الجديد في النظام العالمي
1998/12/26م
المقالات
2,110 زيارة
منذ إعلان بوش في بداية التسعينات عن ولادة نظام عالمي جديد، إثر انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط الشيوعية وانتهاء حرب الخليج الثانية بهزيمة العراق، لم تهدأ وسائل الإعلام والصحافة بمختلف توجهاتها وانتماءاتها عن الحديث عن هذا النظام العالمي الجديد ولم تكف عن إقحام هذا الموضوع في كل ما له علاقة بالسياسة الدولية وبالعلاقات الدولية، وتم بذلك تضليل الرأي العام العالمي بأوهام هذا النظام، وبخرافة أن شيئاً جديداً قد طرأ عليه، فهل حقاً هناك جديد في النظام العالمي؟ وما هو هذا الجديد الذي يتحدثون عنه فملأ الأسماع؟
بداية تقول: إن الأسس التي بني عليها النظام العالمي لم تتغير منذ مؤتمر وستفاليا سنة 1648م، أي منذ ثلاثة قرون ونصف، ففي هذا المؤتمر تم وضع قواعد ثابتة وأسس راسخة لتنظيم العلاقات بين الدول الأوروبية النصرانية، وتم ترتيب أسرة الدول النصرانية في مواجهة الدولة الإسلامية العثمانية، ولقد وضع المؤتمر المذكور القواعد التقليدية لما سمي بالقانون الدولي، مع أنه لم يكن دولياً حقيقة، وإنما كان محصوراً في الدول الأوروبية النصرانية ليس إلا، بدليل أنه حظر على الدولة العثمانية دخول الأسرة الأوروبية التي سميت زوراً بالأسرة الدولية.
ولكن بعد أن ضعفت الدولة العثمانية وبدا عليها الهزال، وبعد زوال خطرها عن أوروبا، وبعد أن ألحت إلحاحاً شديداً على الأسرة الأوروبية بالسماح لها بالدخول فيها، بعد ذلك كله سمح لها بالدخول ولكن تحت شروط قاسية ليس أقلها التخلي عن الناحية الإسلامية في العلاقات الدولية فضلاً عن إدخال بعض القوانين الوضعية في دستور الدولة العثمانية، وحصل ذلك سنة 1856م أي بعد أكثر من مضي مائتي عام على تأسيس الأسرة الدولية الأوروبية وبعد أن تم تثبت أركانها وتقوية دعائمها.
وهكذا سمح لبقية دول العالم بالدخول إلى الأسرة الدولية، فدخلت اليابان ودخلت غيرها، ولكن دخول هذه الدول جميعها لم يؤثر على الأسس التي وجدت على أساسها الأسرة الدولية أيما تأثير، وخضعت جميعها للنظام العالمي الذي وضعته أوروبا وفقاً للمبدأ الرأسمالي وحضارته. وعزز دخول الدول في الجماعة الدولية الأوروبية مركز هذه الجماعة ومكانتها التي أخذت الصبغة العالمية، خاصة وأنها ثبتت الرأسمالية كأساس للجماعة ولنظامها العالمي، مما جعل قبول الدول في الدخول بالأسرة الدولية وفقا للنظام العالمي الرأسمالي سبباً في تفوق الرأسمالية الغربية مبدأ وحضارة وثقافة ونظام حياة.
وبعد أن تم إرساء القواعد والقوانين الرئيسة للجماعة عالج هذا النظام العالمي فكرتين رئيسيتين وهما: فكرة التوازن الدولي، وفكرة المؤتمرات الدولية، والمنظمات الدولية، ونصبت الدول الكبرى الفاعلة من نفسها الحامية للأمن والنظام في الأسرة الدولية على أساس إيجاد التوازن الدولي وعلى أساس رعاية المؤتمرات الدولية وما ينبثق عنها من مؤسسات، ولكنها هي التي كانت تفتعل المشاكل وتشعل الحرائق لإحكام سيطرتها، وزيادة مكاسبها.
وأما ما طرأ على النظام العالمي من تطورات منذ إنشائه وحتى اليوم فلم يمس الأسس ولم يلامس الثوابت التي قام عليها هذا النظام، وإنما تعلق بالشكليات وبالمؤسسات، فمثلاً لم تختلف هيئة الأمم التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية عن عصبة الأمم التي سبقتها في الأسس وإنما اختلفت عنها فقط في الشكل وفي الأطراف، والذي اقتضى هذا الاختلاف التغير الذي طرأ في الموقف الدولي وعلى موازين القوى، أما الأفكار التي بموجبها وجد النظام العالمي والقانون الدولي فلم تتغير. والجديد هو أن أميركا تفردت بزعامة هذا النظام، وتسخره لخدمة مصالحها وتوسيع نفوذها.
النظام العالمي هو مجموعة القواعد والقوانين الدولية التي تضبط العلاقات بين الدول، ولما كانت هذه القواعد وتلك القوانين مستمدةً ابتداءً من المبدأ الرأسمالي ومن عقيدة هذا المبدأ، وهي فصل الدين عن الحياة، فإنها في الواقع قوانين وقواعد رأسمالية تمّ تحويلها إلى قوانين وقواعد عالمية، فنشأتها وجذورها رأسمالية، وأسسها وأصولها رأسمالية، فقد ترعرعت ونمت في أوروبا الغربية، فهي رأسمالية المصدر، أوروبية المنشأ، غربية الملامح، وهي بذلك تناقض الإسلام قلباً وقالباً، لأن الإسلام لا يقبل أن تخضع دولته لأنظمة كفرٍ ولقوانين مصدرها غير العقيدة الإسلامية التي دلت عليها أدلة الكتاب والسنة، والإسلام لا يقبل ابتداءً مجرد وجود نظام عالمي غير إسلامي لأن وجوده يعني وجود سلطة عليا غير إسلامية تفرض قوانينها غير الإسلامية على كل دول العالم ومنها الدولة الإسلامية والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) ويقول: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) ويقول: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) ويقول: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فهذه النصوص القطعية الدلالة القطعية الثبوت تحرم على المسلمين الاحتكام إلى النظام العالمي الحالي وبالتالي تحرم عليهم المشاركة فيه أو الالتزام بقوانينه، وغريب كل الغرابة أن يطالب المسلمون بالاحتكام لقوانين الشرعة الدولية وهي شرعة كفر نهى الإسلام عن الاحتكام إليها جزماً (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
أما الذي يقبله المسلمون ويقره الإسلام فهو وجود أعراف دولية يتوافق عليها الناس شعوباً ودولا ولا تأخذ صفة القانون باعتباره أمر السلطان الواجب التنفيذ، وهذا ما كان عليه العالم منذ نشأة الدول وحتى العام 1648 وهو العام الذي وقعت فيه معاهدة وستفاليا. فمن الأعراف عدم قتل الرسل، وعدم استرقاق الأسرى أو قتلهم، وعدم التعدي على غير المحاربين.
ثم إن وجود نظام عالمي أو قانون دولي يتحكم في علاقات الدول القائمة في العالم معناه تحكم دولة أو حفنة قليلة من الدول بناصية العالم ما يهدد الاستقرار العالمي ويهدد سيادة الدول الضعيفة والصغيرة فتندلع الحروب وتسفك الدماء لأتفه الأسباب، ثم إن هذا النظام من ناحية أخرى يعطي للدول الكبرى مبرر التدخل السافر في أخص شؤون الدول وفي أسمى قيمها فينشأ عن ذلك الاستعمار والاستكبار وبسط النفوذ واستعباد الشعوب وكل ذلك بحجة القانون والنظام.
لقد ادعى الغرب أنه من خلال نظامه العالمي الذي دخل في قرنه الرابع الآن، قد حقق للبشرية أهدافاً سامية ويريد تحقيق المزيد منها، فهل حقاً تحققت تلك الأهداف المزعومة؟؟
دعونا نلق نظرة سريعة على منجزات هذا النظام منذ تأسيسه وحتى الآن، أي منذ ما يزيد عن الثلاثمائة وخمسين عاماً، فماذا نرى؟؟
-
فعلى صعيد الأمن والسلام العالميين نجد أن الغرب نفسه قد خاض مع نفسه حروباً وصراعات مدمرة ومريرة بعضها استمر مائة عام كالحرب الفرنسية الإنكليزية، وبعضها الآخر كان وقعه على البشرية عشرات الملايين من القتلى وكان وقعه العام من أشد ما شهده البشر في تاريخ حياتهم، فالدمار والهلاك للحرث والنسل الذي تسببت فيه الحروب العالمية لم يسبق أن حصل مثله في أي زمن من الأزمان. وأما غير الغرب فنجد آلاف الحروب المدمرة والتي لا تزال بقاياها قائمة حتى الساعة لا تنطفئ نار إحداها إلا ويتم إشعال غيرها، وهذا يؤكد بأبلغ الحجج أن العالم في ظل هذا النظام العالمي البائس لم ينعم لا بالأمن ولا بالسلام بل إنه لم يذق معنى الاستقرار وإنما هو عالمٌ ابتلي بالموت والقتل والتشريد والآفات المختلفة.
-
وأما على صعيد حقوق الإنسان التي يتبجح النظام العالمي بالحفاظ عليها؛ فنجد أن للغرب مقياسين متغايرين للحقوق يقيس بأحدهما حقوقه ويقيس بالآخر حقوق الآخرين، والفرق في النظرة إلى النوعين كالفرق في النظرة إلى الأبيض والأسود أو إلى السيد والعبد، وحتى حقوق الإنسان في المقياس الأول فإنها تحابي أصحاب الثروات الطائلة على حساب عامة الناس، فهي حقوق فردية أنانية توقع العسف بمن لا يملك المال أو يملك القليل منه، والقاعدة عندهم في هذا الصدد أنه كلما زادت أموال الفرد كلما زادت معها حقوقه والعكس صحيح.
-
وأما على صعيد الفقر والمجاعة والأمية والمستوى الصحي والتعليمي للبشرية فحدث ولا حرج، فثلاثة رجال أمثال بيل جيتس –مالك شركة مايكروسوفت– يتجاوز دخلهم الدخل القومي ل 48 بلداً من البلدان النامية، وما ينفقه الغربيون على القطط والكلاب والعطور يصل إلى 37 بليون دولار تكفي لتوفير الطعام والرعاية الصحية والماء الصالح للشرب ووسائل الصرف الصحي لعدة بلايين من فقراء المعمورة، وهذا جاء في أحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول التنمية لعام 1998 م.
وحتى في الدول الغربية، وحتى في أميركا نفسها، فإننا نجد وبحسب إحصائية أميركية رسمية أن 60% من دخل الولايات المتحدة في ما بين 1980-1990م ذهب إلى 1% من الشعب الأميركي، وأما دخل الفقراء المعدمين الذين يشكلون نسبة 25% من الشعب فقد ظل ثابتاً في الثلاثين سنة الماضية، فأين العدالة في هذا النظام، وهل من ظلم أكثر من ظلم توزيع الثروة على العالم على هذا النحو؟ فكيف يرى ملايين البشر الذين يتضورون جوعاً هذا النظام وهم يرون أن ما ينفق على الكلاب والقطط يزيد عما ينفق عليهم؟ هل يجدون فيه العدل؟؟ أي عاقل يقول بهذا؟؟
هذا غيض يسير من فيض هذا النظام العالمي الغربي الذي يظهر بوضوح تام عجز هذا النظام عن تلبية أدنى الاحتياجات البشرية وأنه لم يجلب لها سوى الشقاء والعذاب والتعاسة في كل الصعد وعلى كل المستويات.
وإذا كان هذا النظام العالمي الظالم لم يتغير منذ مؤتمر وستفاليا عام 1648م فما الذي تنادي به أميركا اليوم وتدعي بأنه جديد هذا النظام؟
الحقيقة أن أميركا كغيرها من الدول الأوروبية الرأسمالية لا يوجد عندها ما لا يوجد عند غيرها من الدول الأوروبية من حيث الفكر، فهي دولة رأسمالية حتى النخاع، وعليه فلا جديد حقيقي يمكن لأميركا أن تأتي به لأن ثوابت هذا النظام هي هي لم تتغير منذ أكثر من ثلاثة قرون ونصف، والذي يتغير في النظام العالمي هو المصالح والقوى لا الفكر والجوهر، ومصالح أميركا أضافت لهذا النظام أعراضاً جديدة أو قُل أمراضاً جديدة وترقيعات جديدة، ومن هذه الترقيعات التي ساهمت أميركا في نفثها سموم تفتك في جسم هذا العالم وادعت أنها أتت بالجديد، هي:
اقتصاد السوق والعولمة وتعميم أسواق المال وتعميم الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان وإبراز فكرة الإرهاب وفكرة الأصولية ومحاربتهما. ولا يخفى على صاحب لب أن دافع أميركا من وراء هذه الإضافات هو أولاً وأخيراً مصالحها ولا شيء غيرها.
فباقتصاد السوق والعولمة وتعميم أسواق المال اجتاح الاقتصاد الأميركي معظم الأسواق المقفلة أو شبه المقفلة، وبالتعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان تم خلخلة أنظمة حكم لا تريدها أميركا، وبحجة الإرهاب والأصولية مارست أميركا إرهابها على كثير من الشعوب وحاصرتها ومنعت عنها الدواء والغذاء، هذا هو جديد أميركا الذي أضافته إلى النظام العالمي.
ولعل تفوق أميركا الحالي في الموقف الدولي هو سبب تماديها واستكبارها وغطرستها. فاستخفافها بالعالم ظهر جلياً من محاولتها فرض قوانينها الداخلية على دول العالم كقانون “داماتو” وقانون “بيرتون هيملز” ومشروع قانون التحرر من الاضطهاد الديني. لقد أحالت أميركا بإضافتها هذا النظام العالمي المتآكل أصلاً إلى فوضى عالمية شاملة أو إلى ما يشبه قانون الغاب حيث لا يعيش إلا من يملك قوى البطش والتنكيل.
وبالرغم من تداعي هذا النظام العالمي، وبالرغم من كونه نظاماً أخرق منذ وجوده، وبالرغم من كونه مخالف لطبيعة عيش الدول والدعوات، فإنه كان من الطبيعي أن يسقط مبكراً، وكان من البديهي أن لا يطول به العمر قروناً، ولكن طول بقائه آت من تراجع صدام المبادئ وصراع الحضارات، وليس آتياً من النظام نفسه، ذلك أن غياب الحضارة الإسلامية الناجم عن غياب الدولة الإسلامية الفاعلة هو الذي أطال عمر هذا النظام وذلك لعدم وجود من يقارعه طوال مدة عيشه الطويلة نسبياً.
ومع ذلك فإن بروز صفات الجشع والانتهازية والتكالب على سرقة الشعوب بشكل فاضح على القوى الكبرى النهمة التي تمسك بزمام هذا النظام أحدث رأياً عاماً عدائياً ضد النظام العالمي وتسبب في إيجاد تخلخل شديد في مفاصله الرئيسية، لا سيما وأن الهوة ما زالت تتسع بين الأغنياء والفقراء وبين الشمال والجنوب وبين العالم الأول وما دونه مما ينذر بقرب انهيار هذا النظام، ويبشر بدنو أجله، فلقد بدأ الإحساس بضرورة تغييره ملموساً لدى الشعوب والأمم، وما هي إلا هزة واحدة حقيقية تتفجر إلا ويطاح بهذا النظام المترنح ويحل محله أعراف عالمية جديدة تخلص البشرية من بقايا هذا النظام البالي المتآكل والذي زادت مساحة ترقيعاته على مساحة مادته الأصلية المنسوجة من خيوط أوهن من خيوط العنكبوت.
ولعل دق طبول الحرب الفكرية من قبل منظري الفكر الرأسمالي من أمثال صاموئيل هاتنجتون صاحب نظيرة صراع الحضارات وفرنسيس فوكوياما الذي أعلن نهاية التاريخ بانتصار الرأسمالية على ما سواها، لعل ذلك يساعد في عودة الصراع الحقيقي للحضارات وعودة الطرف الرئيس الغائب عن حلبة الصراع ألا وهو الإسلام بعد أن يتجسد في دولة الخلافة.
إن الإسلام هو البديل الحضاري الوحيد القادر على ملء الفراغ الناجم عن غياب النظام العالمي الحالي الآيل إلى السقوط، وغياب استراتيجية عالمية للدولة المهيمنة على النظام العالمي الحالي، اللهم إلا بقايا استراتيجية الاحتواء التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية لاحتواء الاتحاد السوفياتي. وإن ما يجري اليوم من هزات عنيفة لاقتصاديات الدول الآسيوية والأميركية اللاتينية والروسية وغيرها، وما يشاهد من حيرة مفكري الغرب وتخبطهم وهم يحاولون البحث عبثاً عن علاج لمشاكل هذا العالم، ليدل بشكل أكيد على أنهم يفتقدون المصباح الذي يهديهم في حلكة الليل إلى درب الخلاص. إن اليأس قد أخذ بمجامعهم وأخذ منهم مأخذاً عظيماً، ويدل على ذلك قول لخبراء البنك العالمي وهو: “إن بقاء العالم حائراً أو منتظراً بين استحالة العودة إلى الاشتراكية وبين مخاطر العولمة والليبرالية المقترنة بالهدر والفساد لهو أخطر ما يمكن أن يصل إليه النظام العالمي الراهن” فهذا القول وأمثاله وبحث الأحزاب الغربية عن أفكار جديدة منقذة لأوضاعهم المتردية كبحث حزب العمال البريطاني وغيره عن طريق ثالث محاولات للخروج من هذا الضياع ولكن فليعلم البشر جميعاً أن لا منجى لهم من الله إلا إليه، ولا مخرج لهم من هذه الفوضى العالمية إلا بتحكيم الإسلام.
إن تخبطهم هذا، وبحثهم عن الفكر المفقود لديهم، وعدم اهتدائهم إليه يؤكد أن مفقودهم هذا لا يوجد إلا عند المسلمين، وإن عدم اهتدائهم إليه مرجعه إلى كونهم غير مؤمنين بالإسلام مما يزيدنا طمأنينة على صحة طريقنا طريق الإسلام طريق النجاة ونعم الطريق.
والله سبحانه وتعالى يقول عن هذا الطريق: (سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ)، ويقول أيضاً: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)، ويقول: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) ويقول (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، فأي نظام وأي طريق وأي سبيل غير نظام وطريق وسبيل الإسلام هو في واقعه سبيل غي ومعيشة ضنكى وصد عن سبيل الله وغفلة عن آياته…
نرجو الله العلي العظيم أن يخلص العالم من شرور هذا النظام العالمي ومآسيه وأن يرزق البشرية البديل الحضاري الإسلامي الذي يسعدها ويخرجها من هذا الكابوس العالمي الذي جثم على صدرها قروناً إنه سميع مجيب الدعاء.
أحمد الخطيب – القدس
1998-12-26