إعرف عدوك
2006/05/31م
المقالات
1,787 زيارة
إعرف عدوك
نشرت جريدة التايمز البريطانية في 5/4/2006م هذا المقال، الذي كتبه دين جودسون مدير البحث في مؤسسة الثينك-تانك لسياسة التبادل، عن حزب التحرير، وفيه تظهر إشكالية التعامل مع هذا الحزب في بريطانيا. فهم لا يستطيعون منعه بحسب قوانينهم الأساسية. ولا يستطيعون تركه نظراً لما يحمل مشروعه للنهضة من خطر حقيقي عليهم. و«الوعي» تنشر هذا المقال المترجم تحت باب «إعرف عدوك» لما رأت فيه من إفادة اطلاع قرائها على ما يخطط له الغرب ضد الإسلام بعامة وحزب التحرير بخاصة. ومما جاء في المقال:
هنالك جماعة إسلامية متطرفة بجب حظرها… ولكن هذا ليس بالأمر الهين في بريطانيا
لقد واجه حزب التحرير، وهو من أخطر الأحزاب الإسلامية الآخذة بالازدهار هنا، عدة أسابيع عصيبة. لقد حصل أخيراً تشريع الإرهاب 2006 على القبول الملكي حيث تم توسيع الشروط من أجل تجريم المتطرفين. جاء هذا في الوقت الذي أصدر فيه القضاء حكماً ضد الفتاة المسلمة من لوتن، والتي رفعت دعوى ضد مدرستها لمنعها من ارتداء الجلباب على الطريقة الإسلامية، علماً بأن الفتاة قد تلقت النصيحة والاستشارة من حزب التحرير.
إن حزب التحرير يعمل بشكل علني وفظ لدرجة أن الحزب الوطني للطلاب قام بمنعه 3 مرات من العمل في حرم الجامعات. وقد تم إعادة تأكيد هذا المنع الأسبوع الماضي، وهذا ليس بشيء مشجع بالنسبة لجماعة إسلامية في ظل هذا العصر الثقافي الحساس.
يؤمن هذا الحزب بضرورة قيام تضارب حضارات بين الغرب والإسلام. كما ويكره الديمقراطية وجميع الأنظمة والقوانين الموضوعة من قبل غير المؤمنين. إن تاريخهم عن هذه الدولة يدعو: “بريطانيا: سيدة الاستعمار”.
ويعمل هذا الحزب في ألمانيا والأردن والكويت وباكستان وغيرها من الدول. وهذا ليس بالأمر الغريب؛ إذ إنه يؤمن بضرورة الإطاحة بالحكومات عبر العالم الإسلامي لأنها غير “إسلامية” بشكل كاف، ويودون استبدالها بالخلافة التي لا تعرف الحدود. إن الحكومة البنغلادشية كانت آخر ما استهدفه حزب التحرير.
قد يفترض بأن عملية حظر حزب التحرير هي أمر غير قابل للجدل خارج صفوف الإسلاميين المتطرفين. ولكن حتى بعد أحداث السابع من تموز، ماتزال هذه الخطوة صعبة -بالرغم من أمنية توني بلير في أغسطس/ آب الماضي بجعل الحزب خارجاً عن القانون-. إن قضية حزب التحرير مثال واضح عن المعوقات التي تقف بطريق أي حكومة تحاول حماية مواطنيها.
وكما هو متوقع، فإن حزب العمل اليساري يعمل ضجة حول الموضوع. لقد قدم كلير شورت مؤخراً المنصة لحزب التحرير في مجلس العموم كي يحارب هذا المنع – بالرغم من أن المادة رقم 108 من الدستور الذي يتبناه حزب التحرير تنص على أن “الدور الأساسي للمرأة هو دورها كزوجة وكأم” وأنه ليس من الممكن أن تعمل المرأة كقاضية أو أن تعيش مع رجال أجانب.
ولا تتوقعوا أي موقف متوازن من الـ«بي بي سي» أيضاً. عندما تم الإفراج عن 3 بريطانيين كانوا مسجونين في مصر بتهم انتسابهم لحزب التحرير، قامت “توداي” بإعطاء اثنان منهم 5 دقائق للتعبير عن سخطهم تجاه السيد بلير، ولم يتلقوا سوى تحدٍّ تافه من قبل جايمس نوغتيه.
كما تخشى جمعية ضباط الشرطة من المنع خوفاً من أن يصبح عمل حزب التحرير سرياً. كما وتقول إنه من الصعب تبرير منع هذا الحزب الذي يدعي بأنه منظمة سياسية لا تلجأ إلى العنف، فهذا يؤدي إلى سوء فهم حزب التحرير، إذ لم يكن دوره هنا أبداً القيام بأعمال عنف، ناهيك أن المنع لن يكون في صالحه نظراً لوضع لندن الحرج في الوقت الحاضر. لقد قام حزب التحرير بزراعة البذور التي ستحصد في المستقبل البعيد: على سبيل المثال، كان منفذو هجمات 11 سبتمبر/ أيلول من قراء كتب حزب التحرير، وكانوا قد تلقوا محاضرات على يد زعيم الحزب في ألمانيا.
ووفقاً لزينو باران، وهي باحثة حول حزب التحرير، فإن هذا الحزب عبارة عن “معبر تحويل” لمنظمات أكثر تطرفاً، والمثال على ذلك الحزب المنشق عن حزب التحرير ويطلق عليه اسم المهاجرون. وأهم شيء هو أن حزب التحرير يستحق التقدير لأنه نشر مفهوم الأمة الواحدة بين المسلمين، أي مفهوم بأنه لو أصاب أحد مكروه، فيجب على الآخرين أن يشعروا معه.
كما ولا يجب على جمعية الضباط أن تقلق حول إمكانية تحوّل عمل حزب التحرير إلى عمل سري فيما إذا منع الحزب؛ وذلك لأنه منذ الآن يعمل أحياناً بالسر، كما وعلم أنه يستخدم أسماءً مختلفة في حرم الجامعات التي تم إقصاؤه عنها.
على أية حال، يبدو أن التجربة التي خاضتها السلطات الألمانية قد تكللت بالنجاح – أي إرسال إشارة إلى هؤلاء الذين وصلوا إلى حافة التطرف لإعلامهم أن جماعتهم غير مقبولة. إن تكاليف عدم اتخاذ أي إجراء مكلفة تماماً كتكاليف اتخاذ أي إجراء مهما كانت وسيلة المنع المستخدمة.
خلال الحرب الباردة، كانت المنظمات من أمثال دائرة البحث عن المعلومات في مكتب الخارجية تصر على تفوق الغرب على منافسيه الاستئثاريين. كما ودخلت المجلات مثل الانكوانتير Encounter في صراع مباشر مع السوفييت. يجب أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا قبل أن يصبح من الممكن ازدهار أي إسلام معتدل. وحتى هذه اللحظة، لدى المتطرفين الساحة برمتها للتصرف بحرية.
2006-05-31