الإمبراطورية الإعلامية البريطانية «بي بي سي» ودورها في تكريس نفوذ بريطانيا الاستعماري
2012/09/11م
المقالات
2,316 زيارة
الإمبراطورية الإعلامية البريطانية «بي بي سي»
ودورها في تكريس نفوذ بريطانيا الاستعماري
في دراسة فريدة من نوعها للباحث سيمون بوتر رصد خلالها تأثير إمبراطورية الإعلام البريطاني: بي بي سي في العالم في الفترة الممتدة من 1922م إلى 1970م، يشير فيها إلى أن المملكة المتحدة سعت إلى تسخير آلتها الإعلامية لدعم نفوذها في العالم بعد أن بدأت تتغير ملامح القوى العالمية. ويستعرض بوتر كيف تحوّلت هذه الشبكة الإعلامية إلى لاعب أساسي في أهم الأحداث التي شهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وكيف ساهمت في تشكيل مجرى هذه الأحداث، خصوصاً خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة التي كانت بريطانيا لاعباً رئيسياً فيها؛ مثلما ساعدت المملكة المتحدة في بسط نفوذها من خلال نشر الثقافة البريطانية والترغيب فيها خاصة في أهم مستعمراتها: مصر والهند.
ويشير سيمون في هذا الصدد إلى أن المسؤولين في هيئة «بي بي سي» كانوا يدركون أهمية هذه الوسيلة في تعزيز أواصر الإمبراطورية البريطانية والتأثير في المجتمع البريطاني داخل المملكة المتحدة وأيرلندا وأيضاً التأثير في الشعوب خارج حدود المملكة. وتطور دور «بي بي سي» – بحسب الدراسة – أكثر حين بدأ نجم الإمبراطورية البريطانية يهوي، حيث استعانت بها الحكومة للدعاية من أجل الدعوة للوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي والثقافي والسياسي. كما استخدمتها لإظهار نفسها أنها تشجع السلام والنظام الدوليين وتدعو إلى القيم الديمقراطية، مما ساعدها على الاحتفاظ بتأثيرها كقوة عالمية.
ويسلط بوتر -بالوثائق- الضوء على الدور الذي لعبته هيئة الإذاعة البريطانية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين كأداة تعبئة واستقطاب، بعد أن أصبحت في يد الصفوة البريطانية التي «أمّمتها» بالاتفاق مع ملكة بريطانيا لضبطها وفق أسس وقواعد مضبوطة حتى لا تؤثر على المجتمع البريطاني ولتدعم المملكة المتحدة في الخارج وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.
وتجدر الإشارة إلى أن الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين شكلت مرحلة ذروة التسابق الإعلامي للوصول إلى الجمهور العربي، ومحاولات استمالته بين القوى الدولية المتصارعة، بين بريطانيا عبر «بي بي سي» وألمانيا عبر إذاعة «صوت برلين» الناطقة بالعربية. وفي إطار هذا الصراع قررت «بي بي سي» إطلاق خدماتها باللغة العربية وذلك لخدمة مصالح بريطانيا في الشرق الأوسط الذي كان يمثل نقطة دعم هامة لها خاصة خلال الحرب العالمية الثانية.
ويمضي سيمون في هذا السياق مشيراً إلى أنه بعد تحجيم دور المملكة المتحدة وتصاعد التيار القومي بزعامة مصر التي كان لها دور فعّال في المنطقة حاولت هيئة «بي بي سي» التعويض عن تراجع الإمبراطورية البريطانية وفقدان المستعمرات بـ«الاحتلال الثقافي» من خلال سيطرة التكنولوجيات الجديدة للاتصال الجماهيري وقوة تأثيرها. ويذكر أنه تم في هذا السياق تسخير البرامج كافة بما فيها الكوميدية والاحتفالية والثقافية والرياضية لتحقيق هذه الغاية، كما تم إطلاق «خدمة بي بي سي» التي تطورت وأصبحت اليوم تعرف بـ«الخدمة العالمية» (وورلد سيرفيس). وبالتالي حققت «بي بي سي» نجاحاً كبيراً وبسطت نفوذها بعدما أصبحت تخاطب شعوب العالم بلغاتها المختلفة أينما كانت.
2012-09-11