زبيدة: سيدة عظيمة وزوجة خليفة عظيم
2012/09/11م
المقالات
1,966 زيارة
زبيدة: سيدة عظيمة وزوجة خليفة عظيم
بعد أن امتدت الدولة الإسلامية في العصر الأموي إلى إسبانيا غرباً والصين شرقاً، جاء العصر العباسي ليقطف ثمار تلك العمليات العسكرية الكبرى التي نشرت لواء الدين الجديد فوق أصقاعٍ لم يكن أحد يحلم بالوصول إليها. وكان من خلفاء تلك الأيام الخليفة هارون الرشيد خامس خلفاء بني العباس.
لم يكن هذا الخليفة إنساناً عادياً فقد اشتهر بغزواته للروم وبلوغه أبواب القسطنطينية. وقد كانت بجانبه امرأتان: أمه «الخيزران» تلك السيدة المهيبة التي تكلم عنها كثير من المؤرخين بأنها كانت تسيّر الأمور إبان حكم زوجها المهدي. والثانية زوجته «أمة العزيز» وحفيدة مؤسس الدولة العباسية الخليفة أبو جعفر المنصور وأم ابنه الأمين. وقد لقبها جدها أبو جعفر المنصور «بزبيدة» لبضاضتها ونضارتها وبياض بشرتها.
كانت زبيدة حسبما نقلت كتب التاريخ سيدة فاتنة الحديث رزينة ذات عقل ورأي وفصاحة وبلاغة. وقد عرف عنها أنها كانت تشير على زوجها في كثير من المناسبات والأحداث بالآراء الصائبة. كما عرف عنها اهتمامها الكبير بالآداب والعلوم والشعراء والعلماء، فبذلت الكثير حتى حشدت في العاصمة بغداد مئات الشعراء والأدباء والعلماء الذين وفّرت لهم كل وسائل البحث والإنتاج، وبذلت عليهم أموالاً طائلة، حتى يمكن القول إنها فتحت أبواب خزائنها لتحوّل بغداد إلى مستقر للعلماء من الزوايا الأربع للدولة .
وقد كُتب عنها أنها في إحدى رحلات الحج شاهدت مدى معاناة حجاج بيت الله الحرام في الحصول على مياه الشرب حيث كان الوعاء الواحد يبتاع بدينار. فأمرت زبيدة المهندسين بدراسة عاجلة لمشروع جر المياه إلى مكة المكرمة، فأشاروا عليها بأن الأمر صعب للغاية ويلزمه نفقات كثيرة، فأمرت بتنفيذ المشروع على الفور ولو كلفت ضربة الفأس فيه ديناراً ،
وقد تم المشروع، وهو يعرف اليوم بـ «عين زبيدة» الشهيرة.
وقد ذكرها الخطيب في تاريخ بغداد فقال: «كانت معروفة بالخير و الفضل على أهل العلم والفقراء» ولها آثار كثيرة في طريق مكة من مصانع حفرتها وبرك أحدثتها. ولا يزال جزء من طريق مكة الذي تولّت إصلاحه يعرف بطريق زبيدة حتى اليوم. كما كان لها الدور الكبير في تطوير الأزياء النسائية في ذلك العصر، حتى عرف عنها أنها استوردت من الهند والصين أفخر أنواع الحرير الطبيعي الموشّى بالذهب والأحجار الكريمة و الفضة.
هكذا جسدت زبيدة المثال الأكبر في مكانة المرأة المسلمة، وقدمت النموذج المثالي لذلك .
وأخيراً عاشت زبيدة 32 عاماً بعد وفاة زوجها هارون الرشيد، وتوفيت في بغداد عام 216 هـ، بعد أن حفرت بأفعالها اسمها في سجل الخالدين دونما حاجة لأن تكون بطلة قصة في رواية.
2012-09-11