بين حملة بوتين في الشيشان وبشار في سوريا!
2012/05/09م
المقالات
2,202 زيارة
بين حملة بوتين في الشيشان وبشار في سوريا!
نشرت مجلة الفورين بوليسي ذائعة الصيت تقريراً في عدد مارس ٢٠١٢م أجرت خلاله مقارنة بين حملة النظام السوري ضد معارضيه وحملة فلاديمير بوتين ضد دولة الشيشان وعاصمتها غروزني، التي صعد من خلالها إلى سدة الرئاسة في عام 2000م بعد أن سوى بها الأرض. وقد أورد الدكتور عبد الوهاب الأفندي ترجمة لتلك المقارنة في جريدة القدس العربي نسوق أهم نقاطها على النحو التالي:
غالبية الروس كانوا يختلفون مع الشيشان ديناً وعرقاً، ولم يكن هناك تعاطف معهم، خاصة وأن مقاتليهم ظلوا يستخدمون تكتيكات تستهدف الروس بدون تمييز. وعليه حين شن بوتين الحرب عليهم بلا رحمة، تلقى التأييد من الروس بدلاً من الانتقاد، رغم هذا فقد نجح الشيشان الأشاوس في هزيمة الجيش الروسي عدة مرات رغم قلة عددهم وعتادهم بالمقارنة مع الروس، بل قاموا في عام 1999م بمحاولة اجتياح مناطق أخرى من الأراضي التابعة لروسيا.
أتقن الروس تقنية توجيه الصواريخ التي تستخدم إشارات الهاتف لتحديد مواقع خصومهم، وهي التقنية التي تم استخدامها في اغتيال رئيس الشيشان الأسبق الجنرال جوهر دودايف عام 1996م بينما كان يجري مكالمة هاتفية مع ممثل الرئيس الروسي لمناقشة خطوات إقرار السلام في الإقليم، وهي نفس التقنية التي يستخدمها النظام السوري لاغتيال النشطاء والإعلاميين، كما فعل مع فريق الصحافيين الأجانب في حي بابا عمرو .
دولة الشيشان إقليم صغير محاط من جميع الجهات بأراضي قوة عظمى تفوقه مئات المرات مساحة وعدد سكان، وتمتلك ترسانة نووية. أما في سوريا بالمقابل، تشن الحرب على البلد نفسها ومن داخلها. ونظير هذا أن يشن بوتين الحرب على موسكو وبطرسبيرغ وفلاديفوستوك وغيرها من حواضر روسيا. ولو فعل لكان سقط بدون تأخير. ففرق بين أن تشن حربا على أقلية متمردة في ركن قصي، وأن تشن الحرب على كل الشعب في كل البلاد.
لا يمكن خنق انسياب الأخبار من قطر كبير كسوريا في عصر الإنترنت على خلاف حجب المعلومات من إقليم صغير داخل دولة كبرى كالشيشان. لذلك فإن النصيحة الروسية القائلة بأنك إذا أردت أن تدمر مدينة فلا تبقي شاهداً ولا تدع قصة ما جرى فيها تخرج منها، هي «حكمة» لا يمكن العمل بها في سوريا.
إن استخدام التقنية التي نجحت في إخضاع الشيشان لا تصلح لإخضاع الشعب السوري، لأن موازين القوى مختلفة، والقدرات مختلفة، والزمن مختلف. ولعل النموذج الأقرب لما يجري في سوريا هو نموذج رواندا أو صربيا، حيث مارست ميليشيات متطرفة التطهير العرقي والإبادة في حق الجيران، خرجت فيها على كل الأعراف والمحرمات. وقد مني الجناة في نهاية المطاف بهزيمة فادحة، حيث تحول القادة إلى مطاردين هائمين على وجوههم في الغابات والمنافي، أو في السجون. ولكن حتى هنا يوجد فرق مهم، وهو أن كلاً من الصرب والهوتو كانوا أغلبية في البلدان التي حكموها، ومع ذلك لم يغن ذلك عنهم شيئاً. أما الأسد وطائفته فهم أقلية.
تبقى حقيقة لم يذكرها التقرير وهي أن صمود عواصم وحواضر بلاد المسلمين سواء تحت مطرقة المحتل الأجنبي أو الطاغية المحلي كما هو الحال في قندهار وطشقند وغروزني وحمص والفلوجة وغزة ومصراتة وغيرها يدلل على أن هذه الأمة حية لم يتمكن أعداؤها من القضاء عليها و يبعث الأمل في نهضتها من تحت الركام من جديد. والله بالغ أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
2012-05-09