نَزْعُ سلاحِ المسلمينَ هاجسُ الكفارِ الدائمُ
2001/11/11م
المقالات
1,975 زيارة
يلاحظ أن نزع أسلحة المسلمين في كل قضية من قضاياهم المنتشرة في أنحاء العالم هو مطلب دائم عند دول الغرب الرأسمالي الكافر. فعين الغرب لا تغفل عن سلاح المسلمين وتسليحهم، وهو لا ينفك يعمل على تجريدهم من السلاح في كل حل يتدخل فيه مباشرة أو عن طريق الأمم المتحدة.
ففي اتفاقات كمب ديفيد بين السادات ودولة يهود تم تحديد السلاح المصري في سيناء، حجمه ونوعه وأماكن تواجده، أي أن مصر أصبحت لا تستطيع وضع قواتها بالكيفية والكمية التي تريد داخل حدودها. وفي العراق تصر أميركا على تدمير سلاحه الفعّال. وكانت وراء لجان التفتيش المتعددة لمراقبة سلاحه، وهي الآن تبرر استمرار المقاطعة والعقوبات للعراق بعدم عودة لجان التفتيش إليه لتضع يدها من جديد على كل جزء من سلاحه. وفي الاتحاد اليوغسلافي السابق سمح الغرب بقيام دولة لكل من صربيا وكرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا والجبل الأسود، ما عدا المسلمين في البوسنة والهرسك، فإنهم لم يسمحوا لهم بإنشاء دولة خاصة بهم، بل أنشأوا كياناً مشتركاً بينهم وبين كروات البوسنة ليبقى المسلمون هناك تحت سلطة ونظر الغرب مع أنهم سمحوا للأقلية الصربية البوسنية بإقامة كيان خاص بهم وكل ذلك حتى يبقى جند المسلمين في البوسنة وتسليحهم تحت أعينهم. وفي كوسوفا نزعوا السلاح من جيش تحريرها مقابل منحهم بعض الحقوق المدنية بصورة حكم ذاتي يكون تابعاً لدولة صربيا. وفي مقدونيا لم يقبل الغرب إلا بتجريد المسلمين من سلاحهم وإلا أن يكونوا تابعين لدولة مقدونيا في مقابل إعطائهم بعض الحقوق المدنية. وفي كشمير كان بند نزع السلاح من المقاتلين المسلمين هو البند الأول في محادثات مشرف – فاجباييه. وفي فلسطين حدّدت اتفاقات أوسلو عدد الشرطة الفلسطينية وعدتهم التي هي عبارة عن أسلحة فردية أرقامها محددة وعيارات الرصاص محدودة، وجعلوها شرطة بلدية كأية شرطة بلدية أخرى في الكيان اليهودي. حتى إنه عند دخول الشرطة الفلسطينية إلى غزة أدخلهم اليهود في غرف كشف السلاح المهرب حتى يتأكدوا من أنه لم يدخل معهم رصاصة واحدة من غير إذنهم (وقد أظهرت الصحف يومها صوراً تبين هذا المنظر الذليل). فحزب العمل يرى في الكيان الفلسطيني «دولة فلسطينية منزوعة السلاح» أو ما يسميه رابين «أقل من دولة». بينما يرى فيه حزب الليكود «حكماً ذاتياً موسعاً». وأكثر من ذلك فقد سمحت اتفاقات غزة وأريحا لدولة يهود بمطاردة من تشاء داخل أراضي الطرف الآخر ومعاقبته… وقد ظهرت خطورة تحديد وتقييد أسلحة الشرطة الفلسطينية في ما نراه من مجازر تقوم بها دولة يهود وبشتى أنواع الأسلحة في الوقت الذي لا تملك فيه السلطة إلا الأسلحة الخفيفة الفردية.
إن تصرف دول الغرب هذا نابع من خوفها من الإسلام، ومن صحوة المسلمين عليه، ومن إمكانية عودة دولته. وهذه الدول تعرف أن الإسلام مبدأ فيه العقيدة وفيه الشريعة، وأنه دين منه الدولة، وتعرف أن المسلمين أشاوس لا يخافون في الله لومة لائم، وتعرف أن الدولة الإسلامية هي دولة رسالة ورحمة لا تقوم على الاستعمار والاستغلال. إنها تعرف أن الإسلام يشكل تهديداً حضارياً جاداً وبديلاً حضارياً مرتقباً. وإن دوائر المعلومات لديها تخزن ذلك، ويتوارث حكامها معرفته، وهم عندما يضعون سياسة بلادهم يجعلون ذلك أمام ناظرهم ويعملون قدر الإمكان على إبعاد المسلمين عن دينهم ويجهدون لإضعاف المسلمين وإبعادهم عن أسباب القوة وبخاصة بعد أن دخل الإسلام السياسي مسرح السياسة الدولية.
إن دول الغرب تسير في تعاملها مع المسلمين باتجاه مرسوم، وتقوم بأعمال مدروسة. وهي تعلم أن الصدام مع المسلمين قادم، لذلك تهيئ هذه الدول شعوبها وتبث الكراهية عندهم على المسلمين، وتعمل على إيجاد جزر إسلامية محاصرة ومستوعبة منزوعة السلاح، حتى لا تشكل عليها خطراً في المستقبل، وحتى لا تكون موطئ قدم للدولة الإسلامية المرتقبة على أراضيه.
نعم إن ظل الدولة الإسلامية يلاحق حكام الغرب ويخيفهم، فهم يعرفون كيف هو بلاء المسلمين وكيف أن الجيش الإسلامي كان يوصف بالجيش الذي لا يقهر. ويعرفون قدرة الإسلام على الحكم، وقدرة دولته على قيادة العالم من جديد وبخاصة بعد أن ظهر عوار وفساد وظلم المبدأ الرأسمالي بعقيدته وأنظمته. ويمكن القول إن الغرب يحمل من الكره والحقد الشديد على الإسلام والمسلمين بمقدار ما يشعر أنه يشكل خطراً عليه وتهديداً له. فحكم الخلافة زمن العثمانيين ليس عنهم ببعيد لا زماناً ولا مكاناً. فهو الحكم الذي كان يقول فيه ملك فرنسا مراسلاً الخليفة «خادمك المطيع» وهو الحكم الذي كان فيه الخليفة العثماني يحلّ أكبر مشكلة تحدث في أوروبا بين ملوكها المتصارعين بكلمة واحدة منه إذ لم يكن يجرؤ أحد على مخالفته. لذلك يخشى الغرب كل الخشية سعي المسلمين لإقامة الحكم، ومن تملكهم لأسباب القوة، ويتصرف معهم هذا التصرف القاسي، فهو لا يتساهل بذلك مهما كانت مساحة هذا التساهل صغيرة. وما إمداد دولة يهود بهذا الكم والنوع من الأسلحة وتجريد المسلمين من السلاح في كل مكان إلا من هذا القبيل، والشاهد على ذلك في فلسطين واضح كل الوضوح، فيهود يضربون ويقصفون مقرات الشرطة الفلسطينية وغيرها، وهذه لا ترد بقصف مقارهم كما يفعلون لأنها بحسب الاتفاقات لا تملك السلاح الذي يمكّنها من الرد.
إن الإسلام هو دين الحق والهدى والرحمة، وقد طلب الله سبحانه من المسلمين أن يدعوا الناس كلهم إليه وحث على الجهاد في سبيل الله أيما حث، فكان لابد من الدولة الإسلامية التي تحمله وتزيل الحواجز التي تقف في سبيلها لإيصال الإسلام إلى كل العالم، وكان لابد من القوة من أجل الجهاد. لذلك كان لإعداد القوة شأن كبير في الإسلام. هذا وقد أمر الله سبحانه المسلمين أن يعدوا القوة حتى تصل إلى أن تكون أقوى من كل قوة، وأن يطوروا سلاحهم حتى يكون أقوى من كل سلاح. فالله تعالى أنزل الحديد وجعل فيه بأساً شديداً. قال تعالى: ]لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز[ (الحديد) ففي هذه الآية ربط واضح بين الحديد والرسالة الإسلامية، والنصر. يقول ابن كثير في شرح هذه الآية «أي وجعلنا الحديد رادعاً لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحى إليه السور المكية وكلها جدال مع المشركين وبيان وإيضاح التوحيد وبينات ودلالات. فلما قامت الحجة على من خالف، شرع الله الهجرة وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب لمن خالف القرآن وكذب به وعانده. وقد روى الإمام أحمد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم، ولهذا قال تعالى: ]فيه بأس شديد[ يعني السلاح كالسيف والحراب والسنان والنصال والدروع ونحوها…» والرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان في بداية قيام الدولة الإسلامية لا يجد ما يحمل المسلمين عليه من خيل للجهاد أما فيما بعد فقد تغير هذا الواقع إذ أرسل من المسلمين إلى جرش اليمن من يتعلم صناعة السلاح، ولم تأت السنة الثامنة للهجرة إلا وقد امتلكت دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم السلاح الثقيل في وقته حيث دك الطائف بالمنجنيق وهو سلاح كان متطوراً جداً في ذلك الوقت.
إن جيوش المسلمين يجب أن يكون استعدادها كاملاً، وقوتها تامة، تقرع الحديد بما هو أقوى من الحديد وتقاتل ريح العدو بإعصار يدمر كل شيء للعدو. وعلى هذه الجيوش أن تقف وقفة صلبة في وجه الحكام الظلمة الذين يمنعونها من مقاتلة عدوها، كما عليها أن تقتلع الحكام الطغاة الذين يفاوضون عدوها ويدخلون مع العدو في اتفاقيات تنزع سلاح المسلمين أو تحدده كيفاً وكماً.
إن على جيوش المسلمين أن تحرص على سلاحها وتطوره ليرعب العدو ويرهبه فالله سبحانه يأمرنا بذلك ]وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم[ (الأنفال/60) وعليها أن تستعمل هذه القوة لنصرة الإسلام وأهله وإقامة دولته وإعزاز أمته، ومقاتلة عدوه ]ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز[ (الحج)
2001-11-11