اتفاقيات أميركا وقواعدها العسكرية في الجزيرة العربية
2002/12/20م
المقالات
1,547 زيارة
اتفاقيات أميركا وقواعدها العسكرية في الجزيرة العربية
صدر كتاب عام 1987م بعنوان «الاتفاقيات المعقودة بين الولايات المتحدة الأميركية ودول مجلس التعاون الخليجي» وهو من إعداد حسين موسى، ومن تقديم سعيد سيف وأصدرته (الحقيقة برس) في بيروت. ونحن هنا نذكر بعض ما فيه وبعض التوضيحات ذات العلاقة لأن ما في الكتاب يكشف أطماع الولايات المتحدة في منطقة الخليج منذ أوائل القرن الماضي وقبل حرب الخليج وكذلك قبل تفجيرات أيلول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء في الأسطر الأولى من الكتاب هذه الفقرة الافتتاحية:
«الحضور العسكري الأميركي الكثيف إلى منطقة الخليج العربي منذ النصف الثاني من عام 1987م، قاطراً معه سفن وكاسحات الألغام الأوروبية المتعددة الجنسيات، لم يكن وليد الساعة، ولا تطورات الحرب العراقية – الإيرانية، أو الرغبة الكويتية لحماية ناقلات نفطها من الهجمات الجوية، وإنما هو تتويج لعلاقات الهيمنة الأميركية على دول المنطقة من جهة، وعلاقات التبعية الذليلة من قبل هذه الأنظمة للمركز الإمبريالي من جهة ثانية. كما أنها الترجمة الحقيقية، ليس فقط للاتفاقيات العسكرية والوجود العسكري في دول المنطقة، وإنما أيضاً للاتفاقيات المتعددة الأشكال، والحضور المتعدد للإمبرياليين الأميركان بشتى الأسباب والمسببات المزعومة. فمنذ الحرب العالمية الثانية وجدت الولايات المتحدة الأميركية أنها لا يجب أن تستمر في تعاملها مع المملكة السعودية عبر البوابة البريطانية، وأن عليها أن تحضر مباشرةً بقواتها العسكرية بعد أن تعززت أوضاع شركاتها النفطية».
في ذلك العام أي عام 1987م لم تكن هناك نغمة أسلحة الدمار الشامل والأسلحة البيولوجية موجودة، ولم تكن هناك مخاوف من اعتداء صدام على جيرانه رغم أنه كان يخوض حرباً مع إيران مدتها ثماني سنوات ورغم ذلك حشدت أميركا قواتها باتجاه النفط وبدأت بتدريب المارينز وقوات التدخل السريع منذ عام 1980 على حرب الصحراء، وبدأت بمناورات عسكرية في صحراء مصر تحت أسماء مثل مناورات النجم الساطع، ومناورات النجم الثاقب وغيرها.
ثم يعود المؤلف بالذاكرة إلى تاريخ الاتفاقيات الموقعة بين أميركا وبعض دول الخليج وبخاصة السعودية كأكبر دولة في منطقة الخليج فيقول:
إن أول اتفاقية وقعت بين أميركا والسعودية تمت عام 1933م وتتعلق بالتمثيل الدبلوماسي والقنصلي والحماية القضائية والتجارة والملاحة. وكانت الاتفاقية الثانية عام 1951م وكانت بعنوان «اتفاقية عامة للنقطة الرابعة الخاصة بالمساعدة الفنية بين البلاد العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية». أما الاتفاقية الثالثة فقد وقعت عام 1951م لإنشاء أول قاعدة عسكرية أميركية في الظهران، وجاء في البند الخامس، فقرة (ب) ما يلي:
«يسمح لبعثة الولايات المتحدة أن تدير في مطار الظهران فقط، زيادةً على ما ذكر في الفقرة (أ) المسائل المتعلقة بالطائرات العسكرية التابعة للولايات المتحدة والأشخاص العسكريين، والمستخدمين المدنيين التابعين لها».
وجاء في البند السادس فقرة (أ) ما يلي: «لتأمين حُسن سير الأعمال والخدمات الفنية على أحسن وجه وأكمله في مطار الظهران يُسمح لبعثة الولايات المتحدة أن تحسّن وتغيّر وتعدّل وتبدّل بقصد التحسين في المنشآت والمباني… ولها أن تُنشئ البنايات وغيرها من التسهيلات بما في ذلك مدارج ومهابط ومواقف الطائرات وخدمات الأرصاد الجوية [الرادارات] والمخابرات اللاسلكية ومساعدات الملاحة الجوية التي يرى لزوم لها للأغراض المنشودة في هذه الاتفاقية»، وفي الاتفاقية العديد من البنود والشروط الملغومة.
وفي العام نفسه 1951 تم توقيع اتفاقية خاصة «بالمساعدة المتبادلة للدفاع» لاحظوا كلمة المتبادلة، ماذا كان لدى السعودية عام 1951م لتقدمه للدفاع المتبادل فكل ذي عقل يعرف أن هذه الاتفاقية فرضت من طرف قوي ضد طرف ضعيف. وجاء في البند الثاني منها: «إن الحكومة العربية السعودية ترغب في أن تستفيد من مساعدة الحصول على الأسلحة وأن يُرسل إليها من الولايات المتحدة بعثة مؤلفة من رجال الجيش والبحرية والقوة الجوية لتتفق مع الجهات المختصة على برنامج للتدريب ووضع خطة لتسليم الأسلحة».
وجاء في البند الرابع «إن حكومة الولايات المتحدة مستعدة بالإضافة إلى تقديم مساعدة الحصول على الأسلحة أن توفد بعثةً مؤلفة من أشخاص ذوي مقدرة وكفاءة من جيش الولايات المتحدة البري والبحري والجوي للتدريب على استعمال المعدات المستحصلة بموجب الاتفاقية.
وجاء في البند الخامس «ستقبل الولايات المتحدة – إلى أبعد مدى ممكن – الطلاب العرب السعوديين العسكريين المتفوقين للدراسة والتدريب في الولايات المتحدة» وفي العام نفسه تم توقيع «اتفاقية خاصة ببرنامج التعاون الفني في الموارد الطبيعية» أي النفط والغاز والمعادن.
وفي 17 كانون الثاني من عام 1951 تم توقيع «اتفاقية مشاريع الإصلاح الجماعي في الأرياف» بين السعودية وأميركا ونصت الاتفاقية على أن تنفيذها يتم بواسطة بعثة التعاون الفني التابعة لوزارة الخارجية، وفي التاريخ نفسه تم توقيع اتفاقية «خاصة ببرنامج التعاون الفني في المعادن» وتتعلق بالتدريب المهني والتعليم.
وفي 27 حزيران عام 1953م تم توقيع اتفاقية حول بعثة التدريب العسكرية الأميركية ومكان توقيعها مكة وجدة. وجاء في الفقرة الرابعة منها ما يلي: «تشمل واجبات الهيئة الاستشارية المساعدة وإسداء المشورة لوزير الدفاع والطيران بالمملكة العربية السعودية ولوحدات القوات المسلحة السعودية فيما يختص بوضع الخطط والتنظيم وأسس الإدارة وطرق التدريب طبقاً لما يتفق عليه وزير الدفاع والطيران بالمملكة، ورئيس الهيئة الاستشارية، ويشمل هذا التدريب استعمال الأسلحة بأنواعها والفنون الحربية (التكتيك) وعلم إطعام وإيواء الجنود في الميدان (اللوجيستكس) ويجوز لأعضاء الهيئة الاستشارية – لأداء واجباتهم – القيام بالتفتيشات والتحقيقات وإنجاز الواجبات الأخرى كما قد يوصي بذلك رئيس الهيئة الاستشارية ويصادق عليه وزير الدفاع والطيران بالمملكة».
وجاء في الفقرة (5): «إن كل عضو من أعضاء الهيئة الاستشارية ملزم بأن لا يذيع أو يفشي بأية طريقة كانت لأية حكومة أجنبية، أو لأي شخص كائناً من كان غير مخول له حق الاطلاع، أي موضوع سري أو خصوصي قد يطلع عليه أو يقف على أمره بصفته عضواً في الهيئة الاستشارية».
وعقدت اتفاقية بشأن حقوق استخدام قاعدة الظهران عام 1957م جاء في بندها الأول: «إن حكومة الولايات المتحدة تعترف بإيضاحات حضرة صاحب الجلالة سعود للرئيس أيزنهاور، وتقرُّ بحاجة المملكة العربية السعودية إلى تعزيز قواتها المسلحة لأغراض الدفاع عن المملكة بما في ذلك الدفاع عن مطار الظهران».
وفي الأول من آذار عام 1958 تم توقيع اتفاقية لتوسيع ميناء الدمام.
وفي 10-13 تشرين الثاني عام 1962م وقعت اتفاقية حول طائرات الفانتوم ثم وقعت مرةً أخرى في 22 أيار عام 1963م وقد جاء في البند الأول منها «تعتبر مدة إعارة هذه الطائرات التي هي مشخصة في الملحق، لا نهائية المدة، لكن الولايات المتحدة قد تطلب إعادة أي أو كل الطائرات عندما تنتفي الحاجة للغرض المحدد الذي من أجله تم توفيرها» وجاء في البند الثاني: «إن الهدف من توفير هذه الطائرات هو للدفاع المشروع عن أراضي المملكة العربية السعودية ضد أي اعتداء بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة».
وفي 24 أيار عام 1965 وقعت اتفاقية حول الإنشاءات العسكرية التي سوف يتولاها سلاح المهندسين الأميركي.
وفي 4 نيسان 1972م تم توقيع اتفاقية حول الامتيازات والحصانات للعاملين الأميركيين.
وفي 8 حزيران عام 1974م تم توقيع وثيقة حول التعاون الأميركي السعودي الشامل أي في الاقتصاد والتكنولوجيا والصناعة وتزويد المملكة بما تحتاج إليه للأغراض الدفاعية.
وفي 4 حزيران عام 1980 تم توقيع اتفاقية التسهيلات العسكرية بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان تتيح للولايات المتحدة حق استخدام القواعد العمانية.
وفي عام 1975م تم توقيع اتفاقية تأجير قاعدة الجفير في البحرين وهي تجديد لاتفاقية عام 1971م.
وفي 24 شباط عام 1975 ثم في 15 نيسان من العام نفسه تم توقيع اتفاقية بين الكويت والولايات المتحدة تحت عنوان «المساعدة المتبادلة للدفاع والإمداد بالمعدات والخدمات الدفاعية وإقامة مكتب ارتباط.
وفي 18/01/76 تم توقيع اتفاقية ترتيبات أمنية بخصوص «إجراءات أميركية سرّية».
وفي 15-21 حزيران 1975 تم توقيع اتفاقية حول مشتريات وخدمات دفاعية بين أميركا ودولة الإمارات العربية المتحدة.
هذا كله قبل حرب الخليج وتفجيرات أيلول، فإذا كانت الاتفاقيات العسكرية التي حدثت بعد ذلك بين أميركا ودول الخليج قد زعموا أنها للدفاع عن دول الخليج ضد العراق، وزعموا كذلك أنها لحماية تلك الدول من الإرهاب المزعوم بعد تفجيرات أيلول، فماذا سيزعمون من أسباب لتلك الاتفاقيات العسكرية قبل حرب الخليج وتفجيرات أيلول؟ إنه لم يكن لها سبب ظاهر يستطيعون تضليل الناس حوله، ولذلك حاولوا جهدهم أن تبقى تلك الاتفاقيات سرية أو شبه سرية بين أميركا والدول المعنية.
إن الكتاب المذكور ليس كل ما كتب حول أطماع أميركا في منطقة الخليج وحول ما عقدته بل ما أملته على دول المنطقة من اتفاقيات وقواعد عسكرية كانت مقدمة للقواعد اللاحقة الأكبر والأخطر في السعودية وقطر وغيرها.
هذا فقط ما كشف وظهر من اتفاقيات وقواعد، أما ما لم ينشر وبقي طيّ المؤامرات والمناورات بين أميركا وعملائها في المنطقة فهو أخطر وأعظم. وعلى الأمة أن تعمل جهدها وتبذل الوسع، التزاماً بدينها، وحفاظاً على مصالحها، للحيلولة دون بقاء هذه القواعد القاتلة في المنطقة، والوقوف بصلابة في وجه العملاء الذين يضعون مقدرات البلاد في الجو والبر والبحر في أيدي أميركا وأعوانها حتى لا تقع بلاد المسلمين، قطعةً قطعةً، في أيدي الكفار المستعمرين. والله ناصر من ينصره (إن الله قوي عزيز) [الحديد] .
2002-12-20