مشــــروع الــخـــلافـــة يـنهض مـــن جــديد ليـــهز القـــرن الحــــادي والعشــــرين (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )
2014/07/29م
المقالات
1,886 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
مشــــروع الــخـــلافـــة يـنهض مـــن جــديد ليـــهز القـــرن الحــــادي والعشــــرين (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )
تلعب أميركا دوراً إجرامياً بامتياز تجاه المسلمين، ولم يختلف هذا الدور في عهد أوباما عنه في عهد بوش؛ إذ ما زالت دماؤهم تسيل أنهاراً بفعل هذه السياسة، ولعل أصدق مثال على ذلك هو ما يحدث في سوريا الذي يوضع كله في خانة الإجرام الأميركي.
هذه السياسة الأميركية الإجرامية مردها أن المسلمين يريدون أن يخرجوا من واقع الاستضعاف المفروض عليهم من الغرب، وهم يتلمسون طريق الخلاص بدينهم، ويسعون لأن يعودوا من جديد أمة واحدة تجمعهم دولة جامعة واحدة هي دولة الخلافة، ويريدون أن يقودوا العالم من جديد ضمن ما بات يعرف بالمشروع الإسلامي، وهو أكثر ما ظهر في سوريا. إذاً هناك صراع فيه ندية، أي من نِدٍّ إلى نِدٍّ، وهو ليس فقط من أجل إسقاط حكام المنطقة العملاء للغرب؛ لذلك أدرج الغرب، وعلى رأسه أميركا، ما حدث في بلاد المسلمين من ثورات في هذه الخانة، وهذه نقطة إيجابية لمصلحة المشروع الإسلامي.
والآن، يرد السؤال التالي: أمام هذه الهجمة الشرسة على المشروع الإسلامي والإجماع الدولي على محاربته، هل يمكن لهذا المشروع أن يتحقق؟
قبل الإجابة لا بد من ذكر أن العالم بدأ يبحث منذ فترة عن مشروع حضاري صالح جديد بعدما استنفذ كل من المبدأ الشيوعي والرأسمالي أغراضه وفشل في تحقيق أهدافه. فسقط الأول لا عن ضعف في القوة المادية، بل كان سقوطاً حضارياً. وأما الثاني فهو في طور السقوط حضارياً، وهو يصارع كي لا يسقط. والأزمة المالية التي حدثت منذ سنوات قليلة كانت أزمة مبدأ رأسمالي أكثر مما هي أزمة دول رأسمالية. واللافت أن الذي كشف سوأة هذين المبدئين، وسرَّع في سقوطهما هو الإسلام نفسه، وهذه الحالة الإسلامية نفسها. فالمبدأ الشيوعي تحطم على صخرة الصمود الإسلامي في أفغانستان، والمبدأ الرأسمالي يتحطم الآن على صخرة الصمود الإسلامي أمام الهجمة الشرسة على الإسلام باسم محاربة الإرهاب. والخلاصة هو أن المبدئين فشلا، والعالم يبحث حقيقة عن المبدأ الصالح له، وفي هذه الأجواء، وفي هذا الخضم يأتي الحديث عن التغيير وعن المشروع الإسلامي. إن فهم هذا الواقع يجعلنا ندرك تماماً لماذا كل هذه الحرب الشعواء على المسلمين وعلى دينهم وعلى أحكام الدولة والجهاد والفهم الصحيح له… ويجعلنا نفهم كيف أن دول الغرب الرأسمالي، ومعها دول أخرى مثل روسيا والصين والهند… كلها متفقة على محاربة الإسلام من زاوية حضارية … ومن يظن أن الإسلام ضعيف في هذه الحرب الجائرة عليه فهو واهم. صحيح أنه يقدم ثمناً باهظاً لمنع وصوله إلى سدة القيادة الفكرية والسياسية في العالم، ولكنه يتقدم كحضارة وبإصرار، والغرب بممارساته يزداد إفلاساً وسقوطاً كحضارة؛ لهذا يتخذ الغرب موقفاً مصيرياً من الانبعاث والصعود الإسلامي على الصعيد الحضاري. وفي الحقيقة يقف الغرب موقف دفاع ظاهره الهجوم. وهذه نقطة أخرى لمصلحة المشروع الإسلامي.
أما كجواب على السؤال السابق:
فمن حيث الشرع، فإن الإسلام كمبدأ لا بد أنه يحمل طريقة تحققه على أرض الواقع من داخله. وهو حتى يصل إلى إقامة دولة الخلافة لا بد من اتباع طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم التي أقام بها دولة الإسلام الأولى في المدينة. وهذه الطريقة لا توصل إلى إقامة دولة إسلامية فحسب، بل توصل إلى إقامة المبدأ، وتوصل إلى تبوُّء دولة الخلافة مركز الدولة الأولى في العالم، ويخلص المسلمين من سوء ما هم عليه، ويخرجهم من حالة الاستضعاف، وينتشر بصورة مذهلة يعمُّ بها الأرض ومن عليها.
أما من حيث الواقع، فإنه بفضل الله وحده، فإن المشروع الإسلامي بات يمتلك كل عناصر إقامته. وهو بات قريباً جداً من وعد الله بالاستخلاف والتمكين وبشرى رسوله بالخلافة الراشدة. وهذا ما يجعل الغرب يخرج عن طوره، ويتمادى في غيِّه، ويزيد من تآمره وإجرامه، ليجعل من الثمن غالياً. وهو مهما كان غالياً، فإنه يبقى رخيصاً أمام هذه الفرض العظيم.
هذا هو واقع الصراع الذي يحاول الغرب أن يخفي بل يشوِّه حقيقته، وهذا هو السبب الحقيقي الذي يقف وراء التآمر على المسلمين في سوريا، إنه الخوف الشديد من الإسلام كمبدأ وحضارة ودولة ودعوة وجهاد… وهذا ما يطلق عليه الغرب مشوِّهاً: «الإسلام الأصولي» و«الإسلاميين التكفيريين»… من هنا كان الحل ينبثق من داخل تكوين الأمة الإسلامية: من عقيدتها القائمة على العبودية لله وحده، من الحكم الشرعي المنبثق عن هذه العقيدة والذي يُلزمها الله سبحانه وتعالى أن تتقيد به وحده دون أن تمدَّ نظرها خارجه، فكيف إذا كان هذا الخارج هو عدوها؟! قال تعالى:(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
2014-07-29