حول التغيير السياسي الجذري ودلالاته
2011/02/01م
المقالات
1,767 زيارة
حول التغيير السياسي الجذري ودلالاته
في سابقة من نوعها في المنطقة العربية، خلع أهل تونس حاكمهم زين العابدين بن علي، وتحللت قوى «الأمن» بشكل متسارع بعد أن تهاوى النظام بين أقدام المتظاهرين الذين أجبروا من خَلَفَ بن علي في السلطة على اتخاذ مجموعة كبيرة من الإجراءات في بضعة أيام. تضمنت ملاحقة الرئيس الفاسد وزبانيته، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والسماح بإعادة المنفيين، والتعهد بتعويض ضحايا النظام السابق مع إبعاد بقايا رموزه من الحكومة المؤقتة، والإعلان عن هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات بإشراف دولي.
كما انقلب حال الإعلام التونسي رأساً على عقب، فأخذ ينقل صورة المواطن وصوته المعبر عن سخطه على تفشي الظلم والمحسوبية والفساد بدلاً من صور الطاغية وعائلته. وبهذا تغير المشهد السياسي التونسي وانقلب رأساً على عقب.
ورغم إدراكنا أن كل هذه الإجراءات وما سيلحق بها من قرارات لن تفي بالغرض، وتأتي في محاولة لاستيعاب غضب الشعب الذي هب من أجل كرامته، إلا أنها تسلط الضوء على مجموعة من الحقائق، نذكر بعض أهمها:
أ: إنّ إصلاح شؤون مجتمعاتنا يبدأ بتغيير الأنظمة الحاكمة، فهي التي تمتلك مقدرات البلاد، وهي المسؤولة الأولى عن رعاية مصالح الشعوب وحفظ أمنها وهويتها وقيمها، وما يستجد من إجراءات في تونس لم يكن ليجري بحال دون تغيير النظام أو إجباره لفعل ذلك.
ب: إنّ تغيير الأوضاع في البلاد الإسلامية لا يحتاج إلى عقود ولا إلى قرون كما تروج المدارس الفكرية المضللة والخربة، إنّما يحتاج ذلك إلى وعي على ضرورة التغيير ومحفز عليه، مع كسر لحاجز الخوف واستعداد للتضحية في سبيل مواجهة الطغيان.
ج: إنّ الباطل زهوق، وأنه مهما بلغ الحاكم الطاغية من قوة بطش وقدرة على بث أجواء الرعب وإرهاب الناس، فإنّ انهيار نظامه رهين لحظة يقظة من قبل الشعب الذي لا يلبث أن يهب للإطاحة بالفاسدين والمفسدين.
د: إنّ استمالة الجيش لجهة الشعب -وبحد أدنى فك ارتباطه مع النظام الحاكم وتحييده- أمر جوهري لإتمام عملية التغيير من غير إراقة أنهار من الدماء.
هـ: إنّ الأمة الإسلامية تتفاعل مع قضاياها بشكل تلقائي، وهذا تعبير فعلي عن كونها أمة واحدة ، فما حصل في تونس شغل بال المسلمين في مختلف أصقاع المعمورة وجعلها نموذجاً تحتذى لدى شعوب المنطقة على نحو ما يجري في مصر واليمن. فيما لم تؤثر الثورات التي اندلعت سابقاً في شرق أوروبا أو في غيرها في واقع أمتنا لا من قريب ولا بعيد.
و: إنّ القوى الغربية الكبرى هي قوى كاذبة ومخادعة ومجرمة، فبينما تتشدق بالديمقراطية والحرية وتعمل على «دمقرطة» العالم الإسلامي من خلال حروب وحشية بشعة – أفغانستان والعراق مثلاً، أو من خلال نشر الضغائن والفتن كما في لبنان والسودان، فإنها سرعان ما تصاب بالاكتئاب والهذيان بل ويمسها طرف من الجنون عندما يُهدَد أحد رويبضاتها من الحكام الظلمة الفجرة.
م. حسن الحسن
2011-02-01