كلمة الوعي: (هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليتذكر أولوا الألباب)
2003/06/20م
المقالات, كلمات الأعداد
2,002 زيارة
العـراق: دروس وعـبـر
إنّ ما يصيب المسلمين من نكبات ومحن في أطراف الأرض على يد الكفار وعملائهم حكام المسلمين، قد أصبح الصغير منا قبل الكبير يدرك ذلك ويعيه، حيث أصبح ذكر أمة الإسلام لا يقرن إلا بالذبح والهوان والفرقة والإذلال، فلا حول ولا قوة إلا باللّه. وهناك جملة من الدروس والعبر المستفادة مما حصل في العراق خصوصاً بعد أن احتُلّ احتلالاً مباشراً من الصليبيين بمساعدة من حكام النذالة والخسّـة، قال تعالى: ( فاعتبروا يا أولي الأبصار) [الحشر]، ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «الدِّينُ النصيحة». إن ما حصل في العراق مدعاة لنا جميعًا للتفكر ولاستخلاص الدروس التالية:
أولاً: إن نصر المسلمين بيد اللّه يعطيه لمن ينصر دينه بالطريق الشرعية التي أمر بها، يقول عزّ وجلّ: ( إن تنصروا الله ينصركم ) [محمد/7] ويقول: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) [محمد] لهذا فاللَّه تعالى لن ينصر دعاة الاشتراكية والبعثية والعلمانية، ولن ينصر كذلك دعاة الوطنية والإقليمية الضيقة، ولن ينصر كل من دعا دعوى جاهلية. بل إنه سبحانه ينصر من دعا دعواه مخلصا له العمل حيث يقول اللّه تعالى: (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً) [الجن].
ثانيًا: إن اللّه تعالى لن ينصر أي حاكم من حكام المسلمين المجرمين، فتاريخ عمالتهم وحربهم للإسلام وأهله لا يماري فيه أحد، فهم أسّ الداء ومصدر البلايا المتتالية التي تصيب الأمة، وهم الذين يمكنون الكفار منّا ليل نهار.
ثالثًا: إن الجيوش من أبناء المسلمين يجب أن لا تسير مع هؤلاء الحكام الخونة لتحقيق بعض أغراضهم التي لا تخدم إلا الكفر، فأبناء تلك الجيوش محكومون بالحديد والنار من قبل الحكام الذين يحاولون إفساد عقيدة الجند في كل بلاد المسلمين كما حصل في العراق، وكما يحـصـل فـي غيرها. وإن هذه الجـيوش لتعي أن حكـامهـا عمـلاء أذنـاب، وتعي أنهم يتـمـسـحـون بالإسلام أحيانًا لمآرب لهم؛ ولا تجد في القتال معهم منفعة وتدرك خيانة الحكام لها عن طريق تحييدها والالتفاف عليها كما حصل فيما يسمونها حروب الـ 48 و67 و73، وأخيراً في العراق.
بيد أن تلك الجيوش لن تغادر ميدان القتال والاستشهاد في دولة الخلافة القادمة إن شاء اللَّه لأنها ستحمل عقيدةً حيّـةً تدفعها إلى الاستشهاد أو النصر، فحينها ستقاتل في سبيل اللّه لنوال رضوانه والفوز في الدنيا والآخرة، وسيكون ولاؤها للإسلام ولأمرائها الذين يتخندقون معها للقتال، لا الذين يُصَفُّون ضباطها الشرفاء.
رابعًا: إن علينا أن نقطع أن العمل للإسلام مخفق حتما من خلال الحكام وأنظمتهم وتحت عباءتهم، وقد أصبح مقطوعا به لكل ذي بصيرة أن الحكام لا يرجى منهم شيء، وأن ورقتهم قد سقطت حتى عند من كان يتوهم فيهم وعدًا؛ فالواقع الآن يشهد أكثر من أي وقت مضى أنهم لا يصلحون حتى لرعاية قطيع من الغنم.
إنّ الواجـب الآن على المـشـايـخ الذين يتصـلـون بالحكام ويعـلنـون الولاء لـهـم ويشـاركونهم الحكم أن يدركوا أنّ الحكام يسـتخدمونهم ويلتفّون عليهم حتى إذا ما استهلكوهم وأفسدوهم قتلوهم وأذلّوهم وصرفوا بهم العمل باتجاه التغيير الصحيح ألا وهو إزالتهم وإزالة حكم الكفر الذي يطبقونه علينا.
خامسًا: يجب أن ندرك أنّ إزالة الحكام أمر يقع على أكتافنا نحن المسلمين وليس على أيدي الكفار الصليبيين لأننا إن استعنّا بهم وتركناهم يسيرون في تحقيق مخططاتهم نكون كمن يستجير من الرمضاء بالنار. وعلينا أن نتبصر أمرنا ومواقفنا إزاء الأحداث؛ فلا يجب أن ننسى سريعًا ضوابطنا الشرعية إذا ما بدأ الكفار باستهداف نظام عفن عميل أخر؛ فنبدأ بالتهليل له، فكل أنظمة الحكم فقدت مشروعية بقائها ولا يقبل منها صرفٌ ولا عدلٌ. وإن نصر اللّه لا يكون لمن يخالف أمره ويحارب دينه. إن الحكام المتآمرين وأدواتهم العلماء ومَن يُسَمَّونَ بالمفكرين هم جزء من مشاريع الكفر وبهم يُمكَن له في بلاد المسلمين. إن ما حصل في العراق وما حصل منذ أن هدمت دولتنا الخلافة هو ثمرة تخاذل الحكام المجرمين.
سادسًا: إن دخول أميركا للعراق يجب أن يكون محركًا للأمة باتجاه العمل الصحيح الذي يخلصها بعد ان تاهَ بعض أبنائها في أعمال لا تجدي الإسلام نفعًا كإفراغ المشاعر في مظاهرات وكإرسال المساعدات. إن على المسلمين أن يدركوا أن طريق الحل الوحيد لجميع مشاكلهم صغيرها وكبيرها هو في وحدتهم تحت راية الخلافة. ويجب أن ندرك أنّ مواجهة الصليبيين لا يمكن أن تـثـمـر إلا من خلال الأمـة الواحدة لا من خلال أشباه الدول التي لا حرمة لبرها ولا لجوها ولا لبحرها. إن المسلمين لن يستطيعوا نصرة بعضهم بعضا ولن تقوم لهم قائمة إن استمروا في اعتبار قضاياهم قضايا وطنيةً محليةً، وكثير من الناس ظنوا أن أفغانستان ستستطيع أن تدفع الشرّ عن نفسها في الوقت الذي كانت الأنظمة من حولها تمكن أميركا منها. وكثيرون ظنوا أن العراق سيردّ كيد أميركا إلى نحرها مع ما نعلم من مساعدة الحكام لها في كل النواحي، وبالرغم مما نعلمه من تكبيلهم للناس وبطشهم زجّهم في السجون. إن إي عمل يقوم به المسلمون دون توحدهم في كيان واحد على أنقاض حكامهم لن يجديهم نفعًا ولن يرفع النكبات عنهم، وسيظل ما يُفعل بهم يُفعل بهم.
سـابعًا: إنّ إمكانيات أمتنا عظيمة، فهي أمة مجاهدة. وإذا كان أهل العراق وحدهم فعلوا ما سمعناه وشاهدناه بالرغم من خيانة الحكام وتمكينهم للكفار، وبالرغم من دعايات الحكام التي تدّعي أن التصدي لأميركا غير وارد وليس ممكنًا، وبالرغم من أن الجيش في العراق بجملته لم يقاتل… فكيف لو كان العراق جـزءاً من دولة الخـلافة تقـاتل الأمـة معه ويقاتل معها بإمرة خليفة المسلمين.
ثامنًا: إن كل ما يحصـل للمسلمين من ضربات موجعة تستهدف عقيدتهم ووحدتهم سيعجّـل بالفرج إن شاء اللّه. فاستحكام العداء للأمة من الكفار، وسقوط أقنعة الحكام وأدواتهم من شـأنه دفع المـسـلمين باتجاه العمل المخلص للإسلام بكيفيته الشرعية التي ترضي اللّه سبحانه وتستجلب النصر لنا، فأبشروا لأن قمة النصر عند قمة الأذى، يقول تـعــالـى: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا( [يـوســـف/110]. فاللّه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إنّ واجب الأمة أن تضع يدها بيد من يعمل لتحريرها من أنظمة الكفر، وأن تدفع بهم لاسـتـلام الحكم وأخـذه ممن يسـومـونـهـا سـوء العذاب. فالحكام الحقيقيون من أبنائها المخلصين بين ظهرانيها، وهم من يدعون إلى وحدتها في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، وهم من أدركوا منذ اليوم الأول أن عز الإسلام لا يكون إلا بعودة الإسلام كاملاً إلى التطبيق في واقع الحياة، وهم من أدركوا أن دعواهم ومنهجهم في تغيير واقع المسلمين الفاسـد سـينـتـصــر بإذن اللّه وسـتحمله الأمـة وسـتـتـشـبـث به كحلٍّ وحيد يخلصها مما هي فــيــه مــن ذل وهــوان. يـقــول تعــالـى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) [النور] .
2003-06-20