الوضع الاقتصادي في الأردن إلى أين؟
1999/08/25م
المقالات
1,883 زيارة
جاءنا من حزب التحرير ـ ولاية الأردن، النشرة الآتية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الوضع الاقتصادي في الأردن إلى أين؟
إن اختيار رئيس الوزراء في الأردن يحكمه أساس واحد، هو خدمة النظام الذي أُنشئ بعد هدم دولة الخلافة على يد بريطانيا.
وإن رئيس الوزراء الحالي عبد الرؤوف الروابدة، في بيانه الوزاري وتصريحاته ومقابلاته، لم يخرج عن هذا الأساس، فقد عزف الألحان نفسها التي عزفها الرؤساء الذين سبقوه، ولكن بصوت أعلى ولهجة أقوى، سالكاً طريق التهريج، واستعمال الحجج الواهية، لتسويغ الموافقة على قرارات الحكومة ومشاريع القوانين التي أحالتها لمجلس النواب.
وقد صحب الروابدة الملك الجديد وحاشيته في رحلاته السندبادية، التي كلفت خزينة الدولة ملايين الدنانير، لا لشطب الديون وجدولتها فحسب، وإنما أيضاً لتسويق الملك الجديد دولياً وإقليمياً، ولتسويق الأردن، من أجل بيع ما تبقى من مؤسساته باسم الاستثمار والخصخصة.
غير أن القائمين على صندوق النقد الدولي أكثر وعياً على مصالحهم من حكام الأردن، حيث أملوا على الأردن توصياتهم التي تعتبر أوامر، والتي وردت في نصّ مذكرة الحكومة إلى مدير عام صندوق النقد الدولي حول السياسات المالية والاقتصادية للحكومة لفترة ما بين 1999ـ2001م، حيث استعدت الحكومة في هذه المذكرة، أن ترفع ضريبة المبيعات إلى معدل 12% على الأقل، وتخفيض الرسوم الجمركية من 40% لتصبح 35%، وتقليص الإنفاق العام بواقع واحد ونصف بالمائة من الناتج المحلي، ووعدت الحكومة الصندوق بيع أسهمها فيما لا يقل عن عشر شركات، وبإصلاح بعض المؤسسات العامة، كالملكية الأردنية، والمياه والكهرباء والاتصالات، وذلك بالعمل على خصخصتها.
ولبيان أنّ هذه الإجراءات إجراءاتٌ ذاتية من الحكومة، عرضتها على البرلمان كمشروع قانون، لتنال موافقته عليها، مُستغفلةً النواب والناس.
ورغم المعارضة الشديدة لتلك القرارات، فإنّ رئيس الوزراء والمؤيدبن له استطاعوا إحالتها إلى اللجنة المالية والاقتصادية في المجلس، التي صارت وظيفتها تجميل الوجه القبيح لمثل هذه القرارات ومشاريع القوانين، من أجل إقرارها. غير أنّ مُقرر اللجنة النائب المهندس منير صوبر أعلن مخالفته لها بقوله: «إلا أنني أخالف رأي الأغلبية المحترمة في اللجنة المالية والاقتـصـاديـة في قرارها، وذلك لقناعتي بأنّ الأرقام التي قُدمت لنا من وزارة المالية غير كافية ومُضللة عن مدى تأثير التخفيض على جمارك مدخـلات الإنتاج …». وقال عضـو اللجنة النائب المهـنـدس خليل عطـيـة «أخالـف للأسـبـاب التالية رَفْعَ الضريبة على المبيعات:
أولاً: عدم الموافقة على تحميل المواطن أعباء، فهو غير قادر على تحملها …
ثانياً: عدم ترشـيد الاسـتهلاك الحكـومـي على أقل الحدود، ووقف السـفـر والمباريات وأثمان التذاكر إلى الحد الأقصى …».
وبعد كل الخطط التنموية التي اتخذتها الحكومات السابقة، لتصحيح وبناء الاقتصاد الأردني، جاء الروابدة ليقول لكم في بيانه الوزاري في 3/4/1999م: «إنّ الاقتصـاد الأردني تجـاوز مرحـلـة تباطـؤ النمو إلى مرحلة التراجع …». ثم ليقول لكم في خطابه الساخن أمام مجلس النواب في 13/6/1999م: «إنّ الاقتصاد الأردني في غرفة الإنعاش … وإنّ تحسين أوضاع الوطن كلّها أمور لا تتم بثلاثة أشهر، ولا بسنتين، ولا في عهد حكومة واحدة …». فتوقعوا الآن أن يقول لكم الروابدة أو غيره: «إنّ الاقتصـاد الأردنـي قد مـات».
والحقيقة التي يجب أن تُعرف، أنّ النظام في الأردن لم يَبن اقتصاد دولة في يوم من الأيام، لأنّ الأردن ككيان منذ أن وُجد، كان عالةً على غيره، فإنْ كان الملك عبد الله الثاني يعيش على ما تركه له أبوه من ثروة، يعرف الجميع مصادرها، فإنّ جده عبد الله الأول كان يتقاضى راتبه الشهري من بريطانيا.
إن المقومات الاقتصادية الطبيعية الموجودة في الأردن كافيةٌ لأن يعيش سكانه حياة اقتصادية أفضل من الحياة التي يعيشونها الآن، ففي الأردن أراضٍ زراعية، وفيه ثروات معدنية متعددة، كمستخرجات البحر الميت، والغاز والفوسفات والزيت الصخري، وفيه طاقات بشرية نشطة تفيض عن حاجته. إلاّ أنّ السياسة التي فُرضت على الأردن من الكفار وطبقها الحكام، قُصد منها عدم استغلال تلك الثروات والطاقات الاستغلال الصحيح. ونتيجة لهذه السياسة توجه الناس في الأردن إلى التعليم «الأكاديمي» والوظائف الحكومية المكتبية، ما أدى إلى إهمال الأراضي الزراعية، وعدم إقامة الصناعات المنتجة، فلجأت الطاقات البشرية الفائضة إلى العمل في دول الجوار والدول الأجنبية، واعتمدت الدولة على المساعدات والقروض من الدول العربية والأجنبية، ما ربط حياةَ الناس الاقتصادية في الأردن بغير الأردن، وصارت مُعرّضة للانتعاش أو التردي تبعاً لعلاقة الأردن بهذه الدول.
إنّ الأردن وإن كان بإمكاناته الذاتية يستطيع أهلُه أن يعيشوا حياة اقتصادية أفضل من الحالية السيئة، التي أوصلهم إليها النظام الأردني، إلا أنّ الحل الجذري لما يعانيه الأردن وغير الأردن من مصائب في الاقتصاد يكون بإقامة دولة الخلافة، لتكون هذه البلاد أجزاء في دولة واحدة، يسوسها الخليفة بنظام الإسلام، ومنه النظام الاقتصادي، الذي يعمل على إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد من مأكل وملبس ومسكن، ويُؤمِّن لهم الحاجات الضرورية من تعلم وتطبيب وأمن، ويُمكّنهم من إشباع حاجاتهم الكمالية.
أيها المسلمون!
إن ما تقوم به الحكومات في الأردن، من سنّ قوانين لتشجيع الاستثمار، وما يتبعه من خصخصة وبيع مؤسسات عامة للشريك الاستراتيجي الأجنبي، ما هو إلا بيع لمقومات ومقدرات الدولة، لتكون في أيدي الكفار، الذين يحملون الحقد والعداء لدينكم الإسلام، فيفرضون عليكم ثقافتهم ليبعدوكم عنه، وينهبون خيراتكم لتصبحوا متسولين على أبواب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فيصرفوكم عن العمل لعودة الإسلام إلى الحياة. فعليكم أن ترفضوا كل هذه القوانين، وأن تضغطوا على أبنائكم النواب كي لا يقعوا فريسة لألاعيب وأكاذيب الحكومات التي تُمنّيكم بالانتعاش وتحسين الأوضاع، وأن تعملوا معنا بالطريقة الشرعية التي فرضها الله تعالى على جميع المسلمين، التي بها تنالون العزّ في الدنيا بإقامة دولة الخلافة، والثواب في الآخرة بنيل رضوان الله، قال تعالى: (وقل اعملوا فسيَرى اللهُ عمـلـَكم ورسولُه والمؤمنون، وستُردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئُكم بما كنتم تعملون) .
11 من ربيع الأول 1420هـ. حـزب التحـرير
24/6/1999م. ولاية الأردن
1999-08-25