البيعة على النصرة (6)
النصرة… طريقة إقامة الدولة الإسلامية
بعد أن أبدى المجتمعون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة استعدادهم للتضحية، وتم التأكد من عزمهم على عقد البيعة، والالتزام ببنودها، بدأت البيعة. أخرج أحمد عن جابر «فقمنا إليه رجلاً رجلاً، فأخذ علينا البيعة، يعطينا بذلك الجنة».
وبعد أن تمت البيعة، طلب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم انتخاب اثني عشر نقيباً. ذكر ابن هشام عن كعب بن مالك «فأخرجوا منهم اثني عشر نقيباً، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس». وذكر ابن اسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال للنقباء: «أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء، ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيلٌ على قومي يعني المسلمين. قالوا: نعم».
ذكر ابن اسحاق عن كعب بن مالك: فلما بايعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، صرخ الشيطان، من رأس العقبة، بأنفذ صوتٍ سمعته قط: يا أهل الجباجب (منازل منى) هل لكم في مذمم، والصبأة معه، قد اجتمعوا على حربكم قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «هذا أزب العقبة… أتسمع أي عدو اللَّه، أما واللَّه لأفرغنّ لك»، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للأنصار: «ارفضّوا إلى رحالكم»، قال: فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: واللَّه، الذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غداً بأسيافنا، قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم» قال: فرجعنا إلى مضاجعنا، فنمنا عليها حتى أصبحنا.
ولكن خبر البيعة وصل إلى قريش، فتوجّه وفدٌ منهم إلى مخيم أهل يثرب، ليتحققوا من الخبر، فانبعث المشركون من الخزرج، الذين لم يكونوا على علمٍ بما حدث، يحلفون باللَّه أنه ما كان من شيءٍ من هذا، أما المسلمون فقد لاذوا بالصمت… فمال المشركون من قريش إلى تصديق المشركين فرجعوا خائبين… ولكن قريشاً أخذت تتابع البحث عن الخبر حتى تأكد لها أن الخبر الصحيح، وأن البيعة قد تمت فعلاً، ولكن بعد فوات الأوان.
(الوعي): بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية، نجح الرسول صلى الله عليه وسلم في تأسيس الدولة الإسلامية. وهي أعظم كسب حصل عليه الإسلام منذ بداية الدعوة، وكان فاتحة خير، وبداية تحوّل في طريقة الدعوة الإسلامية، انتهت معها فترة الاستضعاف، وضعف القوة، وقلة الحيلة، وبدأت فترة الاستخلاف والتمكين، والحكم والجهاد، وحمل الإسلام إلى العالم… (ليكون الدين كله للَّه) .