القرآن الكريم معجزة الله الخالدة
2006/05/31م
المقالات
5,478 زيارة
القرآن الكريم معجزة الله الخالدة
(الإعجاز والتحدي)
يمثل القرآن الكريم حجر الأساس في إثبات صدق رسالة الإسلام، وعليه فإنَّ إبطال حجّيَّته في الإعجاز يعني انهيار صرح الإسلام تماماً، ذلك الصرح الذي أرَّق منذ بزغ فجره الشرق والغرب على السواء. وبعيداً عن تفاصيل أوجه الإعجاز التي تناولها الباحثون في علوم القرآن. سأقتصر على الوجه الإعجازي الأكثر بساطة والأكثر قرباً لفهم الناس، والذي ينسجم مع الخطاب القرآني الواضح والمباشر بهذا الصدد. وقبل أن أشرع في تناول لبّ الموضوع لابد من استعراض ما يستند إليه من تصورات.
إنّ مكونات الطبيعة الملموسة تفتقد ميزة العقل وتتصف بمحدودية حيزها، كان وجودها وتنظيمها الأخّاذ على النحو الذي تنساب فيه كالدرر المتلألئة في العقد الفريد بحاجة إلى قوة كبرى، تتمتع بإمكانية الخلق من العدم والقدرة على التحكم الدقيق بالأشياء والتنظيم البديع لأشياء الوجود. وهو ما لا يتأتى وقوعه من الطبيعة الصماء نفسها بحال، فالنظام الذي يسود الكون يستند إلى حِكَم وقوانين مشاهدة لا يمكن إغفالها، ولا يمكن إنكار حاجتها إلى خالق مدبر حكيم.
إنه لا يمكن استثناء الإنسان من القاعدة السابقة تذرعاً بما يتمتع به من قدرة عقلية وإرادة في الاختيار؛ لأنه يقرُّ بمحدوديته وبعجزه أمام قوانين الكون القاهرة، تلك التي يجهد لفهمها ويخضع لها عند الابتكار. وإذا كانت هذه هي حال الإنسان الذي استعمر الأرض وخاض غمار الفضاء، كانت بقية المخلوقات التي يصل إليها حس الإنسان أشد عجزاً منه؛ لذلك كان صاحب الخلق وواضع قوانين الطبيعة المتحكم فيها خارجاً عن إطار الكائنات المخلوقات بداهة. وقد تعارف الفلاسفة والمفكرون على تعريف صاحب هذه القدرة اللامحدودة في إبداع وتنظيم الكون والإنسان والحياة بواجب الوجود، أي الخالق الأزلي الذي تستند كافة المخلوقات في وجودها إليه.
ينظر الإنسان حوله، تدفعه نوازع عدة لفهم دوره في الحياة، يفتش عن إجاباتٍ لتساؤلاته الكثيرة عن طبيعة دنياه، التي لم يُستشَر في قدومه إليها ولم يُخير في كثير من تفاصيلها، فضلاً عن أنه لا يمتلك القدرة على استمرار البقاء فيها. يضطر الإنسان في إيجاد فلسفة ما تجيبه عن أسئلته، إلا أنه لا يشعر بالراحة ولا تسكن قلبه الطمأنينة، بل ويبقى أبد الدهر مضطرباً قلقاً حائراً مهماً بلغ شأن فذلكة الفلسفة المتبناة، ما لم تحقق له هذه الفلسفة رؤية مستنيرة تعالج له أسباب وجوده ورحيله القسري بشكل شامل متكامل يقنع عقله وينسجم مع فطرته.
تهبط الرسالة من الله تعالى (واجب الوجود) على من يختاره من بني البشر ويصطفيه (أي الرسول) ليرشد الإنسان إلى الغاية من خلقه، محدداً له طبيعة دوره في الحياة، واضعاً له منهجاً يسير عليه، ليرتقي به إلى ما فطر الله عليه بني البشر من تكريم وتفضيل عن بقية المخلوقات. تأتي الحاجة هنا إلى توثيق مصدر هذه الرسالة، حيث يلزم منح صاحبها الدليل على صدق ما يحمل، وأنه ليس مجرد دعيّ، وإلا لزعم النبوة كل من هبّ ودبّ، وضاع الناس في حيص بيص.
يأتي الدليل (المعجزة) على مستوى لائق بالرسالة التي تريد أن تربط أهل الأرض بالخالق سبحانه، حيث يبهر ذلك الدليل بني البشر بما يمثل من اختراق القوانين الطبيعية السائدة التي يتحكم فيها الخالق وحده، فيطرح الدليل بذلك تحدياً يعجز معه الناس بقدراتهم عن الإتيان بمثله مجتمعين ومتفرقين، ما يوثق صحّة نبوة حامل الرسالة، ويصبح ذلك الدليل برهاناً فاصلاً بين الكفر والإيمان به.
هكذا يزول قانون الإحراق من النار فلا تتمكن من إيذاء إبراهيم عليه السلام، وتنقلب عصا موسى كليم الله إلى ثعبان، ويُحيي عيسى عليه السلام الموتى بإذن الله. تتدخل الإرادة الإلهية في قوانين الطبيعة مؤثرة فيها؛ لتكون هذه الشواهد معجزات لأصحابها توثق صدق نبواتهم لكل من شاهدها واطلع عليها. إلا أن تلك المعجزات قد توقفت في حجيتها على أزمنة وأمم معينة، وأما إيماننا بصدق وقوعها فلأنها وردت في كتاب الله، المعجزة الخالدة، التي لا تتوقف حجيته على زمان ولا ترتبط بأمة دون الأمم.
نزل القرآن الكريم على النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). هو لم يدَّع أنه ألّفه، ولو افترضناه جدلاً، لأمكن أن يأتي أحد في زمانه أو بعده بما أتى به أو خيراً منه، بحكم طبيعة البشر وسنن الحياة، وهذا لم يحصل قط. كما لم يدَّع أحد آخر تأليفه، ولو فعلوا لانطبق عليهم نفس الحكم، أي طالما تمكن إنسان ما من تأليف القرآن فلن يلبث آخر أن يأتي بمثله أو بخير منه، وهو ما لم يحصل أيضاً، وسنفصل في استحالة أن يقع مثل ذلك. فدلّ على أن القرآن من الله تبارك وتعالى.
صِيغَ القرآن بلغة عربية صرفة، بقواعدها ومعارفها التي تخضع لها أحرف لغة الضاد من الألف إلى الياء. تجسد القرآن في ثلاثين جزءاً، مفصلة في مئة وأربع عشرة سورة، مؤلفة من ستة آلاف ومائتين وست وثلاثين آية، كثير من آياته أكبر حجماً من أقصر سورة.
توجه النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مناوئيه ممن أتقن اللغة الغربية وأجادها شعراً ونثراً على نحو بارز بلغ فيها العرب ذروة القمة، على النحو الذي بلغه سحرة فرعون في فن السحر، وقوم عيسى عليه السلام في الطب. تحداهم أن يأتوا بمثل القرآن الكريم: ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) [الإسراء 88]. طلب أن يأتوا ببعض سور فقط إمعاناً في التحدي وإظهاراً لقوته: ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [هود 13]. طالبهم بأن يأتوا بأقل ما يمكن أن يقع فيه التحدي، أي سورة واحدة: ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [يونس 38]، أكد هذا التحدي وكرره مجدداً في قوله: ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [البقرة 23].
لم يكن بإمكان قريش تجاهل التحدي بحال، ذلك أن القرآن الكريم يمثل الركن الأساس في إثبات صحة نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وصدق رسالة الإسلام، تلك التي تتضمن عقائد وشرائع مثلت منهج حياة جديد، صدمت المجتمع الجاهلي في مكوناته الأساسية، أصابته في صميمه بشكلٍ حادٍّ على نحو يؤثر في قلب الأوضاع رأساً على عقب، عقائدياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً. استجاب سادة مكة للتحدي، حاولوا عبثاً وباؤوا بالفشل، ما أدى إلى ترك المحاججة باللسان والانتقال إلى مقاومة دعوة الإسلام بعنف وشراسة.
حاولوا سحق دعوة الإسلام، مارسوا القتل والتعذيب والنفي والحصار للقضاء على دعوة اقتصرت ثلاثة عشر عاماً على الصدع بالكلمة والتحدي بسورة واحدة، من غير سلاح ولا ثورة ولا عنف. هكذا تغلبت كلمات القرآن الجليلات عليهم، مع أنها تتشكل من حروفهم الهجائية وباللغة التي يفهمونها ويعظمون شأنها وُيجِلّون مكانتها ويعون خباياها ويعقلون روائعها في جوف الكعبة. ازدادت الدعوة الإسلامية صلابةً واكتسبت أنصاراً جدداً، فأُسقط في أيدي طواغيت مكة، فازدادوا شراسة. تآمروا على النبي الكريم وأحكموا خطة لقتله وزاد تنكيلهم بأتباعه، مع أنهم كان يكفيهم الإتيان بسورة، لو فعلوا، لكُفُوا معها همَّ الإسلام إلى الأبد، ولكن أنّى لهم ذلك: ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) [الأحقاف 2].
بمنتهى البساطة، كان ولايزال يكفي الإتيان بسورة واحدة من مثل ما سطره القرآن الكريم حتى تبطل دعوة الإسلام. وما يجدر ذكره أنه لا حاجة لمن قبل التحدي أن يأتي بمثل سورة البقرة، التي يبلغ عدد كلماتها 6144، بل يكفيه الإتيان بمثل سورة الكوثر، التي تتكون من ثلاث آيات، تتشكل من عشر كلمات فقط لا غير. نعم، سورة واحدة في جملة مركبة واحدة، بأقل من سطر واحد، كانت ولاتزال تكفي أرباب النثر والشعر من خصوم هذا الدين لطي صفحة الإسلام نهائياً.
إلا أن هذا لم يحدث ولن يحدث لسبب جوهري، فالقرآن كلام الله تعالى وليس من لدن أحد من البشر، تم نظم درره على نحو فريد بديع، جعل الوليد بن المغيرة ألد أعداء النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) يصفه قائلاً: «والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو وما يعلى».
ولعل قائلاً يجادل: لو افترضنا الإعجاز في القرآن، لانحصر إدراكه في العرب، لأنهم يستطيعون تذوق اللغة ويعون خباياها، فيتمكنون بذلك من إدراك أوجه الإعجاز في القرآن، ولا ينطبق هذا على غير العرب، فكيف يعتبر القرآن حجة على العالمين تلزمهم اعتناق الإسلام؟!
لقد فات أصحاب هذا الجدل أن الإيمان بالقرآن واعتناق الإسلام لا يشترطان احتراف علوم اللغة العربية فضلاً عن معرفتها، فهذا المطلب غير متحقق عند أكثر المسلمين، حيث إن غالبيتهم لا تفقه العربية، كما أن الإلمام باللغة لتذوق القرآن وسبر أغواره والغوص في بحاره وتأمل لآلئه بات عصياً حتى على أكثر العرب في أيامنا هذه. أما ما ينبغي إدراكه من قبل من أراد اعتناق الإسلام، هو أن الإعجاز القرآني قائم ومنصب على التحدي بأن يأتي أحد من البشر بمثل سورة من القرآن، وللتبسيط، فإن القرآن يتحدى البشرية جمعاء أن تأتي بما يماثل سورة من القرآن تتألف من عشر كلمات لا تتجاوز سطراً، ولمرة واحدة لا غير بإبطال أمر الإسلام. وهو ما لم يتمكن أحد قط من فعله، مع أن اللغة العربية بتناول اليد، مازال معمولاً بها وبقواعدها وينطق بها مئات الملايين من البشر، فهذا إن دلَّ فإنما يدل على أن القرآن من عند خالق البشر حصراً.
فما ينبغي إدراكه، وهو ما يعيه المسلمون تماماً، العرب منهم والعجم، إن الأمم كافة عجزت مجتمعة ومتفرقة فرادى وجماعات عن الإتيان بمثل سورة واحدة من القرآن الكريم، وإدراك المسلمين لهذا العجز عن الإتيان بمثل هذا القدر البسيط من القرآن على مرور الأزمان، مع علمهم بإتقان كثير من غير المسلمين للغة العربية، ووجود عوامل قبول التفاعل مع التحدي، هذا هو، لا مهاراتهم اللغوية، ما جعلهم يسلمون بقدسية القرآن الكريم وأنه من عند الله تعالى.
ويكرر بعض المجادلين السؤال بصيغة أخرى، لكن غير العرب من غير المسلمين لن يستطيعوا محاكمة النص القرآني وتبيان إعجازه ما لم يعرفوا العربية، وبالتالي كيف يُطالبونَ بإدارك حجية القرآن وإعجازه؟!
نؤكد مجدداً أن المطلوب هو إدراك أن الإعجاز واقع في استعصاء الإتيان بسورة من مثل ما ورد في القرآن الكريم من بني البشر، ولو كانت بحجم جملة تتألف من عشر كلمات، وهو ما لم يتأتّ وقوعه قط. وبهذا تكون حجية القرآن ملزمة لجميع من وصله هذا الوجه الإعجازي ببيانه.
ولإزالة كل لبس نضيف، صحيحٌ أن السورة لا يتأتى نظمها إلا باللغة العربية، لذا كان لابد من إتقان اللغة العربية لإجراء المحاولة، إلا أن المطلوب هو إدراك أن هناك من امتلك تلك المهارات الفائقة وفشل رغم أنهم كانوا أهل اللغة الأصليين وأساطينها، كذلك مازال يوجد من يمتلك مثل تلك المهارات ويهمه هدم الإسلام بالكلية وفشل أيضاً، وبالتالي فإنّ هذا هو ما يُلزم الاعتقاد بصدق معجزة القرآن الكريم.
إضافةً إلى ما سبق، فإن باب التحدي مازال مفتوحاً على مصراعيه، ولاشك بأن أمر الإسلام يتعاظم في العالم، ومسألة إفشاله تهم دولاً كبرى وأمماً شتى. وفهم وتعلم اللغة العربية أمر متأتٍ لكل من يهمه الأمر، كيف لا، وتعلم عامة اللغات أمر معمول به منذ القدم، بل ويمتلك كثيرون مهاراتٍ فائقة في العديد من اللغات في نفس الوقت على نحو لافت للنظر. والواقع أن أمثال هؤلاء، ممن يتقنون أكثر من لغة، يتعزز لديهم واقع الإعجاز القرآني، لأنهم يعون أكثر من غيرهم معنى استعصاء الإتيان بجملة واحدة لمرة واحدة لا تتجاوز كلمات السطر الواحد في لغة كل عوامل التأليف فيها متوافرة.
وفي موضوعنا فإن الأمر يتعلق بإتقان لغة يكفي إثبات خطأ ادعاء واقع الإعجاز فيها مؤونة شقاء المتهالكين في حملاتهم المتعاقبة للقضاء على الإسلام، في حروب صليبية استمرت لقرون، وفي صراع حضارات دموي، وفي حملات شتى للقضاء على جذور (الإرهاب)! وليس هذا بشيء جديد، فقد مثل الإسلام أهم عوامل الصراع لقرون طويلة ومازال وسيستمر، وكان مركز تنبه الدول الكبرى والإمبراطوريات على الدوام لما يجسده من تحدٍ وتهديدٍ لها لا يمكن إغفاله بحال، وقد أرق الإسلام سهاد ساسة الغرب والشرق على السواء.
لقد بذل خصوم الإسلام جهوداً مضنية لإلغاء عامل الدين في صراعهم مع الأمة الإسلامية، بخاصة ما شاهدناه من قبل الغرب في القرون المتأخرة. حيث استفحلت أنشطة المستشرقين، وحاولوا مطولاً النيل من الإسلام بطرائق شتى، محاولين إثارة الشبهات واللغط المغلوط حول أحكامه. وليس مقبولاً أن يخطر ببال أحد أن قد فات هؤلاء التحدي القرآني بالإتيان بمثل سورة من القرآن عبارة عن جملة واحدة من عشر كلمات لإبطال الإسلام من أساسه.
كما أن لدى الغرب من الباحثين والخبراء المهرة في مراكز الدراسات المتخصصة في الإسلام والعربية ما يقفون معه على أدق تفاصيل الأمور، وهو أمر مشهود، لهم فيه باع طويل تجسد بآلاف الدراسات. ومن زار المعاهد والمؤسسات المتخصصة في لندن وموسكو وواشنطن وباريس فإنه يجد من الأساتذة المحترفين من غير المسلمين من يتقن العربية بشكل فذ، حتى ليظن المرء أن أولئك النفر قد زاملوا الشافعي ومالك وأبو الأسود الدؤلي. وطالما أن الخبراء وذوي الاختصاصات قد أخفقوا في تقديمهم ما يبطل إعجاز القرآن، مع وجود المحفزات الضرورية لذلك، وانتفاء الموانع التي تمنحهم القيام به، فما على من دونهم سوى الإقرار بعظم منزلة هذا القرآن والتسليم بإعجازه وبصدق رسالة الإسلام.
وما يزيد الإعجاز القرآني قوة وقهراً وإبهاراً، فضلاً عن قلة المطلوب تحقيقه في ذلك المجال، مع وجود تحدٍ موجب للتفاعل معه وتوفر الإمكانات المهولة لدى خصومه، كما سبق وذكرنا، هو إبقاء باب التحدي مفتوحاً على مصراعيه إلى قيام الساعة، فلا يوجد موعد مؤقتٌ بأجل يتوقف عنده. وبهذا يظل التحدي القرآني ماثلاً أمام البشرية جمعاء لإبطال أمر الإسلام بالكلية، وهو أمر محال، لأنه كلام الله المعجز إلى قيام الساعة، فكان القرآن بذلك هو المعجزة الخالدة؛ ليربط لزوماً وجوب الإيمان برسالة الإسلام وبالتالي بالرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حامل الرسالة ومبلغها عن الله تبارك وتعالى.
م. حسن الحسن
2006-05-31