لقد آن أوان الإسلام، فقد استغلظ واستوى على سوقه، وبدأ عصر الخلافة من جديد
2012/01/07م
المقالات
1,943 زيارة
لقد آن أوان الإسلام، فقد استغلظ واستوى على سوقه،
وبدأ عصر الخلافة من جديد
سعيد الأسعد – فلسطين
إن حياة الأمم صاحبة الرسالة ترتبط برسالتها، وذلك في نشوئها وصدارتها ونهضتها، أو رجوعها وفنائها واندثارها، وهي إن عادت فلن تعود سيرتها الأولى إلا بالرسالة، والمقصود بالرسالة هو الإسلام كاملاً باعتبار حقيقته عقيدة وأنظمة شاملة لجميع مناحي الحياة، سواء في تنظيم الفرد أم المجتمع والدولة، داخلياً وخارجياً، مبدأً كاملاً مستغنياً مصداقاً لقوله عز وجل: ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )
لقد بدأ الإسلام غريباً طريداً في وحشة الجاهلية يخشى حملته وهم قليلون مستضعفون أن يتخطفهم الناس إلى أن آواهم الله وأيدهم بنصره، وكانت التجربة الأولى غريبة مريرة تتقاذفها أمواج متناقضة و فتن عمياء مظلمة بين بطش وتكذيب ومحن وتشريد. ورغم كل الوسائل المادية والدعائية إلا أن دعوة الإسلام ظلت فكرية تتفاعل مع المجتمع إلى أن تكونت فئة ذات قوة وقاعدة شعبية لا ترضى غير الإسلام ديناً ودولةً وعيشاً ورسالة، بها يحيون ولأجلها ومن أجلها يموتون. ولقد أنعم الله على أهل الإسلام وحتى من يستظلون بظلال دولته وفي كنف أمته بالطمأنينة والعدل ورغد العيش… وبالمقابل فقد ظل الصراع المرير بين الإسلام والكفر، طيلة فترة وجوده ولا زال عبر عصوره الثلاثة السابقة، إبان عصر النبوة فكرياً وإبان عصر الخلافة والوراثة، حتى تم القضاء على كيان الإسلام السياسي وهدمت الخلافة جراء تركيز عملية الهدم الفكري والذي تعرضت له لمئات السنين وكان يستهدف الإسلام باعتبار كون عقيدته قيادة فكرية وسياسية توجب طرازاً خاصاً من العيش تتجسد فيه العبودية لله, وظل هذا الاستهداف وتضمّن مواد وبدائل للحيلولة دون عودة الإسلام حياً في فكر الأمة ونظرتها لمستقبلها, وذلك من خلال بذر روابط الشقاق ومشاعر الفرقة، فأثار الوطنيات والقوميات ومشاعر الانتماء للآباء والأعراق، وتمخض عنه تقسيم بلاد المسلمين إلى دويلات عليها حكام طواغيت يبطشون ويظلمون ويحكمون بالجبت والطاغوت، وظل الحال المرير هذا إلى أن استدارت دورة الشر وبدأت دورة الخير؛ حيث بدأت تدب في الأمة الإسلامية الحيوية، وذلك ابتداءً من منتصف القرن العشرين على يد مجموعة من شيوخ فلسطين من الشام سند الإسلام، وكانت نواة الخير على يد الشيخ القاضي والمجتهد تقي الدين النبهاني، رحمه الله، فبدأت حركة الأمة تتصاعد وعياً وصحوة، وتحولت إلى جهد جماعي تجسدت في حزب تجسد فيه مبدأ الإسلام، فقام على أساس فكرته وطريقته ليعيد سيرته كمشروع رسالة في أمة خيريتها ورفعتها هي باحتضانها وتطبيقها وعيشها بهذه الرسالة وحملها للعالمين. وكان لهذا الجهد عبر عقود الأثر البالغ على وعي الأمة والتفافها حول مطلب الحكم بالإسلام ونبذ شرائع البشر وما يحكمون، وقد كان سباقاً ورائداً في دعوته للإطاحة بهذه الأنظمة التي أهلكت الحرث والنسل. وقد تعرضت هذه الدعوة لكافة المبادئ الموجودة فبينت زيفها وأثرها في شقاء العالم، وللحق والتاريخ فانه يحسب لهذه الدعوة السبق في ذلك، وهي تدعو العالم إلى العيش ضمن أنظمة الإسلام في وقت مبكر ومنذ عشرات السنين كي تتخلص البشرية من نار الرأسمالية وشقائها نحو عدل الإسلام ونعيمه.
إن الغرب الكافر يرقب حركة الوعي في الأمة الإسلامية، ويرى بلوغ الإسلام في مرتقى تطلعات الأمة في أغلب مناطقها المفصلية في الرأي العام. وما محاولة التدليس على المسلمين بدعوى الديمقراطية والتعددية والدولة المدنية،وما الأعمال المستميتة لزج الحركات التي تدعي أنها إسلامية أو هي إسلامية اسماً وهي تنافح عن دعاوى الغرب الكافر فعلاً وتدعو بدعاواه، ما كل هذا إلا إرهاصات تشير إلى حالة اكتمال أو شبه اكتمال دائرة نضج المشروع الإسلامي الضخم، وهو العودة الراشدة إلى الحكم بالإسلام بشكل شامل، باعتباره البديل الحضاري للبشرية، وهي تنتفض في حالة عالمية ضد الحضارة الرأسمالية العلمانية الديمقراطية.
إن هذه الأيام التاريخية التي نعيشها هي أيام فاصلة تعيش فيها الرأسمالية العلمانية الديمقراطية ترنحها ورفض العالم لها من جهة، وفي المقابل يشهد الإسلام الخالص بالمفهوم الحضاري الشامل لكافة مناحي الحياة كبديل للبشرية جمعاء صعوداً، وهذا الحال، وهذه الفرصة الكبيرة تضع المسلمين أفراداً وجماعات وأمة صاحبة رسالة أمام أماناتها التي حمّلها الله سبحانه وتعالى، وستسأل عنها يوم القيامة، وقد بدأت الأمة حركتها الأولى بثورتها على أعمدة العصر الجبري في بلادها كخطوة أولى في طريق تحررها بالإسلام وحده لا بفتات ما تلفظه البشرية وتثور عليه من رأسمالية وديمقراطية ودولة مدنية علمانية يسعى أهلها للانعتاق منها.
إن ما يسمى بالعالم الحر أو العالم الأول والثاني يثور ضد الرأسمالية وملحقاتها. وتلك الأمور التي ينادي بها تتلقفها حركات من المسلمين ممن ضبع بالغرب وبحضارته المترنحة، وللأسف منهم حركات إسلامية (معتدلة)، وما اعتدالها إلا دخن أدخل على المسلمين كعثرة لهم وهم يشقون طريق التحرير لهم وللعالم من ربقة العصر الجبري ومسبباته ومن هم وراءه من دول الكفر الرأسمالية الديمقراطية. فما على الأمة الإسلامية إلا أن تنتبه لما بينها من دخيل أو دخن فتطرده، ولا تقبل إلا من هم منها ومن دينها الخالص النقي الشامل وهي تحمل أمانة إسلامها عيشاً به وتطبيقاً له وحملاً له كمشروع حضاري بديل عن الرأسمالية الديمقراطية. وما عليها إلا ان تنبذ كل من يقف أمام عجلة القاطرة ليذهب هباءً منثوراً من أمام عجلة التاريخ، أو ان يعود إلى مسعى أمته ويسعى معها سعيها وهو مؤمن، ذلك خير لهم لو كانوا يعلمون.
إننا ونحن نذكر الدخن في مسيرة أمة عظيمة وحضارة عريقة آن أوان عودتها لإسعاد البشرية، يبكينا ويحز في نفوسنا أن يقف أمام هذه الحالة التاريخية في تحول العصور وتبدلها بعض هذه الحركات الإسلامية (المعتدلة) على الطريقة الغربية، وبعكس تيار هذا المشروع، وهم يدعون بكل سفور للديمقراطية والدولة المدنية العلمانية، ويتركون حكم الله ودستوره وراء ظهورهم. وما التصريحات والمواقف العلنية من حركة الإخوان وحركة النهضة عنا ببعيدة و تصب في محاولة لتصديع مشروع أمتهم الحضاري وهو الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وإننا ندعو ونأمل بأن يسمعونا ونحن نبشر العالم المنتفض ضد الرأسمالية بأن الخلافة والإسلام هما أملكم وسعادتكم، واعلموا بأن هذا القدر المحتوم هو فرض الله العظيم ووعده الصادق القاطع، وبشرى نبيه المصطفى الأمين، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
قال تعالى: ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )
2012-01-07