«الإرهاب» و«الحربُ على الإرهاب» صناعةٌ أميركيةٌ بامتياز هو فقط لمحاربةِ الإسلامِ ومشروع دولة الخلافة الإسلامية
2015/11/08م
المقالات
2,359 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
«الإرهاب» و«الحربُ على الإرهاب» صناعةٌ أميركيةٌ بامتياز هو فقط لمحاربةِ الإسلامِ ومشروع دولة الخلافة الإسلامية
عبد الرؤوف بني عطا- أبو حذيفة
ما إن انتهت الحرب العالمية الثانية عام1945م، حتى تغيرت الخارطة السياسية والعسكرية والبنية الاجتماعية في العالم، وأصبحت الدول المنتصرة في الحرب وهي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين والمملكة المتحدة وفرنسا أعضاء دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي أُنشئت حينها لتعزيز التعاون الدولي فيما بينهم ومنع الصراعات في المستقبل، وبرزت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي كقوتين عظميين على الساحة الدولية، وانحسر نفوذ القوى الأوروبية، ونتج عن ذلك أيضاً:
1- تشكيل حلف شمال الأطلسي “الناتو” عام 1949م بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، ومهمته حراسة أعضائه وحمايتهم من خلال القوة العسكرية، حيث تساهم كل الدول الأعضاء فيه في القوى والمعدات العسكرية مما أدى إلى تحقيق تنظيم عسكري لهذا الحلف، وما زال الحلف قائماً حتى يومنا هذا.
2- تشكيل حلف وارسو 1955م لمواجهة التهديدات الناشئة من أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو). استمر الحلف في عمله حتى سقوط الأنظمة الشيوعية الأوروبية وتفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991م، ووقتها بدأت الدول تنسحب منه الواحدة تلو الأخرى. وتم حل الحلف رسمياً في يوليو 1991م.
هذا التغير في الموقف الدولي مهَّد الطريق لحرب باردة استمرت أكثر من أربعين سنة من تاريخ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
والحرب الباردة: مصطلح سياسي اُستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وحلفائهم في الفترة من منتصف الأربعينات حتى أوائل التسعينات، وخلال هذه الفترة، ظهرت الندية بين القوتين العظميين من خلال التحالفات العسكرية والدعاية وتطوير الأسلحة والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي.
وفي ظل غياب حرب معلنة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قامت القوتان بالاشتراك في عمليات بناء قواعد عسكرية ودعم صراعات سياسية من أجل المساندة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي كانا حليفين ضد قوات المحور إلا أن القوتين اختلفتا على كيفية إدارة ما بعد الحرب وإعادة بناء العالم خلال السنوات التالية للحرب، فانتشرت الحرب الباردة خارج أوروبا إلى كل مكان في العالم. حيث سعت الولايات المتحدة إلى سياسات المحاصرة والاستئصال للشيوعية وحشد الحلفاء خاصة في أوروبا الغربية والشرق الأوسط، وسعى الاتحاد السوفياتي إلى دعم الحركات الشيوعية حول العالم خاصة في أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية ودول جنوب شرق آسيا.
واللافت أن القوتين كانتا تسعيان نحو التهدئة وتجنب المواجهات العسكرية المباشرة، لأن حدوثها كان سيؤدي إلى دمار محتم لكلا الطرفين بسبب الأسلحة النووية، رغم الأزمات الكثيرة التي صاحبت فترة الحرب الباردة، حتى قَدَّم القائدُ الجديد للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف مبادرتي البيريسترويكا – إصلاحات اقتصادية – وغلاسنوست – مبادرة اتباع سياسات أكثر شفافية وصراحة. لينهار الاتحاد السوفياتي عام 1991م تاركا ً الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في عالم أحادي القطب.
إلا أن سؤالاً يطرح نفسه بقوةٍ هنا وهو: ما علاقة سرد هذه الأحداث التاريخية بالإرهاب والحرب على الإرهاب؟!
نقول وبالله التوفيق: إن هذا السؤال والإجابة عليه هو بيت القصيد من هذه المقدمة التاريخية، ذلك أنه ومنذ الحرب العالمية الأولى فالثانية وما رافقهما من أزمات وحروب هنا وهناك ولغاية انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991م لم نسمع، لا بل لم يؤرخ أي مؤرخ لمفهوم الإرهاب أو لأي حرب دارت بين دولتين أو دول وكان هدفها محاربة الإرهاب، فمن أي رحم وُلِد هذا المصطلح السياسي الذي لا يكاد يفارق أسماعنا هذه الأيام صباح مساء، حتى أصبحت كل الحروب تشن ضد الإرهاب هذه الأيام، بل إن الأغرب من هذا وذاك أن مكافحة الإرهاب والحرب على الإرهاب منذ أكثر من عقدٍ من الزمان لا تُشنُ إلا على المسلمين وبلادهم، فأين كان المسلمون قرابة قرن من الزمان، وهذه الحروب الطاحنة تدور بين الدول وتحصد ملايين البشر؟! ألم يكونوا إرهابيين؟! أم أنهم لم يكونوا مسلمين أساساً؟! واضحٌ أن هناك مغالطةً سياسيةً كبرى وتدليساً سياسياً أكبر، أخفى وراءه وما زال يخفي حقيقة أمر الإرهاب والحرب عليه، وحقيقة لصق الإرهاب بالإسلام والمسلمين، وهذا ما سنحاول بيانه لنسف كل المغالطات وتبديد هذا التدليس لنميط اللثام عن الوجه القبيح الذي تقنَّع بهذا القناع وهو يسوق لهذه المصطلحات، فأيُّ رحم خبيث حمل هذا المفهوم وما غايته؟! ولماذا يقتصر إلصاق هذا المفهوم على الإسلام والمسلمين؟! ولماذا تُدار الحروب باسمه فقط على المسلمين وبلادهم؟! على أننا في تحليلنا هذا لن نرجم بالغيب، بل سنأتي بالشواهد الشاهدة على إجرام ذلك المجرم وعلى سبق إصراره ونيته المبيتة من أجل تسويغ إجرامه وقبح صنيعه ضد الإسلام والمسلمين، وقبل الخوض في تفاصيل تحليلنا هذا لا بد من أن نشير إلى أن المصطلح والمفهوم الذي كانت توصف به الحركات الإسلامية المعارضة والمقاومة لتوجهات هذين القطبين هو مصطلح “ الأصوليين أو المتشددين أو المتطرفين”.
إذاً، فنحن الآن في عقد التسعينات من القرن الماضي حيث تتصدر أميركا زعامة العالم، ويبدو أن انفرادها في زعامة العالم كان مفاجئاً لها بعض الشيء، خصوصاً بعدما استطاعت أن تجيش أغلب دول العالم في عاصفة الصحراء لإخراج العراق من الكويت، الأمر الذي ظهر على تصرفات ساستها اللاحقة التي ما فتئت تسوِّق لنظام عالمي جديد تكرس من خلاله هيمنتها على العالم، وهذا يتطلب منها مزيداً من الانتشار عسكرياً هنا وهناك؛ لحفظ مصالحها وانتزاع مناطق نفوذ لم تكن قادرة عى انتزاعها قبل ذلك، وما دامت كل الدول أصبحت تسير في ركبها على الأقل في العلن، فكان لا بد من أن يوجد عدوٌ محدد خارج حدودها يكون بحجم الاتحاد السوفياتي أو أكبر، عدوٌ يؤهلها لإقناع شعبها ببقاء قواتها خارج الحدود أو الخروج بقواتها والانتشار بشكل أوسع من ذي قبل، وكان العدو جاهزاً في أعين هؤلاء الساسة ومراكز الدراسات الاستراتيجية لديهم، ألا وهو الإسلام والحركات الإسلامية التي كانوا يسمونها حتى ذلك الوقت “بالأصوليين أو المتشددين أو المتطرفين” ولم يصبحوا إرهابيين بعد.
* فهل تعلم أن الدستور الأميركي لا يبيح للرئيس الأميركي إرسال الجيش الأميركي ليخوض حرباً خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية؟! ومع ذلك فقواعدها العسكرية منتشرة في أغلب مناطق العالم.
* وهل تعلم أنه لم يكن هناك وجود لعدو حقيقي للولايات المتحدة منذ أن أصبحت دولة بعد ثورتها الأهلية واستقلالها وتوحُّد ولاياتها في دولة واحدة، فكيف أصبح الاتحاد السوفياتي عدواً لها، وما إن سقط حتى أصبح الإسلام والمسلمون عدواً لها؟!.
* هل تعلم أن لكل جيش في كل دولة عقيدة عسكرية تتمثل ابتداء في تحديد من هو عدو هذه الدولة، أو ما هو المجال الحيوي للدولة الذي إذا اقتربت منه أي قوة مسلحة صارت عدواً لها، فما هي العقيدة العسكرية للجيش الأميركي، ومَنْ هو عدوها ابتداء.
لهذا كله يضطر الساسة الأميركيون على اختلافهم إلى الكذب على شعبهم بتسويق عدوٍ لهم، يوهمون الشعب بأن الشيوعية – على سبيل المثال – خطرٌ على الأمن القومي الأميركي، فما إن سقط الاتحاد السوفياتي وسقطت معه الشيوعية في عقر دارها حتى كان على صانعي الاستراتيجيات السياسية أن يبحثوا عن عدوٍ بديل للشيوعية، بعد أن أدركوا أن خللاً ما أصاب مسيرتهم، وهو غياب العدو الاستراتيجي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ولا أدل على ذلك من تصريح غورباتشوف آخر رؤساء الاتحاد السوفياتي حينما خاطب الأميركيين قائلاً: «سأحرمكم من شيء ستندمون عليه، ألا وهو العدو». فمنذ سقوط الاتحاد السوفياتي عكف دهاقنة السياسة الأميركية على صياغة عدو بديل للاتحاد السوفياتي، فتفتقت عبقريتهم الشيطانية عن أن الإسلام هو العدو الذي سننازله ولكن بأي حجة؟
إذاً، تم تحديد العدو الجديد وهو الإسلام والمسلمون، وبقيت الحجة، فكيف سيعلنون ذلك ويُسَوِّقُونه؟!
وتشاء الأقدار أن يقوم مَنْ قام بضرب مركز التجارة العالمي في نيويورك في سبتمبر من عام 2001م حتى ثارت ثائرة أميركا بإعلان الحرب على الإرهاب في زمن قياسي، والذي هو هذه المرة تنظيم القاعدة في أفغانستان الذي تبنى هذه الهجمات، ويا لّلإبداع!!! فكم يتوافق توقيت هذه الهجمات ومسرحها في عقر دار أميركا مع رغبة أميركا في تجسيد العدو الجديد أمام الرأي العام الأميركي والعالمي! وكم ساهم في حشد الرأي العام الأميركي وراء رئيسه بضرورة الذهاب بعيداً لمحاربته!! وكم تتوافق هذه الأحداث مع التخطيط الاستراتيجي السابق لها بسنوات للتأكيد على هوية العدو الجديد وهو الإسلام والمسلمون. وهنا بدأت الآلة العسكرية وقبلها السياسية تشد رحالها إلى أفغانستان، تجر معها كل دول العالم، وفي مقدمتهم دول العالم الإسلامي، فقد سُئل زبيغنيو بيرجينسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الأسبق «كارتر»، هل هو من أنصار نظرية المؤامرة في ما يخص أحداث 11 سبتمبر؟ فأجاب قائلاً: «نعم، نعم، تعودنا على أن يكون لنا عدو كل سنة»، وهذا يؤكد استراتيجية ابتكار «عدو افتراضي» كمرحلة من مراحل السياسة الأميركية التي تتميز بالاستمرارية، بقصد السيطرة الشاملة على العالم وتكريس تفردها بزعامة العالم.
وهذا «ويسلي كلارك» الجنرال الأميركي المثير للجدل خرج في إحدى شطحاته الإعلامية سنة 2007م، قائلاً: «من كان يظن أننا خرجنا إلى أفغانستان انتقاماً لأحداث 11 سبتمبر فليصحح خطأه، نحن خرجنا لقضية اسمها الإسلام، لا نريد أن يبقى الإسلام مشروعا حرًا يقرر فيه المسلمون ما هو الإسلام، بل نحن نقرر لهم ما هو الإسلام»، فهل بعد هذا الوضوح ما هو أوضح؟! الجواب نعم، فنحن هنا لا نتناول الموضوع من حيث ما هي المكاسب الاقتصادية التي يمكن أن تكسبها أميركا من حربها على الإرهاب حتى وإن نسي أو تناسى السيد «كلارك» أن غزو أفغانستان يهدف بعد ذلك أيضاً إلى سيطرة أميركا على أهم مناطق الطاقة في العالم وهي الجمهوريات السوفياتية السابقة بآسيا الوسطى والتي تسكنها أغلبية مسلمة، انعتقت من رجس حكم الشيوعية وتوجهت فوراً تحاكي إسلامها محاكاة سياسية، بعدما وضعت أميركا يدها طولاً وعرضًا على الطاقة بالشرق الأوسط، وذلك للتحكم في تسيير تجارة النفط والغاز نحو أوروبا وآسيا، إضافة إلى محاصرة الصين والتربص بروسيا، فهذا «ديفيد ميلر» الباحث الأميركي في السياسة العامة في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين ينبهنا بقوله: «في كل مرة نخوض فيها حرباً ينتعش اقتصادنا»، والتي ترينا بشكل ملموس محسوس قُبح العالم الغربي برأسماليته العفنة، ولكن الأوضح من ذلك هو الإجابة على السؤال الذي يأبى إلا أن يطرح نفسه بقوة أيضاً في هذه المرحلة ألا وهو:
ما الذي ستُحاربه أميركا والغربُ معها عندَ المسلمين وبلادِ المسلمين تُحْكَم بأنظمةٍ خاضعة لهم تمام الخضوع؟! فَمَنْ من حُكام المسلمين يملك أَمره بيده؟! فعلى من ستكون حربهم والبلادُ خاضعةٌ لهم على يدِ حكامهم العملاء لهم؟! بل لماذا يحاربون بلاداً هي عمليَّاً تحت حكمهم وتحت سيطرتهم؟!
نعم ما هو الإرهاب الذي لم تُفلحوا بعد بالقضاء عليه عند المسلمين؟! وحكام المسلمين وجيوشهم طوع أمركم يسخرون كل مقدراتهم المالية والعسكرية ويضربون حتى أنفسهم وأهلهم وشعوبهم ليرضوكم؟! يغضبون الله ليرضوكم، فأنتم أولياؤهم. فإن كنتم أعلنتم حربكم على الإرهاب وبدأتم بأفغانستان، فما هو الإرهاب الذي حاربتموه في العراق؟! عندما قمتم باحتلاله كاملاً وقتلتم من قتلتم وشردتم من شردتم وأشعتم الفتنة الطائفية والمذهبية بين أبناء الدين الواحد، تحت عنوان أكذوبة اقترفتموها من أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل التي تمثل خطراً على الأمن القومي الغربي والأميركي بزعمكم، فأي إرهاب وجدتموه في العراق، بل أي إرهاب صنعتموه وأشعتموه في هذا البلد أيها المجرمون؟!
قلنا لكم سابقاً إننا نفهمكم ونرصدكم ونقرأ كل ألاعيبكم، فأنتم مَنْ صنع مفهوم الإرهاب في بلادنا لتحاربوا من ورائه مشروع الأمة التي تسعى إليه، وهو الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة التي أصبحت مطلباً للمسلمين ترنو إليه كل قواهم، هذا ما يرعبكم ويقضُّ مضاجعكم، فأنتم تعلمون أنه بقيامها ستكون نهايتكم في بلادنا، لا بل ستكون نهايتكم على المسرح الدولى الذي ستنتزعه منكم، فأنتم وعملاؤكم عندنا لا تحاربون إلا هذا المشروع، فاستعموا جيداً إلى ما يقوله ساستكم وجنرالاتكم وكتابكم عن ذلك:
في خطاب ألقاه بوش الابن في 8/10/2005م قال: «يعتقد المقاومون المسلحون أنهم باستيلائهم على بلد واحد سيقودون الشعوب الإسلامية ويمكنونهم من الإطاحة بكافة الحكومات المعتدلة في المنطقة ومن ثم إقامة إمبراطورية إسلامية (خلافة) متطرفة تمتد من إسبانيا إلى إندونيسيا». وفي 14/1/2006م، وفي 5/9/2006م عاد جورج بوش للتحدث عن الخلافة فقال: «إنهم يسعون إلى إقامة دولتهم الفاضلة الخلافة الإسلامية حيث يحكم الجميع من خلال هذه الأيدولوجية البغيضة، ويضم نظام الخلافة جميع الأراضي الإسلامية الحالية» وفي مؤتمر صحفي واحد في البيت الأبيض في 11/10/2006م ذكر بوش الخلافة عدة مرات فقال: إن وجود أميركا في العراق هو من أجل منع «إقامة دولة الخلافة التي ستتمكن من بناء دولة قوية تهدد مصالح الغرب» وإن المتطرفين المسلمين يريدون نشر «أيدولوجيا الخلافة» (أي فكر الخلافة) التي لا تعترف «بالليبرالية ولا بالحريات» وأنهم يريدون حسب زعمه «إرهاب العقلاء والمعتدلين وقلب أنظمة حكمهم وإقامة دولة الخلافة» وأن «مغامرة الرحيل عن العراق ستمنح المتطرفين الفرصة للتآمر والتخطيط ومهاجمة أميركا واستغلال الموارد التي ستمكنهم من توسيع رقعة دولة الخلافة». وهذا يعني بالضرورة أنهم ما جاؤوا لاحتلال العراق بحثاً عن أسلحة دمار شامل كما كذبوا على العالم كله، وقد نشر موقع أخبار البيت الأبيض بتاريخ 20/10/2006م عن جورج بوش قوله: «هؤلاء الأصوليون يريدون إقامة دولة الخلافة كدولة حكم، ويريدون نشر عقيدتهم من إندونيسيا إلى إسبانيا» وقال أيضاً: «تخيلوا وضع العالم الذي يقوم فيه هؤلاء المتطرفون بإسقاط الحكومات المعتدلة ويستولون على المنطقة التي سوف يهددوننا منها ويبتزوننا بامتلاكهم للنفط».
أما توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق فقد قال في المؤتمر العام لحزب العمال بتاريخ 17/7/2005م: «إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة دولة إسرائيل، وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي، وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تحكم الشريعة في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية». وحذر في حديث آخر من أن «تحكيم الشريعة وإقامة خلافة واحدة في بلاد المسلمين وإزالة نفوذ الغرب منه هو أمر غير مسموح ولا يمكن احتماله مطلقاً».
أما رئيس فرنسا ساركوزي وفي أول خطاب له في 27/8/ 2007م فقد حذر من قيام دولة الخلافة التي ستمتد حسب تعبيره من «إندونيسيا إلى نيجيريا».
وهذا بات بوكانان وهو جمهوري أميركي محافظ فيقول في مقالة له نشرت في 23/6/2006م بعنوان (الفكرة التي آن أوانها) ويقصد بها دولة الخلافة: «إن مسألة عودة الإسلام كنظام حياة مجرد وقت لا أكثر، وأن قوة أميركا وجيوشها لن تستطيع أن تقضي على الحضارة القادمة في هذا العصر (الإسلام)» ويضيف «لا أدري كيف ندعي بعد ذلك أننا ننتصر»، والتصريحات في هذا المجال أكثر من أن تحصى لقياداتهم العسكرية والسياسية.
أما أنتم يا أبناء الإسلام، فماذا تقولون بعد أن سمعتم تصريحات رؤوس الكفر حول دينكم ودولتكم دولة الخلافة الإسلامية حتى قبل قيامها؟! وهل فهمتم أيها المسلمون وفقهتم تصريحات زعماء الكفر عن الهدف من حربهم على الإرهاب المزعوم؟! وهل فهمتم أن الإرهاب المزعوم من وجهة نظرهم لا يعني إلا محاربة مشروع الأمة وهو بناء دولة الخلافة الإسلامية ومن يعمل لها؟! هذا هو الإرهاب الذي صنعوه كعدو لهم ليحاربوه، باسم نشر الحرية والعدل والمساواة ليُدَلِّسوا على شعوبهم بأن الإسلام هو عدو لهم.
ثم تشاء الأقدار ثانيةً أن تهب شعوب عالمنا العربي من سباتها العميق، وتستيقظ من رَقْدةِ العدمِ فجأةً، فتثور على الظلم والطغيان، فتتساقط رؤوس الأنظمة، فيرتبك المشهد السياسي العالمي، دون أن يكون لديهم استراتيجية للتعامل مع أول ثوراتها في تونس فيُسقِط الشعبُ التونسي العظيم ديكتاتور تونس ابن على، ثم يهبُّ الغرب الكافر بقضِّه وقضيضه لوضع الخطط للتعامل مع قادم الثورات التي بدأت تنتشر في عالمنا العربي بعد أن أيقن شبابنا أن هذه الدول الأمنية القمعية التي طالما أخافتهم ما هي إلا نمورٌ ورقيةٌ، فبدأ الغرب وعلى رأسه أميركا يستعدون للتعامل مع الثورة المصرية فأخذوا ثورة الشعب المصري واحتضنوها احتضان الثعلب الماكر للكتكوت، ثم وفي ليلةٍ ليلاءٍ التهموها باسم إنقاذ البلد من الفوضى التي سيحدثها الإسلام. وفي ليبيا أتظنون أنهم ساعدوا على الإطاحة بالقذافي ونظامه خوفاً على إخوانكم الليبيين من أن يدمر عليهم القذافي مدينة بنغازي فيتداعى حلف الأطلسي لإنقاذهم من إجرام القذافي؟! فهاهم يفعلون الشيء نفسه، ويعيثون في كل ليبيا فساداً عن طريق أعوانهم المأجورين، وفي اليمن أداروا ثورته فأجهضوها بحل لا يختلف عن المشكلة التي جاءت الثورة لحلها، معتمدين في ذلك كله على المرتزقة من عملائهم من حكام بلادنا وجنرالاته ومثقفيه المضبوعين بثقافة الغرب وأبواق إعلام جيَّشوها لهذه الغاية، مستخدمين لذات الغاية كل إمكانيات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، تلك الأدوات الاستعمارية التي أعدُّوها لهذه الغايات، فلا يكاد يخلو بلد من بلدان ربيعنا العربي من مبعوث أممي يستقر به الحال في بلادنا لإدارة ثورة مضادة، لإجهاض تحرك شعوبنا نحو الحرية ونحو إسلامها، ولا أدلُّ على ذلك مما يحصل الآن في ليبيا وفي اليمن، أما في الشام فكانت ثورتها مختلفة فقد كشفت ألاعيبهم من البداية، وعرفت أن هذه الدول تقف إلى جانب أسد هزيل لا يقوى على الوقوف أمامهم، ثم قرروا أن تكون ثورتهم لله وبالله، فهتفوا «ما لنا غيرك يا الله» بعد أن رأوا أن كل هذه الدول تدعم ذلك الأسد المتحنط في مكانه رعباً وخوفاً، ولولا هذه الدول ما صمد بوجههم، ثم بارك الله لهم الهمة والعزيمة بأن صمدو أمام العالم كله بما أوتي من قوة جبارة يلقنونه على الأرض وفي السياسة الدرس تلو الآخر، وما إن رأت أميركا زعيمة الإرهاب العالمي والغرب من خلفها، ما إن رأوا راية الخلافة الإسلامية الراشدة سترفرف عما قريب في ربوع الشام حتى أُسقِط في أيديهم، فقد أتاهم شباب الإسلام بما كانوا منه يحذرون، فتكالبوا عليهم بكل جبروتهم بعد أن فشلت ومن البداية كل المجالس التي شكلوها والائتلافات في تحييد مسار ثورة الشام، على غرار غيرها من البلاد الثائرة التي شكلوا فيها مجالس لثوراتها، واعترفوا بها دولياً، ودعموها لتدير لهم انقلاباً تضرب به ثورة الشعب؛ ليفسحوا المجال أمام عملائهم وصنائعهم ليصلوا ثانية إلى الحكم، ففشلوا بعون الله في الشام، رغم النجاح الذي حققوه في كل من تونس ومصر واليمن، ثم كان ما كان من إعلان خلافة مشوهة الفكر والمعالم غريبة على الإسلام والمسلمين لم تجلب على المسلمين إلا القتل والحرق والجلد والتنكيل، لتكون سبباً في تشويه مشروع الخلافة الحقة الذي قدموا لمحاربته، مشروع الإسلام والمسلمين « دولة خلافة على منهاج النبوة».
وهكذا يتضح أيها المسلمون في كل مكان أن موقف الغرب وعلى رأسه أميركا من الثورات العربية أنها ثورات إسلامية، وهدفها التخلص من النفوذ الأجنبي وإقامة كيان واحد يجمعها على الحكم بالإسلام، وهذا يعني ما يعنيه عند الغرب كما أسلفنا، ويقتضي عندهم محاربته ومنعه، ويقتضي تشويه المشروع والعمل على استئصال العاملين عليه، فاستخدم هذا الغرب كل أدواته للتغلب على هذه الثورات، وأول أدواتهم هم الحكام العملاء وتوابعهم من القوى العسكرية والعلماء والمثقفين بثقافته العلمانية والطبقة السياسية والإعلامية في كل بلد من بلاد المسلمين، ناهيك عن استخدام كل المنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية، والدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتشكيل القوات الأممية، وإرسال المندوبين الدوليين وفرق التحقيق الدولية، وينشئون الجماعات والائتلافات والمجالس المحلية ويعطونها الشرعية الدولية ويتعاملون معها على أنها البديل، ويصدرون من خلالها القرارات التي تضرب الثورات، وتفسح المجال أمام العملاء الجدد ليأخذوا طريقهم لمسك الحكم الجديد، وهكذا تتضح معالم المخطط الأميركي الذي يقوم على تفتيت المنطقة إلى أشباه دول متعادية، تبنى على العرقية والطائفية تصعب معها الوحدة، ويُسَهِّل عليها التدخل عند الضرورة لتمنع ما يهددها، ألا وهو توحد الأمة في كيان واحد هو دولة الخلافة الإسلامية، فماذا أنتم فاعلون يا صناديد الإسلام بعد أن اتضح لكم أن الحرب على إسلامكم وبلادكم حتى تظلوا تعيشون كالأيتام على موائد هؤلاء اللئام؟! ففي سكوتنا استمرار لحياة الذل والهوان، بينما هم ينهبون خيراتنا من تحت أرجلنا، بل إنهم يستخدموننا في استغلال ثرواتنا وخيراتنا أجراء عندهم.
فيا أيتها الأمة الكريمة أنتم أسياد البلاد وأهلها، فإلى متى سنظل نعيش في بلادنا عبيدًا لرعاة البقر القادمين من وراء المحيطات، نحرس لهم إخوان القردة والخنازير وفي أرضنا المقدسة، يسومون أهلنا سوء العذاب، فماذا نحن فاعلون أيها الصناديد؟! أما آن الأوان أن تلتفوا حول راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلنوا أن لا حياة لنا إلا بقيام دولتنا دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة التي ترعانا وتحمينا وتذود عنا، فيها عزنا وقوتنا ورضى ربنا عنا ورسوله، أما آن الأوان أن نهبَّ هبة رجل واحد لنصرة إسلامنا فنستعيد هويتنا وكرامتنا فيتحقق على أيديكم وعدُ رسولنا الكريم «خلافةٌ على منهاجِ النبوة»؟! فهيا للعمل أيها الغيورون على دين الله، هلموا فإن الفجر قد لاح، وأمتكم معكم من أولها إلى آخرها تتوق لسابق مجدها، ناهيكم عن أن نُصرة الله ودينه والحكم بما أنزل الله واجبٌ شرعي وفرض على كل مسلم ومسلمة، وقوموا إلى واجبكم يرحمكم الله، وسوُّوا صفوفكم أينما كنتم، وتوجهوا لله فعنده النصر والقبول، وكبِّروا تكبيرةً إحرامٍ تَضعكم في جَنب الله، تكبيرةً تَهز وتزلزل عروش طغاة الدنيا كلهم لتكونوا في كنف الله وحفظه، تكبيرةَ إحرام تُحَرِّم على قلوبكم الخوفَ إلا من الله، وتقذِفُ الرعب في قلوب أعداءِ الله وأعدائكم؛ فإن كان الله معنا فلا غالب لنا بإذنه، والله إِننا لنجد ريح الخلافة تهب في أرجاء أرضنا كما وجد أنس بن النضر ريح الجنة وهو يقارع أعداء الله.
وها نحن في حزب التحرير قد أعددنا العدة كاملة لنُحَكِّم فينا شرع الله وفق برنامج أصبح واضحاً لدى الأمة، أعددنا ذلك وأكثر… فهاهم شباب أمتنا يتهافتون على نُصرة هذه الدعوة يبذلون في سبيلها الغالي والنفيس ويدفعون ضريبة الالتزام بمنهج التغيير على أساس الإسلام، التغيير الذي يرفض العمل مع أنظمة الجور ومؤسساتها الفاسدة، التغيير الذي لا يرهن نفسه لأعداء الأمة، التغيير الجذري للواقع الفاسد الذي يحياه المسلمون بسبب زوال كيانهم السياسي المتمثل بالخلافة. نريد لأمتنا أن تدرك أن أعداء الإسلام والمسلمين يعلمون قوتنا وقوتكم معنا أكثر من كثير من أبناء المسلمين! فالأوساط السياسية في دول الاستكبار العالمي تعرف حزب التحرير جيداً، وتعرف ما يقوم به وما هو قادر عليه، وباتت تدرك حتمية عودة الخلافة -بعون الله تعالى- وأنها أصبحت مسألة وقت، وأنها لا تستطيع منع الحزب من فعل ذلك مع الأمة، وها هو أمير حزب التحرير يزفُّ لنا ولكم البشارة تحت عنوان:
«قد أوشك إخوانكم أن يبلغوا من هذا الطريق منتهاه»
ويقول: «أُطمئنكم بأن إخوانكم في حزب التحرير ثابتون على الحق، عاملون بجد واجتهاد لتحقيق وعد الله سبحانه وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافةِ الراشدة، لا يخشَوْن في الله لومةَ لائم، وهم يَغُذّون السيرَ على الطريق الذي رسمه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أوشك إخوانُكم أن يبلغوا من هذا الطريقِ منتهاه بإذن الله سبحانه، فيستظلوا معكم وبكم بظلِ رايةِ العُقاب، رايةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهكذا تُشرقُ الخلافةُ في الأرض، وينتشرُ الأمن والأمان والعدلُ في ديار الإسلام (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)).
إن الله سبحانه وتعالى وصف عَداء الكفار للإسلام ومن يعمل له فقال: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ )، إن الكفار باتوا يدركون أن خلافة المسلمين الحقة قادمة لا محالة، وتصريحاتهم تدل على أن الخلافة تشكل لهم كابوساً حقيقياً يهدد وجودهم، وهم يدركون أكثر من غيرهم خطر الإسلام عليهم وعلى مبدئهم، فهم يعيشون لمنعه من الانبعاث من جديد في دولته دولة الخلافة، وتصريحاتهم الكثيرة حول الخلافة تدل على خوفهم منها ورعبهم من قيامها، لأنها ستقطع يدهم عن بلاد المسلمين وستتحكم في مصيرهم، وستحمل مبدأ الإسلام إلى عقر دارهم. أما آن الأوان لأن تدركوا معنا هذا الواقع يا صناديد الإسلام ؟!
وحتى يأتي ذلك اليوم العظيم، فإن الحزب يدعو أبناء الأمة لأن يعوا على ما يقوم به من عمل عظيم، وأن ينصفوه وقد أخلص العمل لله، وأن يعملوا معه إرضاء لله وخلاصاً مما هم فيه من هوان، وأن لا يتفرجوا عليه، وأن لا يتقاعسوا في نصرة دين الله، فالحزب ماض في طريقه عازم على بلوغ مرامه رغم ما يتعرض له من ظلم واضطهاد، ولن يزيده البطش والتجاهل إلا ثباتاً وإيماناً، فطريق الدعوة ليست مفروشة بالورود، وخلافة المسلمين على منهاج النبوة قادمة قادمة بإذن الواحد الأحد. قال تعالى: ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) وقال:( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) وقال: ( وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) وقال: ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )، نعم، إنه بفضل الله سبحانه وحده، ونعمته ومنّه، فإن حزب التحرير قد وصل إلى مشارف الخلافة الراشدة الثانية، وإنه يتأهب لاستلام مقاليد الحكم ليقود العالم إلى خير الإسلام… إنه يتأهب لتغيير التاريخ والجغرافيا، وإن غداً لناظره قريب.
اللهم إن الدين دينك، والنصر نصرك، ونحن عبيدك. اللهم هيئنا لأمتنا وهيئ أمتنا لنا، وألِّفِ اللهم بين قلوب المسلمين واجمعهم على نصرة دينك، وأعزَّنا بالإسلام وأعزَّ بنا الإسلام، وآتنا جميل وعدك بالخلافة الراشدة الثانية… اللهم آمين. اللهم آمين. اللهم آمين.
2015-11-08