يا أهل الشام… لا تنخدعوا بسراب المجلس الوطني!!..
2011/12/06م
المقالات
1,819 زيارة
يا أهل الشام… لا تنخدعوا بسراب المجلس الوطني!!..
أبو المعتصم – بيت المقدس
قبل أيام مضت أُعلن عن تشكيل المجلس الوطني السوري تحت المظلة السياسية العميلة لأميركا في تركيا..وقد انخدع البعض من أهلنا في الشام بهذه المسرحية الهزلية فأخذوا يطلقون شعارات التأييد لهذا المجلس، ويطالبون كذلك بحماية دولية لحماية الثورة في المدن السورية!!..
فما هي حقيقة هذا المجلس؟ ولماذا انطلق من تركيا بالذات؟ وما هو الفكر الذي استند إليه هذا المجلس؟ وما هو موقفه من الدول الكافرة مثل أميركا وغيرها؟ وهل حقيقة يحمل هذا المجلس مشروعاً تحرّرياً للشعب السوري المقهور المظلوم؟ وما هو طريق الخلاص الصحيح للشعب السوري وغيره من شعوب إسلامية تعيش تحت ظلم وتسلط الأنظمة القهرية في بلاد المسلمين؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة يجب أن نأخذ العبرة من التاريخ القريب؛ كيف صاغت وصنعت الدول الكافرة مجالس ومنظمات وهيئات تحت أسماء كاذبة براّقة وخداعة مثل؛ التحرير والثوريّة والقوميّة وغير ذلك..
ونبدأ من زعامات القومية العربية التي أضاعت البلاد واستعمرت العباد وهم يطلقون شعارات الثورة والتحرر والوحدة العربية وغير ذلك… وإذا بهذه الشعارات لا تعدو كونها فقاعات فارغة في الهواء، ليس فيها إلا الكذب والخداع، وأكبر مثل على ذلك هو عبد الناصر في أوائل الخمسينات وحتى أوائل السبعينات من القرن الماضي؛ حيث تغنىّ بشعارات الوحدة العربية، وشعارات تدمير يهود وتحرير فلسطين، وإذا به ينهزم أمام يهود ويسلّم معظم أرض مصر في سيناء لهم برداً وسلاماً، ومثله في فن الكذب والدجل السياسي حافظ أسد الذي حمل لواء القومية أيضاً بلون آخر تحت مظلة حزب البعث، وأخذ ينادي بتحرير فلسطين وتحرير الجولان، وإذا به يقتل كل أعداء يهود في لبنان، ويحافظ على حدود كيان يهود عبر حدود سوريا الطويلة، ويقتل كل من ينادي بتطبيق الإسلام داخل سوريا في مجازر رهيبة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها!!..
وهناك مثلٌ ثالث ما زال شاهداً للعيان هو تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية تحت مظلة النظام المصري آنذاك، بعد احتلال معظم فلسطين من قبل يهود..، ثم انطلقت هذه المنظمة تحت مظلة الدول العربية الحارسة لكيان يهود، وتحت مظلة الجامعة العربية الممثلة لمنظومة الدول العربية، وكانت شعارات المنظمة هي تحرير كامل التراب الفلسطيني من يهود وعدم التفريط بحبة رمل واحدة منها، وكانت المنظمة تردّد الكلمات التالية: لا اعتراف.. لا تفاوض.. لا تنازل.. وسنقاتل حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني من المغتصب الصهيوني!!..
ولم تمهل السنوات هذه المنظمة طويلاً حتى كانت مسرحية خروجها من بيروت، ثم البدء في عملية التنازل شيئاً فشيئاً عن المبادئ الحمراء، حتى وصل الأمر في النهاية إلى أن أصبحت هذه المنظمة أداةً في المحافظة على كيان يهود مثلها مثل أي نظام عربي آخر، وكانت المفاوضات التي سارت فيها مقدمةً لاعتراف الجامعة العربية بكيان يهود المغتصب في قمة بيروت سنة 2002م!!.
ولا يجب أن يغيب عن أذهاننا أبداً أن هؤلاء الحكام جميعاً في البلاد الإسلامية؛ العربية منها وغير العربية، هم من ثمرات الثورات التحررية التي شهدها العالم الإسلامي منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى أواسط القرن العشرين تقريباً، حيث استطاع الكافر المستعمر أن يستبدل الاستعمار العسكري باستعمارٍ سياسي على أكتاف الثورات العريضة، مستغلاً الحماس الوطني التحرري!!..
ولسنا بعيدين عن الثورة في تونس وليبيا ومصر كثيراً، فالدماء لم تجفّ بعد، حيث استطاعت قوى الاستعمار بدهائها السياسي أن تأتي بأشخاص من العسكر وحاشيتهم، ويلبسوهم الثوب الوطني المؤيد للثورة والثائرين ليأخذوا مكان الزعامات المخلوعة..، أما المثال الليبي فهو الأخطر في هذه الدول الثلاث ويشبه إلى حد بعيد ما يجري الآن في سوريا ولكن على شاكلة أخرى تهدف إلى ركوب مشاعر الجهاد والتحرير من قبل عملاء الاستعمار وتسخيرها لخدمة دول حلف الناتو، ولكن نسأله تعالى أن لا يتحقق ذلك، وأن يلهم المجاهدين طريق الرشاد والسداد بعد تحرّر بلادهم من الظلم… لقد استطاعت الدول الاستعمارية- وللأسف الشديد – أن تستغل الظلم والتسلط الواقع على الشعب الليبي، وأن تأتي برجال من مخلفات النظام السابق وتلبسهم الثوب الثوري التحرري، وتوجه وسائل الإعلام العميلة في إبرازهم بشكل وطني، ليطلب الحماية الدولية بشكل رسمي وعلني، ويقبل بدخول القوات الغربية في حلف الناتو إلى أرض ليبيا لتدمر وتخرب وتقيم وتقعد، ولا يُستبعد في المستقبل القريب أن تقوم قوات الناتو تحت مظلة هؤلاء الزعماء بعمليات تصفية لقادةٍ مخلصين من المجاهدين وفرقهم وتشكيلاتهم العسكرية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، ومحاربة المعارضين للمجلس الانتقالي من أجل رسم سياسة ليبيا حسبما يريد الناتو!!..
إن ما يجري هذه الأيام في سوريا عن طريق تركيا بتشكيل المجلس الوطني السوري هو مسرحية استعمارية أميركية تحاك بواسطة عملاء فكريين تحت مظلة السمسار التركي (أردوغان) وذلك بهدف ركوب موجة الثورة المخلصة الصادقة من أبناء الشعب السوري المسلم داخل سوريا، ولمنع المسلمين من قطف ثمرة الدماء والشهداء والإخلاص بإقامة حكم الإسلام الذي يصبو إليه كل فرد من أبناء الشعب السوري، أما انطلاقه من تركيا؛ فإن أميركا قد جعلت لهذا العمل عدة مقدمات منها تصريحات أردوغان المخادعة ضد النظام السوري ووسائله الهمجية في محاربة ثورة سوريا، ومنها إقامة معسكرات الإيواء داخل الحدود التركية، ومنها كذلك إيواء بعض العسكر ممن انشقوا عن الجيش السوري ووضعهم تحت رقابته، ولا يستبعد أن تكون الخطوة القادمة من قبل تركيا هي الدعم المادي والسياسي والعسكري لهؤلاء العسكريين، وذلك بعد مقدمات سياسية دولية على رأسها الاعتراف الدولي، أو من أغلب الدول، بالمجلس الوطني السوري، ثم اتخاذ قرار سياسي عن طريق منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن لدعم هذا المجلس، وتقديم الحماية له بعد إعلان ولائه التام للفكر الغربي، وعدم معاداته لكيان يهود، وهذه الخطوات تتزامن وتترافق مع الثورة في الداخل وزيادة نارها وتوسعها رأسيًّا وأفقيا، وتتزامن مع تشديد الحصار الاقتصادي والسياسي ضد النظام السوري ونزع الصفة الدولية عنه، وربما لا يطول الأمر كثيرًا حتى يكون النظام السوري قد انهار تحت ضربات المنشقين من الجيش ونار الثورة في الداخل وبمساعدة وضغط دوليين!!..
لقد حاول المجلس الوطني السوري عن قصدٍ إهمال الناحية الفكرية في توجهه المستقبلي، وجعل من شعارات الثورة والتحرر والخلاص من الظلم رائده وقائده في هذا المجلس، وذلك حتى يستطيع استقطاب الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين ..وأبقى موقفه من الولايات المتحدة وأعمالها السياسية، ومن الكيان اليهودي غير معروف، وذلك حتى ينال ثقة الغرب وثقة الشعب السوري في الداخل!!..
إن حقيقة هذا المجلس الوطني لا يعدو كونه وسيلة من وسائل تسخير الشعوب والالتفاف على أهدافها الصادقة المخلصة في الثورة السورية العظيمة، وهو يستغلّ حاجة الشعب السوري للخلاص من الظلم الشديد وسفك الدماء وانتهاك الأعراض، والتنكيل والاعتقالات الرهيبة.. وهو سرابٌ خادع لا يبعد كثيرًا عن الحكام الجدد في تونس أو مصر، يحاول الغرب عن طريقه صرف الأمة وتضليلها عن النبع الصافي والماء الزلال الذي يروي عطشها بشكل صحيح..
إن التحرر الحقيقي لأي شعب من الشعوب يجب أن يبدأ فكرياً على أساس معين، ويجب أن يبتعد عن أدوات الاستعمار وعملائه السياسيين؛ سواء أكان ذلك من المفكرين الذين يعيشون في بلاد الغرب، أو من الدول العميلة المخادعة مثل تركيا، ويجب أن يبتعد عن أفكار الغرب المخادعة مثل التحرر والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من أضاليل..
والحقيقة أن الشعوب في العالم الغربي ومنهم الشعب السوري قد جرّبوا ارتقاء القيادات السياسية من خلال الثورات التحررية وذلك باسم الوطنية والقومية وغيرها.. وها هي بعض الشعوب ولا نقول كلها- لأن الشعوب فيها وعي كبير هذه الأيام – تمدّ يدها إلى الجحر الذي لدغت منه في المرة الأولى… ولم تسمع قول ربها عز وجل وهو يقول: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)) وقول رسولها عليه الصلاة والسلام: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» وقوله: «إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي» المستدرك.
يجب على الشعوب في بلاد المسلمين وخاصة في سوريا أن تتوجه إلى دينها لتجعله الحكم في قبول أو رفض أي جهة أو أشخاص يريدون الارتقاء على أرواح شهدائها وشلال دمائها وحبل معاناتها الطويل، وأسراها الذين يعدّون بمئات الآلاف في السجون…
إن المنقذ الحقيقي للشعب السوري هو فقط دينها ـ دين الإسلام ـ وهذا لا يريده قادة تركيا ولا المجلس الوطني ولا من وراءه من دول الغرب، وإن من يمثل ويتمثل هذه الخطوة المخلصة الصحيحة في سوريا هو حزب واحد فقط هو حزب التحرير الذي نادى وما زال ينادي، وحذّر وما زال يحذر، وضحّى ولا زال يضحي، ونصح وما زال ينصح من أجل إقامة دولةٍ إسلامية في سوريا تكون مقدمة لضم الدول المجاورة، وتدمير كيان يهود وتحرير المسجد الأقصى المبارك من دنس يهود، وإعادة الأمة إلى مجدها وعزها ومكانتها التي كانت والتي أرادها لها مولاها عز وجل..
وإننا لنتوجه بقلوب صادقة مخلصة للشعب المسلم في سوريا فتقول: حذار حذار ثم حذار من هؤلاء العملاء المأجورين الموجّهين من داخل تركيا، وعليكم بالطريق الصحيح للانعتاق والذي لا يوجد طريق سواه وهو إقامة الدولة الإسلامية المستندة إلى دينكم الذي هو عصمة أمركم وطريقة هدايتكم ورشادكم..
ونتوجه إلى المخلصين من أبناء الجيش وخاصة من لهم ثقلٌ عسكري فنقول لهم: أنقذوا أبناءكم وأبناء دينكم من هذه المؤامرة الكبرى كي لا تضيع الثورة وثمرة الدماء الطاهرة الزكية، وتعاونوا مع المخلصين من بني جلدتكم في حزب التحرير من أجل إقامة دولة الخلافة الراشدة التي بها تسعدون وتنجون في الدنيا والآخرة، وبها يكون الخلاص من كل هذه المؤامرات الدولية الشريرة، وبها تكون العزة والمنعة والرفعة..واستجيبوا لقول ربكم عز وجل وهو يناديكم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) )
وقوله:( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) وقوله: ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ )وقوله: (نَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)) نسأله تعالى أن يفتح على أهل الإخلاص والخير بأهل الإخلاص والخير، وأن ينجي القائمين على هذا الأمر العظيم من مكائد الغرب وشروره وشرور عملائه، وأن يرد كيدهم في نحورهم، وأن يسبق بمكره سبحانه وتعالى فانه أسرع مكراً من هؤلاء المجرمين قال تعالى: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)) وقال: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53))صدق الله العظيم.
2011-12-06