العدد 453-454 -

السنة التاسعة والثلاثون، شوال-ذو القعدة 1445هـ الموافق أيار-حزيران 2024م

منظومة «هاسبارا».. هكذا تعمل الدعاية (الإسرائيلية) السوداء ضد الفلسطينيين

اتبعت (إسرائيل) عمليات تضليل ممنهجة بهدف قلب الحقائق وشيطنة الفلسطينيين والمتعاطفين معهم وفق منظومة دعائية للاحتلال تعرف بـ «هاسبارا»، وهدفها تبييض صورة الاحتلال ومواقفه وإخفاء جرائمه التي يرتكبها منذ عام 1948م؛ وتبرير جرائمه بحق الفلسطينيين في إطار نهج مدعوم رسميًا من كافة المؤسسات (الإسرائيلية) في الداخل والخارج. والتصدي لأي محاولة لإدانة الاحتلال وممارساته واعتراض موجات التعاطف مع القضية الفلسطينيّة في أرجاء العالم.

هذا وقد قدم موشيك أفيف استقالته من منصبه مؤخرًا، كرئيس لـ»هاسبارا» وفق ما نقلت عنهم صحيفة «إسرائيل اليوم». والذي تولى منصبه قبل شهر من هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ إلا أنه تعرض لانتقادات قاسية لعدم قدرة تل أبيب على تنفيذ حملات دعائية ناجحة أمام السردية الفلسطينية التي انتشرت بكثافة على مستوى العالم. ومن أمثلة من عمل منظومة «هاسبارا:

 – التحريض ضد الفلسطينيين، من مثل ما زعمته صحف أمريكية من أن (إسرائيليات) تعرضن للاغتصاب إبان هجمات المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، دون أن توثّق أي شهادة لتلك الحالات، بل اعتمدت هذه الصحف في اتهامها على مؤسسات (إسرائيلية) وجنود وشهود غير معروفين؛ ولكن لاحقًا تبيَّن كذب هذه الرواية؛ إذ تناقضت هذه المزاعم بشكل واضح مع شهادات الأسيرات (الإسرائيليات) المفرَج عنهن، خلال الهدنة الأولى في غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

– ترويج مزاعم قتل أطفال وقطع رؤوسهم خلال الهجوم ذاته، وهذه السقطة تورط فيها الرئيس الأمريكي حين تبنَّى هذه الرواية، ورددها على وسائل الإعلام؛ ولكنه عدل عنها حيث أصدر البيت الأبيض أن تصريحات الرئيس كانت مبنية على مزاعم مسؤولين (إسرائيليين) وتقارير إعلامية محلية.

ومن بين الأساليب التي تستعملها «هاسبارا»:

– اختراق وسائل الإعلام التقليدية أو السيطرة عليها وبالتعاون مع جماعات الضغط الصهيونية، والعمل على تقديم معلومات وتحليلات موجهة لتبرير السياسات (الإسرائيلية) وطمس وجهات النظر المخالفة عبر تهميشها أو شيطنتها. 
–  استخدام لجان إلكترونية متخصصة لنشر تغريدات ومشاركات بشكل مكثف على منصات مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام، بهدف التأثير في الرأي العام وتوجيه النقاشات بصورة تخدم مصالحه. 

 – إنشاء مواقع إخبارية ومدونات تروج لوجهة نظر دولة الاحتلال، وتعرض وجهة نظره في القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية…

– استخدام حكومة الاحتلال سفراءها ودبلوماسييها يتم ذلك من خلال المشاركة النشطة في النقاشات وتقديم الحجج التي تدعم وجهة نظرها. 

– استخدام الفنون والثقافة كأداة لتعزيز صورتها مع البلدان الأخرى؛ حيث يقوم الكيان بتنظيم حفلات موسيقية ومعارض فنية وعروض مسرحية لتوجيه الانتباه بعيدًا عن القضايا السياسية الحساسة.

– العمل على تحويل الصراع «الإسرائيلي الفلسطيني»، من صراع يتمحور حول الأرض، إلى أزمة كراهية لليهود. والعمل على التأثير على كيفية تفكير الرأي العام في العالم، وخاصة الأمريكيين، بشأن (إسرائيل) ومنطقة الشرق الأوسط في المستقبل، بمخاطبة الرأي العام برغبة (إسرائيل) في السلام.

– الاعتماد في بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة، على «الطابور الخامس»، من المتعاطفين الناشطين لتضخيم رسائلها، وتشويه التصريحات التي تتعارض مع روايتها، والطعن في الموقف الأخلاقي للذين ينتقدون جرائمها، والترويج لدولة الاحتلال باعتبارها «دولة ديمقراطية».

في سياق متصل، أطلقت الوكالة اليهودية ما أسمته بـ»دليل هاسبارا» على الإنترنت للطلاب، في جميع أنحاء العالم لاستخدامه للدفاع عن «إسرائيل» وسياساتها، وهو عبارة عن كتيب تدريبي، فيه شرح بالتفصيل لاستراتيجيات الدفاع وأسس المجادلة والدخول في النقاشات، محددًا مجموعة من الأهداف، وعلى رأسها: تبرير الهمجية والوحشية تحت عنوان محاربة «التطرف والإرهاب»، واختلاق الوقائع وقلب سياقها، في إطار تشويه الحقيقة، وحرف الأنظار عن المجرم الحقيقي، وكذا تحوير أي نشاط معارض للاحتلال وتحويله إلى نشاط معاد للسامية، وهي تهمة يعاقب عليها القانون في بلدان عدة.

الوعي: إن أسلوب تشويه الحقائق وقلبها، ونشر الدعاية الكاذبة، وحرف الأنظار عن الحقيقة… هو من أساليب الاحتلال كما ذكر؛ ولكن هذا الأمر ليس مقتصرًا على ما يقوم به حصرًا هذا الاحتلال، بل هناك فرق وغرف من مختلف البلدان، من مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا… وتحديدًا من أقبية مخابراتها، تقوم بمثل ما تقوم به وكالة «هاسبارا» السيئة الذكر هذه… والوعي تشجع من عنده الشغف من المسلمين بمتابعة مثل هذه الغرف السوداء والعمل على كشفها بمتابعة أكاذيبها، وحبذا لو يشكل البعض منهم فرقًا يكون دأبها فضحها وإفشال أمثالها.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *