بجَفْنِكَ الدمعُ مُرْتاعٌ وخَوّارُ
.
|
|
وفي جبينكَ وَسْمُ الذُّلِّ والعارُ
.
|
وقفْتَ كالسائل المنهورِ مُجْتَدِياً،
.
|
|
عليكَ منْ غاشياتِ الذّلِ أطمارُ
.
|
لا عزّةُ المجْدِ في عطْفَيْكَ نابضةٌ
.
|
|
ولا الدَّمُ الحُرُّ في جَنْبَيْك مَوّارُ
.
|
ولا الكرامةُ ثوْبٌ تَرْتَديهِ وقَدْ
.
|
|
تَمزَّقَتْ عن قبيحِ الوجهِ أستارُ
.
|
جَثَوْتَ بين يديْ رابينَ مُبْتَهلاً
.
|
|
مُسْتسلماً كخروفٍ وَهْوَ جَزّارُ
.
|
وفي يَديْكَ كُؤوسُ السكْرِ مُتْرَعَةً
.
|
|
في حانِ صِهْيَوْنَ لا يُرْويكَ خَمّارُ
.
|
|
***
|
|
يا ساكِب الدمعِ إنَّ الدار ظامِئةٌ
.
|
|
ولَنْ تُرَوّى بِسَكْبِ الأَدْمُعِ الدارُ
.
|
ولَنْ يُعيدَ إلى الأمجادِ عِزّتَها
.
|
|
إلا دَمٌ بلهيبِ المجدِ فَوّارُ
.
|
ما أرخصَ الدمعَ في سُوقِ الهَوان، وما
.
|
|
لِسلْعةِ الدّمْعِ عنْدَ العرض مِقْدارُ
.
|
تَبكي وترجو من الجَلاّد رَحْمتَهُ،
.
|
|
والسّوْطُ في كَفّهِ طاغٍ وجَبّارُ
.
|
هَلْ يرحمُ الذئبُ دمعَ الشاةِ ضارعةً
.
|
|
وهلْ يلينُ لَهُ نابٌ وأَظفارُ
.
|
|
***
|
|
يا بائِعَ الدَمِ والأوطانِ مُرْخَصَةً،
.
|
|
وللخيانة أسواقٌ وتُجّارُ
.
|
وتَقْبِضُ الأَجْرَ سُحْتاً ثم تَلْبَسُهُ
.
|
|
ذُلاًّ، ويُغْريك كُرْسِيٌّ ودولارُ
.
|
أصْبحْتَ للشَّعبِ نخّاساً تُكَبِّلُهُ
.
|
|
لا القُدْسُ حُرٌّ ولا أهْلوهُ أَحْرارُ
.
|
وتَدَّعِي أَنّكَ المَغْوارُ تُنقِذُها
.
|
|
وأنتَ في حَلْبَةِ التدجيل مغْوارُ
.
|
وتَلْبَسُ التّاجَ مُختالاً، وأنتَ بهِ
.
|
|
عارٍ مِنَ العِزِّ، لا مَجْدٌ ولا غارُ
.
|
تَركْتَها لِذِئابِ الغْدرِ تَنْهَشُها
.
|
|
وتاركُ الشاةِ مِثْلُ الذئبِ غَدّارُ
.
|
يجتاحُها، وهيَ في الأَغْلالِ راسِفَةٌ،
.
|
|
مِنْ بَطْشِ صِهْيَوْنَ زِلزالٌ وإعصارٌ
.
|
كَمْ رُوِّعَتْ في ظلامِ الليلِ مِنْ أُسَرٍ
.
|
|
والبيتُ فَوْقَ رؤوس الأهل يَنْهارُ
.
|
وفي الخَليلِ صَلاةُ الفجرِ مَجزرةٌ
.
|
|
صُبَّ الرصاصُ على المِحرابِ والنّارُ
.
|
وساحَةُ الحَرَمِ الغَرقى بمنْ سَجَدوا
.
|
|
تَضِجُّ، والنازِفُ الدَّفّاقُ أَنْهارُ
.
|
أَيْنَ الدَّعِيُّ، وأينَ الثأرُ، ماتَ بِهِ
.
|
|
نَبْضُ الرجولَةِ، في الحاناتِ، والثّارُ
.
|
وأَيْنَ مَنْ زَعموا أَنَّ الكِفاحَ لَهُمْ
.
|
|
زادٌ، وهمْ ما توالى الدهرُ ثُوّارُ
.
|
تَساقَطوا وكأنَّ الأمْسَ مَقْبرةٌ
.
.
|
|
لِما دَّعَوْهُ وأحلامٌ وتَذْكارُ
.
|
لَمْ يَبْقَ في مُنْتداهُمْ غيرُ كأسِ طِلاً
.
|
|
ومَرْقَصُ العُهْرِ والماخورُ والبارُ
.
|
|
***
|
|
يا مُرْخِصَ الدمعِ يرجوا عَطْفَ سَيّدِهِ
.
|
|
ويَدَّعي أَنّهُ كالليث زَأّرُ
.
|
أعدتَ للخائنِ الساداتِ سِيرَتَهُ
.
|
|
ومَنْ بِمصْرَ على آثارِهِ ساروا
.
|
(مُبا..كٌ) غيْرَ أّنَّ الشؤْمَ طالِعُهُ
.
|
|
والذُّلُّ بُرْدَتُهُ، والخِزْيُ العارُ
.
|
وأنتَ صَفْقَتُهُ السُّفْلى تُباعُ إلى
.
|
|
أَمْريكَةٍ، وَهْوَ عَرّابٌ وسِمْسارُ
.
|
ضاعتْ فِلَسطينُ والأمجادُ قد نُحِرَتْ
.
|
|
فيها، وما غيُرنا للمجدِ نَحّارُ
.
|
دِماؤنا في دِنانِ الخمر يَسْكُبُها
.
|
|
في ساحةِ القُدْسِ، كالصهباء، فُجّارُ
.
|
رُؤوسُنا في حِوارِ الذُّلّ نَخْفِضُها،
.
|
|
وسَوْطُ رابينَ غَلاّبٌ وقهّارُ
.
|
وحَوْلَ مائدةِ السِّلْمِ الذي زَعَموا
.
|
|
جَميعُنا في تَعاطي الكأْسِ سُمّارُ
.
|
حتى كأن شياطين اليهود لنا
.
|
|
ملائكٌ، تحمِلُ التبشيرَ، أَبْرارُ
.
|
والمسلمون دويلاتٌ مُمزَّقةٌ
.
|
|
وفَوْقَ كل سريرٍ صالَ جَبّارُ
.
|
كأنّهمْ مِنْ غباءٍ راحَ يغمرهُمْ
.
|
|
بالكِبْرِ والجهلِ، أصنامٌ وأَحجْارُ
.
|
مُتاجرونَ بأجسادِ الشعوبِ كما
.
|
|
تُباعُ للذَّبحِ أغنامٌ وأَبْقارُ
.
|
مُقامرون، فكمْ في عهدهمْ سُلِبَتْ
.
|
|
من أُمّةِ الفَتْحِ أقطارٌ وأَمصارُ
.
|
مُمثِلون، لكل مِنْهُمُ رُسِمَتْ
.
|
|
على الكراسِيِّ ألْعابٌ وأَدْوارُ
.
|
ومُدْمِنونَ كُؤوس الموبقاتِ، على
.
|
|
عقولهمْ رانَ تخديرٌ وإسْكارُ
.
|
سُودَ الوُجوهِ بِلَوْنِ القارِ سِحْنَتُها
.
|
|
بَغيضَةٌ، راحَ منها يَخْجَلُ القارُ
.
|
يَجتاحُ أوطانَهمْ من ظُلْمِهِمْ لَهَبٌ
.
|
|
مُؤَجَّجٌ، مِنْ لَهيبِ الحِقْدِ، سَعّارُ
.
|
ويرتدون ثيابَ الطُّهْرِ، يَمْلأُها
.
|
|
رِجْسٌ وعُهْرٌ وآثامٌ وأَوْزارُ
.
|
ويدّعونَ المَعالي وهْيَ تَلْعنُهُمْ،
.
|
|
ومَجدُها في رَوابي القُدْسِ مُنْهارُ
.
|
وأرضُ حطّينَ ظَمأى لا يُظلِّلُها
.
|
|
سُحْبٌ مِنَ النصر ترويها وأمطارُ
.
|
ورَوْضةُ الظُّهْرِ في الأَقصى تُدَنّسُها
.
|
|
من الخنازير أرْجاسٌ وأوْضارُ
.
|
وفي الجِنانِ الزَّواهي للّصوصِ حِمًى
.
|
|
وللقرودِ وللحِيّاتِ أَوْكارُ
.
|
|
***
|
|
يا راكبينَ مُتونَ الذُّلِّ يَخْفِضُهُمْ
.
|
|
شَوْطٌ إلى الدَّرَكِ الأَشْقَى ومِضْمارُ
.
|
أَبطالُ مهزلةِ التاريخِ ليس بِهِمْ
.
|
|
حِسٌ، وليس لهمْ سَمْعٌ وأبْصارُ
.
|
لو أنهمْ حَجَرٌ، حاشى فكم رَجَمَتْ
.
|
|
جُنْدَ العَدُوِّ مِنَ الأطفالِ أحْجارُ
.
|
خَبا بريقُ الدَّعاوى بعدَما كُشِفَتْ
.
|
|
للخائنينَ برغْمِ الزَّيْفِ أسرارُ
.
|
لولاهمُ القُدْسُ ما حَلَّتْ بساحتِهِ
.
|
|
سُودُ الخُطوبِ، ولا اجتاحَتْهُ أخْطارُ
.
|
حتى غدا الهِرُّ لَيْثاً فيه ذا لِبَدٍ،
.
|
|
وأرنبُ الحُجْرِ ذِئْبٌ فيه عَقّارُ
.
|
لو سارَ مِنْ مازِنٍ جيشٌ تُحاذِرُهُ
.
|
|
بَنو اللقيطةِ طامي الزَّحْفِ جَرّارُ
.
|
ما صالَ باروخُ والرشاشُ في يَدِهِ
.
|
|
كأنّهُ في قَطيعِ الذَّبْحِ جَزّارُ
.
|
|
***
|
|
يا أُمَّتي، يا مَنارَ المجدِ، ما سَطَعَتْ
.
|
|
مَذْ غابَ نَجْمُكِ للأمجادِ أنْوارُ
.
|
أَنْتِ التي كنتِ للتاريخِ مدرسةً
.
|
|
بِهَدْيِها موكبُ التاريخِ سَيّارُ
.
|
وكُنت شَمْساً لهذا الكوْنِ مُشرِقةً،
.
|
|
بِنورها فَلَكُ الأيّامِ دَوّارُ
.
|
واختارَكِ اللهُ خَتْماً في رسالتِهِ،
.
|
|
واللهُ أَوْسَعُ عِلْماً حين يَختارُ
.
|
نارٌ من الطّوُرِ وَحْيُ اللهِ أَوْقَدَها
.
|
|
وَبالهُدى سَرْمَدِيّاً أَشْرَقَ الغارُ
.
|
أَرْسَى مُعَلِّمُها الهادي دَعائِمَها
.
|
|
وخَلْفَهُ مِنْ جنوديِ الحَقِّ أخْيارُ
.
|
عَزْمٌ على الدهرِ يَمتدُّ الجهادُ بِهِ
.
|
|
أَقْوى سِلاحَيْنِ: نورُ الحَقِّ والنّارُ
.
|
حَمَلْتِها، فَهْي للدنيا ضياءُ هُدىً
.
|
|
ونَبْضُ رُوحٍ وأسْماعٌ وأَبْصارُ
.
|
لم يَظْمأ الكوْنُ مِنْ قَحْطٍ ألَمَّ بِهِ
.
|
|
إلا ورَوّاهُ غَيْثٌ مِنكِ مِدرارُ
.
|
وإنْ غَفَا بَعْدَ طولِ العَهْدِ مِن كَسَلٍ،
.
|
|
يَهُزُّهُ مِنْ نِداءِ الحَقِّ تَيّارُ
.
|
لا تيأسِي فغداً تَزهو مواسِمُنا
.
|
|
بالخيرِ، والدهرُ إقبالٌ وإدْبارُ
.
|
حَمْلُ الأَمانةِ عِبءٌ، غيرَ أَنّ بِهِ
.
|
|
عِزَّ الحياةِ، ونِعْمَ الجَنَّةُ الدّارُ
.
|
إنَّ الأباطيلَ مهما اشتدَّ ساعِدُها
.
|
|
هزيلةٌ، تحتَ زَحْفِ الحَقِّ تَنْهارُ
.
|
ما زالَ لِلَّهِ جُنْدٌ إنْ دَعا نَفَروا،
.
|
|
مُهاجرونَ ذوو صِدْقٍ، وأَنْصارُ
.
|
ما زالَ للفتحِ نَبْضٌ في جَوانِحنا
.
|
|
يَسْرِي، وعَزْمٌ مِنَ الذِّكْرى وإصْرارُ
.
|
ومل تَزَلْ رايةُ التحريرِ خافِقةً،
.
|
|
يقودُها في طريقِ النّصرِ أحْرارُ
.
|
فَجْرُ الخلافَةِ يدعونا إلى غدِهِ،
.
|
|
والليلُ يُطْوى، فلا حُجْبٌ وأسْتارُ
.
|
و «اللهُ أكبرُ» صَوْتُ الحقِ منطِلقٌ
.
|
|
مُجَلْجِلٌ، في نِداءِ الزَّحْفِ هَدّارُ
.
|
وَيَرْجِعُ الدهرُ غَضّاً في نَضَارتِهِ،
.
|
|
والنَبعُ مُنْبجسٌ، والروضُ مِعطارُ
.
|
والأرضُ مُخْضرَّةُ الأرجاءِ زاهِيةٌ،
.
|
|
ومِلءُ آفاقِنا شُهْبٌ وأَقْمارُ
.
|