حقيقة الحركات النسوية المعاصرة
2006/12/30م
المقالات
6,708 زيارة
حقيقة الحركات النسوية المعاصرة
لم يُعرف في تاريخ المسلمين قضية اسمها «قضية المرأة»، سواء أكان ذلك في أوج عزتهم وتمكنهم، أم في أزمنة ضعفهم وهزيمتهم. وعندما نقل الغرب وأدعياؤه المستغربون أمراضهم ومعاناتهم الى البشر جميعاً، بمن فيهم المسلمين، ظهر ما يسمى بـ«قضية المرأة»، حيث لا قضية، ونودي بتحريرها في معظم بلاد المسلمين بالمفهوم العلماني الغربي للتحرير.
إن حركة تحرير المرأة, حركة علمانية، نشأت في مصر في بادئ الأمر، ثم انتشرت في أرجاء البلاد الإسلامية, تدّعي أنها تريد إزالة الظلم الواقع على المرأة وتحريرها من التبعية للرجل, ومن الشقاء والتعاسة اللذين تعاني منهما, وأنها ستحقق لها السعادة والهناء, وهي في حقيقتها تدعو إلى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب، وتدعو إلى تقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات، والمساواة في الميراث، وتقليد المرأة الغربية في كل أمر…
ولكن وقبل أن تتبلور الحركة بشكل دعوة منظمة لتحرير المرأة ضمن جمعيات واتحادات نسائية .. كان هناك تأسيس نظري فكري لها.. ظهر من خلال كتب ومجلات أهمها, كتاب “المرأة في الشرق” تأليف المحامي النصراني مرقص فهمي, وكتابي “تحرير المرأة” و”المرأة الجديدة” تأليف قاسم أمين, ومجلة السفور التي صدرت أثناء الحرب العالمية الأولى، من قبل أنصار سفور المرأة، وتركز على السفور و الاختلاط.
وأول مرحلة للسفور كانت عندما دعا سعد زغلول النساء اللواتي يحضرن خطبه أن يزحن النقاب عن وجوههن. وهو الذي نزع الحجاب عن وجه نور الهدى محمد سلطان التي اشتهرت باسم هدى شعراوي مكونة الاتحاد النسائي المصري، وذلك عند استقباله في الإسكندرية بعد عودته من المنفى. وفي عام 1919م قادت هدى شعراوي مع زوجة سعد زغلول المظاهرة النسائية التي طافت شوارع القاهرة هاتفة بالحرية, «وتجمعت النساء وهتفن ضد الاحتلال… ثم بتدبير سابق, ودون مقدمات ظاهرة, خلعن الحجاب, وألقين به في الأرض, وسكبن عليه البترول, وأشعلن فيه النار… وتحررت المرأة!!!»1.
ثم تأسس الاتحاد النسائي في نيسان 1924م بعد عودة مؤسسته هدى شعراوي من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما عام 1922م.. ونادى بجميع المبادئ التي نادى بها من قبل مرقص فهمي -المحامي- وقاسم أمين, وقد كانت هدى شعراوي من المبهورات بالغرب والمعجبات بكل ما فيه, حتى عيوب العامة وشراسة أخلاقهم إذ تقول في إحدى كلماتها:
«وقد أعجبني في باريس كل شيء حتى شراسة أخلاق الرعاع فيها؛ لأنها لا تخلو من خفة الروح, فالفرنسيون أشخاص متفردون بعبقريتهم, مستقلون في أفكارهم وطباعهم وأعمالهم وصفاتهم، وحتى في عيوبهم».
وهي التي كانت تعتبر الطاغية كمال أتاتورك المثل الأعلى للبلاد الإسلامية إذ تقول في خطبة أمامه: «إذا كان الأتراك قد اعتبروك عن جدارة أباهم وأسموك “أتاتورك” فأنا أقول: إن هذا لا يكفي، بل أنت بالنسبة لنا “أتا شرق”»2.
ومن أبرز النساء اللاتي قدن حركة السفور مع هدى شعراوي:
أمينة السعيد: وهي من تلميذات طه حسين، الأديب المصري الذي دعا إلى تغريب مصر.. ترأست مجلة حواء. وقد هاجمت الحجاب وسخرت مجلتها حواء للهجوم على الآداب الإسلامية.
د. نوال السعداوي: زعيمة الاتحاد المصري حالياً, والتي وجدت لها منبراً في العديد من الصحف والمحطات الفضائية تبث من خلاله هذرها الفارغ, وشذوذها الفكري, بصورة غريبة وشاذة, مما يشير إلى أن الإعلام في بلاد المسلمين يساهم في تنفيذ مخططات الكفر في ضرب الإسلام والمسلمين.
وللأسف فقد كان لهذه الحركات التأثير الكبير على كثير من نساء المسلمين في تلك السنوات, وحققت أهدافها في إبعاد المرأة المسلمة عن قيم دينها وتعاليمه, ونجح تلامذة المستعمرين من أبناء جلدتنا في تطبيق الخطة التي رسمها لهم أساتذتهم من أمثال زويمر وكرومر, فنزعت المسلمة حجابها لأنه من مخلفات الماضي وحذت حذو المرأة الأوروبية في لبسها ومظهرها وسلوكها…
فهل كان هذا هو ما تصبو إليه المرأة المسلمة؟؟
هل حققت ذاتها ورفعت عن نفسها الظلم الذي ادعاه أنصارها؟؟
لقد أدركت الكثيرات من المسلمات بعد أن خبرن القوم ووعين على مخططاتهم أن لا سعادة في الدنيا والآخرة إلا بالاستقامة على دين الله وشرعه, وأن الله قد أغناهن بالإسلام عن هذه الأكاذيب التي يروجها أدعياء تحرير المرأة, فعدن إلى تعاليم دينهن يبحثن فيه عن حلول لقضاياهن, وعادت المرأة المسلمة إلى حجابها رمز عفتها واحتشامها, عادت تفخر به وتعتز بارتدائه وتتمسك به تمسك الصحابيات الأوائل.
وأبت فئة من الضالات المضلات, المضبوعات بالغرب وحضارته إلا مواصلة السير في هذه الحركات المشبوهة، مدعومات من الغرب الكافر الذي اهتاج أيما هياج من مشاهدة مظاهر الصحوة بين الشباب والشابات من أبناء المسلمين.
فعادت حركات تحرير المرأة بدعم وإلحاح من الغرب, عادت بأسماء وأشكال جديدة, أشد خبثاً وشذوذاً من الحركات التقليدية السابقة, وأدخلت عليها مفاهيم جديدة منها مصطلح النسوية أو الحركات النسوية، وهو غير حركات تحرير المرأة كما تقول الدكتورة ليلى العيساوي الباحثة الجزائرية ومنسقة برامج المرأة في مؤسسة “من أجل تقدم الإنسان”3.
تقول عن النسوية: «إنها منظومة فكرية, أو مسلكية مدافعة عن مصالح النساء وداعية إلى توسيع حقوقهن, وإنها انتزاع فردي بداية، ثم جمعي متبوع بثورة ضد موازين القوى الجنسية والتهميش الكامل للنساء في لحظات تاريخية محددة».
وتضيف «إن هناك ثلاثة تيارات رئيسية تمحورت حولها الحركات النسوية وهي: النسوية الليبرالية, والنسوية الماركسية, والنسوية الراديكالية, ولعل أبرزها التيار الثالث الذي كان من أهم أهدافه: استعادة النساء لأجسامهن، وإعادة الاعتبار إلى ثقافة خاصة بهن إلى حد الانفصال عن الرجال، والعيش في مجتمعات نسائية مستقلة».
وتعلق (الدكتورة كاميليا حلمي) مسؤولة اللجنة العالمية للمرأة والطفل في القاهرة معلقة على أهداف هذا التيار: «إن حركات التمركز حول الأنثى قد تمادت كثيراً في المطالبة بحقوق المرأة والتركيز عليها حتى بدا الموضوع يتعدى المساواة إلى الاستغناء عن الرجل, وإن حركات (feminism) أي النسوية أو الأنثوية تدعو للاستغناء التام عن الرجل, يعني الاستغناء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والجنسي, فبعد أن كانت حالات الشذوذ بين النساء “السحاق” حالات فردية أصبحت ظاهرة اجتماعية مرتبطة بالنسوية»4.
وانطلاقاً من هذا التيار ولد مصطلح الجندر، هذا المصطلح الذي اثار الكثير من الجدل بسبب الغموض واللبس الذي أحاط به عند ظهوره في وثيقة مؤتمر بكين والبرامج الدولية اللاحقة والذي انطلق من مقولة للفيلسوفة الوجودية “سيمون ديبوفواغ ” «لا يولد الإنسان امرأة, إنما يصبح كذلك». هذه المقولة التي أصبحت الخلفية الفلسفية الأساسية لدى الكثير من الناشطات المهتمات بالترويج لمفهوم الجندر, والعمل على إدماجه في كافة مجالات الحياة والتنمية على اعتبار أنه المنطلق الأهم لتجريد جنسي الذكورة والأنوثة من كافة الفوارق البيولوجية أو التاريخية التي يمكن أن تكون سبباً في تمييز جنسي بين الرجال والنساء.
وتقول الدكتورة أميمة كامل (الأستاذة المساعدة للصحة العامة بكلية طب جامعة القاهرة) في تعريف واضح لمفهوم الجندر5: «والحقيقة أنه لا يمكن ترجمة هذا اللفظ، لأنه ليس لفظاً وليس مصطلحاً، إنما هو يعبر عن فلسفة أو منظومة, وبلغة أبسط هو مجموعة متكاملة من القيم، هذه القيم تعتبر غريبة على مجتمعنا العربي والإسلامي، فهذه الفلسفة تهدف في النهاية إلى إلغاء كافة الفروق بين الرجل والمرأة، حتى الفروق الطبيعية والتشريحية والبيولوجية، وهذا التعريف ليس من بنات أفكارنا وليس ادعاءً على الجندريات. بل لدينا في بعض كتابات الناشطات الجندريات مثلاً كتاب “جدلية الجنس” نجد أن كاتبة هذا الكتاب تقول بالنص: «إن فكرة الطبيعة لا تعبر عن قيمة إنسانية ذات بال، لأن الإنسانية بدأت تتخطى الطبيعة»، معنى هذا الكلام أن الفوارق التشريحية والفسيولوجية والوظيفية، والفروق بين الهرمونات ووظائف الأعضاء بين الرجل والمرأة لم تعد ذات قيمة، وأنه يمكن تخطيها، بل يمكن التغلب عليها واعتبارها هامشية».
هذا هو مفهوم الجندر كما تعرفه الجندريات في كتبهن: “تخطي الطبيعة” وما معنى تخطي الطبيعة إلا رفض الإقرار بأن الاختلاف بين الذكر والأنثى هو من صنع الله تعالى, قال تعالى: ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى @ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ) [النجم 45-46] وقوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) [الحجرات 13].
ومن الجدير ذكره هو مسارعة الحكومات لإقامة العديد من المراكز في بلاد المسلمين للترويج للجندر, وإقناع الناس بتقبله, وخصوصاً شرائح الطلاب والطالبات الثانويين والجامعيين.
تقول د. فهمية شرف الدين (الباحثة في مركز النوع الاجتماعي “الجندر” في لبنان): «الفئات المستهدفة كانت الجامعات والهيئات النسائية وحتى في الجامعات ابتدأنا بالطلاب، بالطلاب الجامعيين وطلاب المدرسة الثانويين، لأنهم هم من سيحملون الأفكار الجديدة لإعادة تنظيم المجتمع»5.
طبعاً إعادة تنظيمه على أساس مفهوم الجندر والمفاهيم الأخرى التي تروج لها الحركات النسوية!! فإذا علمنا أن جميع الدول المشاركة في هذه المؤتمرات قد صدقت على هذه المفاهيم, ومعنى أنها صدقت عليها كما تقول الدكتورة أميمة «يعني المفروض أنها تُطبَّق, والدولة التي لا تناسبها بعض البنود لأنها تتعارض مع هويتها وقيمها وأخلاقها لا يمكنها التحفظ عليها؛ لأن في مواثيق الأمم المتحدة بنود تنص على أنه يجب إسقاط هذه التحفظات مع الوقت وإلا تتعرض هذه الدول للحرمان من المعونات», وهذا يعني أن هذه الدول يجب أن ترضخ بعد عام أو عامين أو خمسة, وأنه لا يمكنها أن تأخذ من مفهوم الجندر على سبيل المثال ما يناسبها -إن وجد فيه شيء يناسبها- وتترك ما لا يناسبها.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد فمن الطلبات أيضاً التي تمت المصادقة عليها ما ورد في بند 48 وبند 232 في وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية، هذا البند ينص على ضرورة التفكير في الوسائل الضرورية للحيلولة دون الاضطهاد بسبب الميول الجنسية أو أسلوب الحياة، ومعنى هذا الكلام أنه يجب أن يُنظر إلى المثليين الجنسيين على أنهم أُناس عاديون يمارسون حقاً من حقوقهم العادية.
ومن الطلبات أيضاً ما ورد في وثيقة المرأة/ بكين, في البند الخامس عشر: إن الأسرة هي المحضن الطبيعي للطفل, مع الأخذ في الاعتبار أن الأسرة تأخذ أشكالاً متعددة، ولتوضيح الشق الثاني «إن الأسرة تأخذ أشكالاً متعددةً» أي أنه لا يشترط أن تكون الأسرة مكونة من رجل وامرأة دائماً، إذ يمكن أن تكون مكونة من رجل ورجل، أو امرأة وامرأة، ولا مشكلة في ذلك.
أما الطلبات التي تمت المصادقة عليها في مؤتمر هولندا عام 1999م, فلا شك أن الكثيرين قد اطلعوا عليها لأن التطبيق العملي لها قد بدأ مباشرة بعد عودة المشاركين في هذا المؤتمر إلى بلادهم, ومنها مطالبة الحكومات بحقوق المراهقين والمراهقات الناشطين جنسياً في المعاشرات الجنسية, بل وفي الحمل الآمن، وتزويدهم بالمعلومات والخدمات التي تساعدهم على تحقيق رغباتهم مع توفير الأمن والحماية الصحية والنفسية لهم، ولقد كانت الأردن السباقة دائماً لتطبيق كل ما يستورد من الغرب, فقد كشفت إحدى الأخوات في رسالة لها إلى مجلة الوعي بعد عام واحد من انعقاد المؤتمر6: «منذ أن رجعت المشاركات في المؤتمر بدأ تنفيذ قرارات الكفر بحذافيرها, واستُخدم في ذلك وزارة الإعلام والأوقاف ووزارة التربية والتعليم, ومن الأمثلة على ذلك الاستبيان الذي وزعته وزارة التربية والتعليم والذي يطرح مشاهد وأسئلة حول قصة غرامية بين طلاب مدرسة, الطالبة عمرها 15 سنة, والطالب عمره 17 سنة, علماً بأن هذه المشاهد مثلت من قبل الطلبة في مخيم كشفي في دبين, ثم عمم الاستبيان بعدها على المدارس للفئات العمرية (14-17) والمطَّلع على هذا الاستبيان يجد أنه يُعلِّم الشاب والفتاة خطوةً خطوة كيف يقيمان علاقة غرامية بينهما، وكيف تتحايل الفتاة على أهلها للخروج إلى موعدها الغرامي, وكيف يَحُلان العقبات التي تواجههما في سبيل حبهما, وكيف تتصرف إذا ما حدث حمل».
هذه هي حكومات الرويبضات في بلاد المسلمين, في حين تحارب الزواج المبكر في المناهج الدراسية وتعتبره انتهاكاً لحقوق الإنسان, بل جريمة وأي جريمة7, لا ترى بأساً بل تطالب بحقوق المراهقين والمراهقات في المعاشرات الجنسية… فسبحان الله كيف يحكمون!
هذا هو واقع الحركات النسوية في بلاد المسلمين, ولربما كان من المهم أن نذكر أن عدد هذه الحركات أو المنظمات الناشطة في الضفة الغربية وحدها يبلغ 1200 مؤسسة من أصل 1800 مؤسسة غير حكومية أخرى, وأن حجم المساعدات يصل إلى 69 مليون دولار, أي أضعاف الدعم للمجال الزراعي والصناعي!8. فما الحاجة في وضع كوضع فلسطين إلى هذا العدد من المؤسسات؟ ولماذا هذا الدعم الهائل في مجال لا يحتاج إلى كل هذه الأموال؟
تقول (سعاد القدسي) ناشطة في مجال حقوق المرأة في جوابها عن الدعم المالي الذي يرد إلى الجمعيات النسوية9: «إن كل مال يأتي من الخارج ومن الغرب لا يأتي أبداً من منطلق الخير ومن منطلق حسن النوايا, وإنما هو من أجندة سياسية بعيدة المدى، ومعظم مشاريع وبرامج الجمعيات التي تعنى بشؤون المرأة ليست برامج تنبع عن احتياجات حقيقية، وإنما تكون مستوردة بحسب احتياج أسواق الممول, وكثيراً ما تساهم في تحقيق أهداف وسياسات الآخرين محلياً أو في الخارج دون أن ترتبط بجذور احتياجات النساء».
هذه هي إقرارات النسويات أنفسهن بشأن الدعم الهائل المقدم لهن من الخارج, يقول الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) [الأنفال 36].
أيـّها المسلمون:
لعله غدا واضحاً أن ما يبذل في العالم على الحركات النسوية والمؤتمرات المعقودة لأجل المرأة, ليس إلا جزءاً من الحرب الشاملة المعلنة على الإسلام, والمرأة ليست هدفاً بقدر ما هي وسيلة للنيل من هذا الدين العظيم. إذ لا يمكننا أن ننسى مقولة الغربي الحاقد «سنحسم التغريب في البلاد الإسلامية عبر ثلاثة أشياء أهمها المرأة». ومقولة الصليبي المتعصب “جلادستون”: «لا تستقيم حالة البشرية ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن».
أختي الفاضلة: يجب أن تكوني واعيةً على ما يجري حولك, فلا تسمحي لأعداء الدين أن ينفذوا إليه من خلالك, فأنت على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك, احذري من هذه الحركات النسوية المشبوهة, ونبّهي أخواتك المسلمات إليها, خاصة الأخوات في الشرائح التي تستهدفها هذه الحركات, مثل الشريحة الفقيرة من النساء اللاتي لا يجدن مساندة من المجتمع كالمطلقات والأرامل, وشرائح النساء الجاهلات, وشريحة الفتيات الدارسات في الثانويات أو المعاهد والجامعات, حيث تستغل هذه الحركات ظروف وواقع هذه الشرائح فتقدم لها الدعم والحلول ممزوجة بأدبياتها ومفاهيمها الدخيلة على الإسلام.
أختي الفاضلة: لا تتواني في التصدي لهذه المؤامرات, حان الوقت لتستلي قلمك لمحاربة الأقلام التي أفرزتها هذه الحركات والتي وجدت لها الكثير من المنابر والمحطات لتنشر فيها ومن خلالها سمومها وشذوذها الفكري. أختاه لم يعد الصمت والإغفال يجدي, فلا تترددي في فضح هذه الأقلام، وليكن صرير قلمك وخز حربة لكل دعاة الحرية. ولتكن كلماتك ناراً ونوراً, ناراً مقدسةً تحرق ونوراً سماوياً يضيء.
أختي الفاضلة: إنها هجمة شرسة، وتحتاج إلى حجم هائل من الهمم تتناسب مع خطورتها وشراستها, وأنت يا درة الإسلام ويا تاج عزه, لديك القدرة على القيام بدورك خير قيام، فلديك الإمكانيات الهائلة للرد ولإقامة حوار فكري منظم مع الداعيات للأفكار الخبيثة التي تختفي من ورائها الشهوة والقهر والأنانية والانحلال الخلقي, لتكشفي التلاعب بالمضامين والمفاهيم, وتكشفي عوار دعواتهن وخبث مؤامراتهن، ولتوضحي لهن ولغيرهن أن الإسلام لم يشترك في المشكلات القائمة اليوم ومن ضمنها مشاكل وقضايا المرأة, إنما نشأت هذه المشكلات من طبيعة النظم الوضعية المطبقة في المجتمع ومن إبعاد الإسلام عن الحياة، ولحل مشاكل المرأة خاصة والمسلمين عامة لا بد من العودة للإسلام وأن يؤخذ جملة, أي أن تطبق الشريعة الإسلامية في كل جوانب الحياة؛ لأن المرأة المسلمة قد ارتقت في ظل أحكام الإسلام إلى درجة ومكانة لم تشهدها امرأة أخرى في أية حضارة من الحضارات, ولن تعود إلى هذا العز وهذه الرفعة إلا بعودة الاسلام ليحكم الأرض، وعودة خليفة المسلمين ليلقم دعاة التحرير ودعاة التغريب التراب والحجارة.
قال تعالى ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) [التوبة 32].
أم مروة ـ بيت المقدس
2006-12-30