تصريحات للاستهلاك المحلي
1998/10/26م
المقالات
1,941 زيارة
اشتُهِر عن حكام المسلمين أن لهم صنفين من التصريحات: صنفاً موجهاً إلى شعوبهم، يدغدغون به عواطفهم، ويتجاوبون مع مشاعرهم، وفيه بعض العنتريات، وهو ما يسمى بتصريحات الاستهلاك المحلي؛
وصنفاً موجهاً إلى الدول المهيمنة على المنطقة، وإلى الرأي العام العالمي، وهو الذي يحاسب عليه الحكام من قبل الدول الكبرى، وهو الذي يستوجب التزامهم بمضمونه، ويصفونه بالتعقل والاعتدال، وبالتصريحات الحضارية.
ويبدو أن عرفات، لا يعرف أن الحال قد تغيرت، وأنه لم يعد مسموحاً إلا بصنف واحد من التصريحات، فالكل محاسَب عليه، ولا يصح له أن يخاطب مشاعر شعبه.
عرفات هذا فلتت من لسانه، وكثيراً ما يتفلت لسانه بما لا يريد، جملة في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، أن البندقية الفلسطينية جاهزة لدعم الدولة الفلسطينية بعد الرابع من أيار 1999، فكان الرد من (شريكه) نتنياهو سريعاً وحازماً فأوقف إجراءات التصديق على مذكرة واي ريفر المشؤومة.
أسقط في يد عرفات، فاستغل أول مناسبة سنحت، فأعلن أمام الرئيس الألماني الضيف، أن السلام خيار استراتيجي، وأن كل المشاكل مع جيرانه اليهود تحل بالحوار وبالحوار فقط، وأنه يتعاون معهم في محاربة العنف. وبهذا لعق عرفات تصريحاته في نابلس.
رضي (السادة) اليهود، الذين قال الله تعالى فيهم: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) وقال فيهم: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ).
وصدام حسين أعلن وقف التعامل مع الأونسكوم. فجاء الجواب الأميركي مزيداً من الحشد العسكري الهائل، فتراجع صدام دون قيد أو شرط، فهدأ الوحش الأميركي الهائج. أما دول إعلان دمشق، فوجدوا أن الحديدة حارّة جداً، فحمّلوا العراق مسؤولية ما يترتب على قراره وقف التعامل مع الأونسكوم من تداعيات، وبهذا صاروا يقفون على (المحطة الجديدة) في السياسة الدولية، فوقفوا بعيداً عن الموقف العراقي لئلا يصيبهم رذاذ القصف. وقديماً قالوا: وصاحب الحجى قبل أن يحمل الأداة يروز.
أم أن حكام المسلمين ليسوا من أصحاب الحجى .
1998-10-26