كلمة أخيرة:
شركة موانئ دبي نموذجاً
أثارت صفقة شركة موانئ دبي ضجة عاصفة داخل المجتمع الأميركي، وفي الكونغرس ديمقراطيين وجمهوريين، وفي وسائل الإعلام الأميركية. فالشركة تابعة للإمارات العربية أي أنها شركة تابعة لدولة عربية، أو دولة من العالم الثالث، أو دولة نامية، أو دولة متخلفة، أو دولة من دول العالم الإسلامي، وكل هذه الأوصاف مكروهة في قاموس أميركا حكاماً ومحكومين؛ لأن الناس هناك تربّـوا على عنصرية بغيضة ضد كل من ينتمي إلى بلادنا، وضد سكانها وشركاتها حتى لو كانت الشركات محايدة، أو معاصرة، أو علمانية لا تُحكِّم الدين في تصرفاتها.
في أواخر شهر شباط من هذا العام 2006م، أقامت ولاية نيوجرزي دعوى قضائية ضد إدارة جورج بوش لمنع تنفيذ صفقة إدارة شركة موانئ دبي لموانئ أميركية، تحت ذريعة أن الصفقة تؤدي إلى مخاطر أمنية (أي أن دولة الإمارات أو شركاتها وكل من يشبهها) يُشك في مصداقيتها في مقياس العنصرية الأميركية، وأقيمت الدعوى في المحكمة الجزائية في ترنتون، وجاء في الدعوى أن الشركة مملوكة لدولة اعترفت بحركة طالبان كحركة شرعية.
ونشرت وزارة الخزانة الأميركية التسلسل التاريخي لبحث المخاطر المحتملة على الأمن بسبب صفقة إدارة الموانئ الأميركية الستة. وأيدت وكالات الاستخبارات الأميركية في تقرير لها سعي شركة (موانئ دبي) العالمية إلى شراء مجموعة (بي أند أو) البريطانية التي تتولى إدارة 30 مرفأً في العالم بما فيها الموانئ الأميركية الستة.
وفي 27/2، تعهد مشرّعون في الكونغرس من الحزبين فتح تحقيق شامل في شأن العقد وانعكاساته الأمنية والاقتصادية، وبدأوا التلويح بمشروع قرار في هذا الشأن، ودعت مدينة نيويورك إلى تشديد القيود على عقود الموانئ الأميركية وسحب عقود من شركات أجنبية تتولى إدارة المنافذ البحرية.
وطالب نواب بارزون بصوغ قرار تشريعي يمنع (حكومات أجنبية) من إدارة الموانئ الأميركية. ومن المعروف أن شركة (بي أند أو) البريطانية كانت تدير هذه الموانئ ولم يعترض أحد، ولم يطالبوا بسن تشريعات تمنع (الحكومات الأجنبية) من إدارة الموانئ الأميركية. وهذا يؤكد أن غير العربي وغير المسلم لا يعتبر أجنبياً في قاموس ساسة أميركا بدليل أن الشركة البريطانية كان مرحباً بها من قبل، وحين اشترتها الإمارات أصبحت أجنبية.