ما هو الدور الذي رسمته أمريكا لإيران في المنطقة؟
2022/03/31م
المقالات
1,459 زيارة
عبد الستَّار – أبو تقي
الأرض المباركة فلسطين
باتت الأمة الإسلامية تدرك في أعماقها، بعد مرور قرن على هدم دولة الخلافة الإسلامية، أن الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين أنظمة جور وعمالة للغرب الكافر، وأنها ممزقة ومستباحة لصالحه. وباتت هذه الأنظمة الصنَمية لا تستطيع تضليل شعوبها في أنها دول ذات سيادة، وأنها تقدم خيرًا للمسلمين. ولا شك أن انكشاف الأنظمة هذا شكَّل عاملًا هامًّا في ترسيخ توجُّه الأمة باتجاه إقامة دولة الخلافة المفقودة، وهذا ما شكل خسارة مزدوجة للغرب بوصفه يقف وراء هذه الأنظمة، فالأمة باتت لا تفرق بين هذه الأنظمة وبين أسيادها من دول الغرب وتضعهم في كفة واحدة.
وعلى الرغم من أن الغرب، وتحديدًا أمريكا، لا تزال تمرر سياساتها الاستعمارية في بلاد المسلمين، من خلال أنظمة أضحت مكشوفة للأمة، كمصر والأردن وسوريا والسعودية وعملائها الجدد في العراق… إلا أنها، في الوقت نفسه، تستخدم أنظمة تضليلية أخرى تدَّعي المقاومة ومناهضة السياسة الأمريكية، وتنادي بالقضاء على (إسرائيل)، وتدَّعي أنها تتبنى سياسات تخدم الأمة وذلك كالنظام الإيراني… فالمدقق في نظام إيران يجد أنه لا يختلف عن غيره من أخوته من أنظمة العمالة الأخرى في المنطقة، في الارتماء في أحضان أمريكا؛ لكنَّ الاختلاف بينهما هو أن أمريكا تريد له أن يَظهر أنه نظام ممانعة ومقاومة؛ حتى يسهل عليها تمرير سياساتها الاستعمارية المجرمة التي لا تستطيع أن تحققها عبر أنظمة العمالة المكشوفة.
وهذه المقالة ترمي إلى بيان أن النظام في إيران يقود سياسات لا تختلف، من حيث العمالة، عن باقي الدول المكشوفة في بلاد المسلمين إلا في شيء واحد، وهو الإظهار، تضليلًا، بأنه يناوئ ويناهض أمريكا؛ في حين إنه يقوم بخدمتها في حربها على الأمة والدين، وخصوصًا في إحياء قضية الصراع المذهبي الطائفي الذي يؤجج الفتنة بين المسلمين. واستخدام أمريكا والغرب لهذا السلاح الفتَّاك، سلاح الفتنة الداخلية بين المسلمين، إنما ليحقق لها المزيد من فرقة الأمة وتمزيقها، وإذكاء الصراعات والحروب بينها، ومحاولة صرفها عن العمل لإقامة خلافتها الواجبة، وتحويل صراعها مع يهود إلى صراع مع إيران. فالدور الذي يقوم به النظام في إيران، لمصلحة أمريكا والغرب، خطير جدًّا، ومؤذٍ جدًّا، ولا بد من الوعي على خطورته لدى الأمة كافة.
النظام الإيراني: قومي مذهبي طائفي:
نبدأ أولًا بـ(الثورة) الخمينية التي قامت على أنقاض شاه إيران عام 1979م، والتي استبشر بها المسلمون خيرًا من أنها ستخدم الدين والأمة، وعوَّلوا عليها في تخليصهم من استكبار الغرب بعد عقود من غياب الخلافة وتمزُّق الأمة. فإذا بإيران، بعد أكثر من 40 عامًا، ثورة ودولة مذهبية قومية تفتُّ في عضُدِ المسلمين، وتقدِّم نفسها على أنها دولة إقليمية كبرى تتنافس مع القوى الإقليمية الأخرى، كدولة يهود وتركيا، على زعامة المنطقة. ولا يقدم حكامها البائسون سوى الوعود والتهديدات الكاذبة بإزالة (إسرائيل)، وتحدي أمريكا، كوعود عبد الناصر وياسر عرفات… بينما يركِّز عملهم على تصدير ثورتهم (التشيُّع) في المنطقة وفتح الجرح الطائفي البغيض المنتن؛ تمزيقًا للأمة، كما حصل في العراق وسوريا وأفغانستان واليمن ولبنان… وهذا ما يثبت أن النظام الإيراني لا يختلف عن غيره من دول الضرار (الإسلامية). نقلت وكالة (إيرنا) الإيرانية للأنباء في شهر شباط/2010م عن رئيس إيران السابق أحمدي نجاد قوله: «إنه ما من شك أن إيران أضحت اليوم أقوى وأهم أمة في العالم، وسيكون لها الكلمة الأخيرة في الشرق الأوسط»؟!!! وقال علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني للشؤون الدينية والأقليات، أمام منتدى (الهوية الإيرانية) بطهران في 9/3/2015م: «إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليًا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، وقال مستشار الرئيس الإيراني للشؤون السياسية حميد أبو طالبي، في 22/9/2014م: إن «الأمن القومي والمصالح الإيرانية هي الأساس في سياستها القومية، وإن إيران ستقدم على أي خطوة تحقق لها مصالحها»؛ وهذا ما يثبت أن الجمهورية الإيرانية ليست دولة إسلامية وإنما هي دولة قومية وأهدافها قومية صرفة، وأن الدين والمذهب وحبَّ آل البيت وشعارَ الحسين والانتقام لمقتله، وشعارات الموت لأمريكا ولـ(إسرائيل) ومحاربة الصهيونية والتكفيريين ما هي إلا الشمَّاعة التي يستغلها النظام الإيراني لتحقيق مصالحه الوطنية والقومية الضيِّقة، وللتغطية على ارتباطه بأمريكا وتعاونه معها، ولضرب مشروع وحدة الأمة الإسلامية، ومنع إقامة الخلافة الراشدة.
إن النظام الإيراني نظام مذهبي طائفي قومي متعصب، يتجاهل ويحارب سائر المذاهب الإسلامية الأخرى. وهو يركز على الإمامة الاثني عشرية، والتعصب الأعمى للرابطة الفارسية واللغة الفارسية، فبات بذلك رأس حربة في التفرقة السياسية بين المسلمين، على أساس (الشيعة) و(السنة) التي يزرعها الغرب بينهم، خصوصًا بعد أن تبنَّت السعودية، وبتوجيه وتشجيع أمريكي، ما يمكن أن يطلق عليه الجبهة (السنية) في المنطقة لمواجهة إيران؛ وبهذا، فإن النظام الإيراني المذهبي القومي منفصل عن أمة الإسلام، ولا يتحرك لتحقيق مصالح الأمة الحقيقية، عن طريق تحقيق وحدتها السياسية والفكرية، والدفاع عن قضاياها ونصرتها، بل تراه ينفذ سياسات أعداء الأمة، وتحديدًا أمريكا. يقول أستاذ الجيوبولتيك في جامعة السوربون المسيحي اللبناني الدكتور نبيل خليفة في كتابه (استهداف أهل السنة): «إن المخطَّط الموضوع للشرق الأوسط منذ الربع الأخير من القرن العشرين ويشارك فيه الغرب وإسرائيل وإيران له ثلاثة أهداف أساسية: أولها إزاحة النفوذ العربي/السني عن دول شرقي المتوسط واستبداله بالنفوذ الإيراني/الشيعي». أما فهمي هويدي فيقول في كتابة (إيران من الداخل): «إن الدولة القومية فى إيران مستعدَّة للتفاعل مع الغرب والتقارب مع إسرائيل بأكثر من استعدادها للتفاعل مع العالم العربي». نعم، إن الصراع المذهبي بين المسلمين بات من أدوات أمريكا الرئيسة في المنطقة، وهي تغذيه وتؤججه بعد موات، خصوصًا بعد أن رأت أن الأمة تعود إلى رشدها، ويزداد وعيها، وتتحرق، بل وتعمل، من أجل عودتها إلى دولتها الجامعة، الخلافة، التي تتبرأ من الدعوة المذهبية النتنة، وليس في قاموسها شيء اسمه (سنة) و(شيعة)، بل أمة واحدة من دون الناس، مصداقًا لقوله تعالى: (هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ٧٨).
لكن دعوة الصراع المذهبي القومي هذه، والتي حذر منها رسولنا صلى الله عليه وسلم هي دعوة أنظمة وحكام، وليست صراعًا حقيقيًّا بين شعوب الأمة الإسلامية وأبنائها، وهي مفروضة سياسيًّا من قبل فريقين من الحكام، على رأسهما إيران والسعودية، اللذين يشكلان طرفي النزاع المزعوم خدمة لأمريكا، والتي تستهدف أمرين من وراء ذلك: الأول: بناء شرخ شاهق ومتزايد بين ما يسمى (الشيعة) و(السنة) لمنع وحدة الأمة، ومواجهة الدعوة والعمل لاجتماع الأمة في خلافتها المسلوبة. والثاني: تحويل وتوجيه الصراع بين الأمة ويهود في فلسطين إلى صراع مذهبي بين المسلمين مع إيران، فتنسيهم عدوهم، وتجعلهم يستنجدون بالكافر على بعضهم، لصرفهم عن التفكير والعمل لتحريرها. والواضح أن هدف حكام المسلمين في تأجيج هذا الصراع المذهبي هو تسيير شعوبهم خلفهم في فتن دهماء تديم فرقتهم، وتوقع بينهم، وتقودهم إلى حروب طائفية داخلية لا تنتهي.
ولا شك أن التعصب المذهبي والطائفي، في نظام الجمهورية الإيرانية، يدمر كل منجزاتها الحضارية والسياسية والعلمية والصناعية. فالنظام اليوم ينفِّرُ منه حوالى مليار ونصف من المسلمين، وخصوصًا العرب منهم، فلا يلتفُّون حوله، ولا يناصرونه، بل يشكُّون ويرتابون فيه كنظام صادق في دعواه، بل يصطفون ضده. هذا في جانب أبناء الأمة، أما في جانب حكام المسلمين فهم أعداء للدين، وكلهم عملاء، ويتحاكمون إلى الطاغوت والعلمانية، سواء أكان هؤلاء الحكام (شيعة) أم (سنة)، ويتوسَّلون بدعوة الغرب وأمريكا لنصرتهم ضد بعضهم بعضًا، في بيئة مذهبيَّة تجاذبيَّة تعصبيَّة مقيتة تُذهب ريحهم، وتديم هيمنة الغرب عليهم. جاء في أحد تصريحات أحمدي نجاد في أيلول/ 2009م، نقلتها وكالة (إيرنا) الإيرانية قوله: «إن هدف النظام الإيراني هو نشر التشيُّع في العالم، ورفع راية المهدي المنتظر»، وأضاف: «إن نشر هذه المهمة، في العالم، يقع على عاتق الجمهورية الإيرانية» وأكد على أنه: «في النظام الولائي، فإن الجميع هم جنود إمام العصر، المهدي المنتظر» وأن: «ولاية الفقيه هي حلقة الاتصال مع الإمام المهدي» وأن: «هدفنا الغائي هو تحقيق الأسرة العالمية المهدوية». هؤلاء هم قادة إيران، هدفهم التشييع، وانتظار المهدي، فرقةً بين المسلمين وطعنًا في الدين، وخدمةً للغرب.
النظام الإيراني عميل لأمريكا ويحقق أهدافها:
منذ الثورة الخمينية، وكل الشواهد تشير إلى عمالة النظام الإيراني للأمريكان، دون إعلان ذلك خوفًا من انقلاب الشعب الايراني على قيادته. ولا شك أن تساوُق إيران مع سياسات أمريكا يزداد باطِّراد في العشرية الأخيرة، لبروز عوامل جديدة في المشهد السياسي أهمها:
أولًا: ثورات الربيع العربي التي أخافت الغرب وأمريكا، والتي جعلتها توظِّف إيران أكثر في التصدي لها كما يحصل في سوريا واليمن.
ثانيًا: انتصار طالبان في أفغانستان وحاجة أمريكا لوجود حاجز (شيعي) يفصل بينها وبين العرب (السنة).
ثالثًا: ازدياد الاحتياج الأمريكي لإيران في المنطقة كفزَّاعة تحلب أمريكا من خلالها دول الخليج اقتصاديًّا. وتستغلها من أجل تحقيق ما يمكن أن يسمى شبه احتلال لها من خلال تواجدها عسكريَّا بطلب من دول الخليج نفسها لحمايتها من هذه الفزَّاعة
والحاصل أن كل القوى الإقليمية الكبرى في المنطقة أصبحت الآن تحت القرار والنفوذ الأمريكي، بامتياز (الشيعية) منها كإيران، و(السنية) منها كالسعودية ومصر وتركيا، وهناك تنافس داخلي كبير بينها، إلا أنها كلها تدين بالولاء والطاعة للسيد الأمريكي. وبالنسبة لأمريكا، فإن هذا الواقع يقدِّم فرصًا ذهبية لها، فمصادر خدمتها باتت متنوعة، والأدوار والأدوات أصبحت متعددة، ولنقل إن هذا الواقع كله يجري بتخطيط أمريكي، وإيران هي إحدى أدواتها
إن الشواهد على أن إيران تنفذ سياسات أمريكا كثيرة، نمثل عليها بالتالية:
1- في العراق: لم تكن أمريكا لتحتلَّ العراق وتستبيحه دون مساعدة حقيقية من إيران. وحكام إيران وأحزابها في العراق، وكل قياداتها السياسية والدينية هناك تتحكم في المشهد برمته، سياسيًّا وعسكريًّا، ناهيك عن نفوذها المذهبيِّ المتعاظم، في بلاد الرافدين، والذي لم يعد خافيًا على أحد. وما وصول الأحزاب المدعومة من إيران لسدَّة الحكم في العراق، وعلى رأسهم الحكيم والجعفري والمالكي وغيرهم إلا دليل على ذلك. يقول حارث الضاري، رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق، رحمه الله: «إن إيران تلعب دورًا سلبيًا في العراق، ودورها يضاهي الدور الأمريكي». نعم، لقد اسقطت أمريكا صدام حسين المعادي لإيران، واستبدلته بساسة مدعومين مباشرة منها؟! قال محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني السابق، في مؤتمر (الخليج وتحديَّات المستقبل) في 15/1/2004م إنه: «لولا الدعم الإيراني لما تمكَّنت أمريكا من احتلال أفغانستان والعراق بهذه السهولة». وجاء في تقرير النيوزويك في 2/3/2004م: «أطلقت هزيمة صدام العنان لقوة دينية وسياسية جديدة قد تصبح حليفًا معتدلًا للولايات المتحدة الأمريكية في العراق» وهذا ما أكَّده السياسي الأمريكي الشهير، هنري كيسنجر، في مقال له في صحيفة عربية بأن: «الوجود العسكري الأمريكي في العراق لن يستمر لأسبوعين فيما لو أطلقت المرجعيات المرتبطة بإيران فتاوى بمجرد التظاهر ضد الأمريكيين»، فما بالك بمقاتلتهم؟! وكانت إيران أول من اعترف بالحكومة الانتقالية التي عيَّنتها أمريكا بالعراق. قال جلال طالباني في لقاء له عبر قناة العراقية: «إن الحكومة التي نصبتها أمريكا موالية لإيران». وينسجم ذلك مع دعم السيستاني لجميع المشاريع الأمريكية في العراق، وفتواه بعدم التعرض لقوات الاحتلال، وعرقلة مسيرتها عند دخولها العراق. بل وتفاخر باقر الحكيم بقدومه على دبابة أمريكية إبان سقوط نظام صدام حسين. قال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في 2007م بأن: «بلاده على استعداد لملء الفراغ الأمني في العراق حال انسحاب القوات الأمريكية منه» وهو ما أعاد تأكيده الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني بقوله: «إن إيران على استعداد لضمان الأمن والاستقرار في العراق في حال ما إذا انسحبت أمريكا منه».
2- في أفغانستان: كان النظام الإيراني يساعد أمريكا وبقوة في حربها على المسلمين هناك، وعلى جميع الصعد. وهو أمر تعلنه أمريكا ولا تنفيه إيران، بل تفخر به. قال محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي للشؤون القانونية والبرلمانية، في 13/1/2004م، في ختام أعمال مؤتمر (الخليج وتحديات المستقبل) :«إن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان» مؤكدًا أنه: «لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة»؟! وقال أيضًا هاشمي رفسنجاني الرئيس السابق لإيران لجريدة الشرق الأوسط في 9/2/2002م: «القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت في دحرها، ولو لم نساعد قواتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني. ويجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيراني الشعبي لما استطاعت أن تسقط طالبان». أما تريتا فارسي وهو باحث إيراني ومن أهم الخبراء في مجال العلاقات الإيرانية الأميركية والجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، فيقول: «لم تكن المساعدة التي قدمتها إيران شكلية، فعرض الإيرانيون السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدهم الجوية… وخدموا كجسر بين التحالف الشمالي والولايات المتحدة في قتال الطالبان» (كتاب: السياسة الخارجية الإيرانية، الدكتور أحمد نوري النعيمي).
3- : في سوريا: استخدمت أمريكا إيران ولا تزال في دعم نظام الأسد النصيري المجرم. أما حجة إيران في ذلك فهي أن نظام الأسد من دول الممانعة والمقاومة، وأن أمريكا هي من تريد إسقاطه، وهو أحد حلفاء إيران في المنطقة والعدو الأكبر لأمريكا؟!!! يقول الدكتور أكرم حجازي: «الحقيقة الصارخة التي لا يماري فيها أحد أن إيران سجلت فشلًا ذريعًا في مواجهة القوى السنية المسلحة، وأن النظامين في سوريا والعراق كانا مرشحين للسقوط لولا التحالف الدولي أو التدخل الروسي». نعم، تدخلت إيران في سوريا عندما كان نظام الأسد ينهار، ولولا هذا التدخل من خلال قوات الحرس الثوري الإيراني، وحزب إيران اللبناني، ومليشيات المالكي التابعة لها، وإرسالها السلاح لنظام البعث السوري العلماني، وكل المجازر البشعة التي صنعوها في الشام، لانهار نظام الأسد. كل ذلك تحت سمع وبصر أمريكا، وموافقتها غير المعلنة. قال حسن نصر الله في مُقابلة له مع قناة الميادين اللبنانية في 27/12/2020م: «إنّ قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني اجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة التدخل الروسي العسكري في سوريا»، وأضاف: «إنّ الرئيس الروسي اقتنع بالتدخل بعد اجتماع مع سليماني مدة ساعتين في موسكو بحضور عدد من المسؤولين الروس؛ إذ عرض سليماني خلال الاجتماع خرائط السيطرة في سوريا، وناقش معه آليات العمل، واستطاع أن يقدم إضافة أدت إلى اتخاذ روسيا قرار التدخل
4- في اليمن: نشرت مجلة (فورين بوليسي) تقريرًا يقول بأنه بعد الدعم العسكري الأمريكي للقوات الإيرانية في العراق وسوريا، فإن: «اليمن يمكن أن يكون ساحة المعركة القادمة، وأن: «الشراكة القلقة بين واشنطن وطهران تمتد الآن إلى اليمن» وختم التقرير بالقول: «إن الولايات المتحدة مستعدة للسماح لإيران بتوسيع نفوذها في المنطقة، وهذا في جزء منه للمساعدة في تأمين صفقة نووية». وهكذا كسبت أمريكا جماعة الحوثي، ذات الولاء الإيراني، وسلَّحتهم، فقاموا ضد نظام علي صالح عميل الإنجليز. وها هو الحوثي، يضرب السعودية والإمارات، فتسارعان إلى أمريكا من أجل صفقات أسلحة لا تنتهي، وخضوع ذليل للسيد الأمريكي، الذي يدير كل اللعبة والفرقاء، على حساب الأمة!!؟.
5- في لبنان: أسست إيران في لبنان حزبًا لها من أتباع مذهبها، وسلَّحته فأصبح جيشًا خاصًّا لها هناك، منفصلًا عن الجيش اللبناني. وقام حزب إيران في لبنان بدعم النظام السوري المرتبط بأمريكا كما فعلت إيران. ذكر حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني الموالي لإيران، في لقاء تلفزيوني في 2001م، أن الأمريكيين عرضوا عليه مرارًا التعاون في مواجهة عدو مشترك، وهو «الإرهاب السني»، وقال: «إن الأمريكيين قالوا إنهم يوافقون على أن يهاجمهم في الخطب والميكروفونات، وإنهم سيتفهَّمون ذلك»، وهو ما علَّق عليه الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي: «بأنها دليل عمالة صريحة»، و»أجرى المقارنات بين نقاط الصفقة وبين ما تم على أرض الواقع ليخرج بالنتيجة: وهي أن حزب الله بقيادة حسن نصر الله تحوَّل إلى أداة أمريكية للسيطرة في المنطقة وتوجيه الأحداث وحفظ أمن (إسرائيل)» (أ.د. سلمان لطيف الياسري، جريدة صوت العراق، 24/1/2020م).
6- في موضوع نووي إيران: لا شك أن نووي إيران هو أكبر قضية يحصل فيها التضليل السياسي حول علاقة إيران بأمريكا، وحول أن الأخيرة تعمل على منعها من امتلاكه، وقضية المحادثات والعقوبات التي لا تتوقف، والضربة العسكرية المحتملة في أي وقت، في مشهد من التضليل لإرباك الرأي العام بشكل يعيقه عن اكتشاف الحقيقة؛ لكن المدقِّق في هذه القضية يجد الأمور التالية: 1.هذا البرنامج هو برنامج سلمي للطاقة، وليس عسكريًّا، بشهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أن القيادة الإيرانية تحرم امتلاك السلاح النووي. فخامنئي يعلن بكل وضوح أن «لا داعي لننفق الأموال على إنتاج وتخزين سلاح يحرم استخدامه بتاتًا» (وكالة إي أر تي في 9/10/2019م)
-
أمريكا لا تمانع أن تمضي إيران في برنامج سلمي للطاقة النووية. فقد قالت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كلينتون لـ (بي بي سي) في 4/12/2010م: «إن إيران تستطيع في المستقبل أن تخصب اليورانيوم لأغراض مدنية، حينما تبرهن على أنها ستجري ذلك بصفة مسؤولة، ووفقًا لواجبات إيران الدولية»… على الأقل هذا ما يعلن عنه، ويذهب التفكير لدى المسلمين أن أمريكا قد تريد في النهاية أن تكون إيران جاهزة لامتلاك السلاح النووي في حال ما قام عمل إسلامي كبير يهددها.
-
إن هدف أمريكا الرئيس من هذا الملف هو أنها تريد من إيران أن تستخدم مسألة النووي كرافعة لها، لتصير دولة إقليمية عظمى ومؤثرة في المنطقة، خدمة لسياسات أمريكا، التي تركز في الإعلام، كذبًا، أن إيران شريرة وتسعى لتقويض السلام في الشرق الأوسط، وأنها تتصدى لها كراعية للسلم!! وحتى لو امتلكت إيران القنبلة النووية الحقيقية، فهل تصبح دولة مستقلة أم تبقى عميلة ولكن بسلاح نووي؟! وماذا تنفعها كل قوتها العسكرية، إن كانت لا تنصر مسلمًا واحدًا في الأرض؟! بل وتستخدمها في مساعدة أمريكا في العراق واليمن وسوريا وغيرها ضد المسلمين؟ ماذا استفادت الأمة من قنبلة باكستان النووية، وهي تحت إشراف ومراقبة المخابرات الأمريكية، خوفًا من أن تقع في أيدي أبناء الأمة المخلصين؟!!
إن موضوع نووي إيران من أهدافه صناعة فزَّاعة في المنطقة، وليس بناء قدرة عسكرية تخدم الأمة. فإيران غارقة في حروب قاتلة، هنا وهناك، وتصرفاتها السياسية العدائية مع كل محيطها يجعلها فزَّاعة مثالية، تعطي المبرر الأمثل والحجة الدائمة لتدخل أمريكا في المنطقة، بما ينسجم مع سياستها، سياسة الذرائع. إن أمريكا توظف ضجيج إيران الإعلامي، عن قوتها وعظمتها، في بسط نفوذها العسكري في منطقة الخليج، وجر دول المنطقة إلى شراء أسلحة بمليارات الدولارات، وتقديم نفطهم لها على طبق من ذهب. ولو أن إيران كانت صادقة في عدائها لأمريكا لتصدَّت لأساطيلها التي تصول وتجول قبالة شواطئها؟! إن إيران تنسِّق مع أمريكا جهودها ليس فقط في حرب المسلمين هنا وهناك، لكنها تعطي الأنظمة الجائرة في بلادنا الذريعة للاصطفاف مع أمريكا، بسبب تهديداتها المذهبية الطائفية، وقدرتها العسكرية التي لا تستخدم إلا ضد البلدان الإسلامية!! 4. تستخدم أمريكا ما يجري في موضوع نووي إيران لحمايتها من أوروبا، التي تنافسها في منطقة الخليج، وتحاول خلق مشاكل لها هناك، من خلال زعزعة النظام في إيران، مدعية أن إيران خطر على المجتمع الدولي، وأنه يجب أن تعاقب من خلال حزم عقوبات، أو حتى ضربة عسكرية. ولأن الأوراق السياسية في إيران بيد أمريكا، فهي تعمل باستمرار على إنقاذ إيران من أية عقوبات محتملة، من خلال أمرين. الأمر الأول: تخفيف العقوبات، وجعلها غير منتجة، بالتنسيق مع الصين وروسيا، اللتين تنتفعان اقتصاديًّا وتجاريًّا من إيران، وتساعدانها في برنامجها النووي السلمي، وتدعمان تخفيف العقوبات عنها، وتساهمان (مع أمريكا) في منع أي مشروع عقوبات قاتل ضد إيران، حفاظًا على مصالحهما الكبرى هناك. ومثال ذلك ما حصل في حزيران/2010م، حين نسَّقت الدولتان مع أمريكا في تخفيف مشروع قرار العقوبات رقم 1929م ضد إيران، وأفرغوه من أي تأثير. وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد قال بعيد قرار العقوبات هذا: «لقد وضع شركاؤنا الغربيون مشروع القرار الذي لم يكن في البداية من الممكن لروسيا والصين تأييده، وبعد مشاورات مكثفة في اللجنة السداسية تمكنَّا من شطب بعض البنود التي كانت تهدف لعقوبات مُشِلَّة»؟!!!.
أما الأمر الثاني، فهو الالتفاف على العقوبات التي تفرض على إيران. والناظر فيها يجد أن تأثيرها يكاد يكون معدومًا في أبرز ثلاثة جوانب تضمنتها القرارات، وهي الجانب التجاري والنفطي والمصرفي.
ففي الجانب التجاري صار الالتفاف من خلال فرض عقوبات على شركات ظاهرة، وإدخال شركات أخرى أمريكية، من تحت الطاولة، تستمر في العمل في إيران، بدلًا عنها.
أما في قطاع النفط فقد تبيَّن أن العقوبات كان تأثيرها مقتصرًا على النفط المصدَّر إلى أوروبا، والذي التفَّت عليه إيران من خلال أمور متعددة مثل التعاقد مع مشترين جدد. فقد قالت الوكالة التي تنسِّق سياسات الطاقة لكبرى الدول المستهلكة: إنه من المتوقع أن تحافظ صادرات النفط الخام الإيرانية على زخمها، بل تتجاوز 1.4 مليون برميل يوميًا في آذار (مارس)/2013م مقارنة بـ 1.28مليون برميل في شباط (فبراير)2012م. وكذلك استخدام إيران موانئ أخرى، غير مراقبة، مثل ميناء لابوان الماليزي؛ لإخفاء ملايين من براميل النفط بعيدًا عن العقوبات الغربية، ومن ثم بيعها لمشترين محتملين (نشرة رويترز «فريت فندمنتالز»، سبتمبر/2012م). وأيضًا تعاقد إيران مع دول مختلفة لتسجيل ناقلاتها النفطية باسمها. وفي القطاع المصرفي استطاعت إيران الالتفاف عليه باستخدام المصارف العراقية. فقد قدم ديفيد كوهين، وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بيانًا مكتوبًا، ردًّا على الأسئلة التي وجَّهتها له صحيفة (نيويورك تايمز) في عام 2012م، أكد فيه أن إيران: «ربما تسعى للتهرب من العقوبات المالية القوية التي فرضناها عليها عن طريق المؤسسات المالية العراقية». وهكذا بين كرٍّ وفرٍّ، في السنوات الأخيرة، أصبحت إيران، وبتنسيق كامل مع أمريكا، خبيرة في فن الالتفاف على العقوبات، والإفلات منها… وتهدأ موجة التهديدات والضغط عليها، من أوروبا، بعد كل جولة محادثات واتفاقات، ويزول إحراج أوروبا ودولة يهود لأمريكا للقيام بعمل عسكري، أو حتى بعقوبات مؤثرة فعليًا على إيران.
هذا فيما يتعلق بالالتفاف على العقوبات غير المؤثرة؛ لكن الحقيقة الصارخة في علاقة أمريكا وإيران التي (تعاديها) و(تقف) ضد مصالحها!! تؤكد أن إيران تفتح بلادها أمام استثمارات أمريكا «العدو الأكبر». فقد أفادت دائرة الإحصائيات للولايات المتحدة، خلال تقريرها الأخير، أن حجم التبادل التجاري مع إيران شهد ارتفاعًا ملحوظًا في العام 2018م بمستوى 155% مقارنة مع العام 2017م. ففي العام 2017م وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 199 مليون دولار في حين إنه تجاوز 508 مليون دولار في العام التالي (لبنان الجديد 9/3/2019م). وفي النفط، تتلاعب أمريكا على العالم في موضوع العقوبات على إيران، وتضغط بذلك على شركات عالمية، لتخرجها من العمل في إيران، وتسمح بعد ذلك لشركات أمريكية غيرها بالعمل. فقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في آذار/2010م، النقاب عن تمويل الحكومة الأمريكية لشركات أمريكية وأجنبية تعمل في إيران بعشرات المليارات من الدولارات. وقالت الصحيفة: «إن الحكومة الأمريكية أعطت 107 مليار دولار، خلال السنوات العشر الأخيرة لشركات أمريكية وأجنبية تقوم بأعمال في إيران، كثير منها في قطاع الطاقة، وأوضحت أنه من بين 74 شركة تتعامل مع كل من الحكومة الأمريكية وإيران، هناك 49 شركة مازالت تزاول أنشطة في إيران».
-
أما يهود وعلاقتهم بنووي إيران، فهم وإن كانوا حلفاء لأمريكا، إلا أنهم يشعلون النار في موضوع النووي الإيراني، ويعملون على تخويف العالم منها، داعين لضربها، ما يجعل مواقفهم تتجانس مع مواقف أوروبا في هذا الشأن. كما أنهم يحاولون ربط حل القضية الفلسطينية (أي تصفيتها) بموضوع إيران النووي، ودعمها لحماس وحزب الله!! حتى يتنصلوا من أية حلول، أو تنازلات سياسية يقدِّمونها، وهذا ديدنهم! لكن أمريكا بالمقابل لا تستمع إليهم، بل وتستخدم (قوة) إيران المزعومة في المنطقة في الضغط عليهم، حتى يقبلوا بالحلول التي تريدها هي في فلسطين!.
وأما عن علاقة إيران بيهود، وتهديدات قادة إيران المستمرة لكيان يهود، والقضاء عليه وإفنائه من الوجود، فلا يعدو أكثر من تهويشات إعلامية فارغة تضلِّل المسلمين، هدفها مجرد الضغط على يهود، بتوجيه من أمريكا. فقادة إيران يعلنون دائمًا أنهم ينتظرون أن تهاجمهم (إسرائيل) أولًا حتى يفنوها بضربة لا تبقي ولا تذر؟!! لكن الموقف الحقيقي لنظام إيران هو شيء مختلف، فهو لا يريد إزالة كيان يهود، ولا شطب (إسرائيل) من الخارطة. قال الرئيس أحمدي نجاد في 14/10/2010م في بنت جبيل: «إن المشروع الإيراني هو المشروع الفلسطيني، وإن ما تريده إيران لفلسطين هو ما يريده الفلسطينيون، وهو إقامة دولة فلسطينية»، حتى إن نجاد لا يريد أن (يزيل) (إسرائيل) من الوجود بنفسه، بل يريد للمهدي أن يفعل هذا، فقال: «المهدي المنتظر سيأتي إلى هنا، وبرفقة المسيح» من أجل تحرير فلسطين (14/10/2010م)!!! يهود يقتلون ويعتدون ليل نهار، ونجاد يطلب انتظار المهدي: أيُّ تخذيل وتثبيط هذا عن عمل أبناء الأمة وجيوشها وقادتها المخلصين؟؟ وفي المحصلة، فإن يهود وإيران في علاقة أكثر من طيبة، طالما أن إيران تلعب دورًا لا تتخطَّاه. ففي تصريح لإذاعة الجيش (الإسرائيلي) في 18/2/2006م قال رئيس مجلس الأمن القومي عوزي دايان: «إيران ليست عدوًا لإسرائيل، وإنه لا يجدر بنا تهديد إيران، من وجهة نظرنا إيران ليست عدوًا؛ ولكن علينا التأكد من عدم تمكُّن إيران من اقتناء أسلحة دمار شامل». هذا من جانب إيران، أما من جانب أمريكا، فهي تعمل، من خلال سلوك إيران العدواني المفبرك، على فرض وصايتها على ابنها المدلل (إسرائيل)، بإشعارها أنه مستهدف في كل لحظة!!؟ وأنه بحاجة إلى الارتماء في حضن، والده وعدم مخالفة سياسته، كي يحظى بحمايته. 6. والخلاصة في موضوع نووي إيران: إن سيناريو العقوبات الذي تقوده فرنسا وبريطانيا وألمانيا بات يتكرَّر منذ سنوات دون جدوى، ما يثبت أن كل لقاءات المجتمع الدولي مع قادة إيران حول برنامجها النووي ما هو إلا تجاذب للقوى الاستعمارية حول إيران: أمريكا من جهة، والأوروبيون من جهة أخرى. فسياسة أمريكا الدائمة تقوم على استمرار الحوار والمحادثات، ودفع إيران لتقديم تنازلات طفيفة تُفقد الضغط الأوروبي اليهودي زخمه، باتجاه فرض عقوبات أو عمل عسكري، يثق حكام إيران أنه لن يحصل طالما أن أمريكا في ظهرهم، وتستفيد منهم سياسيًّا وعسكريًّا، في غير ملف ومكان في المنطقة. وهكذا، فإن إيران اليوم أصبحت تلعب دورًا يهدّد مصالح أوروبا في الخليج. فأمريكا كما ذكرنا تحب من إيران أن تستمر في إخافة دول الخليج، من خلال مناوراتها، ومدِّها (الشيعي)، حتى تدخل أمريكا إليها، عسكريًا وسياسيًا بشكل أكبر، وهذا ما يحصل بالفعل، إضافة إلى أنها تستخدم البعبع الإيراني في نشر منظومات أسلحتها حتى في أوروبا الحليفة!!! لقد أصبحت سجالات المجتمع الدولي، كل بضعة أشهر، حول الملف النووي الإيراني، سيناريوًا ممجوجًا ومكشوفًا ومملًّا، كون حكام إيران أصبحوا حاذقين في دبلوماسية حافة الهاوية الآمنة التي ينتهجونها بتنسيق كامل مع أمريكا، وأن المحادثات (التي لا تنتهي) قد تثمر في حال رفعت العقوبات عن إيران! وهكذا دواليك، في حفلة ومسلسل لا ينتهيان؟!.
خاتمة: إن حالة العداء التي تروج لها وسائل الإعلام بين إيران وأمريكا هي حالة زائفة ومصطنعة، فإيران لم تخالف سياساتها الموالية والخادمة للأهداف الأمريكية، في السرِّ وإن كانت تظهر أنها مخالفة لها في العلن، منذ أيام الخميني، لا تخرج عنها، وكل ذلك بحجة المصلحة المشتركة مع الشيطان الأكبر!!!
وإيران المذهبية الطائفية المتعصبة تفتُّ في عضُد الأمة، وتفرق جماعتها خدمة للغرب الليبرالي المجرم، والذي ينظر للمسلمين نظرة واحدة، ويستهدفهم جميعًا، فلا ينظر إليهم نظرة (شيعة) أو (سنة)، بل نظرة العداوة والحقد والمكر. وعلى الأمة أن تواجه هذه الخطة الجهنمية، وأن لا تنخدع وتتورط في هذه الدعوة المقيتة، وأن تتواصى بالحق والوعي على فكرة المذهبية السياسية الـمَقيتة النتنة الغريـبة عن ديننا، وأن تعلن تبرؤها منها ومن حكامها وممن يقف خلفهم. ولتعلم الأمة أنها أمة واحدة موحدة من دون الناس، كما قال ربها: (إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُم أُمَّة وَٰحِدَة وَأَنَا رَبُّكُم فَٱعبُدُونِ) [الأنبياء: 92] لكن الحكام الأدوات فرَّقوا دينهم وأمتهم، وأجرموا في حق أمة الإسلام، بدعوى الطائفية المذهبية السياسية النتنة التي يحملونها. ولتعلم الأمة أن السبيل الوحيد لتعود خير أمة أخرجت للناس لا يكون إلا بالعمل من أجل وحدتها السياسية المتمثلة في دولة الخلافة، التي تعيد للمسلمين قرارهم وسيادتهم، فيعتصمون بحبل الله جميعًا، وعروته الوثقى التي تؤلف بين قلوبهم، ويصبحون بنعمته إخوانًا. قال تعالى: (وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٤٦) [الأنفال: 46]. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2022-03-31