بين وعد الرسول بخلافة راشدة ودعوة القرضاوي لــ «جمهورية ديمقراطية إسلامية مدنية»
2011/11/06م
المقالات
1,839 زيارة
بين وعد الرسول بخلافة راشدة ودعوة القرضاوي لــ «جمهورية ديمقراطية إسلامية مدنية»
دعا الشيخ يوسف القرضاوي، إلى قيام «الجمهورية الديمقراطية الإسلامية المدنية» في ليبيا موضحاً بأنه «لا تعارض بين الإسلام وكل من المدنية والديمقراطية». كما تمنى وجود اتحاد ما بين ليبيا وتونس ومصر في هذا الإطار قائلاً: «هذه الدول الثائرة المتصلة، لا بد من أن يكون بينها نوع من التوحد والتكتل، فلماذا لا يتكتل المؤمنون الثوريون بعضهم مع بعض!».
إن دعوة الشيخ يوسف القرضاوي لإقامة جمهورية ديمقراطية مدنية أمر غير لائق لأنه كان يتوجب على الشيخ القرضاوي بحكم منصبه كرئيس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن يرشد الأمة إلى الالتزام بما يوجبه الإسلام من نظام للحكم، وهو يعلم تماماً بأن نظام الحكم في الإسلام هو نظام الخلافة الإسلامية، القائم على عقد بيعة بين الأمة والخليفة على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله. وقد بشر رسول الله بالحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد بأن النظام الذي يعقب الملك الجبري والحكم العاض هو خلافة على منهاج النبوة وليس جمهورية ديمقراطية مدنية.
كما أن دعوته هذه مرفوضة لأن النظام الجمهوري هو نظام حكم غربي يستند إلى مفهوم حاكمية الشعب (الجمهور)، مستنداً بذلك إلى التصور الديمقراطي الذي يتناقض في جوهره مع الإسلام، حيث يحدد الشعب لا الشرع الحلال من الحرام والحق من الباطل، ولا قدسية لوحي أو مبدأ أو فكر سوى ما يسوَّق على أنه رغبة الشعب. أضف إلى هذا التباينات الفرعية العديدة بين النظام الجمهوري الديمقراطي وبين نظام الحكم في الإسلام، كماهية الصلاحيات ودلالات المناصب المختلفة في أجهزة الدولة.
وأما دعوته إلى إقامة الدولة المدنية، فهي دعوة غريبة، حيث إن هذا المصطلح هو ما روجه العلمانيون بغية التلبيس على المسلمين، بعد أن أدركوا أن لا حظ لعلمانيتهم النكدة في هذه الأمة، ولذلك أتوا بها لإخفاء دعوتهم لإقصاء الدين عن الدولة، وسوقوها على أساس أنها دولة الحداثة التي تعارض حكم العسكر والاستبداد. فيما يستند جوهر دعوتهم للدولة المدنية إلى مفهوم المواطنة، حيث يحدد المواطنون العقد الاجتماعي الذي تنضبط به إيقاعات الدولة ونظام الحكم فيها، بعيداً عن أية أحكام مسبقة منبثقة عن الشرع والعقيدة والدين.
كما أن دعوة الشيخ يوسف القرضاوي لإقامة شكل من أشكال الوحدة بين من وصفهم بالـ «مؤمنين الثوريين»، هي دعوة يشوبها الإبهام، فالإسلام لم يشرع سوى نوع واحد من الوحدة، وهي وحدة الأمة الاندماجية الشاملة تحت راية التوحيد، في ظل إمام واحد، وخلافة إسلامية تجعل الشرع سيد المجتمع والدولة. يقول رسول الله ﷺ «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» وقوله «إنه ستكون هنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان». وقوله «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه». روى ذلك كله مسلم في صحيحه.
2011-11-06