المحادثات الفلسطينية – (الإسرائيلية): أيها المسلمون في فلسطين: كونوا أهل رباط، ولا تعطوا قيادكم إلا لمن اتخذ الإسلام منهج حياة.
2011/01/17م
المقالات, كلمات الأعداد
1,843 زيارة
المحادثات الفلسطينية – (الإسرائيلية): أيها المسلمون في فلسطين:
كونوا أهل رباط، ولا تعطوا قيادكم إلا لمن اتخذ الإسلام منهج حياة.
أعلنت الولايات المتحدة في كانون أول/ ديسمبر من العام الماضي عن تخليها عن محاولتها إقناع (إسرائيل) بوقف بناء المستوطنات، واعتبر نتنياهو أن المحادثات لتمديد تجميد الاستيطان تعثرت بسبب توقف الولايات المتحدة عن المطالبة بذلك وليس بسبب الرفض (الإسرائيلي)، مؤكداً أن المشكلة اليوم ليست في المستوطنات وإنما في عدم استعداد الفلسطينيين الاعتراف بـ(إسرائيل) كدولة يهودية، واقترح قيام محادثات مباشرة ومتواصلة مع عباس حتى انطلاق الدخان الأبيض أي التوصل لاتفاق سلام، وعدم التركيز على تجميد الاستيطان، ورد عليه عريقات بأنه «إعلان فارغ». أما عباس فقد وصف المرحلة بالدقيقة والحساسة، مشدداً على أن الاستيطان سيحول دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والمترابطة، «وطالب اللجنة الرباعية الدولية والمؤسسات الدولية المختلفة، وفي طليعتها مجلس الأمن بصياغة خطة سلام تتفق وقرارات الشرعية الدولية بدل الاستمرار في عملية أصبحت في الحقيقة إدارة للنزاع لا لحله». وأردف: «إن شاء الله يكون عامنا 2011 في القدس الشرقية عاصمة دولتنا المستقلة، والاحتلال إلى زوال، والدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية آتية لا محالة بإذن الله». وذكر أن شهر سبتمبر/ أيلول سيشهد ثلاثة استحقاقات:
1- إعلان أوباما أنه في سبتمبر ستكون فلسطين عضواً كامل العضوية في مجلس الأمن.
2- إعلان الولايات المتحدة والرباعية الدولية أن المحادثات الفلسطينية – (الإسرائيلية) ستبدأ في سبتمبر وتنتهي في سبتمبر.
3- خطة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية التي تنفذها السلطة الفلسطينية خلال عامين ستنتهي في شهر سبتمبر.
ثم رأينا على أرض الواقع توالي سلسلة من الاعترافات بدولة فلسطينية غير محددة الأوصاف (فقط مجرد دولة) على سبيل الإقرار فقط بحل الدولتين. ثم سمعنا أن جورج ميتشل المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة سيزور المنطقة في محاولة أخرى من الإدارة الأميركية لإيجاد مخرج من الجمود، وكذلك سمعنا أن المحادثات الفلسطينية – (الإسرائيلية) كانت تتم بتنسيق مع لجنة المتابعة العربية المنبثقة من القمة العربية، وذكر أثناء المحادثات عن عملية تبادل أراضٍ…
هذه سلسلة من التصريحات والمواقف التي تتناول آخر ما استجد من مؤامرة حل قضية فلسطين على الطريقة الأميركية – (الإسرائيلية)، والتي يبدو فيها عباس خيال صحراء لا حول له ولا طول ولا ظل. وإننا مما عودَنا عليه الأميركيون والأوروبيون واليهود وحكام العرب، أنه لا تجري مفاوضات ولا تؤخذ قرارات إلا لمصلحة الغرب واليهود وضد مصلحة المسلمين، وأن قضية فلسطين تؤكل لقمة لقمة بمثل هذه المفاوضات بحيث لن يبقى منها شيء، وأن رائحة ما يخفى تحت الطاولة هو الغالب على رائحة ما يظهر على سطحها.
فسلام مع استيطان فهذا لا يركب مع بعضه، فالاستيطان هو مزيد من الاحتلال والسلام هو لإزالة الاحتلال، فكيف يستطيع المرء أن يجمع بين هذه المتنافرين… ثم إن الولايات المتحدة التي أعلنت إيقاف الضغط على (إسرائيل) بشأن الاستيطان، ورد نتنياهو أنه كان ينوي تمديد التجميد ولكن الولايات المتحدة هي التي أوقفته، فهذا أيضاً لا يركب مع بعضه… ثم إن الولايات المتحدة التي أعلنت فشلها في الضغط على (إسرائيل) أعلنت أنها تريد أن تستمر بالمفاوضات من جديد، فالعاجز لا يستطيع أن يأتي بجديد… ثم إن عباس أعلن أن لا مفاوضات مع (إسرائيل) حتى توقف الاستيطان. وتوقفت المفاوضات ولم يتوقف الاستيطان ومع هذا نراه متفائلاً حيث يقول عن عام 2011م هو عام دولة فلسطين المستقلة والمتواصلة بعاصمتها القدس الشرقية وأن الاحتلال إلى زوال.
ولتركيب هذا المشهد الذي يبدو متنافراً، وبشكل يتماشى مع المصالح الأميركية – (الإسرائيلية) يمكننا القول إن خطة السلام مازالت مستمرة (بدليل نية ميتشل استئناف المفاوضات) وأن استمرار الاستيطان وبوتيرة متسارعة جداً وكأنها في سباق مع الوقت فهو لإيجاد واقع لا يمكن التغاضي عنه، وهو أن الدولة الفلسطينية المرتقبة المزعومة لن يمكن أن تكون دولة مستقلة ومتواصلة، بل عبارة عن جزر منعزلة أي تقطع أوصالها المستوطنات. وهنا يوضع فريق السلطة الفلسطينية المفاوض بين خيارين: إما القبول بهذا الواقع أو الاعتراف بيهودية دولة (إسرائيل) وما يترتب عليه من مبادلة أراضٍ (وقد يكون مبادلة سكان) وبهذا يضمن يهود عبر هذا الاتفاق أن تكون دولتهم المقبلة معترفاً بها إسلامياً وعربياً وقبل كل شيء فلسطينياً بأنها دولة خالصة ليهود. ويكفي أن تحصل (إسرائيل) على الاعتراف بهذا البند فقط ولو لم يحصل السلام الذي لا يبدو أنه قريب. ويبدو أن مناورة الاستيطان ووقف الاستيطان وتجميد الاستيطان هي لتحقيق هذا المكسب، وهم إن لم يستطيعوا أن يحققوه بهذه المحادثات ففي رأسهم أن يحققوه ولو بعد عدة محادثات سلام… لذلك فإن هذه المفاوضات لا تحمل جدية سلام بقدر ما تحمل جدية تنازل، وفي هذه النقطة بالذات.
أما اعتراف الدول بدولة فلسطين والسماح للسلطة بفتح سفارات في هذه الدول فلا يعني إلا أنه اعتراف بقيام دولتين، أي وضع (إسرائيل) أمام أمر واقع وهو الاعتراف بقيام دولة فلسطينية. أما كيف تكون هذه الدولة، وما حدودها و.. فهذا كله متروك لما توصل إليه الاتفاقات الثنائية بين الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي) فهو خطوة مكملة لعملية السلام وليست بديلاً عن المفاوضات… هذا ما يقرب الصورة عن تفاؤل عباس في هذا الظرف الحساس كما يقول عباس الذي يصدق أن السلام آتٍ عبر هذه المفاوضات.
ومن المضحك المبكي في آن واحد القول إن إصرار عباس أنه لن يعود إلى المفاوضات قبل الإقرار بإيقاف الاستيطان من جانب يهود يدل على صلابة في الموقف، وأنه موقف بطولي وصادق في وجه كل الضغوط، وأنه موقف يعزل ويحاصر الموقف (الإسرائيلي) المتعنت… والحقيقة إن هذا الموقف هو الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، فإذا تخلى عنه عباس تخلى عن كل شيء، فموضوع الاعتراف بيهودية دولة (إسرائيل) يترتب عليه من التنازلات التي لا يهضمها مسلم واحد في فلسطين، والذي لا تقبل (إسرائيل) صلحاً بدونه، والذي تقف إدارة أوباما والأوروبيون إلى جانبه، والذي ليس من المتوقع أن يكون موقف حكام العرب ورجال السلطة إلا الإذعان له لأنهم تابعون… هذا الموضوع يستحق أن تقف في مقابله معضلة كبرى لتتم المساومة بينهما، فيكون الحل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومترابطة (كما يقول عباس) في مقابل الاعتراف بيهودية دولة (إسرائيل).
على كل نحن لسنا في صدد تحليل سياسي متكامل، وإنما في صدد بيان أنه لن ينشأ صلح مع يهود مهما كان ما سيتفق عليه بعيداً عن العيون، وبيان أن لا لقاء مع يهود إلا على أرض الجهاد حتى تستأصل شأفتهم ويرتاح المسلمون وبالتالي البشرية من شرورهم، وبيان أنه لن يقوم بذلك إلا دولة الخلافة القادمة قريباً إن شاء الله تعالى، فالكل يعرف الآن أن حل قضية فلسطين هي أكبر من الفلسطينيين، بل من العرب، فهي قضية إسلامية تهم كل مسلم، باكستانياً كان أو إندونيسياً أو تركياً… وتقزيمها كان بهدف أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه من تقزيم ومن عجز عن التحرير. بل أكثر من ذلك، فإن كل قضية من قضايا بلاد المسلمين هي قضية كل المسلمين، والجهة الجامعة التي تجمع كل المسلمين لحل قضاياهم، كل قضاياهم، إنما هي دولة الخلافة التي أصبحت اليوم مهوى نفوس كل المسلمين وآمالهم لتخلصهم من كل ذل وترتقي بهم إلى قيادة العالم خير قيادة، والتي أصبحت نقطة توجس وخوف بل هلع الغرب واليهود وحكام العرب، إذ كلهم في العداء لها سواء.
وإننا نتوجه إلى إخوتنا وأحبتنا المسلمين في فلسطين لنقول لهم إن الله سبحانه شاء أن يكونوا في بقعة مباركة وأهل رباط، وإننا نحثهم على أن يعلنوا رفضهم الصريح لكل أشكال المفاوضات التي تعتبر أنها تجري بين طرف واحد، إذ الكل تابع لبعضه البعض ولا يمثل المسلمين من أهل فلسطين أحدٌ… إننا نتوجه إليهم بالقول: هل يعقل، وهل يقبل في ميزان الشرع أن يبحث في السلام مع يهود؟ وهم الذين يحتلون أرضاً للمسلمين ويعادونهم في دينهم قبل كل شيء؟ وهل يجوز السكوت عنهم وهم الذين يبنون المستوطنات ويقتلون المسلمين رجالاً ونساءً وشيوخاً وشباناً وأطفالاً، ويعتقلون ويعذبون، ويهدمون المنازل ويجبرون أهلها على هدمها بأيديهم، ويستولون عليها ويطردون أصحابها الشرعيين بحكم من المحكمة وبمساعدة وحماية من قوات الاحتلال… وغيره مما لا يتسع المجال لذكره… وهي على مزيد من مثل هذه التصرفات؟… هل يجوز السكوت عن هؤلاء أم يجب استئصال شأفتهم؟
إننا، وإجلالاً لمسلمي فلسطين، الذين يعتبرون دولياً أنهم هم أهل البيت، نتوجه إليهم، ويطمعنا في التوجه إليهم صفات لم تتوفر في غيرهم، ولعلها بركة الله لأهل هذه البقعة المباركة، فهم، ورغم كل المجازر التي ارتكبت وما تزال مستمرة، أقل الناس هجرة، ومرد ذلك تمسكهم بالأرض التي باركها الله سبحانه وتعالى، وهم، رغم كل المجازر وصعوبة العيش، أكثر الناس زيادة في الولادات، وهم بالرغم من كل التضييق عليهم في الرزق وإشاعة القتل فيهم لا يسألون إخوتهم المسلمين مالاً ولا غذاءً وإنما سلاحاً وكرامةً واعتزازاً بالدين… نتوجه إلى هؤلاء ليعلنوها إسلامية من أولها إلى آخرها، ليعلنوا أن الإسلام هو موجههم الأول وأهدافه أهدافهم، وأعداؤه أعداؤهم… وأن لا يعطوا قيادهم إلا لمن اتخذ الإسلام منهج حياة وإلا جعلوا لله عليهم سبيلاً… وأن يرفضوا فكرة تمثيلهم من هؤلاء العملاء الذين أزكمت الأنوف رائحة إجرامهم وفسادهم وخياناتهم وعمالاتهم.
إن المطلوب من المسلمين في فلسطين أن يضعوا لأنفسهم عناوين إسلامية تعبر عن ثبات تمسكهم بالإسلام وحده، وتحاسب حتى من يقول إنه يريد أن يحرر فلسطين ويظهر على المسلمين بواجهة إسلامية؛ فلا أحد أعلى من المحاسبة، وكل المسلمين يجب أن لا يحيدوا قيد شعرة عن أمر الله سبحانه. قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162)لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) [الأنعام].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2011-01-17