تخصيب اليورانيوم بيد الدول الرأسمالية المتوحشة
2007/01/29م
المقالات
2,724 زيارة
تخصيب اليورانيوم بيد الدول الرأسمالية المتوحشة
لقد كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن موضوع تخصيب اليورانيوم في إيران ففي الوقت الذي تدعي فيه أميركا أن عملية تخصيب اليورانيوم هي عملية غير شرعية، وأن على إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم فورًا, بحجة أنها قد تقوم بتصنيع أسلحة نووية, وتشكل خطراً على المجتمع الدولي، تدعي في الوقت ذاته إيران أن عملية تخصيب اليورانيوم هي من حقها الطبيعي، وأنها تستعمله لأغراض سليمة لإنتاج الطاقة النووية من أجل توليد الكهرباء, وأن إيران عضو في مجلس الدول المانعة لانتشار الأسلحة النووية, وأنها لن تقوم بتصنيع أي شكل من أشكال القنابل النووية.
============================
وبين هذا وذاك خرجت علينا روسيا بحل وسط تقول فيه إنها مستعدة لتخصيب اليورانيوم في روسيا وتقديمه مخصباً لإيران, وبذلك يضمنون عدم تصنيع القنابل الذرية أو النووية في إيران. إلا أن أميركا قد رفضت هذا الاقتراح مع أن فيه ضمانة حقيقية من عدم تصنيع القنابل الذرية في إيران, ولكن لماذا رفضت أميركا هذا الاقتراح؟ ربما لأن المشكلة الحقيقية بين إيران وأميركا لا تكمن في امتلاك إيران للأسلحة الذرية وأن أميركا تقصد شيئاً أبعد من ذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم: هل فعلاً تخصيب اليورانيوم في روسيا يمنع إيران من امتلاك أسلحة ذرية؟ لربما يقول قائل إن إيران ستأخذ اليورانيوم المخصب وتقوم بتصنيع القنبلة النووية سراً, هل تستطيع فعلاً إيران أن تفعل ذلك؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من معرفة ما معنى تخصيب اليورانيوم؟ وهل هناك فرق بين اليورانيوم المخصب الذي يستعمل في التفاعلات النووية لإنتاج الطاقة, وبين اليورانيوم المخصب المستعمل في الأسلحة النووية؟ في الحقيقة إن عملية استخراج اليورانيوم وتخصيبه هي عملية شاقة وطويلة تبدأ باستخراج اليورانيوم من باطن الأرض حيث يكون مخلوطاً بالتراب، فأول عملية هي عملية تنقية اليورانيوم من التراب حيث يستخرج من كل 50000 (خمسين ألف طن) ما يقارب 200 مائتان طن يورانيوم.
إلا أن المشكلة تكمن في أن اليورانيوم الموجود في الطبيعة يوجد في عدة أشكال من النظائر أهمها اليورانيوم 238, (U238) واليورانيوم235, (U235) والنظائر تعني أنها ذرات تتساوى في عدد الإلكترونات وتتساوى في عدد البروتونات, إلا أنها تختلف في عدد النيوترونات.
اليورانيوم (U238) يشكل بنسبة 99,3% من المجموع العام للكتلة المستخرجة، بينما يشكل اليورانيوم (U235) 0.725% أي أقل من واحد بالمئة. وللأسف فإن (U238) غير مرغوب فيه، فلا يستخدم من أجل استخراج طاقة أو أسلحة نووية, إنما كونه معدناً ثقيلاً جداً تصل كثافته إلى 19غ/سم أي يزن 19 ضعفاً وزن الماء، فلِترٌ واحد من اليورانيوم (U238) يزن 19كغ؛ لذا يستخدم في موازنة الثقل في الطائرات والسفن كونه ثقيلاً جداً.
أما اليورانيوم (U235) فهو المستخدم في إنتاج الطاقة والأسلحة النووية ولكن نسبته قليلة في المجموع العام للكتلة.
أما تخصيب اليورانيوم فيعني زيادة نسبة اليورانيوم (U235) إلى الكتلة العامة, ويكون ذلك بالتخلص من كمية من اليورانيوم U238 من الكتلة العامة فيزداد تركيز اليورانيوم (U235), وتتم عملية التخصيب على مراحل, حيث يتم في كل مرحلة عزل كميات أكبر من اليورانيوم (U238) غير المرغوب به فيزداد (U235) تخصيباً أي تركيزاً بعد كل مرحلة حتى الوصول إلى نسبة الانتقاء المطلوبة.
وعملية التخصيب هذه صعبة ومكلفة، وتكمن الصعوبة في أن اليورانيوم (U238) واليورانيوم (U235) عبارة عن نظائر كيميائية متشابهة من حيث التعرف الكيميائي فلا يمكن فصلهم عن طريق التفاعلات الكيميائية, وإنما يمكن فصلهم من ناحية فيزيائية وذلك عن طريق تحويل الكتلة العامة من اليورانيوم، والتي تحتوي على النظيرين، إلى غاز يسمى سادس فلوريد اليورانيوم ويحتوي على النظيرين، فيتم تسريب هذا الغاز إلى مسرعات نووية أو بمعنى آخر أجهزة طرد مركزي تدور بسرعة عالية تفوق سرعة الصوت يتم من خلالها ترسيب (U238) كونه أثقل من (U235) ويتخلص من U238 ويسمى اليورانيوم المنضب, أما ما يبقى من (U235) فيسمى اليورانيوم المخصب, يكون تركيز (U235) بتركيز معين, ثم يقومون بتحويل هذا الغاز المخصب إلى ثاني أكسيد اليورانيوم وهو مادة صلبة يتم استخدامه لأغراض الطاقة.
الفرق بين اليورانيوم المخصب المستعمل في إنتاج الطاقة واليورانيوم المستخدم في إنتاج الأسلحة الذرية , هو نسبة تركيز (U235). فاليورانيوم المستخدم لإنتاج الطاقة يجب أن يكون تركيز (U235) فيه ما يقارب 3,5%, أما اليورانيوم المستخدم في القنابل النووية فإنه يصل تركيز اليورانيوم (U235) إلى 90%, إذ لا يصلح على الإطلاق يورانيوم بتركيز 3,5% لانتاج قنبلة نووية, فهو يسمى اليورانيوم ذو التركيز المنخفض ويستعمل لأغراض سلمية فقط.
ومن هنا فإن روسيا حينما عرضت على أميركا أن تقوم بإعطاء إيران يورانيوم مخصباً فإنها تعني يورانيوم (U235) بتركيز3,5% الذي يستحيل تصنيع قنبلة منه. لذلك كانت روسيا تعي ما تقول, وتعلم أميركا أن ذلك ضمانة على عدم تصنيع إيران لقنبلة نووية, ويعتبر ذلك إنهاء للأزمة, إلا أن أميركا رفضت هذا الحل لتبقى الأزمة قائمة وتستغلها لأغراض أخرى.
تقوم إيران حالياً بتشغيل 1500جهاز من أجهزة الطرد المركزي، وهذا يعني أن إيران ستستغرق أعواماً قبل أن تنتج الكم الكافي من اليورانيوم المخصب لإنتاج قنبلة واحدة مع هذا العدد الضئيل من أجهزة الطرد المركزي, ولكنها أبلغت وكالة الطاقة الذرية أنها ستبدأ بتركيب 3000 جهاز للطرد المركزي في وقت لاحق هذا العام، وهو عدد كاف لإنتاج رأس حربية هذا العام.
ومن الجدير ذكره في سياق هذا الموضوع هو استغلال الدول الغربية لليورانيوم المستنفذ أو المنضب، وهو اليورانيوم الذي استنفذ محتواه من اليورانيوم (U235), وبقي به نسبة إشعاع عالية. أي هو ما تبقى بعد تخصيب اليورانيوم الطبيعي من أجل صناعة الأسلحة أو الوقود النووي، وبما أنه معدن صلب جداً فإنه قد صنعت الرؤوس المدببة للرصاص والقذائف منه، فهو يحافظ على رأس مدبب للقذيفة المدفعية عند إطلاقها، ويطلق حرارة عالية حينما يصطدم بالهدف؛ فتخترق القذيفة الدبابة أو الحائط كما تخترق السكين الزبدة؛ لذلك يعتبر الرصاص المصنوع من اليورانيوم خطراً جداً لنفاذيته فيخترق الحائط ويخرج منها ليخترق حائطاً آخر، ثم ينفجر على هيئة سحابة بخارية محترقة، علاوة على أن الجنود الذين يحملون هذه الأسلحة المشبعة باليورانيوم فإنهم معرضون للوفاة أو الإصابة بسرطان الدم. وكذلك فإن اليورانيوم الناضب ينتشر في الهواء والماء عشرات الكيلومترات ليسمم الإنسان والحيوان والتراب والهواء.
لقد اعترفت أميركا أنها الدولة الوحيدة التي استخدمت هذه الأسلحة أثناء حرب البلقان حيث أطلقت ما يزيد عن 30.000 طلقة من هذا النوع موزعة على 112 موقعاً. كما استخدمتها أميركا في حرب الخليج حيث استخدم الجيش الأميركي ما يزيد عن 315 طن من اليورانيوم المستنفذ، ومنذ ذلك الحين اشتكى أكثر من 100.000 جندي أميركي من مجموعة من الأعراض سميت بأعراض حرب الخليج، ومنها وقوع الشعر، وتعفن الأسنان، والتهاب المفاصل، وازدياد ظهور السرطانات وخاصة الدم، وازدياد ظهور العيوب الخَلْقية بين أطفال الجنود بنسبة وصلت 67%، ناهيك عن أمراض الكلى والجهاز العصبي.
حضارة غربية فاسدة ليس لها إلٌّ ولا ذمة، أصبح فيها الإنسان فأر تجارب نووية, تتحكم بمصير الدول وفق أهوائها. نسأل الله العلي القدير أن يجعل تدميرهم في تدبيرهم, وأن ينصر الإسلام والمسلمين عليهم.
2007-01-29