كلمة الوعي: هذه هي دولة يهـود …

 أذاعت وكالات الأنباء هذا اليوم 23/05/2000، أنه على أثر انهيار العملاء ـ جيش لحد ـ في جنوب لبنان وفرارهم تاركين أسلحتهم بل حتى أمتعتهم، عليه قرر المجلس الأمني المصغر لدولة يهود، تعجيل الانسحاب من جنوب لبنان، قبل موعده المقرر في تموز 2000، وقالت الأنباء إن جيش العدو لم يستطع أن يضمن انسحاباً منظماً في النهار، أو سحب كل آلياته، بل دبت الفوضى وانسحب مختفياً في الليل، وكان الجندي منهم إذا وصل فلسطين المحتلة، وصل فرحاً مسروراً أنه نجا بجلده من القتل ووصل حياً. كما أذاعت الأنباء أن المستعمرات اليهودية في شمال فلسطين باتت في الملاجئ، وسمح لها الخروج صباحاً للتسويق، ثم أمرت ثانية بالدخول للملاجئ، وأذاعت الأنباء أن بعض أهالي هذه المستوطنات آثر أن يهرب من بيته إلى جنوب فلسطين، مفضلاً ذلك على العيش في الملاجئ. وصرح رئيس بلدية مستعمرة (كريات شمونة) كبرى مستعمرات تلك المنطقة في شمال فلسطين، أنَّ نصف أهالي بلدته غادروها إلى الجنوب هرباً من توقع إطلاق صواريخ كاتيوشا.

هذه هي دولة يهود، رغم ما ألبست نفسها ثوباً فضفاضاً من القوة والعنجهية، لم تستطع أن تضمن انسحاباً منظماً لجيشها في النهار فانكفأوا مدحورين في الليل تاركين بعض أسلحتهم وراءهم.

 وهي لم تستطع ضمان انسحاب في موعد قررته بل فرّ جندها مكتفين من الغنيمة بالإياب، وفرُّوا في جنح الظلام لا يلوون على شيء.

 وهي لم تستطع حماية أمن يهودها فأدخلتهم الملاجئ ومع ذلك فروا من الملاجئ إلى مناطق أبعد، فزعاً وذعراً.

أما عملاؤها فلم تكترث بهم، ولم تضمن سلامتهم، أو تخفيفاً من ذلتهم، أو ترتيب أمرهم قبل انسحابها، كما كانت قد زعمت من قبل، بل تركتهم يموجون في ذلهم وخيانتهم وهذا شأن العملاء على الدوام، لو كانوا يعقلون.

هذه هي دولة يهود، اندحرت ذليلة عن جنوب لبنان، فانكشف هزالها ليس فقط للواعين، فهؤلاء يعرفون حقيقتها من قبل، ولكنها انكشفت حتى للبسطاء من الناس، فظهرت نمراً من ورق أو شيء دون الورق.

هذه دولة يهود، لم تقاتل في حرب إلا هزمت، فشيء من قتال في القدس القديمة وباب الواد سنة 48، هزمها، وشيء من قتال في الكرامة سنة 68 دحرها، وشيء من قتال في 73، أصاب منها مقتلاً،… ثم ما نراه اليوم من انكسار واندحار لجيش يهود من جنوب لبنان، نتيجة للسيف في ميدان القتال، وليس بفعل التفاوض والقبلات في ردهات الاستقبال.

هذه.. دولة يهود، لم تقاتل في حرب فعلية إلا هزمت، ولكنها ما قاتلت في دهاليز سياسة العملاء إلا ربحت، واغتصابها لفلسطين شاهد، وما حدث في 67 شاهد، وما حدث في المرحلة الثانية من حرب 73 شاهد، وغير ذلك، وغير ذلك كثير، مروراً باتفاقيات الهدنة وكمب دافيد وفك لااشتباك ومؤتمر مدريد ثم أوسلوا وعربه وشرم الشيخ وستوكهولم وما قبل وما بعد من قرارات دولية واتفاقيات علنية وسرية.

هذه.. دولة يهود، لا قوة ذاتية لها، إلا متطفلة على الدول الأخرى، أو متخذة عملاء وأتباعاً من غيرها ممن خانوا دينهم وأمتهم. وصدق الله العزيز الجبار، ومن أصدق من الله قيلاً: (لن يضروكم إلا أذىً وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار، ثم لا ينصرون * ضُربَتْ عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس).

كتاب الله ينطق بالحق، إن قاتلوا يهزموا ويولوا الأدبار، قطعوا حبل الله، فالتصقوا بحبل الناس، يتكئون عليه ويحتمون به، ومن كان هذا شأنه، لا قوة ذاتية له، يبقى مهزوزاً مدحوراً فكيف وهم أحرص الناس على حياة (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا) والحرص على الحياة يورث الجبن فيخشى صاحبه الصدام والتضحية والإقدام، وواقع القتال معهم شاهد عليهم.

 أما هالة النصر الخادعة التي أحاطت بهم والصورة المزيفة للجيش الذي لا يقهر، فقد رسمها الحكام العملاء في بلاد المسلمين بكثرة هزائمهم أمامهم في الحروب السياسية المصطنعة معهم، ما أعطاهم حجماً أكبر من حجمهم وألبسهم لباساً ليس لهم، ليحافظ هؤلاء الحكام على معنويات اليهود من التداعي والسقوط، وليتخذوا هذا الزيف والخداع سلاحاً يواجهون به من يطالبهم بالقتال قائلين كيف نواجه من لا طاقة لنا به، كما يدَّعون ويزعمون وهم كاذبون.

 فإلى متى يبقى كيان يهود مغروساً في ديار المسلمين؟ ألم يحن الوقت كي تتحرك جيوش المسلمين لاقتلاع جذور هذا الكيان من فلسطين ومن كل شبر من أرض المسلمين؟ ألم يحن الوقت لأن تقف الأمة في وجه المتسلطين على رقابها، الذين يدخرون الجيوش للمراسم وعزف الموسيقى بدل تحريكها إلى ميادين القتال؟

كيف تسكت الأمة على من يفاوضون يهود؟ يتضرعون إليهم أن يمنوا عليهم بشبر هنا وشبر هناك، فهل المسألة هي تعديل حد من الحدود أو مساومة في عقد من العقود؟ أليست المسألة هي إزالة هذا الكيان من الوجود؟

 فاجعلوا الداعين إلى سَلْم يهود تحت أقدامكم أيها المسلمون، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.