خطورة مخالفة الفطرة على الإنسان في الدنيا والآخرة (2)
2023/08/13م
المقالات
1,013 زيارة
المهندس شفيق خميس – ولاية اليمن
أمريكا تقود الشذوذ الجنسيّ في العالم:
إن الشذوذ قد نظَّم نفسه تنظيمًا سياسيًّا ممنهجًا منذ فترة طويلة، على صدى التراث الروماني المقدَّس لدى الغربيين. فقد كان الآباء المؤسِّسون يرًوَن عقوبة الشذوذ كعقوبة الاغتصاب، وقال جورج واشنطن في خطاب الوداع: «لا تتساهلوا مع الافتراض أن الأخلاق يمكن أن تصان بدون دين». فالشوَّاذ يعيدون سيرة الشذوذ في الإمبراطورية الرومانية، فيجرون وراء شهواتهم الفارغة، وينسَون مصيرهم التعس. فقد شكَّلوا جماعات الضغط التي يعملون من خلالها بالتأثير المادي والمعنوي، وقصد الشاذُّون الأمريكيون ودعاة تحرر الشوَّاذ – رجالًا ونساءً – التأثير على التربية الجنسية في المدارس الأمريكية، وسيطروا على لجان هيئة التعليم في الجامعات وجعلوها تقف في صف الشذوذ بدلًا من معاداته، وسيطروا كذلك على مجالس التشريع في الولايات وقاموا بإلغاء قوانين ضد الشذوذ. وبدأت هوليود في إنتاج قصص تروِّج للشذوذ بوصفه نمط حياة مشروعًا يمكن للذكر والأنثى الانخراط فيه بأمان وبعيدًا عن النقد، وتماهى الناشرون في التقليل من التعرُّض للشوَّاذ ونقدهم وتجريحهم على ممارساتهم. والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية يدافع عن حقوق الشوَّاذ، وتوجد جمعية للشذوذ في شمال أمريكا تدعى «حب الرجل للطفل».
في الولايات المتحدة كما في غيرها في أوروبا كان الشذوذ غير مرحب به، حتى الخمسينات من القرن الماضي. وفي الخمسينات كان اللواط في أمريكا «الحب الذي لا يجرؤ أحد على أن ينطق باسمه. أما اليوم فإنه لا يغلق فمه». (موت الغرب. باتريك بوكانن ص95) فقد كانت عقوبته الإعدام، ثم خُفِّفت العقوبة إلى السجن مدى الحياة، ثم خُفِّفت إلى الغرامة المالية؛ حيث بدأت تتكشف ويصير لها مناصرون ومدافعون. في الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على فصل الشوَّاذ جنسيًّا رجالًا ونساءً من الخدمة في الجيش، وأُجْبِرَ وزير الخارجية الأمريكي سمنر ويلز على تقديم استقالته، لطلبه فعل الشذوذ مع عامل في عربة نوم في القطارات. وتخلَّى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون عن مساعده وولتر جنكنز بعد ضبطه والقبض عليه من قبل الشرطة السريَّة في ممارسة شاذة. وفقد بوب بومان مقعده في مجلس النواب، عندما قُبِضَ عليه في مقاطعة كولومبي دي سي وهو يغوي فتى عشريني بممارسة الشذوذ معه. ومنع الرئيس أيزنهاور حصول الشوَّاذ على الوظائف الحكومية، وفُصِلَ العديد منهم من الجيش والوظائف المدنية.
لكنَّ الأمر تغيَّر في أمريكا مع ممارسة الشذوذ، فقد غدت مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية هي عاصمة الشوَّاذ العالمية. تصف تقارير كتقرير د. ألفريد لينسي في 1948م أن 10% من رجال ونساء أمريكا في سن 16 سنة كانوا شاذِّين جنسيًّا، و37% من الرجال يميلون إلى أقرانهم من الرجال، (لكل هذا ستنقرض أمريكا. أولغ بلوتونوف ص146) ثم ما لبثت أن جاوزت 3-4 مرات بعد عقد ونيِّف.
وتعد نتيجة طبيعية للثورة الجنسية التي انطلقت في العام 1960م في أمريكا، وحكمت المحكمة العليا في 1962م لمصلحة المنشورات الخاصة بالشذوذ الجنسي؛ ما ساعد الصحافة على مزيد من النشر. وفي العام 1969م نظَّم أكثر من 2000 من الشواذ جنسيًّا تمُّردًا ضد الشرطة في مقهى ستونول إن بنيويورك، لتكون البداية في الظهور العلني الذي تبعه رفع مطالب قدَّمها الشوَّاذ، وغدوا يُملون رغباتهم على السلطات، وتعيين أحدهم «هارفي ملك» مسؤولًا عن نشاطاتهم، وحصولهم على حقوق تتمثل في حصولهم على وثائق عقود القران وتبني الأطفال والتدريس في المدارس ومؤسسات الأطفال، وحمايتهم من اعتراضات واستنكار المنكرين من المتدينين ومن غيرهم. وتدشن احتفالاتهم سنويًا منذ العام 1970م في «مسيرة الكرامة». وتحت تهديد مليشيات اللواطيين أُجْبِرَتْ الجمعية الأمريكية للطب النفسي في العام 1973م في البيان الإنساني الثاني على رفع صفة اللواطية من القوائم بوصفها اضطرابًا مرضيًا، وتراجعت عن توصيفها الذي وضعته في 1952م بشأن الشذوذ الجنسي، وقُلِبَتْ الموازين باعتبار الإنسان يعاني مرضًا في الروح يدعى «كراهية اللواطيين»، إذ هو اعتبر اللواطية اضطرابًا مرضيًا. ثم استقبال الرئيس الأمريكي الديمقراطي جيمي كارتر في 1978م وفدًا من الشوَّاذ في البيت الأبيض. وعقدهم في دالاس أول مؤتمر للشوَّاذ من الرجال والنساء في 1982م. وظهور مرض الأيدز في 1981م في أمريكا، وبلوغ الإصابات 3000 شخص مات منهم 1283 شخص.
وفي 1983م، أعلن جيري ستودس النائب في الكونجرس عن ولاية ماساشوسيتس عن شذوذه، وممارسته الشذوذ مع فتى تحت الطلب يبلغ 16 عامًا، ومع هذا تمت إعادة انتخابه لعضوية الكونجرس. وبقي بارني فرانك في مجلس النواب رغم عيشه مع فتى شاذّ. شهدت أمريكا في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي حصول آلاف الشوَّاذ جنسيًّا على عقود القِران وتبنّي الأطفال. وخرج الشواذ في 1987م في مظاهرة من 300.000 شخص للمناداة بحق الشوَّاذ في العلن، وأُقِرَّ زواج الشوَّاذ في سان فرانسيسكو في 1989م.
وفي 1992م رفع المرشح الرئاسي الديمقراطي بيل كلينتون قانونًا يرعى الشوَّاذ في الجيش الأمريكي، في مواجهة خصمه الرئيس الجمهوري بوش الأب، وبمجرد فوز كلينتون، اعتمد في العام 1993م قانون «لا تسأل، لا تخبر أحدًا»، وهو يعني ضمنًا أن الجيش لا يسأل في ما إذا كان المجند مثليًّا، ويسمح للمثليين بالخدمة ما داموا يخفون ميولهم الجنسية ولا يعلنون عنها. ويقدر عدد الشوَّاذ في الجيش الأمريكي 65.000 فرد. وسارت زوجته هيلاري في استعراض افتخار الشوَّاذ في مدينة نيويورك (أول مسيرة تحت عنوان «الفخر بالشذوذ» تمت في 17 أيار/مايو 1978م بسان فرانسيسكو. جاءت فكرة الفخر بمبادرة لويس جورج تين مؤلف كتاب معجم رهاب الشذوذ، وأدار حملة عالمية لجعل العالم يقبل بالشذوذ والشوَّاذ. وتجري محاولات لنقله إلى مدن عربية منها القدس)، وأخبر مراسل صحيفة التايمز الأمريكية الصحفيين في الذكرى العاشرة لجمعية الصحفيين القومية للسحاقيات واللواطيين بـ»أن ثلاثة أرباع محرري الصحيفة لواطيون، وحضر بارني فرانك فتاه الشاذّ في المناسبات الاجتماعية إلى البيت الأبيض.
بحضور محافظ سان فرانسيسكو ويللي براون وممثلين عن الحكومة والكونجرس، نظّم في 1997م الشوَّاذ جنسيًّا حول العالم بسان فرانسيسكو الأمريكية على مدى ثلاثة أشهر احتفالًا بمرور 100 عام «1897-1997م» على تأسيس هيرشفيلد اتحاد الشوَّاذ جنسيًّا وظهورهم على مرأى ومسمع من العالم، وبمشاركة 500 – 700 ألف مشارك من الشوَّاذ جنسيًّا ومؤيديهم، رافعين لافتة كتب عليها «الله يحب جميع أبنائه».
وعوتب جون أشكروفت في 2001م من مجلس الشيوخ الديمقراطيين لمعارضته تعيين اللوطي جيمس هورمل سفيرًا لأمريكا في لوكسمبورغ، وتعرَّض للضرب حتى أُدْمِيَ. أما الرئيس باراك أوباما فقد أيَّد الشوَّاذ في 2012م، ودعم حقهم في الزواج حين أصدرت المحكمة العليا في أمريكا قرارًا يقضي بحق الشوَّاذ بالزواج، ووصفه بأنه «انتصار لأمريكا.. وانتصار للحب» (الشذوذ الجنسي في الفكر الغربي. نُهى عدنان القاطرجي ص100) ما جعل الشوَّاذ يُنزلون صورته على غلاف مجلتهم، بعد أن كان أوباما ضده في 2008م. ومن عجيب الكلام قول الرئيس الأمريكي الديمقراطي السابق جيمي كارتر أن المسيح لو كان موجودًا لسمح بالشذوذ الجنسيّ!!
خصصت وزيرة خارجية أمريكا (2009 – 2012)م، مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية في العام 2016م هيلاري كلينتون فصلًا كاملًا في كتابها خيارات صعبة، أسمته «حقوق الإنسان عمل غير مكتمل»، خلاصته أن الشذوذ والشوَّاذ بعد أن كان غير مرحب بهم «كما حدث مع سمنر ويلز»، فهم مرحب بهم في ظل وزارتها، على غير المعتاد، التي تقيم حفلًا لموظفيها الشاذِّين وأقاربهم ومعارفهم من الشوَّاذ، تحت مفهوم «إن كراهية اللواطيين وليس اللواط هي الشر الذي يجب أن يستأصل» (موت الغرب. باتريك بوكانن ص109)، وأنها أيضًا أقنعت البيت الأبيض بتعميم الترحيب بالشوَّاذ حول العالم، بربط المساعدات الأمريكية للأنظمة حول العالم، بالقبول بالشواذ بتخصيص كوتا لهم، ككوتا النساء في مؤتمر السكان ببكين في 1995م. وقد ظهرت هذه السياسة مع الرئيس بايدن حاليًا في دعمه ووزير خارجيته بلينكن للشذوذ والشوَّاذ حول العالم!
رغم التكميم الذي تفرضه المحاكم والقوانين في الغرب الرأسمالي على المناوئين للشذوذ والشوَّاذ جنسيًّا، خرجت أصوات من داخل أمريكا ترى في الشدوذ الجنسي خطرًا داهمًا على الحياة والمجتمعات. منادية بعدم السماح للشوَّاذ جنسيًّا من تبني الأطفال؛ لما ينتظر أولئك الأطفال ذكورًا وإناثًا من مستقبل مظلم قاتم في أجواء تجمعات الشوَّاذ جنسيًّا في البيوت، وبالطبع تلاقت مع أصوات العقلاء في الغرب خارج أمريكا ممن يشعرون بخطورة وجود الأطفال في أجواء الهوس بالشذوذ الجنسي. فكيف سينشأ طفل أو طفلة في ظل أمين من دون أب أو أبوين من دون أم؟!
دور الأمم المتحدة في دعم الشذوذ الجنسيّ:
يُعَدُّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في 1948م رأس البلاء في دعم الشذوذ والشوَّاذ حول العالم. هذا الإعلان الذي ظاهره حقوق الإنسان وفيه ما فيه من فتح الباب على مصراعيه ليدخل منه الشوَّاذ باسم حقوق الإنسان. فقد انطوى الإعلان على حقوق الإنسان الذي يندرج تحته الذكر والأنثى و»الشاذ»! ومصداقًا لذلك، فقد انطلقت مؤتمرات الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية باسم السكان وكشفت عن المستور، وتحدَّثت بوقاحة عن الشوَّاذ وحقهم في الظهور العلني وتنظيم المظاهرات، وعدم اعتراضهم أو منعهم، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بخطاب حكومات العالم بتغيير قوانينها التي تجرِّم الشذوذ وتعاقب الشوَّاذ، وتحدي العالم ومعتقداته وأديانه دونما أدنى حساب.
تلعب مؤتمرات السكان حول العالم التي ترعاها منظمة الصحة العالمية أدوارًا خطيرة في توصياتها التي تخرج بها، وطرحها وتبنيها الأفكار الهدَّامة، وبدء دول «أوروبا وأمريكا» في تطبيقها، ثم إخضاع العالم لقبولها ودفعه للحاق بها، بالترغيب عبر البرامج التي يتخللها تقديم مساعدات «أموال وأغذية ومنح دراسية..الخ»، وبالترهيب بالعزل والإقصاء والحصار والحروب وتغيير الأنظمة بأنظمة تنخرط مباشرة في البرامج الأممية. فقد أظهرت منظمة الصحة العالمية في العام 1974م حرصها على العالم، وتبنَّت نظرية مالتوس (مالتوس اقتصادي بريطاني وضع فكرة أن الناس يتزايدون وفق متوالية هندسية، والموارد تتزايد وفق متوالية حسابية، وبالتالي الموارد لا تكفي الناس! ودعا إلى تحديد النسل. أما الانكماش السكاني في الغرب فناتج عن تأثير أفكاره على مواطنيه وسعيهم لتحقيق المتع، وتأخير الزواج، وقلة الخِلْفَة)، وبدأت برامجها للحد من الزيادات السكانية عبر تنظيم وتحديد النسل، التي قابلها تراجع سكاني في الغرب الأوروبي والأمريكي، حتى لا يتفوَّق بقية العالم عليه بالزيادات السكانية.
جاءت فكرة الجندر «النوع الاجتماعي» من مؤتمر القاهرة للسكان عام 1994م، التي مضمونها الرئيسي هو القبول بالشوَّاذ كجنس ثالث غير الذكر والأنثى، والتعامل معهم كشيء طبيعي في الحياة، وفتح خانة إضافية للذكر والأنثى هي الشاذّ. تحت شعار «جميع أنماط الحياة متساوية»، ومشاركتهم في تكوين الأسر والعائلات، ومن الغريب أن يحضر مؤتمر بكين للسكان عام 1995م 7000 من الشوَّاذ من الجنسين، وينطلقون في مسيرة في ساحة المؤتمر عقب تأييد وثيقة الشذوذ.
وعقدت الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا عام 2006م ندوة دولية للشوَّاذ تحت عنوان «الحق في أن تكون شاذًّا» بحضور 200 من شوَّاذ الغرب. وناقشت الندوة كيفية تخطي عقبة الأديان التي تعارض الشذوذ، وخرجت بحل هو في إيجاد شوَّاذ متدينين. أعقبها تقديم مبادرة أوروبية في 2008م لدعم الشوَّاذ، وإلغاء القوانين التي تجرِّمهم. وفي 2011م أقرَّت الأمم المتحدة حقوق الشوَّاذ. وهو الشعار نفسه الذي اتُّخذت منه فكرة سيداو، وأظهرت أنها تقوم على محاربة التمييز في الجنس البشري بين الذكور والإناث، وفي الحقيقة هي تهيئ أجواء المدارس لظهور الشوَّاذ ورعايتهم وحمايتهم، وجعل المجتمعات تقبلهم بحجة عدم تمييزهم عن الذكور والإناث، بعد فشل تخطيط الشوَّاذ إقامة يوم افتخارهم في مدينة القدس.
ثم كانت ثالثة الأثافي بإدخال التعليم الجنسي في المدارس الابتدائية في الغرب بهدف تغيير السلوكيات لدى الأطفال، وتحميلهم أفكارًا جديدة، تهدف إلى تعريف تلاميذ المدارس بالتعرف ومشاهدة الممارسات الجنسية عبر الصور الحقيقية والكرتونية والفيديو، وتطبيقها عمليًّا بالكشف عن عورات الطلاب والطالبات، وممارسة الجنس في فصول الدراسة. وتعليمهم كيفية تجنُّب الحمل باستخدام وسائل منع الحمل، والواقيات الذكرية، ودفعهم للاستمتاع بعضهم ببعض، وعدم الزواج وتكوين الأسر، أو تأخيره إلى سن متقدم، وإقناع الفتيات بمعاداة الزواج والأمومة بتأخير الإنجاب أو شطبه، وممارسة الجنس متى أرادت دون قيود. وجعل الذكور يختارون هل يبقون ذكورًا، أم يتحوَّلون إلى مخنَّثين، فيجدون ذكورًا يلوطون بهم، ويعيشون تحت سقوف بيوت يمارسون فيها حياتهم طبيعيًّا! وهنا يتساءل باتريك بوكانن في كتابه (موت الغرب، ص474) قائلًا «… وعندما يتم تعليم الأطفال ملذات الانحراف الجنسي في المدارس العامة، وعندما تسمم ثقافتنا… هل ينبغي أن نكون «راضين» بمثل هذه الحالة؟ هل هذه هي أنواع «الاختلافات» التي يجب أن نحترمها؟»… على كلٍّ، هذا لم يأت من فراغ، فقد عقد عام 1999م في لاهاي مؤتمر دعا إلى تعليم طلاب المدارس حقوقهم الجنسية والإنجابية، ضمن قوانين مناسبة، وأقرت الأمم المتحدة في 2013م اتفاقية تضمَّنت السماح بتعليم الثقافة الجنسية في المدارس، واستخدام وسائل منع الحمل والإجهاض للمراهقات. وصدر قرار أممي عام 2015م حمل عنوان «تحويل عالمنا: أجندة 2030 للتنمية المستدامة» يقف في اتجاه دعم الشذوذ الجنسيّ حول العالم.
تغيُّر موقف الكنيسة بالنسبة للشذوذ الجنسيّ والشوَّاذ جنسيًّا
لقد شهدت النصرانية تغيُّرًا أخلاقيًّا خطيرًا، فبعد أن كانت تُعِدُّ اللواط غير منسجم مع قانون الخالق، وغير طبيعي وغير أخلاقي وجريمة، وأن هذا الفعل بغيض والمجتمع الذي يحتضنه منحط، وأن من واجبها إصلاح ذلك المجتمع… بعد كل ذلك، انتقلت به من اعتبار اللواط غير طبيعي ولا أخلاقي، إلى مطالبة الكنيسة بمباركة أفعالهم الشاذة التي خضعت بعد احتجاجات خجولة من بعض رجالها، وقمع السلطات لها. ثم إنه ليوجد قساوسة يمارسون ذلك الفعل ويقيمونه مع رواد الكنيسة صغارًا وكبارًا، بدأت مع 170 قسًّا في ألمانيا، بينهم شقيق بابا الفاتيكان فرانسيس في أربع مدارس كنسية، ثم تتالت في أُستراليا وأمريكا وأيرلندا وكرواتيا وسلوفينيا وإيطاليا. وانكشفت أفعالهم مع مطلع الألفية الجديدة، ووصلت إلى مقر الفاتيكان بوجود شوَّاذ بين رجالاته. وفي عام 2004م تمت سيامة جين روبنسون أسقفًا على أبرشية نيوهامبشاير في أمريكا وهو شاذٌّ معلن عن شذوذه. وعيَّنت الكنيسة السويدية امرأة سحاقية كاهنة، وفي عام 2003م قال رئيس أساقفة كانتربري روان ويليامز: «إن العلاقة الجنسية بين شخصين من الجنس نفسه يمكن أن تعكس محبة الله تمامًا كما بين شخصين متزوجين». (الشذوذ الجنسي في الغرب ص55).
أمراض الشوَّاذ جنسيًّا:
أخرج ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث الخصال الخمس ومنها «… لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا..»
يشعر الشوَّاذ بأنهم أذلاَّء مذنبون، مهانون ومحتقَرون في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها من «أقاربهم، وأصدقاء طفولتهم، وزملائهم في العمل»، وليس لديهم ثقة في أنفسهم، يحسُّون بالعار لأنهم شاذُّون جنسيًّا، وحيدون، منعزلون عن المجتمع الذي يعرف شذوذهم ويبتعد عنهم، يشعرون بالحزن لعدم قدرتهم على مشاركة أقاربهم مسرَّاتهم وأحزانهم. يعانون من الاكتئاب، ويقرفون من أنفسهم، ويرفضون ذواتهم ويعنفون أنفسهم، ويفكرون في الانتحار ويقدِمون عليه بنسبة أكثر من أقرانهم الطبيعيين، فنفسياتهم مضطربة وغير مستقرة. كل هذا في دراسات محايدة أُجْرِيَتْ عليهم في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، غير الدراسات الموجَّهة والمموَّلة من قبلهم للخروج بنتائج غير حقيقية، تظهر سعادتهم ورضاهم عن شذوذهم، وأنَّى لهم ذلك.
يعاني الشاذُّون جنسيًّا الذكور من أمراض عضوية متعددة جرَّاء ممارستهم للشذوذ. يأتي في مقدمتها السيلان والزهري والهربس (مرض جنسي حادٌّ جدًّا له مضاعفات خطيرة على الدماغ. يستشري بين الشوَّاذ جنسيًّا. يتميز بتقرحات شديدة حمراء تكبر وتتكاثر) والإيدز الذي كان ظهوره بين اللواطيين بنسبة 73-75%. كما يصيب سرطان الشرج اللواطيين السلبيين جراء استخدامهم المزلقات المستخدمة في ممارساتهم الشاذة، والتهاب البروستاتا الحاد المزمن. كما تعاني السحاقيات التهاب المهبل الجرثومي، والفطريات المهبلية وفيروس الورم الحليمي البشري (مجموعة فيروسات تصل أكثر من مئة نوع)، والتريكوماناس (مرض طفيلي ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي والأدوات الرطبة كالمناشف والملابس)، والقوباء (مرض فيروسي ينتقل من امرأة حاملة للفيروس في فترة الحضانة) السيلان، الزهري. كما تنتشر بين الشوَّاذ جنسيًّا عدة أمراض أخرى أخطرها سرطان الفم واللسان (عبارة عن بقع بيضاء تظهر على الفم واللسان سرعان ما تتحول إلى سرطان. وهذا المرض لم يظهر في غير الشواذ).
إلى أين يمضي العالم بخصوص الشوَّاذ جنسيًّا؟
ماذا كان جواب قوم لوط للوط حين دعاهم للاستجابة إلى أمر الله بالعودة إلى الفطرة السليمة، وإلى ترك ما هم عليه؟ قال تعالى: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ٨٢) [الأعراف: 82] فهم كانوا يرَوَن إخراج لوط من بين أظهرهم هو عين الصواب!!
يسعى الشوَّاذ جنسيًّا لفرض نمط عيشهم على العالم، ويشعرون بأنهم قد قطعوا نصف الطريق نحو ذلك، بإلغاء عقوبة الإعدام التي كانت تطاردهم في زوايا العالم أينما اتجهوا، وضغوطهم المستمرة للحصول على فضاء آمن مفتوح. فيتمددون في حكومات العالم الغربي بدءًا بأمريكا ودول أوروبا وكندا وأستراليا، لإزالة الموانع التي تقف أمامهم، فهم يتَّجهون نحو العقبة المنيعة في طريقهم «الإسلام» الذي لا يقبلهم، وحكمه ثابت فيهم لا يغيِّره الزمان ولا المكان؛ لذلك يصوِّبون سهامهم نحوه، فيبحثون عن الشوَّاذ في بلاد المسلمين، ويعملون على حمايتهم، ويرسمون لهم الخطط ويرشدونهم.
يلقى الشوَّاذ في العالم العربي دعمًا غربيًا من الدول والمنظمات الغربية والأممية التي أخذت على عاتقها الدفاع عن حقوق الشوَّاذ في العالم، والضغط على الدول من أجل تعديل قوانينها التي تجرِّم الشذوذ. (الشذوذ الجنسي في الفكر الغربي ص349)
فقد هدَّد رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون قادة رابطة الكومنولث، بوضع بريطانيا قائمة عقوبات ضد من لا يعترف بحقوق الشوَّاذ. وعلى الطريق نفسه أعلن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير مفاخرًا بإنجازه ضمان حقوق الشوَّاذ خلال فترة حكمه.
كشفت شبكة بي بي سي البريطانية، مؤخرًا عن أكثر مــن 1700 جمعية في العالم تديرهــا منظمة عالمية للشوَّاذ، وهي اتحاد مموَّل من الحكومات الغربية للدفاع عن الشوَّاذ. الوكالة ذاتها واكبت تجمُّع الشوَّاذ في أستراليا، وقامت بنشر صور شاذَّة وغير أخلاقية لأكثر مــن 2500 شــخص وهم عــراة بحضور شخصيات مشهورة بينهم رئيس وزراء دنماركي سابق، ووزير ألماني.
بحسب دراسات أُجْرِيَتْ، فإن الأوروبيين والأمريكيين، على تفاوت طفيف فيما بينهم، هم وحدهم الذين يرحِّبون بالشذوذ ولا يرَوْن به بأسًا، فيما لا يجد ترحيبًا في آسيا وأفريقيا وروسيا وأمريكا اللاتينية.
إن الغرب اليوم بالنسبة للعالم، يبدو كرجل خرج في كامل زينته على الناس ومشى بينهم وبعضهم يحسدونه، وما لبث أن ظهرت العذرة من بين ثنايا ثيابه، والناس يشيرون له إلى ما تساقط منها، فالتفت إليها ورآها بأم عينيه، ولكنه استمر في المضي ويرى الأمر عاديًا وكأن شيئًا لم يحدث!
الخاتمة:
إن عقيدة فصل الدين عن الحياة في المبدأ الرأسمالي كانت سببًا رئيسيًّا في ظهور الانحلال والتفسُّخ الأخلاقي في سلوك الناس وصل إلى حد ممارسة الشذوذ في العلن، وإلى أن تكون سمة بارزة من سمات الحضارات الزائلة، ونتيجة طبيعية لإبعاد الدين عن تنظيم حياة الناس من قبل الدولة على أساسه، وثمرة من ثمار الحضارة الرأسمالية، فقد دفعت الحرية الشخصية الناس إلى الهاوية في ظل غياب الدين.
إن التاريخ يعيد نفسه، فأينما وجد الانحلال الأخلاقي حلَّت النهاية، شاء الناس أم أبَوا. إن الكارثة توشك أن تحلَّ في بلدان المرحبين بوجود الشوَّاذ وأفعالهم، فهم يعيدون سيرتهم الأولى حين نزل العذاب على قوم لوط، فهم لم يكتفوا بممارسة شذوذهم في الظلام، بل هم يجاهرون بمعصية الله تعالى، ويوشك الله أن ينزل عقوبته عليهم، ويورث غيرهم سيادة الدنيا وسياستها.
إن المستسلمين لِمَا يُدْفَعُ إليه العالم من شذوذ، لم يستطيعوا المواجهة لضعف إيمانهم وخوار قواهم فاستسلموا، فلا يستطيعون دفعًا للفجور والخِنى والشذوذ، وقد لامس أثوابهم، ولا يقدرون على صَدِّهِ. وأما أهل الصدق في قول الحق والثبات عليه، ودفع الباطل، والإيمان بالله تعالى بارئ الكون والحياة والإنسان، وبمحمد خاتم الأنبياء والمرسلين – المبين لكيفية إقامة نظام الله على العباد في الأرض – فهم منقذو أنفسهم وغيرهم من بني البشر من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
هذه رسالة للعالم الذي لا يريد أن ينزلق في قذارة الشذوذ لكي يقف وقفة حزم في مواجهة مخالفة الفطرة السويَّة… ورسالة للمسلمين بأن يسعَوا للعمل الجاد لإيجاد كيان سياسي يرعاهم وفق نظام الإسلام الذي يبعد عنهم الشذوذ… ولأهل القوة وللفعاليات والعقلاء ومن له دين بأن الله خالق مُدَبِّر، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وصفيُّه من خلقه، ختم به الرسالات لأهل الأرض: إن سكوتكم على وجود الشوَّاذ بين أظهركم أمر خطير لا ينبغي حدوثه منكم. قال القرطبي في تفسير سورة الأعراف في حق قوم لوط «وأمّا الثاني، فكان منهم فاعل وكان منهم راضٍ، فعُوقب الجميع لسكوت الجماهير عليه. وهي حكمة الله وسنته في عباده. وبَقِي أمر العقوبة على الفاعلين مستمرًّا». وإنها لبشرى لكم ولمن تعاف نفسه المعصية والشذوذ، بأن تنصروا دين الله بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وإن نصر الله قريب منكم لأنكم تأوون إلى ركن شديد، ولا ركن للشوَّاذ سوى كيد الشيطان (إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء: 76] ولأن من يواجهونكم هم ثلة من المخنثين والشوَّاذ استحوذ عليهم إبليس، لعنه الله، وأنتم رجال فطرة سليمة وإيمان صادق وأتباع حق. [يتبع]
2023-08-13