يهود الدونمة معول هدم الخلافة العثمانية (2)
1999/08/25م
المقالات
3,318 زيارة
صدرت عشرات المؤلفات منذ هدم دولة الخلافة حتى الآن، وكلها تتحدث عن دور أعداء الإسلام في هدمها، وتكشف بالوثائق والمعلومات دور يهود الدونمة، والحركة الماسونية، وجمعية الاتحاد والترقي، وبريطانيا وفرنسا وروسيا واليونان، وبعض النافذين من العالم العربي (زعماء وعائلات) في هدم دولة الخلافة.
إن أعداء الإسلام في الجانبين العربي والتركي، ممن تربوا على موائد الماسون والإنجليز واليهود، يصرون على تحميل دولة الخلافة العثمانية كل الأوزار والمخالفات السياسية، التي حصلت في زمن هيمنة اليهود والماسون والطورانيين الأتراك على القرار في إستانبول، وتحميل الخليفة (عبد الحميد) كل ما جرى، في الوقت الذي كان الإنجليز واليهود والماسون يمسكون مفاصل الحكم في مركز الخلافة.
إنهم يحاولون إلصاق جميع التُهم بالإسلام وأنه غير صالح للعصر، ويعلنون فشل نظام الخلافة في مسايرة العصر، وعدم قدرته على معالجة مستجدات الحياة. وحينما يتواجه العلمانيون الأتراك مع العروبيين فإنهم يصبون جام غضبهم على الإسلام، وعلى الخلافة والخليفة، ويوهمون الناس أنهم أنقذوا شعوبهم من جور الإسلام، من خلال الانقضاض على دولته وإلغائها، وكلا الفريقين يخادع البسطاء من الناس في محاولة لا تنطلي على الواعين منهم.
وخلال المناظرات التي تقع بين الفريقين العربي والتركي يدافع العميل التركي عن عمالته لبريطانيا في قيامه بهدم الخلافة، فيقوم العميل العربي بالرد عليه مدعياً أن عمالة الشخصيات العربية آنذاك لبريطانيا كانت رداً على تحالف الدولة العثمانية مع ألمانيا في الحرب الأولى، وكلاهما يعرف أن بريطانيا كانت تسخر أطرافاً عميلة لها من كلا الطرفين وتحرضهم ضد بعضهم بإثارة العصبية القومية العفنة، وتَعدُهم وتُمَنِّيهم وتكذب عليهم بزخرف القول.
سـالـونـيـك منـطـلـق الـحـركـات الـسـريـة التي تآمـرت على الخـلافـة:
وبالعودة إلى يهود الدونمة ودورهم في هدم دولة الخلافة، ينبغي تبيان علاقتهم بالحركات السرية، وفي هذا المجال قال مصطفى طوران (كاتب تركي) في كتابه (يهود الدونمة): «من المعروف أن كبار رجال الاتحاد والترقي كانوا على علاقات متينة بالدونمة في سلانيك، يعقدون اجتماعاتهم المشتركة في المحافل الماسونية هناك، واستطاع اليهود والدونمة وآخرون، لهم مطامع في البلاد العثمانية، أن يؤثروا في عقول الشباب المثقف ويسخروهم لخدمة أغراضهم على علم أو غير علم». وينقل هذا الكاتب عن مجلة (المحراب) التركية الصادرة في 15/1/1924م كلمات لكاتب فرنسي يدعى جان برون يقول فيها: «أصحاب المصيدة هم أذكى الأقوام والأجيال التي تعيش في مدينة سلانيك. انتسب معظمهم إلى منظمة الاتحاد والترقي، وخلاصة القول: أنهم قادوا الجانب الأكبـر من ثـورة (تركيـا الفـتـاة)، هـذه الثـورة قـام بها من حيـث الأسـاس اليهود الدونمة، الذين أظـهـروا إسـلامـهـم لكنهـم ظـلـوا في الحقيقة يصارعون الإسلام، وبقيت علاقاتهم تقتصر على الأفعال الظاهرة فقط. هؤلاء الذين لبسوا حلل المسلمين زوراً، وظلوا يهوداً في الحقيقة ومسـلـمـيـن في الظـاهـر، كان لهم نصيب كبير في مقدرات الشعب التركي وتطوره إلى الوضع الحالي».
ويقول مجدي الصافوري في كتابه (سقوط الدولة العثمانية): «ونجح يهود الدونمة بمساعدة محافل الماسون في تكوين جمعية تركيا الفتاة، التي كان مدحت باشا نفسه أول مؤسسيها، وتفرع عن تركيا الفتاة حزب أو جمعية، أسموها (الاتحاد والترقي) حملت شعار الحرية والإخاء والمساواة، الذي نقلته عن باريس، وهو شعار الثورة الفرنسية، التي دبرها الماسون كذلك، وقامت تنظيمات (الاتحاد والترقي) على غرار جمعية الكاربوناري الإيطالية الإجرامية التي شكلها الماسون في أوائل القرن التاسع عشر» ويضيف مجدي الصافوري كلاماً للفيلسوف الماسوني شاريب: «انظروا إلى إخوانكم الماسونيين السالونيكيين الذين قاموا بالحركة الدستورية، التي قلبت الحكم العثماني في آخر عهد السلطان عبد الحميد، دون أن تسيل نقطة دم واحدة».
ومن الجمعيات التي أوجدها اليهود في تركيا «البكتاشية»، التي كانت في ظاهرها إحدى الطرق الصوفية، وفي حقيقتها فرقة باطنية تسير حسب خطط اليهودية العالمية والماسونية، لهدم الإسلام وكانت مرتبطة بالماسون في فرنسا وتتغلغل فيها الأفكار الماسونية الإلحادية، وتعج بالمجرمين الملحدين الحاقدين على الدولة. ويضيف الكاتب نفسه: «ويعترف مؤرخو العرب مــن الـنــصـــارى بـأن الـرواد الأوائـل لـحــركــة القومية العربية كانوا من النصـارى، وأنهم تعاونوا مع الماسونية الأوروبية وفروعها ومحافلها في المشرق العربي، وكان لهذه الحركة أثر فعال في الـبـلاد العـربـيـة».
ويقول الدكتور محمد حرب في مقدمته لترجمة مذكرات السلطان عبد الحميد: «الاتحاد والترقي هو أول حزب سياسي في الدولة العثمانية. كان ظهوره عام 1890، وكان سرياً مكوناً من خلايا طلبة الحربية والطبية العسكرية. وكان تأسيسه يهدف إلى معارضة حكم عبد الحميد والتخلص منه… وفي عام 1908 اضطر عبد الحميد اضطراراً إلى إعلان المشروطية الثانية [الديمقراطية]، وتولت جمعية الاتحاد والترقي الحكم، وأعلنت تمـثـلـهـا لـمــبـادئ الـثـورة الفـرنـسـيـة: الحـريـة، العدالة، المساواة، الإخاء».
ويقول السلطان عبد الحميد في مذكراته: «لكن محافل الماسونية ـ رغم تعقبنا لهم ـ جعلت من هؤلاء المتسكعين أعلاماً. عندما حركوا الضباط من أعضاء الاتحاد والترقي وتلك هي قصة تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد والترقي».
ويقول مصطفى طوران في كتابه (أسرار الانقلاب العثماني): «الأدوار التي لعبها المحفل الماسوني في سالونيك هامة جداً. إذ كان على رأسه قره صو، وكذا محفل باريس وجنيف ومحفل فلورنسا. هذه المحافل استطاعت عن طريق حزب تركيا الفتاة الاتصال بالمؤسسات الهامة في الدولة العثمانية وجعلت الفئات المنحرفة من البكداشيين والملاميين والكاشناستيين، وكذا بعض أصحاب الطرق والضباط والوزراء، والسفراء والشعراء والكتاب والمحامين، تنتسب إلى محافلها وتعتنق الماسونية… أما عصابات البلغار والصرب والروم فكانوا على علاقات وارتباطات مستمرة بسالونيك… في هذه الفترة كان حزب تركيا الفتاة باستانبول قوياً في اتصالاته بطلاب المدارس الحربية والبحرية والطب والصيدلة، ويوزع عليهم الصحف والمجلات الـمـرسـلـة فـي باريـس.
أما البكباشي محمود بك مدرس اللغة الفرنسية في الكلية الحربية، ومعاونه ملازم أول محيي الدين بورسلي، وفريد بك كانوا يتولون التوزيع… وكانت في استانبول مراكز للبريد خاصة بالأجانب، فهناك بريد الفرنسيين وبريد النمساويين، افتتحوها بموجب الامتيازات الممنوحة لهم. هذه المراكز أوصلت الصحف التي كانت تأتي من حزب تركيا الفتاة من باريس. وكذلك عبد الحليم كريتلي من المدرسة الحربية، وأدهم روحي من المدرسة الطبية، والملازم أول فريد من كلية الأركان، وزميله يوسف أقجورا، كانوا أعضاء في جمعية تركيا الفتاة… وبالرغم من ملاحقة الشرطة السرية لهم، فإن نشاطهم كان يتوسع يوماً بعد يوم وانتسب إلى التنظيم مشايخ التكايا البكداشية وأعضاؤها، وموظفون في القصر. منهم ثريا وكاظم وخيري وجعفر العربي وعربي بك، وأناس لا يتوقع منهم أن ينتسبوا إلى هذا التنظيم. كان هدفهم إسقاط عبد الحميد من الحكم وتولية سلطان ذي أفكار نيّرة متحررة!».
تـغـلــغـل الدونـمـة فـي الـجـيـش مـن خـلال التـنـظـيـمـات الـسـريـة:
يقول مصطفى طوران: «تشكلت منظمة سرية بين ضباط الجيش الثالث في مناستر وسالونيك وغيرها غايتها إسقاط حكم عبد الحميد… وفي أغسطس عام 1315 رومية قام موزع البريد طلعت أفندي مع سبعة من أصدقائه بتشكيل أول خلية لجمعيات الاتحاد والترقي في سالونيك، سمع بالنبأ أحمد رضا، وهو أحد كبار أعضاء حزب تركيا الفتاة بباريس، فأرسل الدكتور ناظم إلى سالونيك للاتصال بالتنظيم الجديد وتأييده، اتصل هذا بطلعت، وبعد أخذ ورد تقرر أن يكون للجمعية فرع في باريس، وأطلق عليه اسم التنظيم الخارجي لجمعية الاتحاد والترقي… أحسّ المحفل الماسوني في سالونيك بأن طلعت سيكون له مستقبل كبير في الدولة العثمانية فاتصلوا به، وسجلوه في عداد الماسونيين، ورقي طلعت إلى عدة درجات في المحفل الماسوني، وأصبح يتقاضى منه راتباً شهرياً مقداره عشر ليرات إنكليزية، وكان الرأس المدبر للماسونية في سالونيك هو عمانوئيل قره صو اليهودي. وقد استطاع هذا أن يحتضن طلعت أكثر فأكثر… ولدى عودة طلعت وقره صو من إستانبول إلى سالونيك، وجدا أن نشاط الجمعية قد ازداد ودخل فيها شخصيات هامة من الجيش، من بينهم البكباشي جمال بك ـ جمال باشا ـ فيما بعد، وكان من أركان حرب الجيش الثالث، وقائد الجناح فتحي بك ـ فتحي أوقيار ـ وقائد الجناح مصطفى كمال ـ أتاتورك فيما بعد ـ … حدث أن اغتيل قائد الجيش، الفريق الأول شمسي باشا الأرناؤوطي، على يد الملازم عاطف بك، أحد فدائيي جمعية الاتحاد والترقي… وكانت هذه الحادثة سبباً في الاضطراب الشعبي» الذي تطور إلى تحرك للجيش صوب إستانبول في 31 آذار 1908م والذي أطلق عليه «ثورة 31 مارس» ومهد لخلع السلطان عبد الحميد».
ويضيف مصطفى طوران: «أما في جمعية الاتحاد والترقي فقد انقسم الضباط إلى قسمين: قسم ظفر بمناصب هامة، ومنهم القائم مقام أركان حرب جمال بك (جمال باشا)، والبكباشي أركان حرب أنور بك (أنور باشا، وزير الحربية والقائد العام للجيش فيما بعد)، والبكباشي أركان حرب فتحي بك (فتحي أوقيار) الذين أصبحوا ملحقين عسكريين؛ وقسم عزّ عليه أن تكون الأسلاب خاصة ببعض دون بعض، فلجأ للمعارضة، فتشكلت بذلك لجان المنقذين والمجددين والأرناؤوط، وبدأت كل لجنة تسعى على انفراد للوصول إلى مبتغاها. فكان هذا الوضع فرصة ذهبية للدونمة المتشبعين بروح اليهود، الذين تستروا بقناع الثورية، لينقضوا على الدولة (العثمانية) فعملوا على توسيع شقة الخلاف بين الحكم والمعارضة، وتأزيم الأمور».
عـلاقـة الدونـمـة والتنـظـيـمـات المـنـبـثـقـة عـنـهـم بالإنـجـلـيـز:
ورد في مذكرات السلطان عبد الحميد: «العثمانيون الجدد وتركيا الفتاة كانوا يؤازرون جميعهم الدول الكبرى، التي ترغب في تمزيق أوصال الدولة العثمانية وتفتيتها، وكان هؤلاء الشباب أمل الدول الكبرى، لو نفذوا ما تشاءه هذه الدول» ويضيف في مكان آخر: «وكما استغل الإنجليز غفلة أعضاء تركيا الفتاة عن طريق المحافل الماسونية، بدأ الألمان يفعلون هذا مع الفريق الآخر من هؤلاء الأعضاء، وعن طريق المحافل الماسونية أيضاً… كان الإنجليز يثيرون عليَّ اتحاديي مناستر، ويثير الألمان عليَّ اتحاديي سالونيك. كانوا يعملون على قيام انقلاب للاسـتيـلاء على الدولـة من الداخـل، ونجاح الإنجليز باستخدام اتحاديي مناستر كان مصيبة بالنسبة لي لأنهم كانوا سيزيلونني ويصلون إلى مرادهم». ويضيف أيضاً: «مدحت باشا أيضاً، مثل حسـيـن عـونـي، اتبـع سـياسـة مؤيدة للإنجليز، وكان دائماً يفصح عن ثقته في الإنجليز، وكنت أرى أن الصدر الأعظم يؤيد الإنجليز، ويتعاون معهم، سواء بدافع من ماسونيته، أو بدافع من أسباب أخرى».
ويقول موفق بني المرجة في كتابه (صحوة الرجل المريض): «لقد أثبتت الأحداث التي تلت ذلك، أن بريطانيا وحدها لم تكن بعيدة عن المشاركة في تخطيط وتنفيذ مختلف المراحل التي رسمتها للإطاحة بالخلافة الإسلامية مستخدمة بذلك: الصهيونية، والماسونية، والدونمة، والكمالية».
ويقول المؤرخ أحمد رفيق بك (مؤرخ تركي): «إن الاتحاديين هم الذين سببوا كل هذا الويل والشقاء لأمتنا ووطننا» ويعلق على كلامه الكاتب التركي مصطفى طوران (عسكري تركي نجا من المجزرة التي حصـلت في 31 آذار 1908م في ثكنة طاش قشلة العسكرية وذلك بتدبير من جماعة جمعية الاتحاد والترقي) يعلق قائلاً: «فإنكلترا تسعى لإلغاء الخلافة وتحطيم الإمبراطورية، وإيطاليا وضعت نصب عينها الاستيلاء على ليبيا وإنطاكيا، أما الدونمة فوجهوا أنظارهم تجاه فلسطين، وأما الاتحاديون فبهرتهم خزينة قصر يلدز، فلا بد من ثورة ولا بد من أحداث 31 من آذار».
يهـود الدونـمـة والحـجـاب:
ورد في كتاب الدكتور محمد حرب (العثمانيون في التاريخ والحضارة) ما يلي: «تركـزت جهـود يهـود الدونـمة منذ الحرب العالمـيـة الأولى في دفع عجلة التغريب في الحياة الاجتماعية التركية، بدأوا بالحرب على الحجاب وشجعوا سفور المرأة في المجتمع العثماني عام 1914م وكانت حجة إعلامهم وقتها (إن الحجاب ليس من الإسلام وإنما انتقل من الروم إلى المسلمين)…، وقام إعلام يهود الدونمة بالدعوة إلى طرح قضية اختلاط الشباب بالفتيات في جامعة إستانبول، كمظهر أوروبي غربي، ثم بذلوا جهـداً كبـيـراً في إقنـاع الرأي العام العثـمـاني بذلك.
صحيح أن مصطفى كمال هو أول من أوجد في تركيا مسابقات الجمال كمظهر أوروبي لإثبات أن (جمال المرأة التركية الذي تخفيه تحت الحجاب يضارع جمال أجمل نساء العالم) ـ على حد قوله ـ إلا أن يهود الدونمة (ومصطفى منهم) هم الذين تبنوا فكرة مسابقة ملكة جمال تركيا إلى اليوم، تلك المسابقات التي تشرف عليها جريدتا مليت وكون أيدين، اللتان يملكهما يهود الدونمة».
أما مصطفى طوران فيقول: «إنهم أول من هاجموا حجاب المرأة المسلمة، ودعوا إلى التحرر والسفور، كما أن الصحافة التركية آلت إلى هذه الحالة المزرية بسبب هؤلاء الدونمة» وأضاف ناقلاً عن مجلة (سبيل الرشاد): «لقد جعلوا هدفهم في الأعوام الأخيرة النيل من حجاب المرأة المسلمة، لإحداث فوضـى اجتماعيـة في هذا المجتمع» ويروي قصة حصلت بترتيب من الدونمة حين حاولت مجموعة منهم ومن نسائهم «ممن يحملن أسماءً إسلامية تنظيم حفلة سـمر في أحد المسارح، وكان من المقرر أن تقوم النسوة بتمزيق الحجاب وهن على خشبة المسرح ويعلنَّ الثـورة الاجتماعيـة» لكن الحكـومة حالت دون ذلك. ويضيف: «صار الدونمة يشددون في مقالاتهم في الصحف والمجلات على تدريس الشباب والبنات بشكل مختلط في الجامعات»، «حاول الدونمة مراراً الجمع بين الرجال والنساء تحـت سـقـف واحـد».
ويقول المفتي العثماني، شيخ الإسلام مصطفى صبري في كتابه (النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة): «ألم يكفهم بعد مسـألة الخـلافـة ما قد أفتـى به مصـطـفى كمال لنفسـه ولحكـومته في مسـألـة اختـلاط النساء بالرجال ومقابلتهن بمن يلقين من الرجال بزيهن… فقد أمرت حكومته بإزالة الحواجز الفاصـلـة بين مقـاعـد الرجال والنساء في الترامات والسفن وسائر المراكب والسينمات والتياتر، فأزيلت فاستاء الناس منه، وسأل عنه بعض النواب، فتهكم وزير الداخلية في جوابه قائلاً: إن الحكـومـة لاحظـت في رفع الستائر فائدة صـحية». ويقول د. مصـطـفـى حلمي: «أجبر مصـطفى كمال نساء أنقرة على نبذ الحجاب، وخرجت زوجته سافرة ترتدي مثل ثياب الرجال، وتحرض نساء أنقرة على المطالبة بمساواتهن بالجنس الآخر».
ولم يقتصـر التدخل في اللباس على الدونمة، بل انتقل إلى ممثلهم في السلطة مصطفى كمال، وانتقل التدخل إلى لباس الرجال، وفي هذا المجال يقول مصطفى الزين في كتابه (أتاتـورك وخـلـفـاؤه): «لذلـك قـرر إلغـاء الطـربـوش العـثـمـانـي والقـلـبـق الشـركـسـي والعمة الكردية واستبدالها جميعاً بالقبعة الأوروبية… وبدأ ثورته الجديدة بطريقة مرحلية، ففرض القبعة أولاً على نفسه، ثم على حرسه الخاص، ثم على الجيش، وأرسل العديد من الضباط إلى مختلف القطاعات العسكرية لإقناع الجنود بارتداء القبعة».
وأصدر مصطفى كمال قانوناً أسماه قانون القبعة عام 1925م، وكلف رجال الأمن بتنفيذ القانون، فراحوا يجوبون المدن والقرى، ويصادرون الطرابيش عن رؤوس الناس بالقوة، ويضربون ويجلدون ويسجنون، وأحياناً يطلقون الرصاص على كل من يرفض الإذعان للقانون الجديد.
هذا غيض من فيض لما عمله الدونمة وبعض الزعمـاء اليهـود الذين تسللوا إلى السـلـطـة، فصـبـغـوا تركيا بالعلمانية ولا تزال، ولا عجب إذن أن نـرى أحفـاد الدونـمـة في السـلـطـة يمنـعـون مروة قاوقجي من ارتداء الـحــجــاب ودخـول البـرلـــمـان، أو يمـنـعـون الطالبة الجامعية من دخول الجامعات التركية بالحـجـاب، فما يزال الدم اليهـودي يجري في عروق أحفاد الدونمة، بعد مرور ثلاثة أرباع القرن علـى هـدم الخـلافـة q
[انتهى]
المصادر والمراجع:
1) العثمانيون في التاريخ والحضارة. الدكتور محمد حرب.
2) أتاتورك وخلفاؤه. مصطفى الزين.
3) الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية. الدكتور مصطفى حلمي.
4) أسـرار الانقـلاب العثماني. مصطفى طوران. ترجمة كمال خوجة.
5) يهود الدونمة. مصطفى طوران. ترجمة كمال خوجة.
6) سقوط الدولة العثمانية. مجدي الصافوري.
7) مذكرات السلطان عبد الحميد. ترجمة وتقديم الدكتور محمد حرب.
8) صحوة الرجل المريض. موفق بني المرجة.
9) النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة. شيخ الإسلام مصطفى صبري.
1999-08-25