واتضح من تفسير المسؤولين السوريين في حينه أن عملية إعادة الانتشار جاءت كخطوة احترازية في أعقاب رفض اقتراح (لبنان أولاً). وتوقعت دمشق عملاً انتقامياً ضدها لأن حكومة نتنياهو اتهمتها بتخويف الحكومة اللبنانية وبتحريضها على رفض الاقتراح. لهذا السبب أمرت القيادة السورية بتغيير مواقع انتشار قواتها العاملة في لبنان، وتجميعها تحت مظلة منصّات صواريخ أرض – جو الموزعة في منطقتي البقاع الغربي وبعلبك. وأرسلت ثلاثة آلاف جندي من الفرقة الخاصة الـ 14 لحفر خنادق حول مشارف هضبة جبل الشيخ وتلغيم الممرات التي استخدمتها دبابات (الميركافا) في هجوم 1982.
واستغل العميل ايهود جيل هذه التحركات ليوهم رئيسه بأن سوريا تتهيأ لشن حرب خاطفة محدودة، وذلك بهدف الاستيلاء على منطقة جبل الشيخ، وخلق واقع جديد يمكن التفاوض بشأنه إثر انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن. وكتب رئيس المخابرات العسكرية موشيه يالون مذكرة إلى رئيس الحكومة نتنياهو يحذره فيها من احتمال تعرض إسرائيل لهجوم مفاجئ تقوم به سوريا. وتوقع أن تكون التحركات على سفح جبل الشـيخ مجرد عملية تمويهية لخطة بديلة تركز فيها القوات السورية على شن هجوم محدود في مرتفعات الجولان مع احتمال ضرب المدن الإسرائيلية بالصواريخ.
وحذر وزير الدفاع إسحق موردخاي أن لدى بلاده القوة الكافية لرد الصاع صاعين في مواجهة أي ضربة سورية بالصواريخ أو الأسلحة الكيماوية. (…)
وادعت إسرائيل أن دمشق تجاوزت ما يعرف باتفاق الأسد – كيسنجر عام 1974، الفاصل لخطوط المواجهة في لبنان، واتصل نتنياهو بالرئيس كلينتون ليبدي انزعاجه من تحركات القوات السورية، ويؤكد أنه حريص على إنجاح المفاوضات السرية التي يجريها منذ بضعة أسابيع السفير إدوارد جيرجيان. وبعث الرئيس كلينتون إلى الرئيس الأسد برسالة تطمين إسرائيلية، ضمّنها مشاعر القلق، بأن يقود الوضع المتوتر إلى انفجار عسكري. وفي المقابل أرسل الأسد برسالة تهدئة نقلها السفير وليد المعلم إلى البيت الأبيض، توضح حقيقة التحركات السورية، وتؤكد أنها جاءت بدافع الحذر والدفاع عن النفس.
صحيفة (معاريف) كشفت جانباً خفياً من التورط الأميركي في تأجيج نار التوتر، ونشرت معلومات تؤكد أن كريستوفر وروس اتفقا على تعديل نص رسالة التطمين السورية بطريقة تدفع نتنياهو إلى تليين موقفه المتصلب. وقرر الوزير ومعاونه إضافة عبارة على جواب الأسد تقول بأن الرئيس السوري يحتفظ لنفسه بكل الخيارات، ويرى أن من حقه القيام بأي عمل لكسر جمود مسيرة السلام. وأيد كلينتون الفكرة لاعتقاده بأنها تشكل وسيلة ضغط على نتنياهو وحكومته. وبعد حصوله على الضوء الأخضر من رئيسه استقبل كريستوفر السفير الإسرائيلي إلياهو بن أليسار، وأبلغه أن سوريا تقوم بتحركات عسكرية لأغراض دفاعية. ثم أضاف بعد ذلك العبارة المتفق عليها: “ولكن إذا لم يطرأ تقدم في مفاوضات السلام، فإن الرئيس الأسد يحتفظ لنفسه بكل الخيارات، ويرى أن من حقه القيام بأي عمل”. (…)
وتقول جريدة (معاريف) إن الوزير اعترف للسفير وليد المعلم بتعديل النص الأصلي، لاعتقاده بأن الخوف من الحرب يدفع نتنياهو إلى التنازل عن موقفه المتشدد. (…)
وبعد اجتماعات متقطعة مع نتنياهو ومستشاره دوري غولد، والمدير العام للخارجية ايتان بن تسور، خفت حدة التوتر العسكري على الجبهتين. واستغل جيرجيان الذي عمل سفيراً لبلاده في دمشق من عام 1988 حتى عام 1991 (زوجته من حلب) انفراج الوضع المتأزم ليقترح معاودة المفاوضات بعد توقف طويل. وقدمت الخارجية الإسرائيلية مسودة مشروع اتفاق تتضمن أربعة بنود: أولاً – التوصل إلى حل لمشكلة الانسحاب من لبنان بطريقة ترضـي سوريا وتضمن نفوذها هناك. ثانياً – عقد اتفاق تعاون بين سوريا وإسرائيل في إطار اتفاق السلام على أن يضمن مركز دمشق في المنطقة، ويحافظ عليه في مواجهة تركيا. ثالثاً – مساعدة سوريا لدى الإدارة الأميركية على شطب اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ثم تأمين المساعدات الاقتصادية لها. رابعاً – التوصل مع سوريا إلى حل إقليمي لمسألة الجولان.
ويستنتج من مراجعة بنود الاقتراح أن نتنياهو شدد على موضوع بقاء نفوذ سوريا في لبنان، وعلى دورها الإقليمي، لاقتناعه بأن الانسحاب من الجولان يأتي في آخر اهتمامات دمشق. وبعد رفض الاقتراح سمع السفير جيرجيان إيضاحاً كاملاً لموقف سوريا يمكن تلخيصه بهذه العبارات: »إن التعاون بين دولتين متخاصمتين لا يمكن تحقيقه طالما أن واحدة منهما تحتل أرض الأخرى. إن نتنياهو لا يفهم طبيعة المنطقة، وعليه يستحيل التفاوض معه على سلام يخضع لشروطه. (…)
في سياق المبالغة حول دور ايهود جيل ذكرت »هآرتس« أنه استطاع تجنيد شخص سوري كان يلتقيه في كوبنهاغن وأوقفته رهن التحقيق. وادعت الصحيفة الإسرائيلية أن العميل الذي كان يعرف باسم شيفري هو (الصدر الأحمر) لم يحصل إلا على نسبة ضئيلة جداً من الأموال المفترض أن يتسلمها، والتي بلغت في حدود المليون ومئتي ألف دولار. وما لم تذكره الصحيفة هو أن (الصدر الأحمر) الذي كان يعمل في الوقت ذاته لمصلحة جهة لبنانية ضالعة، بالتورط ضد سوريا، قد اعتقل وأعدم من أربع سنوات. ومع هذا كله، استمر ايهود جيل في تضليل رؤسائه، والزعم بأنه يلتقيه ويحصل منه على آخر المعلومات. (…)
وبسبب تكرار فشل عملاء الموساد والشين بيت، طالب نتنياهو بضرورة إعادة تنظيم أجهزة المخابرات التي يعتبر عملها محورياً في الدولة الإسرائيلية. كما طالبت الولايات المتحدة أيضاً بمراجعة نظام التعاون الاستراتيجي ومع إسرائيل (…).
2016-09-27