الفراغ السياسي في الموقف الدولي (3) «مؤهلات الأمة الإسلامية لأن تصبح الدولة الأولى في العالم»
2014/09/30م
المقالات
5,526 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
الفراغ السياسي في الموقف الدولي (3)
«مؤهلات الأمة الإسلامية لأن تصبح الدولة الأولى في العالم»
أسعد منصور
بعدما تحدثنا في الجزء الأول عن احتمال حدوث فراغ سياسي في الموقف الدولي، أي عدم قدرة أية دولة من ملء هذا الفراغ في حال سقوط أميركا عن مركز الدولة الأولى في العالم، وقد تحدثنا عن عوامل سقوطها في الجزء الثاني من هذا الموضوع، وذكرنا أن هناك احتمالا ًكبيراً بقيام الأمة الإسلامية بملء هذا الفراغ عن طريق إقامة دولتها دولة الخلافة، بل إن ذلك آكد بإذن الله وبوعده. ولهذا نريد أن نتحدث في هذا القسم الثالث عن مؤهلات هذه الأمة لأن تصبح الدولة الأولى في العالم، وهي التي تجعلها تسبق الدول الكبرى الأخرى كبريطانيا وفرنسا وروسيا. وهذه المؤهلات هي:
1- المبدأ والرسالة العالمية:
إن أهم عامل يؤهل أية أمة لأن تكون دولة كبرى أو عظمى هو المبدأ والرسالة العالمية التي تحملها للعالم. وذلك عن طريق تطبيق المبدأ في الداخل مجسداً في دولة وفي أمة تعتنقه وتحمله إلى الخارج كرسالة عالمية. فالأمة الإسلامية صاحبة مبدأ عظيم راسخ في أعماقها ويستند إلى أساس روحي يمزج المادة بالروح، ويحقق القيم الأربعة في المجتمع (الروحية والأخلاقية والإنسانية والمادية) بانسجام وبدون تناقض بينها ولا تفاوت، وهذه الصفات لا تتوفر في أي مبدأ غير مبدأ الإسلام، ومقياس الأعمال في هذا المبدأ هو ما يرضي الله وما يغضبه من حلال وحرام، وبذلك يجعل المرء المعتنق له يلتزم بالحكم الشرعي الذي تتبناه الدولة والذي يصبح قانوناً يلتزم به طوعاً ورغبة برضاء الله واجتناباً لغضبه. وهذا لا يتوفر لدى الدول الكبرى الأخرى حيث تطبق قوانينها على شعوبها بكل صرامة وقوة وقهر، حتى لا يتفلت الناس في هذه الدول من الالتزام بالقوانين عندما يشعرون بتراخٍ في التطبيق أو غياب القوة، أو عندما يجدون فرصة للتحايل على القوانين أو أي إمكانية لمخالفتها والتهرب منها بعيداً عن أنظار الدولة. ثم إن معنى السعادة في الإسلام هو نيل رضوان الله وهي غاية الغايات، وبذلك تجعل الإنسان سليماً يعيش في طمأنينة وراحة بال بعيداً عن التعقيدات والأزمات والاضطرابات النفسية التي تسود شعوب الدول الكبرى الأخرى. وكل هذه الخواص التي يتمتع بها المجتمع الإسلامي القائم بوجود نظام الإسلام والصفات التي تتصف بها الأمة الإسلامية بالتزامها بمبدئها، هذه الخواص والصفات لا توجد في أي مجتمع غير المجتمع الإسلامي، ولا في أية أمة غير الأمة الإسلامية. فهي لا تتوفر في الدول الكبرى الأخرى، ولهذا فإن الأمة الإسلامية مؤهلة لأن تقيم أكبر دولة في العالم؛ فتكون دولتها القادمة دولة الخلافة الإسلامية من أرقى الدول وأعظمها. فالمبدأ الرأسمالي الذي تتبناه الدول الكبرى الأخرى خالٍ من كل تلك الخواص، بل أساسه المادية والانتفاع المادي، ومقياسه النفعية، ولا يعطي أي اهتمام ولا قيمة إلا للقيمة المادية. وأما النواحي الروحية والأخلاقية والإنسانية فهي منفصلة عن الدولة وعن المجتمع ولا تكاد تحس بها ولا قيمة لها في هذا المبدأ، بل هذا المبدأ يجعلها عبارة عن نوازع فردية تُترك للأفراد إذا أرادوا أن يشبعوها حسبما يرتؤون، ولكن الأساس هو فصلها عن أنظمة الدولة والحياة والمجتمع. وركز المبدأ الرأسمالي عند أتباعه وفي مجتمعاته نظرته للسعادة بأنها الحصول على أكبر قدر من المتع الجسدية والملذات المادية وكسب المال؛ ولذلك فإن خواص المبدأ الرأسمالي طبعت شعوب الدول الغربية وخاصة الدول الكبرى التي تتبناه وتطبقه، فطغت عليها الناحية المادية بشكل لا يتصور، حتى إن الدين عندهم لم يعد له أي تأثير عليهم ولا يعطى أي اهتمام أو قيمة، حتى إنه يكاد يكون مفرَّغاً من الناحية الروحية والأخلاقية والإنسانية التي من المفروض أن تكون فيه باعتباره ديناً. مع العلم أن الناحية الروحية الموجودة في الدين النصراني كهنوتية وهي ليست ناحية روحية صحيحة، وفوق ذلك طغت الناحية المادية على الكنائس الغربية. فالكنيسة عندهم أصبح أكبر همها جمع المال؛ ولذلك هجرها أكثر أتباعها. وهي تستخدم كوسيلة سياسية في يد الدول الرأسمالية الاستعمارية. ورجال الدين يطغى عليهم الفساد الخلقي والشذوذ، ولا يفكرون إلا في الناحية المادية من جمع المال والمتع الجسدية واتباع الشهوات مثلهم مثل الملحدين الذين أصبحت نسبتهم عالية في المجتمعات الغربية، ويبيحون للناس ما يبغون حسب رغباتهم وأهوائهم، حتى إنهم أباحوا علاقات الرجال الشاذة مع بعضهم وقاموا بتزويجهم. وقد تأثرت بهم شعوب الدول الصغرى التي يطبق عليها النظام الرأسمالي، فمن جراء ذلك وصلت هذه الأمم والشعوب إلى أدنى مستوى من الانحطاط الروحي والخلقي والإنساني، وسادها الجشع والأنانية والصراع على تحصيل المال بأية وسيلة والتسابق على جمعه بأرقام خيالية، فوجد في الدول الرأسمالية أصحاب المليارات الذين يفتخرون بضخامة أموالهم وتفتخر دولهم بهم بأن لديها أصحاب مليارات بلغ عددهم كذا وكذا، بينما أغلبية أفراد الشعب يعانون من ضنك العيش والفاقة والفقر والحرمان بنسب عالية، وأصحاب المليارات ودولهم الداعمة لهم لا يعرفون أية شفقة أو رحمة تجاه مجتمعاتهم ولا همّ لهم إلا زيادة ثرواتهم، وبات كل فرد في هذه المجتمعات يتمنى أن يكون مثلهم، أو أن يكون لديه المال الوفير ليشبع رغباته المادية وملذاته الجسدية وشهواته. ولا يلتزم أحدهم بالقانون إلا خوفاً من العقوبة المترتبة على مخالفته، في الوقت الذي يعمل فيه على التحايل على القانون، وفضائح ذلك طالت الحكام والمسؤولين وكبار الموظفين في بلاد الغرب وهي منتشرة وليس نادرة، مما يدل على أن الجميع يعمل على مخالفة القانون لأنه يعتبره قانوناً من وضع البشر وليس فيه أي جانب علوي. وقد أصبح الشذوذ وكل عمل يتعلق بالرذيلة مستحباً والعفة منبوذة والفضيلة مرفوضة، وتفسخت العلاقات الاجتماعية إلى أبعد الحدود، ولم يعد هناك معنى للعائلة ولا قيمة للزواج حيث إن إقامة العلاقات خارج الزواج أصبحت هي المقبولة والطبيعية، وإحصائياتهم تشير إلى أن أكثر المواليد هي نتيجة لعلاقات خارج الزواج. ووضعت التشريعات التي تتعلق بذلك وتقرها كما تقر الشذوذ وأعمال الرذيلة، وبات الناس في هذه المجتمعات يعانون من خواء روحي وأزمات نفسية يصعب علاجها وتعقيدات يصعب حلها، فأصبحوا أشقياء مضطربين وقلقين ومعقدين، ولا يختلفون كثيراً في هذه النواحي عن أصحاب المبدأ الاشتراكي الشيوعي الذي فشل فشلاً ذريعاً وسقط سقوطاً مدوياً. وفشله ينذر بفشل المبدأ الرأسمالي بسبب التشابه بينهما في هذه الناحية كما في نواح عدة. والمبدآن هما من إفرازات الغرب أصحاب الفكر المادي. بينما نجح المبدأ الإسلامي في صنع أمة عظيمة صهر فيها كل الشعوب التي لامسها نوره في بوتقة واحدة وعلى مساحة شاسعة شملت أغلب بقاع الأرض المعروفة يومئذ، وهذا لم ينجح به المبدآن الرأسمالي والشيوعي الاشتراكي. وكانت الأمة الإسلامية مثالاً للأمم وقدوة للشعوب، تحتضن كل شعب يدخل في الإسلام، بل كل شعب يدخل تحت حكم دولة الإسلام، فتسويها بها في تطبيق الأنظمة العامة وتزيل كل تمييز بينها وبينه. بينما نرى المجتمعات الغربية لا تستطيع أن تحتضن الآخرين ولا تساويهم بها، بل تبقى تنفر منهم وتنظر اليهم نظرة احتقار. وهذا ظاهر محسوس وملموس في بلاد الغرب كلها ومنها أميركا. ومن هنا تأتي نظرة التعالي والغطرسة الأميركية تجاه الآخرين، بل وصل بهم الأمر لأن يحتقروا زملاءهم من أصحاب الحضارة الغربية على الضفة الشرقية من الأطلسي؛ فاحتقرت أميركا أوروبا ووصفتها بأنها قديمة، وأن عليها أن تتنحى عن قيادة العالم والتدخل في شؤونه، وأن تترك قيادتها وقيادة العالم لها أي لأميركا. والحروب العظيمة كالحربين العالميتين اشتعلت بينهم ودمرت بلادهم وقتلت عشرات الملايين من أبنائهم وهم أصحاب المبدأ الواحد وهو المبدأ الرأسمالي. وكل ذلك بسبب هذا المبدأ وخواصه التي تؤدي إلى الكوارث العظيمة. فهو مبدأ خطر على أهله وعلى البشرية جمعاء، ويجب أن يسقط كما سقط صنوه الشيوعي الاشتراكي، وأن تتنحى الدول الكبرى القائمة عليه عن محاولتها قيادة العالم وتتركها لأصحاب المبدأ الصحيح وهو الإسلام ليقيموا أعظم دولة تقود العالم نحو الخير وتحقيق الأمن والأمان وإقامة العدل وإحقاق الحق واعطاء الحقوق لأصحابها.
فالمبدأ الإسلامي تحتاجه البشرية جمعاء، وهو عنصر رئيس هام لأن يحفز مقتنعيه لأن يعملوا على سيادته، بل هو وحده عنصر كافٍ لأن يدفع الأمة الإسلامية لأن تقيم أعظم وأرقى دولة. وهو راسخ في أعماق الأمة ولن تقدر أية دولة أن تزيله، فهو محفز حيوي دائم للحركة. ومعتنقوه يتميزون بالتضحية والفداء وحب المسؤولية عن الغير لأن أفكاره تدعوهم لأن يكونوا كذلك، وهم يتمتعون بصفات راقية طبَعها بهم المبدأ، فكانوا قدوة حسنة بتصرفاتهم وسلوكهم وأهلاً لقيادة الناس. ولهذا سوف تندفع الأمة بقوة المبدأ الذي تحمله عما قريب، وسوف تزمجر وتنطلق بقوة كما انطلقت في السابق. فقد حمّلها المبدأ المسؤولية عن العالم وأوجب عليها أن تحمل المبدأ للناس كافة، وأن تضحي من أجل سيادته ومن أجل سعادتهم، وأوجب عليها أن تفرد سيادة المبدأ الإسلامي على العالم كله مهما كلفها من ثمن. وقد أصبحت التضحية سجية من سجايا معتنقيه، لا يمكن قتلها فيهم رغم ما تعرضوا له من تجهيل لمبدئهم ومن إذلال واضطهاد وحرمان وقتل وسجن وتعذيب على يد الأنظمة العميلة للغرب؛ فلم تستسلم هذه الأمة الأصيلة ولم تيأس ولم تقنط، وهي تقاوم وتعمل على النهوض والعودة مرة أخرى كأعظم أمة لتقيم أعظم دولة وتحمل أعظم رسالة. وما ظهور حركات عديدة مختلفة بغض النظر عن أخطائها ونواقصها وفشلها، إلا محاولات مستمرة لنهضة الأمة منذ فترة طويلة، وكذلك كان اندلاع ثوراتها الأخيرة خير دليل على قولنا بأن الأمة الإسلامية مؤهلة لأن تملأ الفراغ حتى تصبح الدولة الأولى في العالم.
2- نشوء الحزب السياسي العقائدي في الأمة:
وهذا الأمر أيضاً من أهم العوامل لإقامة الدولة الكبرى الأولى في العالم. فإذا كان المبدأ بمثابة الوقود للمحرك في العربة وهي الأمة، فإن الحزب السياسي العقائدي بمثابة القائد السائق لها، فبدونه لا يمكن أن تتحرك الأمة في الاتجاه الصحيح، ولا أن تسير نحو هدفها المنشود، وتبقى تتخبط يمنة ويسرة لتتحرر ولتنهض، وتبقى عرضة للسارقين لأموال الأمة والغاصبين لسلطتها والمحتالين على الناس من هواة السياسة وعشاق المناصب وهم العملاء وأولياء الغرب المستعمر كما هي عليه الحال الآن، والذين يعملون على توجيه شعوب الأمة حسب رغباتهم وأهوائهم وارتباطاتهم بالدول الاستعمارية. ولكن هذا لن يدوم؛ فقد نشأ في الأمة الحزب السياسي العقائدي الرائد والذي يقوم على المبدأ الذي تعتنقه هذه الأمة، ويعمل على إيجاد هذا المبدأ في المجتمع بتغيير أفكاره ومشاعره وأنظمته، وعلى تنشئة رجال دولة سياسيين عقائديين مبدعين. وذلك من أهم مؤهلات هذه الأمة لأن تقيم دولة كبرى، بل أكبر دولة في العالم. والدولة الإسلامية التي دامت ثلاثة عشر قرناً، فقد أقامها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والذين معه من أصحابه، وكانوا بمثابة حزب سياسي عقائدي أنبت شخصيات سياسية عقائدية مبدعة من الصحابة الكرام، ومن ثم جعلوا هذه الدولة في فترة قصيرة أعظم دولة في العالم، فدامت تلك الفترة الطويلة وهي على ذلك. واليوم وقد نشأ في الأمة الإسلامية مثل ذلك، حزب سياسي عقائدي أنبت سياسيين عقائديين ومبدعين، فهو دليل على حيوية وخيرية هذه الأمة، وذلك من مؤهلات الأمة لأن تصبح دولة كبرى، ومن ثم أعظم دولة في العالم في فترة ليست طويلة لتملأ الفراغ السياسي الدولي. والشيء المبشر والمفرح في هؤلاء الذين ولدتهم أعظم أمة ونشّأهم حزبها الذي ولد من رحمها من مائها الصافي أنهم في قدراتهم لا يتساوون مع سياسيي العالم العظام فحسب، بل يتفوقون عليهم، بل هم يجمعون صفات لا يجمعها أي سياسي في العالم، إنهم يجمعون بفضل من الله ورحمة منه مع السياسة الفقه والفكر، ومع الناحية النظرية الناحية العملية، ومع الوعي السياسي التقى والزهد. وقد بدأت الأمة تستجيب لدعوة حزبها هذا وبدأت تتقبل قيادته، وأظهرت استعدادها لنصرته. ومن الأدلة على نجاح هذا الحزب أيضاً أنه استطاع أن يجمع في صفوفه من كافة أبناء الأمة متخطياً الحدود الوهمية التي رسمها الاستعمار وركزها وفرضها، فانتسب إليه أبناء الأمة من كافة أعراقها وأقوامها ومذاهبها من دون تمييز، وكلهم تبنوا نفس الأفكار وأظهروا نفس الإبداع الفكري والسياسي وبذلوا نفس التضحيات، فهم يحللون ويفكرون ويبدعون ويضعون الحلول والخطط ويرسمون الاستراتيجيات ويضعون آليات التنفيذ والإخراج، فهم قادرون على إدارة أعظم دولة بعون الله، فهم وأمتهم أحق بها وأهلها بإذن الله.
3- العراقة التاريخية:
الأمة الإسلامية كانت لها دولة كبرى مؤثرة عالمياً لمدة ثلاثة عشر قرناً، وتبوَّأت مركز الدولة الأولى في العالم لمدة عشَرة قرون. وهذا ما فيه الكفاية لأن يؤهلها لتتبوأ هذا المركز مرة ثانية، ويجعل الأمم والشعوب الأخرى تقبل قيادة هذه الأمة من جديد لأنها تعرفها تاريخياً بأنها كانت أمة خير جلبت لهم الخير، ولم تكن مستعمرة ولا ظالمة، ولم تكن متغطرسة ولا متجبرة كأميركا وغيرها من الدول الكبرى. وكانت متقدمة في كافة المجالات، ولها يدين العالم في التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حصل، وبدأ العالم يعترف بهذه الحقيقة ومنه العالم الغربي الذي كان يعمل على إخفائها. والتاريخ المشرق لأية أمة من الأمم هو عنصر هام جداً لإثارة مشاعرها للعمل على إعادة أمجادها المشرقة، وعنصر مشجع ومحفز لأبنائها لأن يعملوا على أن يقيموا أعظم دولة كما أقامها أجدادهم. ولهذا نرى هذا التوجه العام في الأمة الإسلامية وإن اختلفت أشكاله بسبب تفاوت الفهم لكيفية إقامة هذه الدولة. ولكن مجرد وجود هذا التوجه ومجرد وجود العاملين وتحركهم وحركاتهم ومحاولاتهم لإقامتها لخير دليل على وجود هذه العراقة التاريخية لدى الأمة. مع العلم أننا كما ذكرنا في النقطة السابقة أنه قد نشأ في الأمة حزب سياسي عقائدي أبصر الطريق ويدعو على بصيرة ويسير نحو الهدف المنشود برؤية واضحة. والجدير بالذكر أن الغرب بأدواته ووسائله الضخمة، وبعد أن فرض سيطرته على العالم الإسلامي، أقام فيه أنظمة فاسدة تروج لسياسته ولأفكاره، ووضع مناهج تعليم منحرفة لتنشئة أبناء الأمة على أساس ثقافته الزائفة ووجهة نظره الباطلة، وعمد إلى تشويه التاريخ الإسلامي وتسويد صفحاته البيضاء المشرقة والتشكيك في عظمة الدولة الإسلامية، وأوجد وسائل إعلام مضللة تروج لآرائه، واشترى ذمماً وعملاء ليعملوا لحسابه، وأسس أحزاباً قومية ووطنية وعلمانية وديمقراطية واشتراكية لتروِّج لبضاعته الفاسدة والزائفة وتحقق له مصالحه وتديم له نفوذه، وأنشأ معاهد الاستشراق وخرّج المستشرقين ليقوموا ببث سمومهم في عقول أبناء الأمة وينشروا كتاباتهم السامة والمضللة والمشوهة للتاريخ الإسلامي بينهم. وكذلك أقام هذا المستعمر المدارس والمعاهد والجامعات التي يشرف عليها مباشرة في بلاد المسلمين وأنفق الأموال الطائلة على ذلك في محاولة منه لتخريج أجيال تنتمي لثقافته وتستقي من أفكاره وتروج لسياساته وترحب بهيمنته على الأمة. كل هذا الجهد الهائل من الغرب المستعمر ليدل على مدى إدراكه لخطورة العراقة التاريخية لدى الأمة الإسلامية بجانب إدراكه لخطورة المبدأ الإسلامي المتجسد فيها. ولذلك عمل بكل تلك الأساليب والوسائل والأدوات على تشويه تاريخ الأمة المشرق والعريق، وعمل على الحطِّ من قدرها وقدر عظمائها وبطولاتهم وإبداعاتهم المجيدة والحط من قيمها الراقية، وعمل على تضليلها عن هدفها النبيل، وحارب مبدأها العظيم محاربة لا هوادة فيها بخبث ودهاء، وعمل على أن ينسخ رسالتها الخالدة الموجهة للإنسانية جمعاء وأن يجعل الأمة تنساها، وهي رسالة الهدى والعدل وإحقاق الحق وإنصاف المظلومين. وطرح الغرب نفسه بديلاً وأنموذجاً، فعمل على نشر ثقافته العفنة معتبراً إياها الثقافة الإنسانية الراقية، وأفكاره الفاسدة هي الأفكار الصحيحة، وعمل على تمجيد تاريخه الدموي بأنه هو تاريخ الإنسانية المتطور، وعمل على تخليد عظمائه وتقديمهم على أنهم عظماء العالم كله ومنتجو الحضارة والمدنية العالمية.
ومع كل ذلك لم يتمكن الغرب من طمس معالم تاريخ الأمة العريق المشرق لأنه حقيقة يمكن تغطيتها إلى حين ولكن لا يمكن طمسها، ولم يستطع أن يستمر في التشكيك في عظمتها وعظمة عظمائها من القادة والأبطال والعلماء والمبدعين في كافة المجالات وتشويه صورتهم، فعاد الوعي للأمة وبدأت الحياة تدب في جسمها، وازداد الوعي عند أبنائها، ولم يعودوا يثقون بما يقوله الغرب وأدواته عن أجدادهم العظماء وعن تاريخهم المجيد. والعالم كله بدأت تتكشف له تلك الحقيقة وبدأ يلتفت إليها وصارت لديه رغبة في أن يتعلم تفصيلاتها ليدرسها ويستفيد منها، وخاصة أنه رأى أن شعوب هذه الأمة تنتفض وأنها غير راضية عن أوضاعها وعن سيطرة الغرب عليها وترفض هيمنة المبدأ الرأسمالي وتريد أن تعود إلى أصلها وأصالتها، فكل ذلك لفت أنظار العالم إليها. وهي أي الأمة الإسلامية قد بدأت تنبت المفكرين السياسيين من نطفتها الخالصة وتسقيهم من مائها الصافي النابع من عقيدتها الموافقة للفطرة والعقل. فبدأ هؤلاء المخلصون من أبنائها يراجعون تاريخهم ويزيلون التغشيات عنه وينشرون صفحاته البيضاء ويعملون على إحيائه بصورة أفضل ليعيدوا الثقة للأمة بنفسها ولينبهوها بأنها قادرة على أن تقيم أعظم دولة في العالم كما أقامتها سابقاً، وهم لا يكتفون بالتنبيه والتذكير بل يقومون بالعمل السياسي العقائدي لبناء صرح هذه الدولة العظمى.
4- أصالة الأمة الإسلامية:
مع أن الأمة الإسلامية مُزقت واحتُلت أراضيها وهدمت دولتها وأقصي مبدؤها بالقوة عن الحكم من قبل الدول الاستعمارية وعملائها، وقد سيطرت هذه الدول عليها وعلى ثرواتها ومقدراتها وإمكانياتها، وفُرضت عليها أنظمة جبروتية قهرية واستبدادية مجرمة تتمثل في كيانات على شكل دول بلغ تعدادها سبعاً وخمسين ، إلا أن الأمةلم تستسلم ولم تقبل بهذا الواقع السيئ، وقد قاومت الاحتلال الاستعماري وطردت قواه العسكرية، وما زالت تقاومه لتطرده نهائياً وتزيل كل مخلفاته وإفرازاته العفنة من كل زاوية من زوايا المجتمع، وكل ناحية من نواحي الحياة، وتعمل على إسقاط الأنظمة التي أقامها المستعمر والتي تؤمن له استمراره في بسط نفوذه. وقد تعرضت الأمة في السابق لضربات مماثلة موجعة من أجدادهم الصليبيين المتوحشين بجانبهم المغول الذين هم على شاكلتهم، ولكنها لم تستسلم لهم وقاومتهم حتى تمكنت من طردهم والقضاء على بؤرهم وعلى عملائهم، ومن ثم عادت أعظم دولة في العالم، وعادت تغزوهم في عقر دارهم لتنشر الهدى في ربوع بلادهم. فاليوم وقد تعرضت لمثل ذلك فلم تستسلم وقاومت وطردت قوى المستعمر، وإننا نراها تعمل على أن تزيل بقاياها وتقطع أذرعها بإسقاط الأنظمة التي أقامها وتطهر البلاد من براثنه، وهي تعمل على أن تقيم دولتها مرة أخرى. فهي إذن أمة أصيلة، فمهما أصابها من ظلم وقهر وتشتت وتمزق، ومهما تعرضت له من غزو واحتلال ودمار فإنها لن تستسلم لذلك، وستقاومه وتعمل على دفعه وإزالته وإزالة آثاره والعودة من جديد بجسم سليم معافى، وستمتطي صهوة جوادها لتنطلق بسرعة البرق ممتشقة سلاحها حاملة رايتها راية رسولها الكريم لتجعلها خفاقة فوق ربوع العالم كله، وكل ذلك بعون الله وحده. فهذه الصفة، وهي صفة الأصالة لدى الأمة الإسلامية، تؤهلها لأن تعود مرة أخرى الدولة الأولى في العالم. وهذا ما تدركه الدول الكبرى ومفكروها وسياسيوها وقادتها، وقد زلت ألسنتهم مراراً بذكره قاصدين قتل هذه الأصالة وإجهاض الولادة المنتظرة لدولة عظيمة بشتى أنواع المكر والدهاء، مستعملين أخبث الوسائل من غير أن ينأَوا بأنفسهم عن القيام بأقبح الأعمال وارتكاب أفظع الجرائم بحق هذه الأمة في سبيل قتلها وقتل أصالتها وتركيعها ومنع نهضتها وبناء دولتها. ولكن لم يتمكنوا من قتل هذه الأصالة؛ ولذلك لن يتمكنوا من إجهاض ولادة أعظم دولة من رحم هذه الأمة الأصيلة، وكل ما يقدرون عليه هو تأخير هذه الولادة حتى يأذن الله بولادتها رغم أنفهم ورغم ما يفعلونه ويصنعونه بخبث ومكر ودهاء.
5- الإمكانيات المادية:
إنه من المعروف أن الأمة الإسلامية تمتلك من الإمكانيات المادية أكثر من أية أمة من الأمم ومن الدول الكبرى الأخرى. فبلادها من أغنى البلاد في كافة أنواع الثروات. ففي مصادر الطاقة من نفظ وغاز وغير ذلك تشير الدراسات إلى أن هذه البلاد تملك حوالى 73% من الاحتياطي النفطي العالمي، وتنتج 38,5% من الإنتاج العالمي من النفط، وتملك 40% من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي. بجانب ذلك فانها تملك أعلى الاحتياطات العالمية من المواد الخام من مختلف المعادن والتي تلزم للصناعة. ورقعتها واسعة حيث تبلغ ربع مساحة الأرض في ثلاث قارات، وهي متواصلة مع بعضها البعض، وتضاريسها مختلفة وأقاليمها متنوعة وملائمة لأمور متعددة، سواء من ناحية الزراعة حيث فيها وفرة مياه وأراضٍ خصبة شاسعة ومناخات متنوعة بحيث تنتج على مدار السنة أنواعاً مختلفة من الغذاء؛ ولذلك لديها ثروة حيوانية تكفي احتياجاتها وتزيد، أم من ناحية إقامة المصانع فهي تشرف على كثير من البحار والمحيطات المفتوحة على العالم حيث يفضَّل إقامة المصانع قريباً من الموانئ للسرعة في عملية التصدير ولتنشيط عملية التجارة الدولية، ويمكن إقامتها قريباً من أماكن المواد الخام لأن لديها أراضٍ شاسعةً بعيدة عن المناطق السكنية لإقامة هذه المشاريع الصناعية حتى لا تلوث البيئة وتضرر السكان. فهذه الإمكانيات تجعلها تعتمد على نفسها وتكتفي ذاتياً ولو تعرضت لحصار، فتبني الصناعات العظيمة وتنتج كل ما تحتاجه وتكفي نفسها وزيادة، وتتمكن من بناء الصناعات العسكرية لإنتاج أحدث الأسلحة وأشدها فتكاً ما يمكنها من الحصول على مقومات الدولة الأولى في العالم، فترهب العالم بقوتها وعدتها وعتادها وإمكانياتها الكبيرة، وتبهر العالم بتقدمها الصناعي والتكنولوجي، فتصبح مرهوبة الجانب مطاعة من كل جانب ومن كل قاصٍ ودانٍ، فتملي على العالم ما تريد من غير تجبر ولا غطرسة، بل ما أمرها به ربها الذي أعزها وأذل عدوها.
6- الإمكانيات البشرية:
إن عدد أبناء الأمة الإسلامية حوالى مليار وستمائة مليون نسمة حسب إحصائيات أميركية في عام 2011م، أي ما يقارب ربع سكان العالم البالغ عددهم حوالى سبع مليارات، مع العلم أن الإحصائيات الغربية تعمل على التقليل من عدد المسلمين في كثير من المناطق، فربما يكون العدد أكثر من ذلك. ومهما يكن من أمر فإن هذا العدد ليس ببسيط، بل هو عدد هائل يغطي كافة الاحتياجات للناحية العسكرية وللناحية المدنية بمختلف أشكالها ومتطلباتها، وهذا ما تفتقر إليه الدول الكبرى الأخرى. والأمة الإسلامية هي من أكثر الأمم تكاثراً وحيوية، فأكثر أبنائها من الشباب، بينما المجتمعات الغربية وخاصة الدول الكبرى منها تشيخ ويتناقص عدد المواليد فيها رغم تشجيعها لأبنائها على الإنجاب وتقديم كل المساعدات لهم، إلا أن ذلك لم ينفعهم. ولولا الهجرات إليها من خارجها وخاصة من آسيا وأفريقيا لتعينها لبعض الوقت على البقاء وعلى خدمة شيوخها وتشغيل آلتها الإنتاجية لحلت بتلك المجتمعات كارثة. وهذه الهجرات وإن كانت تفيد العالم الغربي من ناحية، إلا أنه يرى فيها خطورة، لأن من شأنها أن تغير من طبيعة مجتمعاتهم، فتضمر أعراقهم الغربية. وما يؤرقهم ويقلقهم هو أن أغلب المهاجرين إليها هم من المسلمين الذين يتكاثرون أكثر من غيرهم. وهذا من شأنه أن يوسع امتداد الأمة الإسلامية، حيث يحذر الغربيون من صعود الإسلام كدين حي في العالم الغربي، بينما نصرانيته ميتة ليس لها أي تأثير يذكر، وقد تنازل أصحاب هذه الديانة لصالح العلمانيين. ووجود أبناء الأمة في بلاد الغرب أصبح عاملاً مساعداً للأمة الإسلامية من عدة نواحٍ. بالإضافة إلى ذلك فإنه توجد أعداد كبيرة من أبناء الأمة سواء الذين يعيشون في بلادهم أو في بلاد الغرب من أصحاب الخبرات ومن ذوي الشهادات والتحصيل العلمي العالي في كافة المجالات. ولا ينقصهم إلا الإرادة السياسية لتشغل خبراتهم في هذه المجالات، فتمنحهم الفرص، وتهيئ لهم الإمكانيات وأماكن العمل، وترسم لهم خارطة الطريق للعمل ليقوموا بالتنفيذ على أحسن وجه، وخاصة في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والتي بتطورها يتطور كل شيء في الحياة. وفي الوقت نفسه تشجع الناس على تداول أموالهم بينهم واستثمارها خاصة في إقامة المشاريع الصناعية حسب خطة الدولة وتحت إشرافها ليكون ذلك موازياً لعمل الدولة ويصب في الخطة التي رسمتها في إيجاد الثورة الصناعية وإحداث التقدم والتطور. والعدد الوفير من السكان فيها يجعلها تعتمد على نفسها في ناحية تسويق المنتجات الصناعية أيضاً، فلا تحتاج إلى أسواق خارجية إذا ما أقفلت في وجهها الأبواب، فلديها سوق استهلاكية كبيرة، وذلك يجعلها تكتفي ذاتياً من حيث الإنتاج ومن حيث تصريف هذا الإنتاج، عندئذ لا تعتمد الدولة على الخارج في التصدير والاستيراد. فهي قادرة على أن تنتج ما تحتاجه وأكثر، وقادرة على تصريف الجزء الأكبر منه في داخلها. وهي لا تحتاج إلى العمالة الخارجية لوفرة شبابها العاملين، ولا تحتاج لتصدير هذه العمالة لكثرة الأعمال والمشاريع فيها بسبب حيوية الأمة ونشاطها. فهي من أنشط الأمم في العمل بسبب أن ذلك ينبثق من عقيدتها التي تدعوها إلى التفكير والبحث والكشف والإبداع والجد والاجتهاد والإتقان، وإلى الإخلاص والتفاني في العمل حتى يتم إنجازه على أحسن صورة، وتحارب الكسل والخمول والقعود والانزواء، فتدعوها لعمارة الأرض وللعمل والإنتاج وتوفير الأرزاق. فعقيدتها تجعل كسب الدنيا والتمتع بزينتها حسب أفكارها وأحكامها المنبثقة منها طريقاً لكسب الآخرة. وهذا الأمر لا يتوفر في أية أمة أخرى،وهذا ما يجعل الأمة الإسلامية أرقى الأمم. وهذا لا يجعل الأمة مؤهلة لأن تكون الدولة الأولى في العالم فحسب، بل يجعلها كأمة عظيمة راقية في مستواها لتكون صاحبة الدولة الأولى في العالم بحق ومن دون منافس، وقدوة حسنة للأمم الأخرى.
7- الموقع الاستراتيجي:
البلاد الإسلامية تتوسط العالم وتصل حدودها إلى روسيا والصين شمالاً وشرقاً، وإلى أوستراليا جنوباً وشرقاً، وإلى أوروبا غرباً. وهي مفتوحة على جميع المحيطات سواء الهادئ أو الهندي أو الأطلسي، وفي داخلها أهم البحار مثل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والبحر الأسود وبحر قزوين، وتشرف على أهم الخلجان والقنوات والمضائق مثل الخليج وقناة السويس وخليج ملقة ومضيق البوسفور والدردنيل ومضيق جبل طارق. فهي ملتقى المواصلات بين الشرق والغرب سواء البحرية أو البرية أو الجوية. فاكتسبت بذلك موقعاً استراتيجاً هاماً في العالم يمكِّنها من أن تصل إلى كل مكان، ومن أن تتحكم دولياً في طرق المواصلات وطرق النقل والتبادل التجاري، فتجعل العالم كله ينشد رضى دولتها القادمة ولا يعمل على إغضابها، ويمكنها أن تحمل رسالتها إلى كافة بلاد العالم وتتوسع في كل الاتجاهات لتنشر رسالة الهدى والحق والعدل، وتضيئها بنور الإسلام، فلها امتدادات وأعماق استراتيجية في كل الاتجاهات، فإذا حصل قتال بينها وبين أي من الدول المجاورة في أية جهة، فإنها قادرة على ايصال الإمدادات من الأماكن الأخرى، ويساعدها ذلك في اتساع مجال الحركة وفي الكر والفر من جهة إلى جهة والهجوم من مواقع مختلفة. وفيها من المواقع الاستراتيجية ما يؤهلها لأن تدافع عن نفسها وتتمكن من حماية رقعتها وتتمكن من الانقضاض على العدو إذا داهمها من جهة، فهناك عدة جهات يمكنها أن تتحرك منها، فلا يستطيع العدو أن يتمكن من السيطرة العسكرية عليها. وتضاريسها وأجواؤها المتنوعة تعطيها قدرة على القتال في كل بقاع الأرض من حارة وباردة، ومن جبلية وساحلية وصحراوية، ومن برية وبحرية، فجيشها يكون قد تدرب على خوض الحروب في كل الأماكن والظروف. فهذا من العوامل المساعدة على جعل الأمة مؤهلة لأن تكون الدولة الأولى في العالم، وهذا لا يتوفر لدى الدول الكبرى الأخرى.
هذه أهم النقاط التي تجعل الأمة مؤهلة لأن تكون صاحبة أعظم دولة في العالم بدون منافس إلى قيام الساعة بإذن الله تعالى، وتتفوق على الدول الكبرى الأخرى التي هي أقل منها بكثير في هذه المؤهلات والإمكانيات. فتكون هي خاتمة تاريخ البشرية حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وبعد ذلك سننتقل إلى القسم الأخير من موضوعنا لملء الفراغ السياسي في الموقف الدولي كدولة أولى في العالم، ألا وهو بيان ما ستقوم به دولة الخلافة حينما تسقط أميركا عن مركز الدولة الأولى في العالم.q
2014-09-30