مصر الكنانة: من ثورة شعب على الظلم والفساد إلى نصرة جند – هم خير اجناد الأرض – لخلافة عدل ورشاد
2011/12/06م
المقالات
1,755 زيارة
مصر الكنانة:
من ثورة شعب على الظلم والفساد
إلى نصرة جند – هم خير اجناد الأرض – لخلافة عدل ورشاد
أهل مصر الكنانة ثاروا على نظام الظلم والفساد والتبعية لأميركا, وقدموا أروع الصور في التضحية والإقدام للتخلص من نظام مبارك الذي جثم على صدورهم لعقود.
أثبت أهل مصر بثورتهم المباركة, أنهم أقوى بإرادتهم للتغيير من جبروت النظام وأجهزته الأمنية, وكان وعيهم كفيلاً بأن يتغلب على كل ألاعيب النظام ومناوراته التي سعى من خلالها أن يمد في عمره, وكان صوتهم أعلى من صوت إعلامه الذي احترف الكذب والسحر, واستمروا على ذلك حتى تمكنوا من إسقاط رأس النظام وواجهته السياسية.
كانت ثورة الشعب عفوية ذاتية, ولم تكن لها قيادة, ولا مشروع محدد, ولا رؤية واضحة, سوى هدف واحد محدد, وهو إسقاط النظام. لم يتوقع أحد أن تنفجر الثورة بهذه الصورة, وأصيب الغرب بالقلق والإرباك, حيث لم يكونوا جاهزين لهكذا أحداث هزت العالم الإسلامي, وشغلت العالم كله.
أثبت أهل الكنانة -كما أثبت أهل تونس وليبيا وسوريا واليمن- أن الاسلام عميقة جذوره فيهم, فلم تتمكن كل سياسات الطواغيت التغريبية, من محوه أو القضاء عليه. انطلقت الحشود من مساجده, وكانت أسخن أيام المواجهات مع النظام أيام جمعه, ولم تكن صيحات الله أكبر إلا تعبيراً عما في قلوب الناس من احتقار لقوة الطغاة أمام قوة الله وجبروته, وأنه ناصرهم على الطغمة الحاكمة في أبسط تعبير عن مكنون الأمة المسلمة, وأن الإسلام وحده الكفيل بتحريكها وتفجير طاقاتها, فبه تستطيع الأمة أن تفعل المعجزات, فهو سر حياتها ولن تقوم لها قائمة إلا به.
نجحت الثورة في كسب معركة مع النظام الحاكم, ولكنها لم تكسب الصراع بعد حيث إن النظام لم يسقط بالكامل, وإن سقطت واجهته السياسية, فالنظام في مصر كان متمثلاً في وجهين, أحدهما سياسي على رأسه مبارك, والثاني عسكري يتمثل بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة, فقد كانوا شركاء في الحكم, وساذج من يظن أن مبارك كان يحكم دون دعم العسكر, فسنده ليس شعبياً, وكل انتخاباته كانت مزورة, فكيف كان يحكم أكثر من ثمانين مليون مصري,دون دعم كبار الجنرالات؟! ولم يكن تخلي أميركا عن مبارك بتلك السرعة التي تمت تحت ضغط الثورة إلا لأنها كانت مطمئنة إلى أن الأمور لن تخرج من يدها حين تنتقل السلطة إلى المجلس الأعلى. خلافاً لما يجري الآن في سوريا حيث إن أميركا لم تسارع للتخلي عن بشار لعدم وجود بديل جاهز كما كان عليه الحال في مصر.
ومن أوضح الشواهد على أن المجلس الأعلى هو الوجه الآخر لنظام مبارك العميل لأميركا الأمور التالية:
1- حاول الجنرالات عدة مرات إقناع الثوار ترك الميدان ولكن دون جدوى حيث لم يجدوا سوى الثبات والإصرار من قبل الثوار, ولو أن الثوار أظهروا ضعفاً لكانت أخمدت ثورتهم.
2- تعرض الثوار في الميدان لأيام وليالٍ لعدوان بلطجية النظام، ولكن الجنرالات لم يحركوا ساكناً ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى.
3- حاول الجنرالات إخافة المعتصمين من خلال تحليق الطائرات الحربية فوق رؤوسهم في ميدان التحرير.
4- منع الجنرالات ولأيام دخول المواد الضرورية إلى الميدان بمحاصرته والتضييق عليه.
5- تمسك الجنرالات بحكومة أحمد نظيف التي عينها مبارك لضرب الثورة, ولم يقرروا حلها إلا تحت ضغط الشارع وجُمعه التي تلت سقوط مبارك.
6- لم يُلغَ قانون الطوارىء حتى الآن وإن تم تعديله؛ ما يعني أن المجلس مازال يحمل نفس العقيدة الأمنية نحو الشعب.
7- لم تجرِ عملية إعادة بناء للأجهزة الأمنية التي بناها نظام مبارك على عقيدة أمنية شريرة تقوم على العداء للشعب واعتباره مصدر الخطر؛ ما أنتج سياسات منهجية قمعية ظالمة, كانت من أهم عوامل الانفجار لشعب عزيز يحمل كل صفات النبل وأريد إذلاله.
8- تم اعتقال أكثر من 12 ألف مدني منذ الثورة وحتى الآن, وجزء لا بأس به منهم من شباب الثورة, وتمت محاكمتهم أمام محاكم عسكرية أصدرت أحكاماً على 93% منهم, تجاوز عددهم عدد الذين حوكموا أمام محاكم عسكرية خلال ثلاثين عاماً في فترة حكم مبارك. بينما لم تجرِ محاكمة مبارك وأركان نظامه, إلا تحت ضغط الشارع وأمام محاكم مدنية.
9- لم يلتزم المجلس بمدة ستة أشهر التي وعد بتسليم السلطة خلالها لسلطة مدنية.
10- تعمد المجلس تعميم حالة الفوضى في البلاد خلال الأشهر العشرة الماضية ليدفع الناس للترحم على عهد مبارك، وليوجد حالة تململ من موجات الثورة عند الناس نتيجة شعورهم بانعدام الأمن.
11- إن من أخطر ما يبرز فيه التزام المجلس الأعلى لسياسة مبارك هو أن هذا المجلس لا يألو جهداً في إحداث الشقاق بين المسلمين والأقباط، بل إنه اعتمد طريقة وحشية في قمع المعتصمين أمام المايسبرو؛ ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى وأضعافهم من الجرحى؛ ما يعني أنه يدفع مصر باتجاه السياسة الأميركية التي تسعى إلى تقسيم مصر؛ ما يذكرنا بجريمة تفجير كنيسة القديسين التي ظهرت بعض الأدلة على تورط حكم مبارك بها، ويحاكم وزير داخليته حبيب العادلي عليها.
12- لم تجرِ حتى الآن محاكمة من قتلوا المتظاهرين أثناء الثورة.
13- حاول المجلس وعبر وثيقة السلمي أن يمنح لنفسه سلطات واسعة تجعله مطلق الصلاحية في تسيير البلاد مع ديكور انتخابي ينقلب عليه حين يشاء.
14- الأمر الأخطر هو في سياسة المجلس الأعلى وموقفه من الإسلام, حيث سعى من خلال وثيقة السلمي التي أريد لها أن تكون حاكمة للدستور, سعى لتضمينها مادة تقول بمدنية الدولة-أي ليست إسلامية, بل علمانية, غربية التوجه- في محاولة لقطع الطريق على أي محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها, وإعادة الإسلام إلى الحكم, وإنهاء غربة الأمة الحضارية والسياسية.
15- لم تتغير علاقة المجلس بـ(إسرائيل) عدوة المسلمين, بل أعلن التزامه باتفاقية كامب ديفيد الخيانية مع يهود, كما استمر في حصار غزة حتى الآن, وهو مازال يمارس دور الوسيط بين أهل فلسطين واليهود الغاصبين ألدّ اعداء المسلمين, ومازال سمساراً لأميركا كما كان أثناء حكم مبارك يعمل جاهداً لتصفية قضية فلسطين بدل أن يعلنها مدوية أن لا صلح مع الغاصبين.
16- أثبتت الأحداث الأخيرة أن المجلس لا يكن لشعب مصر الحب والاحترام, ولا الشعور بالمسؤولية عن حمايته, وأن عقيدته لم تتغير, تلك العقيدة التي لا ترى الخطر في كيان يهود ومن وراءه من الأميركان, بل مازالت تتعامل مع الشعب بنفس العقلية الأمنية الإجرامية التي تفتقد لأي قيم, حيث، وفي أيام قليلة, قتل من شباب مصر الطيبين, أكثر من أربعين شخصاً وسقط المئات من الجرحى, وحيث شاهدنا أبشع وسائل القمع في التعامل مع من كان معتصماً في الميدان بعد جمعة المطلب الواحد من أهالي الشهداء والمصابين الذين لم يزد عددهم عن المئتين, في محاولة كان ظاهرًا فيها أنها لا تهدف فقط إلى إجلائهم من الميدان, بل كانت بأسلوبها القمعي تهدف إلى إعادة الرعب إلى قلوب شباب مصر, وقد مورست لتحقيق ذلك أبشع الأعمال, ففقئت العيون وسحلت الجثث وألقيت في الزبالة, واستخدم الرصاص الحي بشهادة أطباء الميدان الذين أكدوا أن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا بالرصاص الحي؛ ولكن ردة فعل شباب الثورة كان عكس ما زين الشيطان للجنرالات في المجلس, فهب الشباب في موجة جديدة من الثورة انتصاراً للمظلومين ولكرامة الشعب التي دُفعت دماء غالية لاستردادها. ولولا تخاذل من بعض الانتهازيين من الأحزاب والقوى السياسية التقليدية التي وقفت ضد الموجة الجديدة من الثورة, لكان الأمل كبيراً بأن تحقق الثورة في جولتها هذه بقية المهمة في إسقاط الوجه الآخر للنظام والمتمثل بالمجلس الأعلى.
17- بعد كل ما سبق، تم تكليف كمال الجنزوري تشكيل الحكومة الجديدة، وهو الرجل الذي خدم نظام مبارك لعقود، وذلك في خطة استفزازية تدل على عمق واتساع الفجوة بين الثورة والمجلس الأعلى، ذلك المجلس الحريص على أن لا يبتعد عن خط نظام مبارك. ومعروف عن الجنزوري أنه وجه من وجوه العهد البائد، وذلك كي لا يخرج أي شيء عن الخط المرسوم؛ ما يعني أن المجلس ليس فقط متمسكاً بنفس السياسات السابقة، بل متمسك بالأدوات أيضاً؛ فلا يأمن لأي شخص من أبناء بلد الثمانين مليوناً في منصب رئيس الوزراء. ولا غرو في ذلك، فإن المجلس يعتبر الابن المدلل للبنتاغون كما يوصف.
يا أهل مصر الكنانة, يا من أثبتم قوة عزيمتكم, وحبكم الشديد للإسلام, اعلموا أن خلاصكم يتمثل بالإسلام وحده دون سواه, فهو سر قوتكم, وهو وحده القادر على إنقاذكم مما تتخبطون فيه, واعلموا أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه, وأنه يريد السيادة كاملة دون شريك (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون) وهذا يقتضي ويحتم أن ننبذ الحضارة الغربية بكل مفرداتها وأشكالها, وأن نتبنى الإسلام وحده, كوجهة نظر في الحياة وطريقة عيش ونظام حكم يكون الحكم فيه لله وحده والسيادة للشرع وحده, نُحل ما أحله الله, ونُحرم ما حرمه, ونجاهد في سبيل الله, وحيث تكون السلطة للأمة تختار حكامها عن رضى وطيب خاطر دون إكراه ولا تزوير, تحاسبهم إن قصروا, وتقوّم اعوجاجهم إن حادوا, قياماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, في ظل دولة عادلة, الحكم فيها للقانون, يتساوى فيها جميع الناس أمامه, الحكام قبل المحكومين؛ لأن السيادة للشرع وليس لحاكم أو ملك أو رئيس فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟ِ» ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» دولة لا حصانة فيها لأحد, يؤمر فيها بالمعروف وينهى فيها عن المنكر ويؤخذ فيها على يد الظالم, دولة توزع فيها الثروة بشكل عادل كما أمر الله, ويضمن للناس فيها أن يعيشوا بكرامة, فتضمن الدولة لكل فرد مأكله وملبسه ومسكنه مع توفير حاجات الجماعة الأساسية, من أمن ورعاية صحية كاملة وتعليم يليق بخير أمة أخرجت للناس.
يا أهل مصر, الطيبين:
اعلموا أن الحل الصحيح لمشاكلنا ليس بالنظام الديمقراطي, ولا بطلب الاستعانة من الغرب، لا تنظروا إلى الديمقراطية والنظم الغربية من منطلق الواقع المزري الذي أوصلكم إليه الحكام المجرمون ومن ورائهم الغرب المستعمر؛ إذ لو انطلقنا مما أوصلنا إليه الحكام المجرمون فإننا سنقبل بأي نظام آخر مهما كان فاسداً, ولو كان من أسوأ أنظمة الحكم, بل يجب أن ننطلق مما يجب أن نكون عليه كأمة إسلامية صاحبة حضارة عظيمة, تحمل عقيدة حقة ونظاماً ربانياً عادلاً مما يجب أن يسعى إليه كل إنسان يبحث عن الحق. وفوق ذلك, لو كانت الديمقراطية حلاً لمشاكل الناس, ولو كانت تحقق للناس الطأنينة والعدالة, لو كانت كذلك, فما الذي جعل شعوب الغرب نفسه ومنها أميركا تثور وتخرج لتعبر عن رفضها للنظام الرأسمالي, وعن عدم رضاها عن نظامها الديمقراطي الذي يجري على أساسه توزيع الثروة بشكل يحصر الثروة والسلطة بيد قلة قليلة من الناس.
اعلموا أن الديمقراطية فكرة يجزم العقل بخطئها وفسادها, فهي فكرة خيالية, تزعم حكم الشعب, ولكن الواقع يؤكد استحالة تحقق ذلك, فمن يحكم هم النخب التي تملك المال والقوة, والتي تتحكم بسيطرتها على الإعلام بالرأي العام, والتي تتحكم عبر نفوذها بمن يصل إلى الحكم وبمن لا يصل, في أعرق الدول الديمقراطية في العالم كأميركا وبريطانيا, وحيث يعطى الناس وعوداً في ظل الانتخابات, سرعان ما يتم الانقلاب عليها, وهكذا في دوامة تسمى لعبة سياسية يتحكم فيها وسط سياسي فاسد وقوة مالية جشعة بالحياة السياسية.
ثم ليعلم الجميع أن الغرب حين يطرح فكرة الديمقراطية في بلادنا أنه ليس مخلصاً لفكرته على ما فيها من عوار, وليس جاداً في طرحه, فهو يطرحها فقط في وجه الإسلام, أي لإشغال الناس وصرفهم عن مبدئهم الحق, فهي فكرة استعمارية فوق كونها فكرة مناقضة للإسلام الذي تؤمنون به. فالإسلام يجعل من الواجب على كل من يؤمن به أن يجعل السيادة للشرع والحكم للقرآن والسنة والأمر لله وحده دون سواه.
بينما الديمقراطية تقول بأن الدين لا شأن له بالدولة، وتجعل الحكم للبشر, والتشريع للبرلمانات, في أبسط وأوضح تناقض مع بديهيات الإسلام, التي تقول في أساسها الأول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله). ما يعني أن الحكم لله وحده والسيادة للشرع وحده، قال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )
يجب أن نكون على يقين, أنه لن يحصل تحرر حقيقي إلا بتحرر الأمة من كل أشكال التبعية للغرب, فكرية كانت أم سياسية, عسكرية أم اقتصادية, فلا يكفي لكي تتحرر الأمة أن نخلع حاكماً, أو مجلس حكم ثم ننادي بالنظام الديمقراطي، ونرضى بالصلح الخياني مع يهود، ونسلم بالنفوذ الغربي في بلادنا. لا ينفع كل ذلك, بل لا بد من ثورة شاملة أساسها (لا إله الا الله محمد رسول الله) تنادي وتعمل من أجل بديل واحد لكل الأنظمة القائمة في العالم اليوم, والمتمثل بدولة الخلافة على منهاج النبوة.فتتحقق فينا وعلى أيدينا بشارة الرسول ﷺ, بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.حين قال «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة».
يا ضباط مصر, يا خير أجناد الأرض:
إنكم جزء من شعب عظيم ينتمي لأمة عظيمة كريمة, هذا هو يومكم, لقد قام شعبكم بواجبه وأسقط رأس النظام الفاسد العميل وواجهته السياسية, فقد وصلت ثورته إلى منتصف الطريق, ولكنّ وجه النظام الآخر والمتمثل بالمجلس الأعلى يحاول سرقة ثورة الشعب خدمة لأميركا, لتبقى مصر من غير سيادة مسلوبة الإرادة تابعة لأميركا, فلا تقوم لها قائمة, بل يبقى شعبها الكريم ضحية مؤامرات الكفار عليه عبر عملائهم, فهل يرضيكم ذلك؟ أم أنكم ستكونون عند حسن ظن نبيكم وشعبكم بكم فتكملون المهمة, وتسقطون الوجه الآخر للنظام؛ كي تتحرر أمتكم ويقضى على عملاء أميركا وتتحرر مصر من هيمنة أميركا, وليكون ذلك بداية لتحرير الأمة كلها؟ هذا ورب العرش ليس غريباً على مصر, فقد كانت دائماً المنقذ للأمة وقت المحنة والشدة والمنعطفات التاريخية, فمن الذي دحر الصليبيين غيركم، ومن قصم ظهر التتار وردهم على أعقابهم غيركم, أنتم والله أبناء الرجال الفاتحين والعلماء النابغين أمثال صلاح الدين وقطز وبيبرس والمنصور قلاوون والعز بن عبد السلام, فلا تركنوا إلى الدنيا وزخرفها, ولا تخشوا أميركا وعنجهيتها, ها أنتم ترون شعوب الأمة تغلي, فإن تحركتم فأنتم تعلمون أن الشعوب قد سبقتكم, فليس لكم حجة, أنتم من يخذل الشعوب إن جبنتم, وأنتم الحلقة المطلوبة لتكتمل ثورة الأمة بكم, إنكم والله أمام فرصة تاريخية لا تتكرر لتكونوا أسياد الأرض وأنصار الله, ولتقودوا الأمة كلها في ظل حكم الله, ودولة الإسلام.
يا أجناد مصر المؤمنين:
هذا هو يومكم, إن الله يريد لكم أن تكونوا في الطليعة, وأن تقودوا الأمة نحو التحرير الحقيقي, إن الله يريد لكم شرفاً عظيماً, ودوراً كبيراً, أن تعيدوا مجد الإسلام وتقيموا دولته وتقضوا على نفوذ الغرب في بلاد الإسلام, فتعيدوا الأمة إلى مسارها الصحيح وتستأنفوا معها حياة إسلامية يسعد بها الناس جميعاً في ظل خلافة على منهاج النبوة, فيكون لكم شرف عظيم, يريد منكم أن تعيدوا بناء دولة نبيكم التي هدمها الكافر الغربي, الخلافة على منهاج النبوة, التي بشر بها رسولكم فأجعلوا القاهرة عاصمة للخلافة, ومركزاً للدنيا, لتلتف حولكم الأمة كلها بعربها وعجمها, ولا تنظروا إلى ما بين أيديكم الآن, بل انظروا إلى ما يريد الله لكم من عز وشرف. بالأمس خرجتم من أجل مطالب جزئية لا تقدم ولا تؤخر كثيراً أمام ما يريده الإسلام لكم, ثم فجأة فتحت لكم آفاق لم تكونوا تتوقعونها, أنتم تريدون القليل القليل, والله ربكم يريد لكم الكثير الكثير. كنتم تطمحون أن يخفف فساد نظام الخيانة, والله يريد لكم أن تقضوا عليه نهائياً فلا يبقى ولا يبقى له أثر. قال تعالى مبيناً ما يريده لكم: (وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون)
هذا هو الطريق فسيروا عليه كي تخرجوا من هذه الدوامة, ولا تحيدوا عنه, فهو فقط ما يحقق لكم عز الدنيا, والرضى والتوفيق من الله, والسعادة والنعيم المقيم عند ربكم. وخير ما نختم به من كلام الله تعالى قوله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون).
2011-12-06