المرأة الصالحة
2001/11/11م
المقالات
2,345 زيارة
المرأة الصالحة خير متاع الدنيا، أخرج مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» ، وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني» .
وحلية المرأة الصالحة ما يلي:
أولاً: مطيعة للّه ولزوجها، قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) (النساء/4) وقوله تعالى: (قوامون على النساء) والقوامة هي قوامة رعاية، والمرأة الصالحة تطيع زوجها. أخرج أبو نعيم في الحلية: «قالت امرأة سعيد بن المسيب: ما كنا نكلم أزواجنا إلا كما تكلمون أمراءكم أصلحك الله عافاك الله» . وعند الترمذي وقال حسن غريب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» وهذا الحديث صححه الحاكم وابن حبان ولفظه عند ابن حبان: «لو أمرت شيئا أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها…» وأخرج ابن ماجة عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله» . وأخرج البيهقي في الشُعب أن أسماء بن خارجه الفزاري لما أراد أن يهدي ابنته إلى زوجها قال لها: يا بنية كوني لزوجك أمة يكن لك عبداً ولا تدني منه فيملك ولا تباعدي عنه فتثقلي عليه وكوني كما قلت لأمك:
خُذِي العَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي وَلاَ تَنْطِقِي في سَوْرَتي حِينَ أَغْضَبُ
فَإِنِّي رَأَيْتُ الحُبَُّ في الصَّدْرِ وَالأَذَى إِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَلْبَثِ الْحُبُّ يَذْهَبُ
ومن ماتت وزوجها راضٍ عنها فإنه يرجى لها الجنة لما رواه الترمذي وحسنه من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة» .
ثانياً: تتزين لزوجها لقوله صلى الله عليه وسلم : «إذا نظر إليها سرته» في حديث أبي أمامة السابق عند ابن ماجة، ولحديث سعد رضي الله عنه عند الحاكم وصححه والذي ورد فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «… فمن السعادة المرأة تراها تعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك…» ولحديث أبي هريرة عند الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم قال: «سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ فقال: خير النساء من تسر إذا نظر وتطيع إذا أمر ولا تخالفه في نفسها وماله» وفي لفظ عند ابن عبد البر في التمهيد «ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره» .
ثالثاً: ترعى بيتها وتحفظ نفسها وماله، فالأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث سعد السابق: «وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك» وقوله في حديث ابن عباس: «وإذا غاب عنها حفظته» وقوله في حديث أبي أمامة: «وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله» وحديث أبي هريرة عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير النساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده». ومن حديث أسماء عند مسلم قَالَتْ: «تَزَوّجَنِي الزّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَيْءٍ، غَيْرَ فَرَسِهِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ. وَأَكْفِيهِ مَؤُنَتَهُ، وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقّ النّوَىَ لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِتي الْمَاءَ. وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ. وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ. وَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ. وَكُنّ نِسْوَةَ صِدْقٍ. قَالَتْ: وَكُنْتُ أَنْقُلُ النّوَىَ، مِنْ أَرْضِ الزّبَيْرِ الّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، عَلَىَ رَأْسِي. وَهِيَ عَلَىَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ”.وفي رواية أخرى لمسلم عنها قَالَتْ: “كُنْتُ أَخْدُمُ الزّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ. وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ. وَكُنْتُ أَسُوسُهُ. فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدّ عَلَيّ مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ. كُنْتُ أَحْتَشّ لَهُ وَأَقُومُ عَلَيْهِ وَأَسُوسُهُ» .
رابعاً: تعين زوجها على أمر الآخرة. أخرج ابن ماجة عن ثوبان قال: لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا فأي المال نتخذ قال عمر فأنا أعلم لكم ذلك، فأوضع على بعيره فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في أثره فقال يا رسول الله أي المال نتخذ؟ فقال: «ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر آخرته» . وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبزى قال: «مثل المرأة الصالحة عند الرجل كمثل التاج المتخوص بالذهب على رأس الملك ومثل المرأة السوء عند الرجل الصالح مثل الحمل الثقيل على الشيخ الكبير».
خامساً: أن تكون ذات دين لما رواه ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل» . وأخرج البيهقي في السنن بإسناد مرسل صحيح عن أبي أذينة الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله» . وأخرج البيهقي في الشعب عن عمر بن الخطاب أنه قال: «النساء ثلاث، امرأة عفيفة مسلمة هينة لينة ودود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها وقليل ما تجدها، وامرأة كانت وعاء لم تزد على أن تلد الولد، وثالثة غل تمل» وعند ابن أبي شيبة قمل” يجعلها الله في عنق من يشاء وإذا أراد أن ينزعه نزعة. والصواب قمل أي ذات قمل أو قذرة كما قال في اللسان وذكر جزءاً من الأثر وقال ابن الأثير مثله. ومما يفسد دين النساء والرجال ما ينشر في وسائل الإعلام من أفكار كفر وتضليل كما في المسلسلات التافهة المضللة فينبغي تجنبها.
سادساً: حسنة التبعل لزوجها حريصة على مرضاته، أخرج البيهقي في الشعب وابن الأثير وأبو حاتم الرازي وابن عبد البر وابن مندة وأبو نعيم «عن أسماء بنت يزيد الأشهلية أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، إنه ما من امرأة كانت في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المريض وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجّاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم في هذا الخير يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها عن أمر دينها من هذه؟ فقالوا يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله. قال فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشاراً». ومن حسن تبعل المرأة لزوجها أن لا تصوم نافلة وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن لمحارمها في بيته إلا بإذنه للحديث المتفق عليه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه» وأيضا لا تصلي نافلة إلا بإذنه لما رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تأذن المرأة في بيت زوجها إلا بإذنه ولا تقوم من فراشها فتصلي تطوعا إلا بإذنه» . وعند مسلم من حديث أسماء قالت: «فَجَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أُمّ عَبْدِ اللّهِ إِنّي رَجُلٌ فَقِيرٌ. أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ فِي ظِلّ دَارِكِ. قَالَتْ: إِنّي إِنْ رَخّصْتُ لَكَ أَبَىَ ذَاكَ الزّبَيْرُ. فَتَعَالَ فَاطْلُبْ إِلَيّ، وَالزّبَيْرُ شَاهِدٌ. فَجَاءَ فَقَالَ: يَا أُمّ عَبْدِ اللّهِ إِنّي رَجُلٌ فَقِيرٌ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيِعَ فِي ظِلّ دَارِكِ. فَقَالَتْ: مَا لَكَ بِالْمَدِينَةِ إِلاّ دَارِي؟ فَقَالَ لَهَا الزّبَيْرُ: مَا لَكِ أَنْ تَمْنَعِي رَجُلاً فَقِيراً يَبِيعُ؟ فَكَانَ يَبِيعُ إِلَىَ أَنْ كَسَبَ» . ومن حسن تبعلها أن تترضاه إذا غضب لما رواه البيهقي في السنن بإسناد غير الذي في الشعب والذي فيه مجهول، وبغير إسناد الطبراني الذي فيه متروك، عن عبد الله بن عباس قال قال صلى الله عليه وسلم : «ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول والله لا أذوق غمضاً حتى ترضى» .
هذه الصفات الإيجابية التي ينبغي للمرأة أن تتصف بها وهناك صفات سلبية ينبغي أن تتجنبها وهي:
أولاً: أن لا تؤذي زوجها للحديث الحسن الذي رواه الترمذي عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا» .
ثانياً: أن لا تشكو زوجها ففي الحديث المرسل الذي رواه سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن المسيب أو الحسن شكّ حماد بن زيد أن بنتاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ارجعي فإني أكره للمرأة أن تجر ذيلها تشكو زوجها» . وأخرجه البيهقي في الشعب عن زيد بن ثابت موصولاً وفيه «إني أُبغِض أن تكون المرأة تشكو زوجها» وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بعض شكاوى النساء، وجمعاً بين الأدلة تحمل كراهيته صلى الله عليه وسلم وبغضه للشكوى عندما كان في موقف الأب أما عندما كان يتصرف كراعٍ فإنه سمع الشكوى ولم يظهر أنه كرهها. فيستحب للآباء ولأولياء أمور النساء إذا جئن شاكيات أزواجهن أن يقولوا لهن ما قاله صلى الله عليه وسلم لبنته، إلا أن يكون موضوع الشكوى أمراً لا يحل السكوت عليه.
ثالثاً: ألا تكثر الخروج من بيتها، فالخِدر للمرأة خير من بروزها للرجال، واشتغالها في مطبخها أو رعاية ولدها أو مغزلها أو مصحفها أفضل من صفقها في المواصلات العامة والأماكن العامة تزاحم الرجال وتختلط بهم. فصونوا هذه القوارير فإن كسرها لا يجبر، وهجمة الدجال عليهن شرسة.
هذه صفات سلبية ينبغي على المرأة الصالحة أن تتجنبها، وتلك حلية المرأة الصالحة التي عليها أن تتزين بها، فتعيد المرأة بذلك سيرة المؤمنات الصادقات اللائي صاحبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنّ بحق شقائق الرجال المؤمنين الصادقين الذين قال الله فيهم وفيهن: (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً) (الفتح/5)
ع.ع
2001-11-11