شيْءٌ مِنْ فقْهِ اللُّغَةِ (دلالات الألفاظ) في لغة العرب (1)
2002/10/19م
المقالات
2,762 زيارة
شيْءٌ مِنْ فقْهِ اللُّغَةِ
(دلالات الألفاظ) في لغة العرب (1)
تنقسم الألفاظ الموضوعة من حيث دلالاتها ثلاثة أقسام:
1 – دلالة المطابقة:
وهي دلالة اللفظ على تمام مسماه كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق وسمي بذلك لأن اللفظ طابق معناه.
2 – دلالة التضمن:
وهي دلالة اللفظ على جزء المسمى كدلالة الإنسان على الحيوان أو على النطق فقط، وسمي بذلك لتضمنه إياه – وسمي تضمنا لكون المعنى المدلول في ضمن الموضوع له.
3 – دلالة الالتزام:
وهي دلالة اللفظ على لازمه كدلالة الأسد على الشجاعة – وسمي بذلك لكون المعنى المدلول لازماً للموضوع له، والمقصود باللزوم اللزوم الذهني الذي ينتقل الذهن عند سماع اللفظ إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والنوعان 2،1 هما من القسم الصريح لأنها من المنطوق وهما من أهم الدلالات وأكثرها استعمالاً وهي التي لا يستقيم الكلام في تنسيق الجمل وتركيب الألفاظ إلا أن يكون المتكلم والكاتب والباحث عالماً متضلعاً بها. تلك دلالة اللفظ على معناه من حيث الصياغة والتركيب وهي أشمل من المدلول اللغوي المحض (المعجمي القاموسي) مثل ورود الاستثناء والشرط والتوكيد في الجمل وورود بعض الحروف ووضعها في مواضعها من حيث التقديم والتأخير أو الحذف.
أما الدلالة الثالثة فهي لازمة لزوم الماء للحياة خاصة للباحث والمجتهد فهي دلالة الألفاظ لا من حيث صيغتها وصورتها التركيبية لجملها بل من حيث فحواها وإشاراتها واشتمالها على العلل أي من حيث فحوى الخطاب أو لحن الخطاب وهو مفهوم الموافقة أو دليل الخطاب وهو مفهوم المخالفة.
والأنواع الأخرى كدلالة الاقتضاء والتنبيه والإشارة كما سنبينه بعد، وكلها من الدلالة الثالثة المذكورة – دلالة الالتزام -.
المنطوق: وهو الذي يشمل دلالة المطابقة والتضمن:
وهو ما فهم من دلالة اللفظ قطعاً في محل النطق وذلك كما في وجوب الزكاة المفهوم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: “في الغنم السائمة زكاة” (رواه أبو داود: 2/96، والبيهقي: 4/99).
وكتحريم التأفف للوالدين من قوله تعالى: (فلا تقل لهما أف) [الإسراء/23].
قيل قطعاً في التعريف لتمييز بعض الدلالات في المفهوم التي يستعان فيها بمنطوق الألفاظ للحصول على المعنى اللازم أي المفهوم مثل دلالة الاقتضاء لأن الأحكام المضمرة في دلالة الاقتضاء مفهومة من اللفظ في محل النطق أي يستعان بمحل النطق لاستخلاص المعنى اللازم أي المفهوم.
أما المنطوق: فهو فقط ما يفهم من منطوق اللفظ دون الانتقال منه إلى معنى ذهني لازم، لهذا قيل قطعاً في التعريف.
والمنطوق وإن كان مفهوماً من اللفظ غير أنه لما كان مفهوماً من دلالة اللفظ نطقاً خص باسم المنطوق وبقي ما عداه معرفاً بالمعنى العام المشترك تمييزاً بين الأمرين.
والمنطوق من حيث الدلالة وضوحا وخفاء يقسم إلى ما يلي:
واضح الدلالة:
1 – المحكم: وهو أعلى الألفاظ وأقواها مرتبة في الظهور (الوضوح) أي أنه اللفظ الذي يظهر معناه المسوق له من غير احتمال لتأويل أو نسخ: (إن الله بكل شيء عليم) [التوبة].
2 – المفسر: وهو اللفظ الذي يظهر معناه المسوق له من غير احتمال للتأويل وإن احتمل النسخ في عهد الرسالة أي يظهر معناه بدليل قطعي ولا يحتمل معنىً آخر ويكون في الحكم الشرعي:
(وقاتلوا المشركين) [التوبة/36].
(فاجلدوهم مائة جلدة) [النور/4].
(فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) [البقرة/196].
3 – النص: النظم إن ظهر معناه الذي سيق له مع احتمال التخصيص والتأويل أو ما دل بصيغته نفسها على ما يقصد أصلاً من سياقه:
(ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة/275].
( وأحل الله البيع وحرم الربا) فهذا نص في نفي المماثلة.
4 – الظاهر: في الاصطلاح ما دل على معنى بالوضع الأصلي أو العرفي، ويحتمل غيره احتمالاً مرجوحاً.
وتعريف آخر يراد به ما يتبادر إلى الفهم من عبارته نفسها من غير حاجة إلى قرينة لكن مفهومه غير مقصودة أصالة من سياقه.
مثال على الأول: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) [البقرة/173]… فالباغي يطلق على معنيين: أحدهما مرجوح وهو الجاهل والثاني راجح وهو الظالم لأنه هو الظاهر من سياق الآية.
ومثال على التعريف الثاني: (وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة/275]… المعنى الظاهر المتبادر إلى الذهن هو الدلالة على أن البيع حلال والربا حرام وإن كانت الآية مسوقة لنفي المماثلة.
ومثال آخر: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) [النساء/3]… فالمعنى المتبادر إلى الفهم من غير توقف على قرينة هو إباحة نكاح ما طاب من النساء ولكنه لم يقصد من السياق أصلاً وإنما قصد به قصر العدد على أربع أو الاكتفاء بواحدة ويجب العمل بالظاهر لأن اللفظ لا يصرف عن المتبادر إلا بقرينة فإذا وجدت عمل بما تؤديه القرينة.
5 – المؤول: الذي يستحيل حمله على ظاهره فينصرف إلى معنى آخر يعينه السياق وهو كذلك نوع من المنطوق لان ظاهره مستحيل ومرجوح ومعناه الذي يعينه السياق راجح يكاد اللفظ نفسه ينطق به وينبئ عنه، من ذلك قوله تعالى: (وهو معكم أينما كنتم) [الحديد/4].
فإن حمل المعية على قرب الله بذاته مستحيل أما تأويلها بالقدرة والعلم والرعاية فمعنىً صحيح يصل إلى النفس عن طريق اللفظ المنطوق ذاته من غير تعمد ولا اصطناع.
خفي الدلالة:
6 – الخفي: أقل درجات الخفاء، دلالته على معناه ظاهرة ولكن الخطأ يأتيه بعارض.
(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) [المائدة/38] لفظ السارق ظاهر فيما وضع له ولكن هل ينطبق هذا المعنى على (الطرار) – النشال الذي يغافل الأيقاظ وينشل مالهم في حضورهم -.
فهذه سرقة وزيادة، وهل يصدق لفظ السارق على النباش الذي يأخذ أكفان الموتى فهو أقل من السارق لأنه يأخذ مالاً غير مملوك ولا مرغوب فيه.
وبعد ملاحظة معنى السرقة في كليهما ألحقوا الطرار بالسارق وأما النباش فيحتاج إلى اجتهاد، فالطرار والنباش من الخفي.
7 – المشكل: ما كان خفاؤه في نفس لفظه ويدرك المراد منه بالتدبر: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) [البقرة/228] يحتاج إلى تأمل مدعوم بدليل.
8 – المجمل: كالصلاة والصوم وقد بينت السنة المقصود منها.
9 – المتشابه: وهو أكثر أقسام خفي الدلالة إبهاماً وخفاءاً واستشكالاً.
وهناك من يقسم الدلالة إلى:
1 – محكم: ما ظهر معناه وانكشف كشفاً يرفع الاحتمال.
(وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة/275].
2 – المتشابه: وهو ما يشتبه معناه على السامع.
(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) [البقرة/228]، (أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح) [البقرة/237]، (والسموات مطويات بيمينه) [الزمر/67] .
[يتبع]
2002-10-19