الإرهاب الغربي والإعلام الإرهابي
2015/08/30م
المقالات
3,516 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
الإرهاب الغربي والإعلام الإرهابي
عصام أحمد أتيم
الخرطوم- السودان
تعيش البشرية في حقبة تاريخية تكاد تكون هي الأخطر على مر العصور، كيف لا وقد أكلتها الحروب، وطحنتها الصراعات غير المتكافئة لأجل النيل من الثروات، وقد سُخـَّر الإعلام في هذه المعارك الضارية، كل يبتغي عرض بضاعته إعلامياً بالشكل الذي يحقق له مصالحه.
فبعد انتهاء الحروب العالمية – باردها وساخنها- ظهر على السطح صراع الاستعمار عن طريق المؤثرات العقلية والإعلامية التي تحاول تشكيل العقول وإدارة النفوس، ليتمكن الغزاة من السيطرة تماماً على الموارد والثروات، فما حقيقة ما يحدث في عالمنا اليوم من حروب معلنة وغير معلنة تحت عنوان الحرب على الإرهاب؟ وما هو دور الإعلام الغربي في هذه الحرب؟
الإعلام ودوره في صياغة الراي العام:
لا يستطيع أي شخص تكوين موقف معين أو تبني فكرة معينة، إلا من خلال المعلومات والبيانات التي يتم توفيرها، أي لا بد من معلومات سابقة في الدماغ لأجل إحداث عملية تفكير سليمة، وبما أن الإعلام يساهم بشكل مباشر في إعطاء المعلومات التي يسوِّق لها بالكيفية التي يحددها وفقاً لصياغة الأخبار بطريقة معينة، وبمؤثرات بصرية معينة، فكان وما زال لديه القدرة على إحداث تغيير في المفاهيم والسلوك.
ولما أدرك الغرب الكافر هذه الحقائق عمد إلى تبني ما يسمَّى باستراتيجية (الخداع الإعلامي) والتي تقوم على تشويه المعلومة، أو تقديمها بشكل مشوَّه، أو حتى الكذب على المـُتلقّي، بحيث يكوِّن رأياً معيناً تجاه الواقع المقدَّم، يخدم هذا الرأي الخط الذي يتبناه الإعلام ويحقق مصالحه. وفي هذا السياق يقول مؤسس جريدة نيويورك تايمز: «أَعطِ أي إنسان معلومات صحيحة ثم اتركه وشأنه، سيظل معرضاً للخطأ في رأيه، ربما لبعض الوقت، ولكن فرصة الصواب ستظل في يده إلى الأبد، احجب المعلومات عن أي إنسان أو قدمها إليه ناقصة أو مشوهة أو محشوَّة بالدعاية والزيف؛ إذاً فقد دمرتَ جهاز تفكيره ونزلت به إلى ما دون مستوى الحيوان».
ومن هنا كانت مسألة العبث بالمعلومات السابقة من الخطورة بمكان، فهي عمدة طريقة التفكير العقلية، إذ إنها تحدِّد نتيجة التفكير، وبالتالي تصوغ المفاهيم التي بموجبها يكون السلوك بالاتجاه الذي يخدم المفهوم.
وقد تبنَّت أجهزة الإعلام الغربية وتابعاتها في بلاد المسلمين هذه السياسة في ترسيخ ثقافة إعلامية تقوم على إيضاح آثار العمليات الإرهابية وأخطارها ومهدداتها وتعبئة الرأي العام ضدها، بهدف تحصينه ضد الخطر الإرهابي، وكأن الإعلام يعمل بقاعدة (إن السيطرة على عقول الناس وأفكارهم تكون عن طريق إخبارهم أنهم معرضون للخطر، وتحذيرهم من أن أمنهم تحت التهديد). وهذا يتَّسق مع ما قاله دينس جيت- عميد مركز العلاقات الدولية في جامعة فلوريدا الذي قال: «عندما يشعر الناس بالخطر يعجزون عن التفكير، ويمنحون السلطة للشخص المستعد لتوفير الأمان لهم».
ولعل هذا يفسر تلك الرسالة الإعلامية التي حاول (غلين بيك) إرسالها للمشاهد عن طريق برنامجه الذي عُرض في بداية العام 2010م محاولاً من خلاله تفسير ثورات الربيع العربي وتخويف الناس من المسلمين، وقبل الحديث عن البرنامج نورد بعض المعلومات عن (غلين بيك) حتى يُعرف حجم الرجل داخل مؤسسة صناعة الإعلام في الغرب غلين إدوارد لي بيك Glenn Beck هو مذيع ومقدم برامج تلفزيونية، وكاتب، ورجل أعمال، ومعلـِّق سياسي أميركي. يقدم برنامجه بالإنجليزية The Glenn Beck Program وهو برنامج إذاعي حواري ذو انتشار واسع في الولايات المتحدة تذيعه بريمير راديو نيتوركس بالإنجليزية: Premiere Radio Networks) فضلاً عن برنامج الأخبار على قناة فوكس نيوز. اشتهر بتأييده القويّ لـ(إسرائيل) وكراهيته للمسلمين. تصدرت ستة من كتبه قائمة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً؛ حيث حلَّت خمسة منها في المرتبة الأولى عند صدورها.
كيف يفسر غلين بيك ثورات الربيع العربي عبر برنامجه؟
تحت عنوان: «الخلافة الجديدة القادمة»، وقف (جيلين بيك) مقدم البرنامج أمام شاشة بعرض حائط الأستديو وقد ظهرت عليها خارطة بلاد المسلمين وفوقها مباشرة كتب باللغة الإنجليزية عبارة «الخلافة الجديدة القادمة». وقد حرص على عرض صورة هتلر مقابل جماهير الربيع العربي.
بدأ بيك يتحدث فقال: سوف أحدثكم اليوم عن أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث؛ وهي أن تقوم الخلافة الإسلامية… وقال: إذا أشرت إلى منطقة في الخارطة وأضاءت باللون الأخضر فهذا يعني أنها قد ضمت إلى دولة الخلافة القادمة. ثم يتحدث عن تونس وعن وجود الجماعات التى يسميها بالرادكالية، ويتحدث عن جميع بلاد المسلمين التي تضاء على الخارطة بلداً تلو الآخر إلى أن أضاءت كل المنطقة العربية.
ولم ينسَ غلين بيك تذكير المشاهد بوجود البترول والثروات الطائلة في المنطقة وإمكانية فقدانها إذا قامت الخلافة، يقول: «أنا لا أتحدث عن عامة الناس، أنا أتحدث عن أولئك الذين يطلبون النصرة ويعملون لتنظيم صفوف الجماهير، يا الله، يا الله، الخلافة ستقوم، الخلافة ستقوم، ثم تقوم الخلافة فيحكم العالم بالشريعة الإسلامية». ثم يقدم سؤالاً ليجيب عليه لاحقاً وهو «ماذا سيحدث الآن؟» ويشير إلى إسبانيا ويقول «هنا المسلمون كان لهم حضارة سيعملون على استعادة هذه البلاد، وكذلك هناك وجود جاليات مسلمة في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا… يا الله العالم في خطر!». وخلاصة الأمر حاول جاهداً مقدم البرنامج تقديم خطاب فحواه شيطنة الإسلام وإظهاره باعتباره خطراً عظيماً على الحضارة الغربية، بل هو سيدمرها تماماً …نعم هذه هي الرسالة التي أراد الإعلام أن يرسلها للمتلقي الغربي
وإمعاناً في تخويف الشعوب الغربية من الإسلام، أكد المرشح الأسبق للرئاسة الأميركية والكاتب الصحفي باتريك بوكانن حقيقة تقدم مشروع الإسلام وخشية الرأسماليين من ذلك ما يجعلهم في صدام حضاري مع الإسلام، بقوله: «إن الإسلام السياسي استطاع أن يتخطَّى قومية عبد الناصر، وتخطَّى منظمات وتنظيمات، كما أنه تخطى الاشتراكية والشيوعية، وها هو الآن يقف على أعتاب رأسماليتنا وسيصرعها إذا لم نتخذ الإجراءات اللازمة».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد اعتبر في 18 فبراير/ شباط 2015م أن المتطرفين الإسلاميين لا يتحدثون باسم «مليار مسلم»، داعياً القادة الغربيين والمسلمين إلى توحيد صفوفهم للتصدي لـ «وعودهم الزائفة» و«آيديولوجياتهم الحاقدة».
وقال أوباما متوجهاً إلى مندوبي ستين بلداً خلال قمة في البيت الأبيض بشأن مكافحة التطرف: «إن الإرهابيين لا يتحدثون باسم مليار مسلم»، مضيفاً «إنهم يحاولون أن يصوروا أنفسهم كقادة دينيين ومحاربين مقدَّسين. هم ليسوا قادة دينيين، إنهم إرهابيون» واعتبر أن الحرب على الجماعات الإسلامية يجب أن تخاض في العقول والقلوب، كما تخاض في البر والجو، ونافياً وجود «صراع حضارات» ومؤكداً: «نحن لسنا في حرب مع الإسلام”.
إذاً دعوة أوباما للتصدي لأيديولوجية المسلمين هي حملة صليبية تضاف إلى مجموعة الحملات الصليبية التى كان آخرها حرب جورج دبليو بوش الابن الذي أعلنها صراحة حرباً صليبية. ومنذ ذلك التاريخ والإعلام يعمل على إرهاب المسلمين وترويعهم وشيطنة كل ما هو إسلامي وجعله في خانة الملاحقة والمحاصرة، وكأن الإسلام في حد ذاته جريمة يعاقَب معتنقه!! وهذا بالفعل ما تُصوِّره غرف صناعة الإعلام في الغرب والشرق، فكلها منظومة رقمية تكنولوجية واحدة تعمل على تحقيق مصالح الرأسمالية التى من مصلحتها تشويه صورة الإسلام وإيجاد رأي عام في العالم ينفّر الناس من الإسلام وأنظمته حتى يمنع قيام الخلافة. فتصريحات الرئيس أوباما وكبار صنَّاع القرار ظاهرة وواضحة وبيِّنة للعيان، فالرجل يقول الحرب ضد الجماعات الإسلامية يجب أن تكون حرب عقول وقلوب…
ومن هنا أدرك الرئيس أوباما أن المعركة فكرية مشاعرية بين الرأسمالية العالمية وسدنتها وعبيدها في البلاد الإسلامية؛ لذلك رأينا الإعلام ينشط في فترة ما بعد سقوط الطواغيت في (الربيع العربي) باتجاه تقديم نموذج مشوَّه للإسلام في الممارسة السياسية، ورأس الحربة في ذلك هي كتائب الإعلام وجيوشه لمحاربة العقل والمشاعر حيث يحقق الكافر المستعمر من خلالها عدة أهداف ضمن حملته الصليبية وهي:
1- ضرب هذا المدّ الإسلامي المتنامي في بلاد المسلمين، وهذه المشاعر التي تتأجج في صدورهم وصدور الذين يعملون للتحرير وضرورة عودة الحكم بالإسلام؛ فيتم تنفيس هذه الحماسة والإخلاص من خلال تقديم نموذج أو أكثر للإسلام السياسي.
2- تصفية خيرة أبناء المسلمين وجرهم إلى صراعات مصالح دولية تنعكس في الداخل في حروبات محلية وخلافات مذهبية ونعرات جهوية، وكل هذا يدار من غرف المخابرات المظلمة من وراء البحار .
3- تشويه صورة الإسلام وأنظمته أمام العامة، ومحاولة إظهاره بالفاشل في مواكبة متطلبات العصر.
كيف يخدم الإعلام الإرهاب:
لقد درج الإعلام في بلاد المسلمين على اتِّباع سنن الإعلام الغربي في نقل الأخبار؛ ما جعله إعلاماً يتبنى قضايا المستعمر دون وعي أو رؤية.
والشواهد على ذلك كثيرة، فمثلاً أوردت صحيفة الجريدة الصادرة في الخرطوم بتاريخ 16 فبراير 2015م خبراً عن تعرض أحد المواطنين لمحاولة ذبح من قبل أحد المعتوهين، ورغم أن الحادث يعتبر حادثاً عادياً فهو جريمة قام بها أحد المتفلتين؛ إلا أن الجريدة قد صاغت الخبر بكيفية من شأنها أن تخدم مشروع المستعمر في الترويج إلى ما يسمى بالإرهاب، فجاءت صياغة الخبر كالآتي: (مهندس يتعرض لمحاولة ذبح على طريقة داعش) وجاء في متن الخبر تعرض المهندس فلان الفلاني لمحاولة ذبح من قبل شخص الراجح أنه متطرف. هذا الخبر بهذه الصياغة فضلاً عن أنها تجافي النزاهة المهنية، فهي كذلك تروِّج لشيطنة الإسلام وعرضه باعتباره دين البربرية والدموية .
وبالمقابل ترى الإعلام فى الغرب يتعامل مع الوقائع والأحداث وهو يحرص على المحافظة على رسالته الإعلامية دون التأثر بالواقع، فقد عرضت معظم وسائل الإعلام الأميركية خبر إعدام ثلاثة مسلمين على يد أحد المتطرفين الملاحدة بكيفية تتماشى ومقاصد الإعلام الأميركي، فجاء عرض الخبر في نهاية الأخبار، وقد أشارت الوسائل إلى مقتل ثلاثة مسلمين على يد مجرم بسبب خلاف في مكان (الباركن). دون الإشارة إلى أن هذه حادثة إرهابية ومجزرة راح ضحيتها ثلاثة من المسلمين الأبرياء.
وإذا تتبعنا حجم الأعمال الإرهابية في الغرب نجد نسبة جرائم الإرهاب التي يقوم بها غربيون لا تقارن بنسبة الجرائم التي يقوم بها آخرون وتنعت بأنها إرهابية، فعلى سبيل المثال أسوق إليكم بعض الإحصائيات للمهتمين بهذا الشأن، ودعونا نبدأ بأوروبا، حيث تشكِّل نسبة الهجمات الإرهابية التي نسبت للمسلمين أقل من 2% من العدد الكلي للهجمات الإرهابية هناك.
ولقد لاحظت هيئة «يوروبول»، وهي وكالة إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي، في تقريرها الذي صدر في العام الماضي، أن الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية في أوروبا ارتُكبت من قبل الجماعات الانفصالية، وعلى سبيل المثال، كان هناك 152 هجوماً إرهابياً في أوروبا عام 2013م، ولكن كانت «الدوافع الدينية» وراء هجمتين فقط من هذه الهجمات، مقابل 84 عملية إرهابية بسبب المعتقدات العرقية أو القومية أو الانفصالية.
إننا نتحدث في هذا الصدد عن جماعات مثل FLNC الفرنسية، التي تدعو إلى انفصال جزيرة كورسيكا كدولة مستقلة. ففي ديسمبر(كانون الأول) 2013م، شن إرهابيون من FLNC هجمات صاروخية متزامنة ضد مراكز الشرطة في مدينتين فرنسيتين. وفي اليونان في أواخر عام 2013م، قتلت القوات الثورية الشعبية اليسارية المتشددة اثنين من أعضاء حزب اليمين السياسي «الفجر الذهبي»، وأما في إيطاليا، فقد شاركت مجموعة FAI في هجمات إرهابية عديدة، بما في ذلك إرسال قنبلة لصحفي، والقائمة تطول وتطول. فهل سمعتم بهذه الهجمات؟ ربما لا، ولكن لو ارتكبها غيرهم، فهل تعتقدون أنها كانت ستحظى بذات القدر من التغطية في وسائل إعلامنا؟
وحتى بعد وقوع واحدة من أسوأ الهجمات الإرهابية في أوروبا عام 2011م، عندما ذبح أندرس بريفيك 77 شخصاً في النرويج لتعزيز أجندته المعادية للمسلمين وللمهاجرين، والموالية لـ«أوروبا المسيحية»، كما ذكر هو نفسه، لم نرَ الصحافة غطَّت الموضوع بكثافة في الولايات المتحدة!
نعم، تمت تغطية ذلك، ولكن ليس بالطريقة التي نراها عندما يقوم بالعملية مسلم ويكون هو المنفذ للهجوم. وقد رأينا مسيرة النفاق من العجم والأعراب عندما خرجوا ينددون بحادثة شارلي إيبدو، وكيف تعامل الإعلام بحالة استعداء مائة في المائة. بالإضافة إلى ذلك، لم نرَ خبراء الإرهاب يملؤون ساعات البث الإخباري متسائلين: كيف يمكننا أن نوقف الإرهابيين المسيحيين في المستقبل. بل في الواقع، كان حتى وصف بريفيك بأنه «إرهابي مسيحي» لقي غضب الكثيرين، بما في ذلك بيل أورايلي من شبكة فوكس نيوز.
وفي آخر الحروب الإعلامية الغربية ضد الأمة الإسلامية أعلن موقع التواصل (الاجتماعي) فيسبوك أنه حدّث معايير النشر المسموح والممنوع للمستخدمين، مؤكداً في الوقت ذاته أنه لن يسمح باتخاذه منبراً لنشر «الإرهاب» وخطاب الكراهية والمواد غير الأخلاقية.
وأضاف أنه لن يسمح بدعم قادة المنظمات «الإرهابية والإجرامية»، أو الإشادة بهم أو الموافقة على نشاطاته، وأكد الموقع أنه سيزيل المحتوى ويعطل الحسابات عندما يُعتقد أن هناك خطراً من وقوع ضرر حقيقي أو تهديدات مباشرة على السلامة العامة…
وكان مؤسس الموقع مارك زوكربيرغ قد أكد في الخامس من الشهر إبريل/ نيسان 2015م أن العاملين في الموقع يسارعون إلى حذف أي منشورات أو رسائل ذات محتوى «إرهابي» أو تحض على العنف، مضيفاً أن فيسبوك لا يعمل مثل الشرطة، وأنه «لا يمكن أن يكون لدينا كادر كبير من العاملين لمتابعة كل ما ينشر على الموقع». المصدر: الجزيرة نت + وكالات.
إن الأمة الإسلامية، وهي تسير في طريق التحرير من قبضة المستعمر، تواجه العديد من التحديات والعقبات، وعلى رأسها ممارسات الأجهزة الإعلامية التي تحرص على الحيلولة دون وعي الجماهير على فساد الواقع الرأسمالي النتن وصدق أفكار الإسلام، ومقدرتها على معالجة الوقائع الجارية، وقد انخرطت إدارة الفيس بوك في الحملة التي تسمى «الحرب على الإرهاب» أي (الإسلام) دعماً للرأسمالية المتوحشة ومحاربة حملة الدعوة ممن يفضحون جرائم الدول الاستعمارية.
فقد تعرضت حسابات شباب حزب التحرير وكثير من أبناء المسلمين على موقع التواصل (الاجتماعي) فيس بوك لمجزرة من إزالة وحذف بلغت ذروتها في بداية نيسان/أبريل 2015م وهي مستمرة إلى لحظة كتابة هذه السطور.
فلماذا الخوف من الكلمة!! وهل أصبحت الكلمة أكثر إيلاماً من البارود والبراميل المتفجرة!! نعم إنه الإسلام العظيم الذي بات يؤرق مضاجع القائمين على الأمر الرأسمالي وإعلامه المفلِس.
إن لهذه القرارات التي اتخذتها إدارة الفيس بوك دلالات مبشرة وعظيمة منها:
أولاً: إن الكلمة التي يساهم بها الشباب في الفيس بوك لها أثرها في قلوب حراس المصالح الرأسمالية من الإعلاميين ومرتزقة الإمبريالية، ما يجعلهم يتحركون كالمذبوح للحيلولة دون وصول الحق للناس.
ثانياً: إن حملة تكميم الأفواه ومحاصرة الرأي والتعتيم عليه التي تقوم بها إدارة الفيس بوك لهي دليل على عجز وإفلاس، بل هي انتكاسة ورِدّة حضارية عن أسس القيادة الفكرية الرأسمالية التي تجعل من حرية الرأي أصلاً من أصول المبدأ الرأسمالي… فماذا تبقَّى لهم من مبدئهم إلا الاستسلام للهزيمة والخسارة!
ثالثًا: إن الحروب الإلكترونية المعلنة على الأمة الإسلامية ليس فقط من قبل الفيس بوك فهو جزء من كل، فقد أعلن الجيش البريطاني عن تأسيس وحدة باسم الكتيبة رقم (77) إلا أن هذه الكتيبة لن تقاتل في ساحات المعركة وإنما على صفحات مواقع التواصل (الاجتماعي). وتتكون الفرقة ومقرها مدينة هيرميتاج البريطانية من 1500 ينتمون إلى كتائب مختلفة من الجيش، وما يجمعهم هو خبرتهم في مجال مواقع التواصل (الاجتماعي) وشن الحرب النفسية من خلالها.
وذكر مصدر عسكري لصحيفة الغارديان البريطانية أن الفرقة تأسَّست لتكون كياناً جامعاً لكافة المواهب والقدرات المطلوبة في صراعات وحروب اليوم.
ولعل أبلغ ما يدلل على أن الغرب الرأسمالي يرتجف من المد الإسلامي المتنامي ويرتعد هي تلك المؤتمرات التي قام بها شياطين العرب والعجم وتعاقدوا فيها وتعاهدوا على ضرورة وجود أسلحة متعددة لمحاربة الإسلام دون الاعتماد على الآلة الحربية، وقد كان آخرها المؤتمر الذي عقد في واشنطن في التاسع عشر من شباط/فبراير 2015م تحت عنوان: (محاربة التطرف والعنف) بقيادة أوباما ثم تلاه قمة وزراء الأوقاف التي عقدت بمصر نهاية شباط/ فبراير الماضي.
فهل سينجح الغرب الرأسمالي في حربه الإعلامية الإرهابية ضد الإسلام؟
إن كل المؤشرات تقول إنه لن ينجح، بل إنه سيخسر معركة الرأي والمعلومة الصحيحة خسارةً عظيمة، فهناك العديد من أبنائه يعتنقون الإسلام رغم الكبت والتعتيم والتشويه الذي يُمارَس اليوم، فكيف إذا أقيمت للأمة دولة صاحبة رسالة حضارية وإعلام يدعو لتحرير الأريسيين والمقهورين من قبضة الأديان الوضعية إلى سعة الإسلام العظيم. ويومئذ ترى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، وليس ذلك عنا ببعيد.. فالهمة الهمة يا حملة الدعوة، والثبات الثبات. وما النصر إلا صبر ساعة.. فقوموا إلى إعلامكم يرحمكم الله.
كيف السبيل لمواجهة حرب الإرهاب ؟
أولاً: إن الحرب على الإرهاب هي معركة مع الخلافة، بل هي معركة مع النبوة؛ لأن الخلافة القادمة على منهاج النبوة وليس على منهاج أميركا .
ثانياً: إن الغرب أصبح غير فاعل في منطقتنا الإسلامية، بل أصبح مفعولاً به من قبل تحركات الأمة الثورية التي فاجأته وأدهشته وجعلته يفقد ما تبقَّى له من عقل .
ثالثاً: الأدلة تشير إلى أن الغرب سينتقل إلى الخندق الأخير، وهو سياسة خنق الأنفاس تحت عنوان محاربة التطرف، ولعل مؤتمر أميركا شاهد على ذلك .
رابعاً: إن الأمة بلغت مرحلة من الوعي على أفكار الإسلام وعلى الخلافة بحيث لم تستطع حملة تشويه الخلافة أن تجني الثمار التي كان يطلبها الغرب؛ فقد كانوا ومازالوا يطلبون رأس الإسلام لا غيره؛ لكنهم فشلوا وتكسرت مؤامرتهم على صخرة الوعي الذي أظهرته الأمة .
خامساً: لقد أثبت شباب الأمة الثائر فاعليته الإعلامية، ومقدرته على تجييش الرأي العام بالاتجاه الصحيح، وما حادثة مقتل المسلمين الثلاثة في أميركا عنا ببعيد .
سادساً: لقد أصبح لدينا اليوم إعلام تفاعلي نستطيع من خلاله المساهمة في بلورة رؤية ناضجة حيال قضايا الأمة، فقوموا أيها الشباب إلى إعلامكم يرحمكم الله.
سابعاً: إن التاريخ يدور اليوم باتجاه رغبة الأمة في التحرر والانعتاق، فاغتنموا الفرصة وشكلوا وعياً وتقدَّموا الصفوف، فأنتم لها أيها الإعلاميون الجدد.
ثامناً: إن الرأسمالية الغربية تعاني من أمراض سرطانية، من كساد وتضخم وعطالة وتفسخ في العلاقات الاجتماعية، فافضحوها واكشفوها وعرُّوها من ورقة التوت التي تغطي بها سوءاتها.
تاسعاً: لقد كشفت أحداث المخاض التي تعيشها الأمة عن حجم الهوة السحيقة بين الأمة وبين الأوساط السياسية في بلاد المسلمين، فليست للأمة قيادة اليوم من بيادق الغرب، فتقدموا الصفوف لتولِّي هذه المرحلة التاريخية المهمة قيادة وريادة سياسية .
عاشراً: إن الصراع الذي يفرض نفسه على الساحة الدولية هو تحديداً بين حضارتين: الرأسمالية والإسلام. وبين مشروعين: مشروع الغرب الرأسمالي الاستعماري المتوحش، ومشروع الخلافة العظيم الذي يخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الرأسمالية وسائر الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فكونوا أيها المسلمون الإعلاميون جيش الإعلام لدولة الخلافة الراشدة الموعودة، قبل قيامها وبعده، وعلى الله قصد السبيل.
2015-08-30