الأمة الإسلامية: ربانية لا علمانية
2010/05/18م
المقالات
3,510 زيارة
الأمة الإسلامية: ربانية لا علمانية
يقول الله جل شأنه في محكم تنـزيله: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) [آل عمران 79].
جاء في تفسير الطبري رحمه الله: قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَهْل الْكِتَاب قَالُوا لِلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم): أَتَدْعُونَا إِلَى عِبَادَتك؟… قَالَ أَبُو رَافِع الْقُرَظِيّ: حِين اِجْتَمَعَتْ الأَحْبَار مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْل نَجْرَان عِنْد رَسُول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلام: أَتُرِيدُ يَا مُحَمَّد أَنْ نَعْبُدك كَمَا تَعْبُد النَّصَارَى عِيسَى ِبْن مَرْيَم؟ فَقَالَ رَجُل مِنْ أَهْل نَجْرَان نَصْرَانِيّ, يُقَال لَهُ الرَّئِيس: أَوَ ذَاكَ تُرِيد مِنَّا يَا مُحَمَّد وَإِلَيْهِ تَدْعُونَا؟ أَوْ كَمَا قَالَ, فَقَالَ رَسُول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم): مَعَاذ اللَّه أَنْ نَعْبُد غَيْر اللَّه, أَوْ نَأْمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْره, مَا بِذَلِكَ بَعَثَنِي, وَلا بِذَلِكَ أَمَرَنِي. أَوْ كَمَا قَالَ; فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلهمْ: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ)… الآيَة, إِلَى قَوْله: (وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ).
(وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ). فَالرَّبَّانِيُّونَ إِذًا, هُمْ عِمَاد النَّاس فِي الْفِقْه وَالْعِلْم وَأُمُور الدِّين وَالدُّنْيَا, وَلِذَلِكَ قَالَ مُجَاهِد: “وَهُمْ فَوْق الأَحْبَار”, لأَنَّ الأَحْبَار هُمْ الْعُلَمَاء. وَالرَّبَّانِيّ: الْجَامِع إِلَى الْعِلْم وَالْفِقْه, الْبَصَر بِالسِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِير, وَالْقِيَام بِأُمُورِ الرَّعِيَّة, وَمَا يُصْلِحهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَدِينهمْ.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: كَانَ عَاصِم يَقْرَؤُهَا: (بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ) قَالَ: الْقُرْآن, (وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) قَالَ: الْفِقْه. فَمَعْنَى الآيَة: وَلَكِنْ يَقُول لَهُمْ: كُونُوا أَيّهَا النَّاس سَادَة النَّاس وَقَادَتهمْ فِي أَمْر دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ, رَبَّانِيِّينَ بِتَعْلِيمِكُمْ إِيَّاهُمْ كِتَاب اللَّه, وَمَا فِيهِ مِنْ حَلال وَحَرَام, وَفَرْض وَنَدْب, وَسَائِر مَا حَوَاهُ مِنْ مَعَانِي أُمُور دِينهمْ, وَبِتِلاوَتِكُمْ إِيَّاهُ وَدِرَاسَتِكُمُوهُ. انتهى.
في قراءةٍ متدبرةٍ لهذه الآية نتبين أمراً عظيماً قد حباه الله لهذه الأمة الإسلامية دون غيرها من الأمم ميزها به وجعله أمراً واجباً عليها ملازماً لها باعتناقها الإسلام مبدأً لها في حياتها وحمله رسالةً للعالمين يجب تبليغها, فإدراك معنى كلمة ربانيين في الآية يدل على أنها ذات شأنٍ ورفعةٍ بين الأمم. فحسب ما جاء في تفسير الطبري وغيره أن كلمة ربانيين تعني أن يكون المسلمون دون غيرهم قادة الدنيا وسادتها في أمور الدين والدنيا دون منازع, وذلك لتشرفهم بتعليمِهم الناس كتاب الله عز وجل وتبيان الحلال والحرام لهم فيه وفي سائر أمور دينهم، فهم بذلك يستحقون أن يكونوا فوق الأحبار والعلماء لما لهم من فضلٍ في أمور السياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية فضلاً عن أمور الفقه والعلم بدايةً.
فالإسلام ليس كما يصوره جُلُّ الدعاة والعلماء اليوم على أنه مجرد دين رهبانٍ وأحبارٍ فيحصرونه في صلاةٍ وصيامٍ وفقه، أو مجرد سيرٍ وقصصٍ تروى للتسيلة دون أخذ العبرة منها في رسم منهجٍ شرعيٍ واضحٍ تسير عليه الأمة لإكمال مشروعها النهضوي الذي أُغفلت عنه, بل الآية السابقة تنبئنا بجوهر الإسلام وكمال شرعته, فأمةٌ دينها الإسلام أمةٌ ربانية عملها السياسة ورعاية الشؤون بما يُصلح للناس دينهم ودنياهم, أمةُ قيادةٍ وسيادةٍ للعالمين ذلك أنها تبنت الإسلام مبدأ حياةٍ لها فهي تتنفس الإسلام، بل إن الإسلام منها كما الروح من الجسد، فإن فارقت الروح الجسد خرَّ مَيْتَاً لا حِراك فيه.
فالإسلام في حقيقته مبدأٌ ليس كغيره من المبادئ، ذلك أنه من عند خالق البشر سبحانه وتعالى, وأما كونه مبدأً فهذا يعني أنه عقيدةٌ ينبثق عنها نظامٌ شموليٌ للحياة يَكفُلُ للإنسان معالجة جميع مشاكله, انطلاقاً من كون هذا المبدأ من عند خالق البشر مروراً بالمعالجات والكيفيات وانتهاءً بالحفاظ على هذا المبدأ وحمله للعالمين.
والأصل في هذه الأمة الكريمة أن تكون حياتها كلها وفق هذا النظام الشمولي امتثالاً لقوله عز وجل (وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ) حتى يصير الإسلام حياتها اليومية, فالمسلم لا يرى إلا ما يراه دينه، ولا خِيَرَةَ له من أمره إذا قضى الله ورسوله أمراً, ولا طاعة لأحدٍ عنده فوق طاعة الله عز وجل لأنه لا يرضى أن يكون عبداً لغير الله, فمفهوم العبودية المطلقة لله عنده واضحٌ جليّ, وفَهمُ الإسلام لديه لا تشوبه شائبةٌ أبداً، فاستحق بذلك أشرف الألقاب وأسماها ألا وهو عبد الله المسلم.
إن المصائب التي حلت بالأمة اليوم بعد هدم خلافتها ولا زالت تتوالى عليها تترى لم تكن ولا كانت لولا انحسار ذلك الفهم لحقيقة الإسلام وكونه مبدأً للحياة يتسم بالشمولية, فإدخال مفاهيم غريبة لا تنسجم وطبيعة هذه الأمة الربانية بل تتناقض معها كل التناقض، نعم إن إدخال مفاهيم غربية على الفهم للإسلام قد حال بينها وبين مبدئها وغرَّبها عن دينها فصيرها أمةً دون العالمين لا شأن لها ولا قيمة.
فمن أعظم ما ابتُليت به الأمة في زماننا هذا هؤلاء الحكام الرويبضات ودعاتهم من أحبار السوء ورهبان البلاط يفتون لهم وفق أهوائهم ورغباتهم تماشياً ومصالحهم في الحكم يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً, مغيبين عن الأمة أن الإسلام في حقيقته مبدأٌ ينبثق عنه نظامٌ شموليٌّ للحياة، واستبدلوه بأفهامٍ أخرى تتناقض والمبدأ الذي عاشت لأجله وقاتلت في سبيله, فكانوا كما قال الله تعالى عن أسلافهم:
(وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) [آل عمران 187].
نعم إن الواقع الذي تعيشه الأمة الربانية اليوم هو العلمانية بكل معانيها وإن بدا لنا بعض المظاهر البراقة التي تحاول أن تتزيَّا بزيِّ الإسلام في شكله دون مضمونه.
فغياب نظام الإسلام عن حياة الأمة قد بات واقعاً ملموساً مدركاً لكل عاقلٍ وجاهل، وما ظهور الأسماء الإسلامية لبعض مظاهر الحياة الغربية كالشركات وغيرها أو عبارة يتوافق مع الشريعة الإسلامية لبعض الأنظمة والحلول الاقتصادية في مجتمعاتنا, إلا انعكاساً حقيقياً لما هو عليه حال الأمة اليوم من واقعٍ غير إسلامي, لأن الأصل في حياة المسلمين أن تكون كلها وفق الإسلام ونظامه، فتأسيس شركةٍ بين عدة أشخاصٍ مثلاً لا يكون إلا وفق النظم الشرعية التي أقرها الشارع الحكيم, إذ ليست العبرة بالأسماء بل بالمسميات، بالواقع الشرعي، فالأمة تدرك معنى الإسلام وكونه نظاماً متصلاً بالحياة لا ينفصل عنها, فهي مسلمةٌ لا ترضى بفصل مبدئها الذي تبنته عن حياتها أبداً.
إن حقيقة الواقع الذي تعيشه أمة الإسلام اليوم هو واقعٌ علماني فُصلَ فيه الدين عن الحياة وعن السياسة ورعاية شؤون الأمة، فأصبحت رعاية الناس وشؤونهم تتم وفق مبدأ يتناقض والإسلام الذي اعتنقته الأمة وتبنته من حيث العقيدة والمضمون جملةً وتفصيلاً, مبدأ الأصل فيه أن الإنسان هو المشرع وحده، وهو الذي يعالج مشكلاته ويبين كيفية هذه المعالجات، مبدأ مصدر التشريع فيه هو الإنسان دون خالقه الذي هو مدبر أمره حصراً.
إن جُلَّ ماينادي به علماء اليوم على المنابر وفي الفضائيات لا يخرج أبداً عن نطاق العلمانية في الفهم والتطبيق, ذلك لأن أفهامهم للإسلام وطرحهم له لم يتجاوز حدود تبيان معالجات نظام الإسلام لمشاكل الإنسان كفرد، لم يتجاوزه إلى تبيان معالجات نظام الإسلام لمشاكل الإنسان كإنسان وإلى بيان كيفية تنفيذ هذه المعالجات في واقع المجتمع الإسلامي و توضيح السبل الموصلة لتحقيق هذه الكيفيات وجعلها واقعاً ملموساً في حياة الأمة الإسلامية.
فالإسلام لم يترك الباب مفتوحاً يشرع كلٌّ حسب ما يشتهيه ويتمناه, فكما أن الإسلام عني عنايةً كبيرةً بتقوى الفرد في المجتمع ومهد له السبل الحقيقية الموصلة لتحقيق هذه التقوى في النفس, قاطعاً عليه كل الطرق المؤدية إلى الفساد (معالجة), كذلك بين كيفية تنفيذ هذه المعالجة عند أي خلل يصيب الفرد في المجتمع بإقامة الحد عليه (كيفية), والأمثلة على ذلك واضحةٌ بينة أذكر منها مثالين اثنين على سبيل الذكر لا الحصر:
عالج الإسلام مشكلة السرقة بتحريمها في المجتمع الإسلامي وجَعَلها إثماً يبوء به صاحبه يوم القيامة (معالجة), كذلك بين الكيفية لتنفيذ هذه المعالجة عبر قطع يد السارق في شروط معينة (كيفية).
كذلك الأمر بالنسبة لمشكلة الزنا، فكما أن الله سبحانه وتعالى حرم الزنا و اعتبره من الفواحش متوعداً الزناة بعذابٍ أليمٍ يوم القيامة (معالجة) , كذلك علمنا كيفية تنفيذ هذه المعالجة بجلد غير المحصن ورجم الثيب (كيفية).
وهنا يجب التنويه لأمرٍ ضروري يجب الالتفات إليه و إدراكه في مسألة الترابط ما بين المعالجة والكيفية، وهو أن الغاية من هذا التلازم بهذا الشكل الوثيق الحفاظُ على أمن وسلامة المجتمعات التي تعتنق مبدأ الإسلام, فلم يكن جلد الزاني أو رجمه غايةً في ذاته أبداً, ذلك أن الإسلام بدايةً قد شرع الزواج ورغب به وأباح التعدد فيه, كذلك حرم الزنا ووضع شروطاً صارمةً لتطبيق هذا الحد مغلقاً بذلك باب إشاعة الفاحشة بين المؤمنين تاركاً باب التوبة مفتوحاً لمن استتر بمعصيته, فإن وصل الأمرُ إلى القضاء يُنفَّذُ الحد بشروطه, فضلاً عن أنه قد جعل أمر الذين يرمون المحصنات بالفاحشة دون البينة عظيماً، فأمر بجلدهم ورَدَّ شهادَتهم وجعلهم فاسقين, فكان الحفاظ على الأنساب من الاختلاط والضياع, وعلى الروابط المجتمعية من التفكك والانقطاع , هي الغاية من هذه المعالجة والكيفية .
فكان كِلا الأمرين كُلاًّ متلازماً (المعالجات كفكرة والكيفيات كطريقة) لا يجوز الفصل بينهما أبداً. فكما أن الله سبحانه وتعالى أمر ونهى، كذلك جعل كيفيةً لتنفيذ هذه الأوامر واجتناب تلك النواهي.
أما ما يطرحه أكثر أهل العلم والدعوة في الأمة اليوم من جعل فكرة المعالجات منفصلة تماماً عن بيان كيفية تنفيذ هذه المعالجات والسبل الموصلة لتحقيقها بتغييبهم لهذا التلازم بين الفكرة والطريقة, فهم إنما تركوا كيفية التنفيذ خاضعةً لقوانين ودساتير وضعيةٍ من صنع البشر، فكان الطرح علمانياً فاصلاً للدين عن واقع الحياة ومعطلاً لشرع الله في أرضه.
إن ما تعيشه الأمة اليوم من ذلٍّ وهوانٍ في تفرقٍ وتشرذم ليس إلا نتيجةَ تغييب هذا المبدأ الجامع المانع لها عن واقع حياتها وإخضاعه لموازين ومقاييس لا تمت للإسلام بصلة, فأي قضية تؤرق المسلمين اليوم لا يتم طرح حلٍّ لها إلا وفق ما تراه الأنظمة القائمة في تشريعاتها الوضعية تماشياً مع مصالح الكافر المستعمر الصانع لتلك الأنظمة ودساتيرها, فعندما يؤرق الأمة احتلال فلسطين وإسقاط العراق وذبح الشيشان وقتل أفغانستان وإبادة البوسنة وتقطيع أوصال الصومال يطل علينا الكافر المستعمر برأسه وأذنابه في جيشه وعملائه من الحكام وأعوانهم على أنهم الأمل الوحيد لهذه الأمة لإنقاذها مما هي فيه، فلا نرى منهم إلا ما يُدمي القلب ويُدمع العين إمعاناً منهم في التفريق بين أبناء الأمة الواحدة وفق العرق واللون والحدود السياسية المصطنعة فيقع المسلمون ضحيةً لأكاذيبهم ودجلهم ويُسخَّرون أداةً طيعةً لتحقيق أطماعهم في المنطقة وخارجها.
إن أحوج ما تحتاجه الأمة اليوم هو قيادةٌ مؤمنةٌ صادقة تُولد من رحم هذه الأمة الربانية, تتبنى مصالحها وترعى شؤونها وفق الإسلام وعقيدته وتنتصر لها في كل موقفٍ, تذود عنها كما يذود الأسد عن عرينه, فرحم الأمة لم يزل خصباً لينجب لنا أمثال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأسيد بن حضير وسعد بن معاذ وأسعد ابن زرارة, لم ينضب رحم الأمة حتى تنجب لنا مثل نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي وسليمان القانوني ومحمد الفاتح, فهي لم تزل تضرب لنا أروع الأمثلة في التضحية والصمود ورباطة الجأش وصلابة العقيدة في ميادين القتال وحين البأس فترى أبناءها كالجبال ثباتاً وشموخاً لا تؤثر فيهم أشد النازلات.
إن حزب التحرير الذي وُلِدَ من رحم هذه الأمة الربانية هو حزبٌ سياسيٌ مبدؤه الإسلام أدرك عِظَم الأمر الذي قام لأجله وتكتل عليه شبابه, فزاد عِظَمُ المسؤولية الملقاة على عاتقه من عزمه وإصراره على المضي قُدماً في الدفاع عن هذه الأمة الكريمة وتبني مصالحها ورعاية شؤونها بما يرضي الله عنها, وهو الذي يتصدى لكل هجمةٍ تتعرض لها الأمة، ويدافع عن قضاياها في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ مقدماً الشهيد تلو الشهيد، مسترخصاً النفس والمال في سبيل إعلاء كلمة الحق وإقامة دولة الخلافة الثانية, ليحقق لهذه الأمة ربانيتها التي يريدها الله سبحانه وتعالى لها، فهو لم يزل بالحق قائماً و على نهج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صابراً محتسباً, لا يَفُتُّ من عزيمته بطش الحكام ولا صولة الظلاّم؛ لأنه مؤمنٌ بربه، مؤمنٌ بدينه وعقيدته، ملتزمٌ بنهج رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، عزيزٌ بأمته لا يخشى في الله لومة لائم.
فيا أمة الإسلام، يا خير أمة أخرجت للناس، قومي وانتفضي وفكي عنك الأغلال التي حُطت عليك، وأعط النصرة لأبنائك المخلصين في هذا الحزب المبدئي الملتزم حتى يعلنوها مدويةً تزلزل أركان الشرك والطغيان. قومي وحققي بشارة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لك في آخر الزمان: روى أحمد عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَتَ». (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف 21].
أبو حمزة المهاجر
2010-05-18