أيّام تونسَ هل إليكِ مَعادُ
.
|
|
والفجرُ مُؤْتَلِقُ السَّنا وقّادُ
.
|
ومنَ البطولةِ فوق كلِّ مُنيفَةٍ
.
|
|
رُفِعتْ قِبابٌ للعُلا وعِمادُ
.
|
والقَيْروانُ وعقبةٌ من خَلْفِه
.
|
|
تَزهو الرماحُ وتَزأَرُ الآسادُ
.
|
والرايةُ الجَذْلى تَموجُ وطارقٌ
.
|
|
والفتحُ والتاريخُ والأمجادُ
.
|
و«الله أكبرُ» صيحةٌ شُقَّتْ لها
.
|
|
لُجَجُ البِحارِ ودُكّت الأطوادُ
.
|
فإذا الفضاءُ وأرضُها وسماؤها
.
|
|
عِطْرٌ يَضوعُ وعِزةٌ وجهادُ
.
|
|
|
|
يا تونسُ الخضراءُ يا دَرباً إلى
.
|
|
غِرناطةٍ، أين انتهى الرُّوادُ؟
.
|
عَبروا على سُفُنِ الضياء، وعزمُهُمْ
.
|
|
صَرْحٌ على هام النجوم يُشادُ
.
|
إنْ حرقوا سُفُنَ العبور فعندهمْ:
.
|
|
كلُّ الحياةِ وما حَوَتْهُ رَمادُ
.
|
إيمانُهم فُلْكٌ على لُجَجِ الرّدى
.
|
|
وفيالقٌ وصوارمٌ وجِيادُ
.
|
لانتْ لهم صُمُّ الرّواسي، وانطوت
.
|
|
لِخُطَاهم الآمادُ والأبعادُ
.
|
قادُوا على الأرضِ الحياةَ فأصبحت
.
|
|
شُهْبُ السماء بأمرهم تنقادُ
.
|
ومَشَوْا ونورُ اله في أيمانهمْ
.
|
|
للعالمين هدايةٌ ورشادُ
.
|
فانهار ليلُ الظْلمِ تحت نِعالهم
.
|
|
ومعابدُ الطاغوتِ والعُبَّادُ
.
|
يومٌ على الدنيا أطلَّ وفجرُهُ
.
|
|
للدّهر في رَكْبِ العُلا ميلادُ
.
|
وسيوفُهم غَرْسُ الحضارة، ما نَما
.
|
|
إلا عليها غصنُها الميّادُ
.
|
كم أينِعت جَنَّاتُها في زحفهم،
.
|
|
في كلّ ميدانٍ جَنّى وحَصادُ
.
|
هل بلسمُ الكون الجريحِ كأنّما
.
|
|
شَفَراتُها التُّرياقُ والعُوّادُ
.
|
|
|
|
يا تونسُ الخضراءُ يا نَبْعاً صفا،
.
|
|
تاقتْ لعذبِ نميرهِ الرُّوادُ
.
|
ما زال ميراثُ السّنا في سِفْرِها
.
|
|
تزهو به الأجدادُ والأحفادُ
.
|
ما زال في التاريخ من أمجادها
.
|
|
لِلأكرمينَ مَظَلّةٌ ومِهادُ
.
|
هذي الحقولُ الخُضْرُ من زيتونها
.
|
|
والتّينُ والأعنابُ والكَبَّادُ
.
|
هِيَ مِنْ دِماءِ الفاتحين صحائفٌ
.
|
|
منشورةٌ، ومَحَابِرٌ ومِدادُ
.
|
جَنَّاتُها العَطِراتُ مِنْ أنْسامِها
.
|
|
عَبَقتْ هِضَابٌ بالشذى ووِهادُ
.
|
نَبْضُ الحياةِ بها فلا أحجارُها
.
|
|
صُمٌّ ولا قِمَمُ الجبال جَمادُ
.
|
نَطَقَتْ بآياتِ الخُلودِ وسِرِّهِ
.
|
|
فكأنها الأرواحُ والأجسادُ
.
|
|
|
|
يا تونُسُ الخضراءُ أينَ مسيرةُ الـ
.
|
|
إيمانِ أينَ حُماتُها الأمجادُ
.
|
بالعزْمِ شادُوا سَمْكَها فأَظلَّهمْ
.
|
|
سَبْعٌ، مِنَ النُّورِ العَليِّ، شِدادُ
.
|
طَوَتِ القُرونُ حياتَهمْ ورُفاتَهمْ
.
|
|
وكأنّهمْ ما بِيْنَنا أشهادُ
.
|
تاهَتْ على شُمِّ القصور لحودهُمْ
.
|
|
وتَسنّموا عرشَ الخلودِ وسادوا
.
|
فإذا تنادت للجهادِ كتيبةٌ
.
|
|
نَهضوا من الرَّمس المقيمِ وعادوا
.
|
وتَقَدَّمُوا زَحْفَ الجيوشِ أَعِزَّةً،
.
|
|
ولهم عِراكٌ في الوغى، وجِلادُ
.
|
مِنْ نورهم لِلسّائرين مشاعلٌ
.
|
|
مِنْ عَزْمِهم لِذوي العزائمِ زادُ
.
|
ومن الحِدَاد المُشْرِقاتِ تألّقتْ
.
|
|
هِمَمٌ، على ساحِ الجهادِ حِدادُ
.
|
وغُباؤُهم عِطْرٌ لكلِّ محاربٍ،
.
|
|
ولِكلِّ حربٍ عُدَّةٌ وعَتَادُ
.
|
|
|
|
يا فجرَ تونسَ كيف بُدِّلَ حُسْنُهُ
.
|
|
وكَسَا مُحيّاهُ الوَضيءَ رَمادُ
.
|
والشّمسُ لا إشراقَ في قَسَماتِها
.
|
|
خَجِلُ الضياءِ جبينُها الوقّادُ
.
|
والرَّوْضُ لا طيرٌ يُغَردُ شادياً
.
|
|
والظلُّ لا عَبِقٌ ولا مَدّادٌ
.
|
والتُّرْبُ جَفَّ فليسَ يُنْبِتُ زهرةً
.
|
|
والأُفْقُ لا بَرْقٌ. ولا إرعادُ
.
|
والشهْبُ في الأفلاكِ ماتَ بريقُها
.
|
|
فكأنَّ وَمْضَ النَيِّراتِ سَوَادُ
.
|
والأطلسيُّ تكسّرتْ أمواجُهُ
.
|
|
وهْناً، فلا صَخَبٌ ولا إزبادُ
.
|
وكأنَّ عُقْبَةَ لَمْ يَزُرْ شطآنَهُ
.
|
|
فَتحاً، ولا خاضَ المحيطَ جوادُ
.
|
|
|
|
أطلالُ تونسَ أين زهو شبابِها
.
|
|
في كلِّ فجٍّ مأتمٌ وحِدادُ
.
|
عاثت بها زُمَرُ العبيدِ وأفسدوا
.
|
|
وطغى الضَّلاَل وعَرْبَدَ الجلاّدُ
.
|
ما زال تمثالُ البَغيضِ يَقودهمْ
.
|
|
وتَسيرُ خَلْفَ رِكابِه الأوغادُ
.
|
ويَعُبُّ عِربيدُ السُّكارى كَأْسَهُ
.
|
|
عَقْلٌ يذوبُ بخمرِها وفؤادُ
.
|
يُدْعَى بـ (… العابـ…) ونَهجُهُ
.
|
|
وشِعارُه الطُّغيانُ والإلحادُ
.
|
|
|
|
يا تونُسُ الخضراءُ هل مِنْ رِجْعَةٍ
.
|
|
وصحائفُ الفَتحِ المجيد تُعادُ
.
|
ومَدارجٌ للمَجْدِ سامِقةُ الذُّرَى
.
|
|
زَهْواً، ورَكْبٌ للعُلا صَعَّادُ
.
|
وخيوطُ نَسْجِ العنكبوت بموطني
.
|
|
تُطْوَى، وأسرابُ الذباب تُبادُ
.
|
نٌحِرَ الظلامُ وقد تلاشى لَيلُهُ،
.
|
|
ومَعَ الصَّباحِ هنا لنا ميعادُ
.
|
ومواكبُ التحريرِ تهتِفُ عِزَّةً،
.
|
|
وتغرِّدُ الأفراحُ والأعيادُ
.
|
يزهو اللواءُ وللخلافة راية
.
|
|
تهفو لها الأرواحُ والأكبادُ
.
|
صَحْوٌ يَهُزُّ الأرضَ من سِنَةِ الكَرى
.
|
|
مُتَوثِّبٌ، لا يعتريه رُقادُ
.
|
ولنا على الأيامِ شَمْسُ حضارةٍ
.
|
|
وكُنوزُ مَجدٍ ما لهن نَفَادُ
.
|