أخشى على الشعر أن تَعيا قوافيهِ
|
|
ويَخْرَسُ اللحنُ في نجوى أغانيهِ
|
وتَنْطَفي شُعلةُ الإلهامِ يَخْنُقُها
|
|
في عَمْرَةِ الحُزْنِ لَيْلٌ مِن مآسيهِ
|
تَرَنَّحَ الشعرُ من هَمٍّ يُكابِدُهُ
|
|
وضَجَّ في الصَّدرِ من جُرْحٍ يُقاسِيهِ
|
ولم يَزَلْ شاكِياً يَبكي على طَلَلٍ
|
|
خاوِي المرابِعِ من أمجادِ ماضِيهِ
|
يا رَفْرَفَ النورِ للبَطْحاءِ يَحْمِلُني
|
|
لأَقْبِسَ الوَحْيَ من أنوارِ هادِيهِ
|
فَشِعْرُنا قاحِلٌ جَفَّتْ مَناهِلُهُ
|
|
ظامٍ إلى النَّبْعِ من صافِي سواقِيهِ
|
لا عَبْقَرٌ عن رُواةِ الجِنِّ يُلْهمُهُ
|
|
لكِنَّهُ نَفْحَةٌ من فَيْضِ بارِيهِ
|
كم طافَ بِالبَيْتِ والإيمانُ يَعْمُرُهُ
|
|
وقامَ عِنْدَ الصَّفا لِلهِ ساعِيهِ
|
وَضَجَّ في عَرَفاتِ اللهِ مُبْتَهِلاً
|
|
بِالْحَمْدِ والشُّكْرِ والزُّلْفى يُلَبِّيهِ
|
هذا النَّشِيدُ وما زِلْنا نُرَدِّدُهُ
|
|
في مَسْمَعِ الدَّهرِ والأيّامُ تَرْوِيهِ
|
فَكُلَّما أَظْلَمَ الكَوْنُ المُحيطُ بِنا
|
|
بِشُعْلَةٍ من سَنا القرآنِ نَهْدِيهِ
|
فَكُلَّما خَمَدَتْ فيه الحَياةُ، وإنْ
|
|
صارَتْ رُفاتاً، بِرَوْحِ اللهِ نُحْيِيهِ
|
|
|
|
يا صاحِبَ الدَّعْوَةِ الغَرّاءِ: مَعْذِرَةً
|
|
فَأُمَّةُ النُّورِ في لَيْلٍ مِنَ التّيِهِ
|
صَدَعْتَ بِالحَقِّ لم تَحْفَلْ بمنْ جَحَدوا
|
|
ولَفَّهُمْ من ظَلامِ الجَهْلِ داجِيهِ
|
يا أَيُّها العامُ عامَ الحُزْنِ عاصِفَةً
|
|
رِياحُهُ بِالأَسى، دُجْناً غَواشِيهِ
|
مَزِّقْ ظَلامَكَ فَالمُخْتارُ شَمْسُ هُدىً
|
|
وكاشِفُ الغَيْهَبِ الدّاجِي وماحيِيهِ
|
قَدْ جاء بالنُّورِ لكنْ لم يَجِدْ بَصَراً
|
|
ولا فُؤاداً بِنورِ الحَقِّ يَهْدِيهِ
|
إلا خِياراً أَنارَ اللهُ فِطْرَتَهُمُ،
|
|
واللهُ ذو الفَضْلِ مُولِيهِ ومُعْطِيهِ
|
عَتَتْ قُرَيْشٌ غُروراً، أَعْرَضَتْ سَفَهاً،
|
|
وَلَجَّ في ظُلُماتِ الجَهْلِ غاويهِ
|
واشْتَدَّ كَيْدُ أَبي جَهْلٍ وَعُصْبَتِهِ
|
|
لَمَّا هَوى كُلُّ رُكْنٍ كانَ يُؤْيِهِ
|
مَضَتْ خَدِيجَةُ لِلرَّحْمنِ وَهْيَ لَهُ
|
|
كَنْزٌ من الحُبِّ والإيثارِ، يُغْنِيهِ
|
كانَتْ تُواسِيهِ في الجُلّى بما مَلَكَتْ،
|
|
وَعَمُّهُ من طُغاةِ الكُفْرِ يَحْمِيهِ
|
إرادَةُ اللهِ من فَوْقَ السَّماءِ قَضَتْ
|
|
أَلاَّ يَكُونَ سِوى الرَّحْمنِ راعِيهِ
|
|
|
|
فَعَرْبِدِي يا قُرِيْشٌ وامْرَحِي بَطَراً
|
|
لن تَحْجُبِي النُّورَ، إنَّ اللهَ مُبْدِيهِ
|
ويا ثَقِيفُ ارْكَبِي مَتْنَ العِنادِ فَقَدْ
|
|
تَزْلْزَلَ الشِّرْكُ ونْدَكَّتْ رَواسِيهِ
|
أتاكِ يَحْمِلُ نوراً لا يَغيبُ، ولا
|
|
عواصِفُ الظُّلْمِ والطُّغْيانِ تُخْفِيهِ
|
ويِطْلُبُ النَّصْرَ لا وَهْناً ولا خَوَراً،
|
|
فالحقُّ أَعْلى يَداً مِمَّنْ يُعادِيهِ
|
بِلْ جاء لِلعالَمِ الحَيْران يُرْشِدُهُ
|
|
لِيُبْصِرَ النُّورَ دانِيهِ وقاصِيهِ
|
رَدَدْتِهِ بِالجَفاءِ الفَظِّ ساخِرَةً
|
|
من دِينِهِ الحَقِّ في جَهْلٍ وتَسْفِيهِ
|
وعادَ الضَّحِكاتُ النُّكْرُ تَتْبَعُهُ
|
|
وصِبْيَةُ الحَيِّ بِالأَحْجارِ تَرْمِيهِ
|
وسالَ خَيْرُ دَمٍ يَنْسابُ من قَدَمٍ
|
|
لو مَسَّتِ الصَّخْرَ بِالنُّعْمى تُنَدّيِهِ
|
شُلَّتْ يَدٌ لِطُغاةِ الكُفْرِ جاحِدَةٌ،
|
|
بِالإثْمِ والبَغْيِ والعُدْوانِ تُدْمِيهِ
|
أَتاهُ جِبْريلُ من مَوْلاهُ يُقْرِئُهُ
|
|
أَزْكَى السَّلامِ ويُعْطِيهِ فَيُرْضِيه:
|
لو تَطْلُبُ الآنَ يا مُخْتارُ خَسْفَهُمُ
|
|
بِالأَخْشَبَيْنِ، بِلا رَيْبٍ أُلبّيهِ
|
فَقالَ: يا رَبُّ إنِّ الرَّكْبَ في عَمَهٍ
|
|
قد تَاهَ في حُلْكَةِ الدَّيْجورِ سارِيهِ
|
وأنتَ لو شِئْتَ يا رَبّاهُ تُهْلِكُهُ
|
|
وأنتَ لو شِئْتَ يا رَباهُ تَهْدِيهِ
|
فَاغْفِرْ لَهُمْ فَعَسى في نَسْلِهِمْ خَلَفٌ
|
|
مَنْ يَرْفَعُ الدِّينَ في عِزٍّ وُيُعْليهِ
|
|
|
|
وعادَ أَحْمَدُ والإيمانُ يَغْمُرُهُ
|
|
ثَبْتَ الجَنانِ وذِكْرُ اللهِ في فِيهِ
|
ولِلسَّكِينَةِ بَرْدٌ في جَوانِحِهِ
|
|
كَشُعْلَةِ النُّورِ شَعَّتْ في خَوافيهِ
|
ويَفْتَحُ اللهُ باباً مِنْ عِنايَتِهِ
|
|
لأَكْرَمِ الرُّسْلِ عالِي القَدْرِ سامِيهِ
|
لِيَشْهَدَ الأُفُقَ الأَعْلى، وخالقُهُ
|
|
من ساحَة القُرْبِ والرِّضْوانِ يُدْنِيهِ
|
جاء البُراقُ وجِبْرِيلُ الأَمِينُ إلى
|
|
يُمْنَى الرِّكابِ لِخَيْرِ الرُّسْلِ يُزْجِيهِ
|
جاء البُراقُ وما أَسْماهُ مَرْكَبَةً
|
|
تَبارَكَ اللهُ مُنْشِيهِ ومُجْرِيهِ
|
قُمْ يا مُحَمَّدُ فالسَّبْعُ الطِّباقُ ومَنْ
|
|
فِيهِنَّ بالمُصْطَفى جَذْلَى تُحَيّيِهِ
|
قُمْ فَالمَلائِكُ في الأَقْصى مُهَلِّلَةٌ
|
|
لِلّهِ ضَجَّتْ بِتَسْبيحٍ وتَنْزِيهِ
|
ساحاتُهُ زُيَّنَتْ، بِالنُّور مُشْرِقَةٌ،
|
|
مِحْرَابُهُ هَشِّ لِلُّقيا ونادِيهِ
|
والرُّسْلُ خَلْفَ إِمامِ الرُّسْلِ خاشِعَةٌ
|
|
لِرَبِّها، في مُصَلاّها تُناجِيهِ
|
قُمْ يا مُحَمَّدُ هذا الكوْنُ أَجْمَعُهُ
|
|
تَمُوجُ بِالمَشْهَدِ الأسْنى أَعالِيهِ
|
ورِحْلَةٌ النُّورِ ما زالَتْ مَواكِبُها
|
|
تَسْتَشْرِفُ النُّورَ في أَسْمى مَراقِيهِ
|
هذان كاْسانِ مِنْ خَمْرٍ ومن لَبَنٍ
|
|
تَخْتَارُ ما أَنْتَ راضِيهِ وباغِيهِ
|
ودِينُكَ الفِطْرَةُ العَصْمَاءُ، تَشْرَبُهُ
|
|
مُسَلْسَلاً خَالصاً من كَفِّ ساقِيهِ
|
فَاصْعَدْ إلى المَلإِ الأَعْلَى هُناكَ تَرى
|
|
نُورَ المُهَيْمِنِ في أَبْهَى تَجَلّيهِ
|
هُناكَ تُبْصِرُ ما يَعْيا الخَيالُ بِهِ
|
|
ولا يُحِيطُ بِبَعْضٍ مِنْ مَعَانِيهِ
|
وَيَسَّرَ الله هذا الدِّينَ مَرْحَمَةً
|
|
لِلنّاسِ، والأَجْرُ بِالأَضْعافِ يَجْزِيهِ
|
واللَّهُ بِالحَقِّ والبُرهَانِ حافِظُهُ
|
|
واللَّهُ بِالنَّصْرِ والتَّأييدِ حامِيهِ
|
وَعُدْتَ تَحْمِلُ زاداً لِلْحَيَاةِ فَلَمْ
|
|
يَنْفَدْ غِناهُ وَلا الأَيَّامُ تُفْنِيهِ
|
فَرْعٌ عَلى أَصْلِهِ المَيْمُونِ فَلَمْ
|
|
قُطُوفُهُ، أُمَّةُ الإسْلامِ تَجْنِيهِ
|
وعُدْتَ تَحْمِلُ عَزْماً لِلْجِهَادِ فَلَمْ
|
|
تَضْعُفْ قُواهُ، ولا الأَحْداثُ تَثْنِيهِ
|
بُنْيانُهُ العِزَّةُ الشَّمّاءِ راسِخَةٌ
|
|
آساسُهُ، أُمُّةُ الإسْلامِ تَبْنِيهِ
|
|
|
|
يا صاحِبَ المَوْكِبِ السارِي أَلا قَبَسٌ
|
|
فَيُبْصِرَ الدَّرْبَ في ذا اللَّيْلِ سارِيهِ
|
ما لِلْبُرَاقِ وَمِسْرَاهُ وقِصَّتِهِ
|
|
نِهايَةٌ، فَهُوَ ماضٍ في تَسامِيهِ
|
قَدْ يَرْجِعُ اليَوْمَ من بَطْحاءِ مَكَّتِهِ
|
|
لِيَحْمِلَ النُّورَ لِلأَقْصَى وَأهْلِيهِ
|
يَئِنُّ فِي الأَسْرِ والأَغْلالِ مِنْبَرُهُ،
|
|
وَلا مُصَلاَّهُ حُرٌّ أَوْ مُصَلّيهِ
|
وَتَسْتَبِدُّ حِرابُ المُعْتَدِينَ بِهِ
|
|
ذَبْحاً وصِهْيَوْنُ يزهو في تَحَدِّيهِ
|
فَأَيْنَ مَنْ يَصلُ التّارِيخَ حَاضِرَهُ
|
|
بِفَجْرِ نَهْضَتِهِ الأُولى وماضِيهِ
|
أَيْنَ البُراقُ يُعيدُ الفَتْحَ ثانِيَةً
|
|
ورايَةُ النَّصْرِ تَزْهو في رَوابِيهِ
|
كَأَنَّهُ أَمْسِ ما رَفَّتْ قَوادِمُهُ
|
|
في أُفْقِهِ الرَّحْبِ أو رَفَّتْ خوالِيهِ
|
وَأَيْنَ كَفُّ رَسولَ اللَّه تَمْسَحُهُ
|
|
لَعَلَّها مِنْ جِراحِ الحُزْنِ تشْفِيهِ.
|
|
|
|
العَفْوَ يا صاحِبَ الإسْراءِ إنَّ بِنا
|
|
داءَ الهَزائِمِ أعْيَا مَنْ يُدَاوِيهِ
|
نفِرُّ مِنْ ساحَة المَيْدانِ فِي طَرقٍ
|
|
ونَدَّعِي النَّصْرَ في عُجْبٍ وفي تِيهِ
|
وَنَخْفِضُ الرَّأسَ إجْلالاً وتَكْرِمَةً
|
|
لِلأَجْنَبِيِّ كَأَنّا مِن مَوالِيهِ.
|
وَنَسْتَعِيرُ وُجوهاً غَيْرَ أَوْجُهِنا
|
|
ولمْ تَزِدْنا سِوى قُبْحٍ وَتَشْوِيهِ
|
ونَحْمِلُ المَجْدَ مَقْتولاً نُكَفِّنُهُ
|
|
بالْعارِ، ثُمَّ بِأَيْدِينا نُوارِيهِ
|
|
|
|
يَا طََلْعَةً لِجَبِينِ المُصْطَفَى سَطَعَتْ
|
|
تُمَزِّقُ اللَّيْلَ فِي الأقصى وتُرْدِيهِ
|
وتَهْزِمُ الغاصِبَ المُحْتَلَّ في بَلَدِي
|
|
مَهْما ازْدَهى بِالغُرورِ الفَظِّ غازِيهِ
|
وتَنْفُثُ الرُّوحَ في هذا الرُّفاتِ فَقَدْ
|
|
يَحْيا رُفاتٌ يَكادُ الدَّهْرُ يُبْلِيهِ
|
|
|
|
ما بالُ رابِينَ بِالأَقْزامِ يُوعِدُنا
|
|
ودَوْلَةُ الغَرْب بِالأَحْلامِ تُغْرِيهِ
|
وكَمْ عَلى الصَّخْرَةِ الشَّماءِ قَدْ حُطِمَتْ
|
|
مَخالِبُ الغَدْرِ وانْهارَتْ أمانِيهِ
|
فَسَيْفُنا من قَضَاءِ اللَّه مُنْتَصراً
|
|
صُلْبُ الجِهادِ أبِيٌّ في تَصدِّيهِ
|
وسَهْمُنا إنْ رَمَى بِاللَّه مُنْتَصِراً
|
|
خَرَّ الدَّعِيُّ وشُلّتْ كَفُّ رامِيهِ
|
رسالَةُ اللَّه للدُّنْيَا رِسالَتُنا
|
|
طَوْدٌ مِنَ المَجْدِ يَعْيا مَنْ يُسامِيهِ
|
|
|
|
يا صَخْرَةً عِنْدَها جَدَّ المَسيرُ إلى
|
|
مَصاعِدِ العِزِّ حَيّي الرَّكْبَ حيّيِهِ
|
صُونِي خُطاهُ وشُدِّي مِنْ تَوَثُّبِهِ
|
|
لِيَبْعَثَ العَزْمَ فِينا صَوْتُ حادِيهِ
|
أَنْتِ السَّبيلُ إلى مِعْراجِ نَهْضَتِنا
|
|
لِلرّائِدِينَ، وإنْ طالَ السُّرى فِيهِ
|
ما زالَ نَحْوَ سَماءِ اللَّه يَرْفَعُنا
|
|
عَزْمُ البُراقِ، نَشيدُ المَجْدَ نَبْنِيهِ
|
ونَسْتَعِيدُ أَبا بَكْرٍ وَجَحْفَلَهُ
|
|
تُحَطِّمُ الرِّدَّةَ الكُبْرى مَواضِيهِ
|
ولِلْخِلافَةِ راياتٌ مُرَفْرِفَةٌ
|
|
واللَّهُ مَبْسُوطَةُ النُّعْمى أيادِيهِ
|
ويُظْهِرُ اللَّهُ هذا الدِّينَ يَنْشُرُهُ
|
|
في الأرْضِ ظِلاًّ، ويَلْقَى الخِزْيَ شانِيهِ
|
ما ذَلَّ شَعْبٌ وَسَيْفُ الحَقِّ في يَدِهِ
|
|
ما انْهارَ صَرْحٌ كِتابُ اللَّهِ بانِيهِ
|
ما خابَ حِزْبٌ رسولُ اللَّهِ قائِدُهُ
|
|
ما ضَلَّ رَكْبٌ ونُورُ اللَّهِ هادِيه
|