سؤال وجواب: تقليد النصارى أو اليهود في أمر من امور دينهم تشبه بهم وهو حرام
1988/01/30م
المقالات
3,552 زيارة
س 1: نلاحظ كثيراً من المسلمين في لبنان يزيّنون شوارعهم أو حوانيتهم أو بيوتهم بمناسبة ميلاد المسيح عليه السلام كما يفعل النصارى، فهل يحل هذا للمسلمين؟
ج 1: لقد وردت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنهى عن التشبه بالمشركين، وتنهى عن التشبه باليهود والنصارى، كما وردت أحاديث تنهى عن أن يتشبّه الرجال بالنساء أو النساء بالرجال. ووردت أحاديث تأمر بمخالفة المشركين ومخالفة اليهود والنصارى.
إن التشبه الذي نهينا عنه هو تقليد المشركين أو تقليد اليهود والنصارى في أمر من أمور دينهم. أما الأمور التي لا تتعلق بالدين فلا بأس أن نتعلمها من غير المسلمين. فلو تعلّمنا الطب والهندسة والفيزياء وسائر العلوم، ولو تعلّمنا الصناعة التطبيقية وقلدناهم فيها فإن الأمر مباح. والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «هممت أن أنهى عن العزل فرأيت الأعاجم يعزلون ولا يضرّهم ذلك». وطلب عليه الصلاة والسلام من أسرى الكفّار أن يعلّموا بعض المسلمين الكتابة ويكون ذلك فديةً لهم.
وان الزينة التي يعملها النصارى في ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام هي طقس من طقوس دينهم، ولذلك لا يحلّ للمسلمين أن يقلدوهم فيها، فاتخاذ ما يسمونها “بابا نوال” في هذه المناسبة حرام، وتزيين المحلات التجارية وتنوير الشوارع وتزيينها في هذه المناسبة حرام، وشراء حلوى أو لعب لها أشكال ترمز إلى هذه المناسبة في هذه المناسبة حرام لأن هذا كلّه يندرج تحت النهي عن التشبّه بهم في شعيرة من شعائر دينهم.
ولا بد من ملاحظة أن التشبه هو العمل الذي يقوم به المرء وهو يعلم أن هذا من طقوس النصارى الدينية، أما إن كان يجهل فلا إثم عليه.
وكلّ شيء يكون من خصائص الكفّار فإنه يجب على المسلم أن يجتنبه. فاسم “جورج” أو “حنّا” مثلاً، من الأسماء التي هي خاصة بهم، ولا يتسمّى بها المسلمون فيحرم على المسلم أن يتسمّى بها. ولباس الخوري أو الراهبة خاص بهم ومميز لهم، فيحرم على المسلم أو المسلمة. وكذلك شعار الشيوعيين (المنجل والشاكوش) هو شعار مميز للشيوعيين، فهو يرمز إلى عقيدة كفر فلا يحلّ لمسلم أن يتخذه شعاراً. وكذلك شعار الزوبعة للقوميين، لأن القوميين يكذّبون القرآن فهم كفّار. وكل حزب أو فئة غير مسلمة تتخذ لها شعاراً ليميزها يصبح هذا الشعار رمز كفر ويحرم على المسلم اتخاذه.
أما لبس القبعة الأجنبية (البرنيطة) للرجل فليس حراماً لأنها ليست من طقوس دينهم وليست هي شعاراً خاصاً يميزهم. وكذلك غيرها من ملابس الرجال ما دامت تستر العورة وليس فيها ما نصّ الإسلام على تحريمه. وملابس النساء غير المسلمات لا يحرم على النساء المسلمات لبسها إذا كانت تخلو من كشف عورة أمام الأجانب، وتخلو من التبرّج وإبراز المفاتن، وليس فيها ما ورد نهي عنه مثل الواصلة للشعر أو غيرها.
وهنا مسألة فيها شبهة، وهي أن بعض المسلمين الذين يقولون: نعم يحرم علينا أن نشارك النصارى في طقوس ميلاد المسيح، ولكنّهم صاروا يقيمون طقوساً قريبة منها في ذكرى مولد محمد صلى الله عليه وسلم. فنراهم يزيّنون الشوارع بالأنوار والأوراق الملوّنة والطبول والمزامير. بعض المسلمين يحرّم هذا لأنه بدعة وتشبّه بالنصارى، وبعض المسلمين يقولون بل هذا أمر حسن، لأن فيه تكريماً للنبي صلى الله عليه وسلم. والأمر الراجح عندنا أنه غير جائز، لأن هذا عبادة، والعبادات توقيفية على ما ورد في النصوص. فإذا أردنا تكريم الرسول عليه وآله الصلاة والسلام فقد بيّن لنا كيف نصلّي عليه وكيف نكرّمه، ولا يكون إكرامه بابتداع شعائر جديدة. علماً أنه لم يجر احتفال بذكرى مولده عليه الصلاة والسلام في حياته ولا على أيام الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وإنّما حدثت هذه الشعائر في وقت متأخر، وكان الدافع إليها الغيرة من النصارى، أي التشبه بهم.
أما من يقيم احتفالاً في ذكرى ميلاد ابنه أو صديقه فالأمر يختلف، لأن هذا العمل ليس عبادة مثل الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا العمل (الاحتفال في ذكرى ميلاد الابن) على فرض كونه تقليداً للنصارى، فهو ليس تقليداً لهم في أمر ديني، لأن احتفالهم بميلاد عيسى عليه السلام هو الأمر الديني، أما احتفالهم بذكرى ميلاد أولادهم فهو عمل غير ديني. ويجوز أن نعمله إذا لم يكن محرماً. والاحتفال يوم ولادة الولد أمر مشروع، فيجوز في شرعنا الاحتفال به وفي ذكراه، كما يجوز الاحتفال بيوم الزفاف، وفي ذكرى يوم الزفاف، وهذه ليس من العبادات.
1988-01-30