أردوغان لا يستحق أبدًا قيادة الأمة الإسلامية بالسياسة غير الإسلامية التي يتبعها!
2022/03/31م
المقالات
1,171 زيارة
يلماز شيلك
بعدما فقدت الأمة الإسلامية الخلافة في 3 آذار/مارس 1924م، فقدت معها مسارها وأصبحت تهيم من مكان لآخر. وكلما سعت الأمة لاستعادة ما فقدته، وحاولت النهوض بهذا الشأن، فإن العقل الأعلى يتدخل على الفور ويقود الأمة إلى الطرق الخاطئة والمضلَّة. ولطالما قام الشعب التركي المسلم بدعم عدد من الشخصيات والحكومات التي يعتبرها قريبة منه انطلاقًا من إيمانه بالإسلام. ففي السنوات الأولى من تأسيس الجمهورية، تعرَّض أهل تركيا للاضطهاد بسبب الممارسات اليعقوبية البريطانية العلمانية. كذلك فقد قام حزب الشعب الجمهوري، الذي كان في السلطة آنذاك، بإعلان الحرب ضد الإسلام والمسلمين ومحو كل ما يذكِّر بالإسلام من الحياة؛ ونتيجة لهذه الممارسات، حدثت بعض الاضطرابات الخطيرة في المجتمع؛ ومن أجل منع كراهية الشعب التركي المسلم وعدائه للنظام وإعادة دمج المجتمع في النظام، أطلق مؤسِّسو النظام الحزب الديمقراطي برئاسة عدنان مندريس. وبمجرد وصول عدنان مندريس إلى الحكم، كان أول عمل قام به هو ترجمة الأذان، الذي كان يعلن باللغة التركية، إلى أصله اللغة العربية. وبسبب هذه الممارسة، رأى الشعب في الحزب الديمقراطي حزبًا إسلاميًا وسانده لسنوات عديدة.
ثم في وقت لاحق، انتقل النظام الوطني إلى نجم الدين أربكان، الذي أسَّس حزب الرفاه والسلامة الوطني، والذي كان له مظهر إسلامي أكثر من الحزب الديمقراطي. وقد تمَّ خداع الشعب التركي المسلم لسنوات عديدة بهذا النوع من الأحزاب الديمقراطية التي لها عدة شعارات ومظاهر إسلامية؛ ولكنها لا تحكم بالإسلام، ولا علاقة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد. والآن يتم خداع المسلمين بحزب العدالة والتنمية، الذي يتولَّى دور دمج المسلمين في النظام، وهو الحلقة الأخيرة في هذه السلسلة، ويرأسه أردوغان.
في هذا المقالة، سنقيّم الهوية السياسية لحزب العدالة والتنمية وأردوغان من خلال السياسات الداخلية والخارجية التي نفَّذها أردوغان على مدى عقدين من الزمن. فهل أردوغان إسلامي، أم زعيم وطني. أم زعيم جمهوري أو قومي أو ديمقراطي؟ وهل حزب العدالة والتنمية حزب إسلامي أم حزب علماني ديمقراطي محافظ؟
حزب العدالة والتنمية وأردوغان، اللذان وصلا إلى السلطة في عام 2002م، قد شرعا لأول مرة في استعادة العلاقات التي كانت مقطوعة في السابق بين المجتمع والدولة والمجتمع والحكام. ومع الدعم الذي قدَّمته أمريكا، تخلَّى أولًا عن النهج البريطاني اليعقوبي العلماني في السياسة. وعندما حكم الشعب بديمقراطية أمريكية أكثر ليونة، اكتسب امتنان هذا المجتمع الذي تعرَّض للاضطهاد لسنوات. بالطبع كانت سياسة أردوغان هذه التي أوصلته إلى السلطة، سياسة أمريكية ماكرة تمامًا. ومع ذلك، فإن ظهور أردوغان بمظهر إسلامي، أي أداءه الصلاة وقراءة القرآن وكون زوجته ترتدي الخمار، كان له تأثير كبير على المجتمع، وخاصة بين المسلمين. فبدأت الأمة بحب أردوغان على صفاته هذه، وأظهرت امتنانًا كبيرًا له.
قام أردوغان بعدد من الإجراءات التي ترضي الجمهور بالدعم السياسي الذي قدَّمته له أمريكا. على سبيل المثال، توصَّل إلى رفع الحظر المفروض على الخِمار في أماكن التعليم والعلن به، والذي كان قد أصبح مثل الغرغرينا لسنوات، وقد توصَّل لرفع الحظر ليس بموجب القانون ولكن بالتوافق الاجتماعي. وقام برفع الحظر المفروض على ارتداء النساء الخمار في المكاتب الحكومية والجامعات والجيش والشرطة. ورفع القيود المفروضة على مدارس الإمام الخطيب. وقد تمَّ بين المسلمين اعتبار هذه الخطوات التي اتخذها أردوغان عملًا إسلاميًّا. غير أن أردوغان كان يفعل ذلك في إطار الحريات الديمقراطية. فمن ناحية، كان يتَّخذ خطوات وكأنه يسعى لإرضاء الشعب، بينما كان من ناحية أخرى يمارس النظام الديمقراطي الرأسمالي العلماني الذي يرضي الكفار الاستعماريين لدرجة أنه أطلق العنان للزنا الذي منعه الله، من أجل إقناع فصيل علماني كمالي ديمقراطي داخل تركيا، وخارجها إرضاءً لأمريكا والغرب الذي أوصله إلى السلطة. وقد ذكر أردوغان هذا الوضع بفمه؛ لا سيما عند السماح بالزنا، بقوله «لقد اتَّخذنا خطوة من هذا القبيل هناك (السماح بالزنا) بما يتماشى مع مطالب الاتحاد الأوروبي، لكننا كنا مخطئين»، بينما من ناحية أخرى «تمَّ السماح به قبل ولايتي»… لكن الله سبحانه وتعالى حرَّم الزنا تحريمًا قطعيًا حيث قال: (وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا ٣٢).
ومرة أخرى، فعلى الرغم من أن أردوغان صرَّح بأنه سينسحب من «اتفاقية إسطنبول»، إلا أنه قد تمَّ تدمير سقف المؤسسة الأسرية واهتزَّت أسسها مع اتفاقية إسطنبول والقوانين التي سُنَّت في إطار هذه الاتفاقية. وقد أصبحت المثلية الجنسية والانحراف منتشرة على نطاق واسع في المجتمع، وخاصة بين الشباب. كل هذه القوانين التحرُّرية، التي تم تنفيذها بموجب قوانين المواءمة للاتحاد الأوروبي، أبعدت الشعب عن الإسلام. كذلك فإن حزب العدالة والتنمية، الذي قال إنه «سيحافظ على التقاليد» بوعد المحافظ، قاد بتدمير جميع قيم التقاليد.
وبينما كان أردوغان يقول: «ماذا يوجد في صميم النظام الاستعماري الاقتصادي العالمي، يوجد ربا. وإن نظام الربا هو نظام ظلم وطغيان. فالربا يزيد من غِنى الغني ويزيد من فقر الفقير، ونحن أعلنَّا الحرب على هذا النظام. أنا في حرب ضده منذ 19 عامًا. وطالما هذه الروح في هذا الجسد فلن أقول للربويين استمرُّوا، ولن أكون إلى جانبهم أو وراءهم؛ لأن الربا لا يحتل أي مكانة في سلسلة القيم التي نؤمن بها. وإننا لسنا من ينمِّي الربا، وكما أقول دائمًا، بإذن الله، فإن الربا هو السبب والتضخم هو النتيجة»، كذلك يقول: «لا تتوقعوا مني خفض نسبة الفائدة، فسأستمرُّ بفعل ما ينبغي عليَّ فعله حسب النصوص. هذا هو الحكم»، ومن جهة أخرى يقول: «إن الربا هو حقيقة عالمية». وبكلماته هذه يكون قد شرع الربا الذي حرَّمه الإسلام، مع أن الله سبحانه وتعالى اعتبر التعامل بالربا بمثابة شن حرب على الله ورسوله حيث قال: (فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ). وعلى الرغم من هذا النص الصريح في الإسلام بشأن الربا، إلا أن الرئيس أردوغان قد اتبع سياسة تعزِّز الربا والبنوك والنظام النقدي وغير ذلك من المنكرات.
وبالطريقة نفسها فإن بن علي يلديريم الذي كان أيضًا زعيمًا لحزب العدالة والتنمية ورئيسًا للوزراء لفترة، وفي خطاب كان قد ألقاه عام 2014م، كشف عن الهوية (الإسلامية!) للحزب بقوله: «قبل وصولنا إلى الحكم، كان هناك مصنعان للخمر في تيكرداغ، وبعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، أصبح هناك 18 مصنعًا، وكانت هناك علامة تجارية واحدة، والآن هناك 7 علامات تجارية». مع أن الله سبحانه وتعالى يقول: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ٩٠).
إضافة إلى ذلك، فلا داعي لتقديم إحصاءات بشأن المقامرات والمراهنات خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية المستمرَّة منذ حوالى العقدين. كذلك على مدى العقدين الماضيين تمَّ الترويج للعب القمار من خلال ألعاب الرهان المشروعة. وتمَّ الترويج للقروض الربوية من خلال البنوك. كذلك قاموا بتقاسم الملكيات العامة وملكية الدولة بينهم تحت ما يسمى بالخصخصة. فأردوغان لم يضع أي سياسة أو إجراءات إسلامية في السياسات الاقتصادية هذه. وهو الذي يقول إنه من الإسلاميين، فقد قام بتطبيق جميع الممارسات المخالفة للإسلام في سبيل المحافظة على كرسيِّه وكسب رضا الغرب.
كما اتبع أردوغان سياسة متقلبة للغاية بشأن الكمالية. فقبل وصوله إلى السلطة قام باستغلال المسلمين، ثم غير وجهته بعد ذلك بشكل كبير. وبعد أن قال أردوغان في 1994م: «الحمد لله أننا نتبع الشريعة»، وقال في 1996م: «لا مكان للكمالية وللأنظمة والقوانين المشابهة للكمالية في مستقبل تركيا»، كذلك قال في تلك السنوات: «لا يكون المرء مسلمًا وعلمانيًا في الوقت ذاته، إما مسلم أو علماني فقط»، فبعد هذه الأقوال وصلنا إلى ما نحن عليه في هذه الأيام. والحال في عام 2022م أن كلًّا من العلمانية و(الأتاتوركية) تحظى بشعبية. وأردوغان، الذي هو الرئيس وزعيم حزب العدالة والتنمية، يدعو المسلمين إلى العلمانية والكمالية على حد سواء…
كذلك فقد قال بن علي يلديريم الرئيس السابق: «تابعنا بدهشة أن بعض الأشخاص لا يزالون يحتكرون (أتاتورك) مع أنه ذو قيمة مشتركة لتركيا كلها». وحزب العدالة والتنمية يزور قبر مصطفى كمال، وأنصار حزب العدالة والتنمية أيضًا يزورون قبره. فمنذ تأسيس حزب العدالة والتنمية، وهؤلاء الحمقى يزورون قبره، ويحضرون احتفالات 10 تشرين الثاني/نوفمبر. كما أن حزب العدالة والتنمية لا يحتاج إلى إثبات انتمائه الكمالي لأي أحد. وكما يتضح، فإن أردوغان وحزبه ليس لديهم أية مشاكل مع النظام والجمهورية ومصطفى كمال.
وفي واقع الأمر، عندما شارك المتحدث السابق باسم حزب العدالة والتنمية ماهر أونال في برنامج تلفزيوني قال: «نحن وسياسة حزب العدالة والتنمية لم نواجه أية مشاكل مع مصطفى كمال (أتاتورك) والجمهورية… وعند النظر إلى ملصقاتنا في احتفالات عيد الجمهورية في 29 تشرين الأول/أكتوبر، نقول (نحن أسَّسنا) و(نحن حميْنا) و(نحن عظَّمنا) (هذه جمهوريتنا) و(نحن الأمة)… فموقفنا من العلمانية، والجمهورية، و(أتاتورك) واضح تمامًا. لم نواجه أبدًا أي مشكلة مع الجمهورية، ومكاسب وقيم الجمهورية، ومصطفى كمال (أتاتورك)».
وأكَّد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك أن جمهورية تركيا هي دولة دستورية ديمقراطية علمانية اجتماعية، وقال: «ستبقى جمهورية تركيا مستمرَّة إلى الأبد. فنحن نتذكر باحترام ونترحم على قائد حرب التحرير، ومؤسس دولتنا وأول رئيس لجمهوريتنا الغازي مصطفى كمال (أتاتورك)، وأبطال حرب الاستقلال. جمهوريتنا هي تراكم وتبلور لتقاليد دولتنا العظيمة التي يعود تاريخها إلى قرون».
أما أردوغان، ففي كلمته خلال افتتاح مركز (أتاتورك) الثقافي (AKM)، قال: «وفي بداية حديثي، أهنئكم بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة والتسعين لتأسيس جمهوريتنا. لنتذكرْ جميع أبطال نضالنا الوطني، وخاصة الغازي مصطفى كمال (أتاتورك)، الذي أهدانا جمهوريتنا. لنسعَ جاهدين لسداد ديوننا لمؤسسي جمهوريتنا من خلال تحديد أهدافنا لعام 2023م والعمل ليلًا ونهارًا لتحقيقها».
وعلى الرغم من كل هذه الخطابات والإجراءات غير الإسلامية لأردوغان، فإن المسلمين الذين ما زالوا يعتقدون أن الإسلام لا يزال على أجندة أردوغان والذين يدعمون حزب العدالة والتنمية وأردوغان في هذه المسألة، إنهم لمنخدعون للغاية. بل على العكس من ذلك، فإن أجندة أردوغان مليئة بالأفكار والأحكام غير الإسلامية مثل العلمانية والديمقراطية والحريات والقومية والوطنية.
فمن جهة كان الرئيس أردوغان متمسكا بالخطاب الإسلامي للمحافظة على قاعدته الشعبية، بينما من ناحية أخرى، كان يقول إنهم ليسوا حزبًا إسلاميًا للتودُّد للغرب وكسب رضاه.
وفي 10 شباط/فبراير 2008م، قال أردوغان في مقابلة مع مجلة نيوزويك: «من خلال تحقيق التوازن بين «الإسلام والديمقراطية والعلمانية والحداثة»، حققت تركيا شيئًا يقول الناس إنه لا يمكن تحقيقه. فحكومتنا تثبت أن الشخص المتديِّن يمكنه حماية فكره العلماني. وفي الغرب، لطالما تمَّ تصوير حزب العدالة والتنمية على أنه حزب له (جذور إسلامية). هذا غير صحيح، فحزب العدالة والتنمية ليس مجرد حزب للمتديِّنين، بل نحن حزب للأتراك عامة…».
وفي 7 نيسان/أبريل 2010م أيضًا، قال أردوغان لصحيفة لوفيغارو الفرنسية إنه يعلِّق أهمية كبيرة على زيارته لباريس: «إن بعض الفرنسيين ينظرون بتحيُّز إلى عضويتنا. ونحن بحاجة إلى العمل لتغيير وجهة النظر هذه». وعلى السؤال: «هل تعتبرون أنفسكم حزبًا إسلاميًا معتدلًا؟»، أجاب أردوغان: «هذه ليست الطريقة التي نعرف بها أنفسنا، فهناك أحزاب مسيحية ديمقراطية في أوروبا. وأنا لا أقبل الإسلام السياسي. وحزب العدالة والتنمية ليس حزبًا إسلاميًا. نحن نرى أنفسنا كديمقراطيين محافظين. وإذا نظر أصدقاؤنا الأوروبيون إلينا هكذا، يمكنهم التخلص من تحيزاتهم بشأننا».
وكذلك فعندما تمَّ سؤال أردوغان، في حديث لقناة العربية السعودية، «هل لديك أي أحلام أو رغبات لإعادة الخلافة؟» أجاب: «العالم الآن في تغيير وتحول. وفي خضم هذا التغيير والتحوُّل، قمنا بالفعل بشرح النظام الذي نريد أن نجلبه، وأي نوع من التحوُّل يجب أن يتمَّ الآن… لذا في الوقت الحالي، فإن تركيا ليس لها قضية مثل هذه الخلافة، ولا يتم طرح مسألة الخلافة أو أي شيء من هذا القبيل أبدًا».
ومع ذلك، فإن أردوغان انتهج سياسة بمهارة واحتراف في تقديم جميع أفعاله بثوب إسلامي. ومن أبرز صفاته هي أن لديه وجهة نظر مكيافيلية وبراغماتية كافية، وهو قادر على عمل تحولات ملتوية في سبيل مصالحه.
وهناك قضية أخرى يستغلها أردوغان هي بلا شك الديمقراطية والعلمانية. فبينما يحكم الدولة على أساس العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة؛ فإنه من ناحية أخرى، يمكنه أن يقول إنه والفرد يمكن أن يكونا غير علمانيين، ومن ناحية أخرى، يمكنه أن يقول بجرأة إن الدولة يمكن أن تكون علمانية، وقد واصل سياسته بناء على هذا الهدف. إلا أنه في عام 2006م وبينما كان أردوغان رئيسًا للوزراء في ذلك الوقت، طرح صحفي في اجتماع الشرق الأوسط للمنتدى الاقتصادي العالمي في مصر سؤالًا: «هل حزب العدالة والتنمية حزب ديني؟» وعليه أجاب: «نحن ننتمي إلى دولة دستورية علمانية ديمقراطية اجتماعية، وننفذ كل عملنا في هذا الإطار. إذا سألتني عن وضعي بشكل فردي، فأنا مسلم أحاول أن أكون متديِّنًا، لكنني لست مخوَّلًا بتقدير درجة ذلك» مع أن الله سبحانه وتعالى يقول بشأن الديمقراطية والعلمانية: (إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ).
كذلك فقد اتَّخذ أردوغان موقفًا مكيافيليًا من الديمقراطية. فمثلًا، ما قاله أردوغان عندما كان عمدة إسطنبول: «الديمقراطية ليست هدفًا بالنسبة لنا، بل هي أداة. نحن ملتزمون بالديمقراطية حتى نحقق هدفنا…» وقال أيضًا: «الديمقراطية هي قطار بالنسبة لنا. سنترجَّل عندما نصل إلى المحطة التي نريد». لكن الديمقراطية لم تعد اليوم أداة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية وأردوغان، بل تعدت ذلك لتصبح هدفًا. وحقيقة أنه يؤكد على الديمقراطية ويشيد بها في كل مرة هي أوضح مؤشِّر على ذلك. كذلك فقد تمَّ التوفيق بين الشعب التركي المسلم، المعادي لأكثر من نصف قرن للديمقراطية والعلمانية والجمهورية البعيدة عن قيمه، وبين النظام من خلال الخطاب الإسلامي لحزب العدالة والتنمية غير الظاهر في الممارسة العملية. وقد تمَّ ربط بعض الجماعات الإسلامية التي شهدت انحرافات في هذه الفترة، بالديمقراطية والجمهورية، وإن كان ذلك في سبيل المصلحة.
لم يكتفِ أردوغان بدمج المسلمين في النظام العلماني الديمقراطي فحسب، بل رسم خطوطًا متعرجة بشأن اتفاقية لوزان، التي تعتبر وثيقة هدم الخلافة، وسجل الحدود التي تمنع حاليًا وحدة الأمة وترابطها. وفي رسالة أردوغان بمناسبة الذكرى الرابعة والتسعين لتوقيع معاهدة لوزان للسلام، قال: «اليوم، نحتفل بالذكرى السنوية الرابعة والتسعين لتوقيع معاهدة لوزان للسلام، وهي الوثيقة التأسيسيَّة لجمهوريتنا. وعلى الرغم من كل أنواع الحاجة والفقر والمستحيلات، فقد سجَّلت أمتنا الحبيبة ملحمة الاستقلال في ميدان الدبلوماسية والقانون الدولي بمعاهدة لوزان. وباتفاقية لوزان، مزَّقت الأمة التركية الثورة التي استهدفت وجودها المستمر منذ ألف عام على هذه الأراضي، وجعلت العالم يقبل أنها لن تعرِّض استقلالها للخطر أبدًا». إلا أن تصريحات أردوغان بشأن معاهدة لوزان في العام السابق كانت عكس هذا تمامًا. كذلك وبعد شهرين من الذكرى السنوية، قال أردوغان عن اتفاقية لوزان: «في لوزان قد أعطينا الجزر التي يُسمع فيها صوتنا حين نصرخ. وهل يعتبر هذا انتصارًا؟»
يتمتَّع أردوغان بعقلية ومنظور براغماتي في جميع أفعاله. ولا شك أن أحد الأحداث التي تعكس هذه العقلية والمنظور هي قمة دافوس في عام 2009م؛ حيث كان نعت أردوغان، الذي كان رئيسًا للوزراء آنذاك، رئيس كيان يهود شمعون بيريز بقاتل الأطفال، قد ترك بصمته في تلك القمة؛ ولكن ما هو محزن أن العلاقات مع كيان يهود الذي قتل الأطفال والنساء والمسنِّين وطردهم من ديارهم، قد استمرَّت ولكن ليس على أنه بلد «قاتل الأطفال»، ولكن على أنه بلد صديق وحليف. فعلى سبيل المثال، ففي مسألة سفينة مافي مرمرة التي انطلقت من تركيا لكسر الحصار المفروض على غزة من كيان يهود، في البداية قام باستخدام مصطلح الإرهابي والقاتل عن كيان يهود بعد مذبحة المسلمين على يد جنود اليهود، وتصرف كأنه يعلن قطع جميع العلاقات السياسية والتجارية مع كيان يهود؛ ولكن وكما جرت العادة، تحوَّل عن هذا الموقف والخطابات وبدأ في اتخاذ موقف ضد المؤسسات التي قامت بتنظيم رحلة مافي مرمرة؛ ولكن في عام 2016م، تحوَّل أردوغان عن موقفه وخطابه السابقين فقال: «هل قمتم بسؤال رئيس الوزراء في ذلك الوقت بشأن إرسال مثل هذه المساعدات الإنسانية من تركيا؟ إننا لطالما قدَّمنا بالفعل المساعدة اللازمة لغزة، ولا زلنا نقدِّمها. قدَّمنا لفلسطين، ولا نزال نقدِّم؛ ولكننا لم نقم بذلك من أجل استعراض قوتنا، بل قمنا بكل شيء في إطار الدبلوماسية الدولية. وفي ذلك الإطار سنستمرُّ بالتقديم حاليًا ومستقبلًا. لقد فعلنا ذلك وسنفعل ولكن ليس بصحبة الطبول والمزامير، ولكن بالأدب، واللياقة». ثم عادت العلاقات إلى طبيعتها من خلال التستُّر على المسألة بالتعويض المطلوب لأسر الضحايا. والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه حتى خلال أسوأ فترات العلاقات بين تركيا وكيان يهود المفترضة، هو ارتفاع حجم التجارة بينهما؛ لكن في واقع الأمر، فإن حجم التجارة حطَّم رقمًا قياسيًا بين أردوغان وكيان يهود، الذي وصفه بأنه «دولة احتلال وإرهاب». غير أن حجم التجارة بين تركيا وكيان يهود، الذي كان يبلغ 1.4 مليار دولار في عام 2002م عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، حطَّم رقمًا قياسيًا حيث يبلغ حاليًا نحو 6.2 مليار دولار. علاوة على ذلك، فقد استمرَّت العلاقات العسكرية دائمًا، واستمرَّ طيارو كيان يهود في تلقي التدريب داخل تركيا.
وبينما يبعث أردوغان برسالة حارَّة للمسلمين الفلسطينيين خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر 16 للاتحاد البرلماني لمنظمة التعاون الإسلامي قائلًا: «إن القضية الفلسطينية هي إحدى لبنات بناء منظمة التعاون الإسلامي، وإن الدفاع عن القدس هو دفاع عن الإنسانية، والحصار الظالم والقاسي ضد غزة مستمرٌّ، وأن قضية القدس ليست قضية حفنة من المسلمين الشجعان فحسب، بل قضية مشتركة للعالم الإسلامي بأسره»، فإنه من ناحية أخرى يبعث رسائل حارَّة إلى اليهود بقوله: «إن علاقات تركيا مع (إسرائيل) حيوية لاستقرار وأمن منطقتنا. نحن بحاجة إلى التضامن في مكافحة تصاعد كراهية الإسلام ومعاداة السامية وكراهية الأجانب، خاصة في البلدان الغربية».
كذلك ما قاله أردوغان في قبول أعضاء الطائفة اليهودية التركية وتحالف حاخامات البلاد الإسلامية في بيشتبي: «إن الخطوات التي يتعيَّن اتِّخاذها بشأن القضية الفلسطينية، وخاصة في القدس، ستسهم في تحقيق الأمن والاستقرار ليس للفلسطينيين فحسب، بل لـ(إسرائيل) أيضًا. وفي هذا الصدد، يهمني أن ننعش حوارنا مع كل من السيد هرتسوغ، رئيس (إسرائيل)، والسيد بينيت، رئيس الوزراء. إن العلاقات التركية (الإسرائيلية) تعتبر حيوية من أجل استقرار وأمن منطقتنا. طبعًا إنني أهتم بشكل خاص بدعمكم في هذا الصدد. ونحن على استعداد لتحسين تعاوننا وتقييم إمكاناتنا العالية على نحو أفضل. وإنني أعلق أهمية على الحفاظ على الاتصال والحوار؛ لأنني أعتقد أن ذلك في مصلحتنا المشتركة».
وأيضًا على المنوال نفسه، قال أردوغان إنه التقى برئيس كيان يهود المحتل إسحاق هرتسوغ، وإنه يمكن أن يقوم بزيارة إلى تركيا. وناقش أردوغان إمكانية التعاون مع كيان يهود المحتلّ في شرق البحر الأبيض المتوسط حيث قال: «الهدف من ذلك هو إحراز تقدم بنهج إيجابي. نحن نسير على أساس مربح للجانبين، ومن ثم سنبذل قصارى جهدنا».
بيد أن أردوغان قال من قبل «طالما إنني في منصبي، لا أستطيع التفكير في أي شيء إيجابي مع (إسرائيل) هذا مستحيل. طالما أنا موجود فلا وجود لـ(إسرائيل)!». أصبح بعد ذلك وبموجب السياسة الأمريكية الجديدة يشارك الأعمال مع كيان يهود المحتلّ الذي نعته في وقت سابق بقاتل الأطفال ودولة إرهابية. وعلى حسب قوله فإنه يسعى لإعادة تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية، التي يفترض أنها متوترة. ومرة أخرى، وبموجب السياسة الأمريكية، يسير بخطوات التطبيع والخيانة مع كيان يهود المحتلّ. فمن ناحية، يقوم بخداع المسلمين بخطابات شعبوية جوفاء وزائفة بقوله إن القدس هي قضيتنا، ومن ناحية أخرى، فإنه يقوم بكل ما في وسعه لكسب ودِّ ورضا أمريكا وكيان يهود.
إن خيانة أردوغان لا تقتصر على فلسطين؛ حيث نرى أنه اتخذ خطوات الخيانة نفسها في سوريا. ومع قفزة الربيع العربي إلى سوريا في 15 آذار/مارس 2011م، استخدمت أمريكا تركيا لحماية النظام السوري، تمامًا كما فعلت خلال غزو أفغانستان والعراق. فبدأت تركيا في التنظيم بالاستضافة في تركيا تحت اسم «الائتلاف الوطني السوري» ضد احتمال الإطاحة بالنظام. ومن جهة أخرى، قامت بدعم جماعات المجاهدين ماليًّا وعسكريًّا، محاولةً تحويلهم عن فكرة «الخلافة الإسلامية» إلى فكرة «سوريا الديمقراطية». وأظهرت أن طاولة جنيف التي أسَّستها أمريكا هي الحل الوحيد. غير أنه وفقًا لمؤتمر جنيف1، الذي انعقد في 30 آذار/مارس 2012م بمشاركة ممثلين دائمين لمجلس الأمن الدولي، وكذلك السعودية وقطر وتركيا، كان على حد قولهم يهدف إلى إنشاء حكومة مؤقتة مشتركة بين المعارضة والنظام من خلال حماية المؤسسات الأمنية والعسكرية. وهكذا لن يسمح للغرب بخلق فراغ سياسي يملؤه المسلمون بإعلان الخلافة على منهاج النبوة التي تحضن الثورة وتسيطر عليها. أما الذين قاوموا ضد هذا الحلِّ، فكان سيتم قتلهم وضربهم بوصف أنهم «إرهابيون» و»متطرفون»، واستخدامهم كوسيلة لمحاربة الإسلام ومشروع إقامة الخلافة. إن مفهوم «الدولة المدنية والتعددية» الذي دعا إليه الغرب والدول الإقليمية، كان فقط لجذب الانتباه، وخلط الحق بالباطل.
بنى حزب العدالة والتنمية وأردوغان سياستهما بشأن سوريا التي تعدُّ من الأماكن الأكثر إيلامًا للأمة على هذا الهدف بالكامل. ولهذا الهدف أيضًا تمَّ قبول المهاجرين إلى تركيا واستخدامهم كمادة ابتزاز ضد أوروبا، التي تتطفَّل أحيانًا على أمريكا في سوريا. كذلك كانت عمليات درع الفرات وغصن الزيتون وربيع السلام. وكان اتفاقا أستانة وسوتشي مع روسيا وإيران لهذا الهدف. وإخراج المعارضة من مواقعها بحجة محاربة (داعش) وحزب الاتِّحاد الديمقراطي وتسليم العديد من المدن، وخاصة حلب، إلى نظام الأسد أيضًا للهدف نفسه. وكان وقف إطلاق النار، وإنشاء مناطق وقف النزاع للهدف نفسه. وكانت خطة حصر الشعب السوري في إدلب وإخضاعه لنظام الأسد في نهاية المطاف لهذا الهدف. غير أن هدف الشعب السوري، الذي خانه أردوغان بخداع كبير من خلال تعبئة كل ما لديه من وسائل، هو كسب رضا رب العالمين وإسقاط نظام الأسد المستبدِّ، الذي ناشد أسياده المساعدة بالقول إن «سوريا هي آخر معقل للعلمانية»، واستبدال دولة الخلافة به. لكن أردوغان أغلق عينيه وأذنيه أمام الشعب السوري وسلَّمه إلى جلَّاديه. ولم يردَّ على الرسائل من بانياس، ونداءات المساعدة من حلب والغوطة والعديد من المدن الأخرى. وعلى غرار أمريكا، فضَّل الإطاحة بالشعب السوري بدلًا من الإطاحة بنظام الأسد. ودخل صفحات التاريخ على أنها «حكومة لم تحشد جيشها بينما الشعب السوري يذبح»، حسب تعبير فتاة سورية تبلغ من العمر 10 سنوات في صرخاتها للرئيس أردوغان. وباختصار، فإن أردوغان، الذي يعمل في الفلك الأمريكي، قد خان الثورة السورية وشعبها.
وعلى المنوال نفسه، واصل الرئيس أردوغان خطواته الخيانية في سياسة تركستان الشرقية. فمقابل أموال الصين القذرة والملطَّخة بالدماء، تمَّ تجاهل احتلال تركستان الشرقية والسياسات المروعة للاضطهاد والتعذيب والإبادة الجماعية ضد الإيغور المسلمين؛ حيث إن حجم التجارة بين البلدين، الذي كان يبلغ مليار دولار في عام 2000م، أصبح الآن 126 مليارًا و80 مليون دولار منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم. وكجزء من فعالية «يوم الثقافة الصيني» بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، احتفلوا بالذكرى السبعين لتأسيس الدولة القاتلة المحتلَّة من خلال انعكاس علم جمهورية الصين الشعبية على برج أتا كوله أحد معالم أنقرة. وقاموا بإعلان بعض البلديات في تركيا كبلديات شقيقة للصين. وقامت الحكومة بمنح مطار إسطنبول شهادة «المطار الصديق للصين» نتيجة للإجراءات التي اتخذها لزيادة خبرة المسافرين الصينيين. كما تم استخدام لوحات باللغة الصينية، وموظفين ناطقين بالصينية، والتطبيقات الرقمية بالصينية، وما شابه ذلك.
وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك في خطاب ألقاه عام 2021م: «جمهورية تركيا تحترم سيادة الصين وهيمنة الصين. كما أننا بالطبع نحترم مكافحة الإرهاب الذي تقوم به البلدان في جميع أنحاء العالم؛ ولكن عندما ننظر إلى الانتهاكات ضد الأتراك الإيغور، والصور المنعكسة والرسائل التي تصلنا من هناك، فإننا نشاطر السلطات الصينية موقفنا ورغبتنا في العمل معا بشأن هذه القضايا، ونواصل مشاركتها ذلك وعملنا بهذا الشأن».
كذلك في عام 2019م، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في بيان بشأن الفظائع الصينية في تركستان الشرقية: «إن ما نأمله هو أن يعيش إخواننا الإيغور بسلام وهدوء تحت مظلة صين واحدة».
والواقع أن كلًّا من جاويش أوغلو وعمر تشيليك أوضحا أن الحكومة تدعم سياسات الاستيعاب المنهجي الصينية تجاه تركستان الشرقية، واحتلالها واضطهادها.
أما فيما يتعلق بأفغانستان فإن الرئيس أردوغان يتحرَّك في سياسته وفقًا للمصالح الأمريكية أيضًا. وعندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم لم يسحب القوات التركية من أفغانستان وانحاز إلى التحالف الصليبي بقيادة الولايات المتحدة. وقد واصل أيضًا كما فعلت الحكومة السابقة، دعم القوة الدولية للمساعدة الأمنية التي أنشئت بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وقادتها بريطانيا في 16 كانون الثاني/يناير 2002م. وفي 27 آب/أغسطس 2021م، سحبت تركيا جميع قواتها من أفغانستان بعد أن وقَّعت الولايات المتحدة اتفاقًا مع طالبان وانسحابها بعد 20 عامًا. في هذه الفترة، على الرغم من أن الجيش التركي لم يشارك كقوة قتالية في أفغانستان، إلا أنه تحرَّك بالتعاون مع الولايات المتحدة الكافرة وحلف شمال الأطلسي، وهي منظمة صليبية، لغزو بلد إسلامي فكان شريكًا لأمريكا في جرائمها. وقد دخل في تعاون وتنسيق كاملين مع أمريكا التي تسفك دماء المسلمين. بالطبع كان الدافع وراء توجه حزب العدالة والتنمية إلى أفغانستان هو التحالف مع أمريكا وعلاقة الصداقة القوية.
ومن خلال ما قيل حتى الآن، يمكن التوصل إلى الاستنتاج التالي، وهو أن الرئيس أردوغان يعمل في السياسة الداخلية لصالح أمريكا ونفسه، بينما يعمل في السياسة الخارجية وفقًا للسياسة والمصالح الأمريكية فقط. فهو لا يخرج عن الفلك الأمريكي في سياسته الأساسية تُجاه منطقة الشرق الأوسط مثل العراق وأفغانستان وسوريا وفلسطين ومصر وليبيا. وعلى الرغم من ظهوره في الرأي العام المحلي وكأنه يدير سياسة معادية للولايات المتحدة، إلا أنه يشن حربًا بالوكالة نيابة عن أمريكا في المنطقة. فهو يسير على خطا أمريكا في هذا الصدد خطوة خطوة وساقًا بساق. كما أن أردوغان يتبع سياسة تجعل المسلمين يغطون في النوم وتسلمهم للكفار الاستعماريين، ناهيك عن أن تؤدي إلى صحوة الأمة وتحريرها.
كل هذا هو نتيجة للسياسات التي يتبعها الرئيس أردوغان. ولطالما انتهج الرئيس أردوغان سياسة براغماتية وشعبوية. كما أن مركز سياسته لا يستند إلى السياسة الصحيحة (الإسلامية) بل إلى السياسة المصلحية البراغماتية. وقد أبقى أردوغان المسلمين مشغولين لسنوات بالسياسة صعودًا وهبوطًا. ومع ذلك، وللأسف، فإن الجانب الوحيد الذي شوهد في جميع سياسات أردوغان وإجراءاته ليس الإسلام، بل مصلحة الدول الغربية، وخاصة أمريكا الاستعمارية. إن أفعال أردوغان ليست إسلامية أبدًا وقطعًا. فلم يصدر عنه عمل إسلامي حتى ولو بشأن قضية واحدة خلال ما يقرب من 20 عامًا في الحكم، بل سار ويستمرُّ بالسير في كلا السياستين الداخلية والخارجية وفقًا لسياسة حرمها الله.
غير أن الأمة الإسلامية التي تتوق إلى قائد حقيقي كانت مفعمة بالأمل والحماس عند وصول أردوغان وحزبه إلى الحكم في عام 2002م. وقد فتحت أبواب قلوبها لأردوغان على أمل أن تعود إلى أيام مجدها القديمة؛ لكنه أضاع تلك الفرصة ودفع هذا الفخر بظهر يده. وبدلًا من أن يسعى لهيمنة دين الله الإسلام على الحياة، توجَّه نحو مشاريع الغرب. ربما استطاع اكتساب سمعة في نظر الغربيين، لكنه فقد سمعته واعتباره في نظر الأمة الإسلامية.
وأخيرًا، نختم بكلام الله سبحانه وتعالى: (يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩).
2022-03-31