خيانة الحكام في السعودية للمسلمين في فلسطين ليس وليد اللحظة
2024/03/26م
المقالات
1,080 زيارة
إن خيانة الحكام في السعودية للمسلمين في فلسطين ليس وليد اللحظة، فالعلاقات السرية كانت وما زالت بكيان يهود، ثم كانت التصريحات العلنية والمغازلة السياسية لهذا الكيان؛ حيث إنه في 2018م، صرح ابن سلمان في مقابلة أجراها مع مجلة «ذي أتلانتيك» الأميركية قائلًا: «ليس هناك أي اعتراض ديني على وجود دولة إسرائيل. وقال: «إذا كان هناك سلام فستكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى مثل مصر والأردن». الجزيرة نت 4/4/2018م. وقال في مقابلة أجراها مع مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية: «إننا لا ننظر لإسرائيل كعدو، بل ننظر لهم كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معًا؛ لكن يجب أن تحلَّ بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك». وكالة الأناضول: 3/3/2022م.
وفي 20/9/2023م، تناقلت وسائل الإعلام ما صرح به ابن سلمان لقناة فوكس نيوز حيث قال: “لدينا مفاوضات جيِّدة مستمرة حتى الآن. علينا أن نرى إلى أين ستصل الأمور. نأمل أن يؤدي ذلك إلى تسهيل حياة الفلسطينيين وجعل إسرائيل لاعبًا في الشرق الأوسط”. وعندما سأله المذيع عما إن كانوا قريبين من الأمر، رد ابن سلمان: «نقترب كل يوم أكثر، ويبدو الأمر جديًّا لأول مرة. سنرى كيف ستسير الأمور” سي إن إن بالعربية 21/9/2023م.
وبالطبع كان كيان يهود يرد على هذه المغازلات بما يقابلها من لين جانب وتودُّد إلى أن جاء طوفان الأقصى الذي فاق توقعات الجميع -حتى من قاموا به أنفسهم- فقلب الطاولة على الجميع، ثم كانت حرب يهود الانتقامية على المدنيين في غزة، وكانت التصريحات الخجولة مما يجري من قبل ابن سلمان؛ إلا أن أفعاله كانت تبدي شيئًا مما يخفيه؛ إذ في غمرة الحرب والمشاعر الجيَّاشة عند المسلمين تجاه ما يجري بقي ابن سلمان مستمرًّا في حفلاته الماجنة ومستمرًّا في حربه على الإسلام والمسلمين، فكان أن تبنَّت السعودية ممثلة بابن سلمان ديباجة الخطاب الغربي، وكرَّر نفس الديباجة في مناسبات متعددة، منها على سبيل المثال ما صرح به في افتتاحية القمة العربية الإسلامية قائلًا: «لقد بذلت المملكة جهودًا حثيثة منذ بداية الأحداث في غزة، واستمرَّت بالتشاور والتنسيق لوقف الحرب، ونجدِّد مطالبنا بالوقف الفوري للعمليات العسكرية، ونؤكد الدعوة للإفراج عن الرهائن المحتجزين وحفظ الأرواح». 11/11/2023م. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان «أكد اهتمامه في إقامة علاقات مع إسرائيل؛ لكنه يريد وضع حد لحرب غزة ومسارًا نحو دولة فلسطينية». الشرق الأوسط 6/2/2024م.
هكذا كانت تصريحات ابن سلمان مطابقة في فحواها لخطابات أساطين الكفر، مظهرًا تعاطفه مع يهود واصفًا أسراهم بالرهائن، مصرًّا على التمسك بعلاقته معهم، راجيًا أن تسمح الظروف بظهورها للعلن.
وسار الإعلام الرسمي السعودي على نهج ابن سلمان بعدم الوقوف بجانب أهل غزة ومقاومتها وتصنُّع «الحياد الغربي» الذي في حقيقته انحياز للقتلة على الأبرياء. فما فتئ هذا الإعلام يطالب كلا الطرفين بوقف القتل للمدنيين الأبرياء، وكأن أولئك المحتلين الذين قتل شرذمة منهم – مدنيون أبرياء – ويساوون من لا حول لهم ولا قوة في غزة!.
وكذلك كانت تصريحات مرؤوسيه، فهذا سفيهه تركي آل شيخ المستشار الوزير ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في دعوته لموسم الرياض متحديًا مشاعر المسلمين مظهر ًا للفرح حال مصابهم، فقال في فيديو مروجًا لماكدونالدز الشركة الداعمة لكيان يهود: «مع الشريك الاستراتيجي ماكدونالدز اُطلب وجبة وتحصل على وجبة مجانًا».
وبقي ابن سلمان ومن معه منشغلين بإقامة الحفلات الماجنة في تحدٍّ صارخ للمسلمين، مظهرين للفرح على مصابهم ودعمهم لمن يدعم كيان يهود، ساعين مع حكام الضرار في بلاد المسلمين لوأد هذا الطوفان الذي أعاد للمسلمين شيئًا من مشاعر العزة التي افتقدوها لعقود، فكانت المبادرات لما بعد غزة سرية وعلنية، وظل ملف التطبيع قائمًا، فقد صرح سفير السعودية في بريطانيا خالد بن بندر قائلًا: «هناك اهتمام واضح بالمضي قدمًا في الموضوع، ولكن الأمر يتطلَّب أن ينتهي النزاع في غزة، ويتطلَّب أيضًا أن يتحدَّد طريق عملي نحو دولة فلسطينية». وقال: «من المؤكد أن هناك اهتمامًا بين قادة البلاد بالاتفاق، وكان الاتفاق وشيكًا. وبالنسبة لنا، فإن الخلاصة لا تقلُّ عن دولة فلسطينية مستقلة. فلا زلنا نؤمن بتطبيع العلاقات؛ ولكن ذلك لن يكون على حساب الشعب الفلسطيني». بي بي سي 10/1/2024م.
إن هؤلاء الحكام ليسوا من جنس الأمة، فلا يتألمون لألمها، ولا يسعون لنصرتها ورفع مكانتها، بل على النقيض من ذلك: يفرحون لألمها، ويسعون غاية السعي لازدياد معاناتها وحطِّ مكانتها، فهم يرون رفعة الإسلام ذل لهم ونصره كسر لهم، فلا يجدون حلًّا أمامهم إلا محاربته وأهله سرًّا وعلانية، فحقدهم هذا غيَّب عنهم حتى المشاعر الإنسانية فتحركت تلك المشاعر عند كفار الشرق والغرب؛ حتى وصل الحال بأن أحرق أحد جنودهم نفسه لهول ما يراه ولم تتحرك مشاعر أولئك الحكام تجاه الأمة التي يدَّعون انتسابهم إليها… اللهم عجل بخلاصنا منهم وإقامة حكمك في أرضك، اللهم أنت وليُّ ذلك والقادر عليه.
2024-03-26