الحضارات صراع أم حوار… رؤية مقتضبة
2019/09/19م
المقالات
9,720 زيارة
الحضارات صراع أم حوار… رؤية مقتضبة
محسن الجعدبي – اليمن
إن أي أُمة تريد النهوض والتقدم والرقي لا بد لها من قواعد وأسس للنهضة تبني عليها حلول مشاكلها وتنظم شؤون حياتها. وهذه الأسس والقواعد يجب أن تُبنى على فكرة كلية عن الكون والحياة والإنسان. وهذه الفكرة هي العقيدة التي تحل العقدة الكبرى عند الإنسان، وهي كيف ينظم شؤونه في الحياة الدنيا، وما علاقتها بما قبلها وما بعدها. وهذه الفكرة (العقيدة) سواء أكانت صحيحة أم خاطئة، فمن الطبيعي أن توجد نهضة وتطورًا ماديًا؛ ولكن النهضة الصحيحة يجب أن تقنع العقل وتوافق الفطرة وتملأ القلب طمأنينة.
وإذا استعرضنا العقائد (المبادئ للنهضة) في الوقت الحالي والقريب سنجدها ثلاثة مبادئ هي:
1- الشيوعية: كان ظهور هذا المبدأ نتيجة رد فعل لظلم الكنيسة، وهي لم تقنع العقل ولم تشبع غرائز الإنسان الإشباع الطبيعي؛ فأفقرت الكل وجعلتهم أدوات تابعة للدولة، ولم توافق الفطرة؛ فلم تستمر أكثر من 70 عامًا برغم القوة والتطور المادي الذي كانت فيه، ثم انتهت.
2- الرأسمالية: فقد كانت نتاج الثورة الفرنسية، كانت حلًا وسطًا بين الكهنوتية الدينية والإلحاد؛ ففصلت الدين عن الحياة، وهي استمرت 230 عامًا حتى عامنا هذا 2019م؛ ولكنها اليوم تترنح وتؤول للسقوط، ولولا عدم وجود حضارة أخرى تنهي موتها شبه السريري لسقطت، ومن أبرز مشاكلها أنها صبت كل اهتمامها بالفرد وتوفير كل مقومات الحياة والمتع له إذا امتلك الثمن لها. ولترقيع هذا النظام عمدوا إلى مايعرف بالضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية، وأطلقت للفرد الحريات إلى درجة الانحلال والشذوذ، كما أن من مساوئها تركيز الثروة في يد مجموعة من الناس فيزداد الغني غنًى والفقير فقرًا، وتعصف بها الأزمات الاقتصادية من حين لآخر فتقصم ظهر الشعوب وتقضي على مجموعة من الشركات كما حصل في عام 1925م، فيما عرف في فترة الثلاثينات من القرن الماضي بالكساد الكبير (الكساد العظيم)، وكذلك أزمة الرهن العقاري عام 2008م، وبالمقابل أغفلت الجانب الاجتماعي فتفككت الأسر، وجعلت أساس العلاقة هو الشهوة والمال. وكما قال المفكر اﻷميركي من أصول يابانية فوكوياما: «الديمقراطية تتآكل بسبب تسلط السياسيين وتركز المال في يد مجموعة من الناس». كان هذا القول في عام 2015م بعد سنوات من الجدل والضغط عليه بسبب مقاله السابق الذي هاجم فيه الديمقراطية، والذي استشهد بـ «اعتقال السلطات الأميركية للأميركيين من أصل ياباني أثناء الحرب العالمية الثانية» حيث كان جده من ضمن المعتقلين. وأما والده فقد حالفه الحظ حينها؛ حيث كان وقتها في منحة دراسية. والغريب في الأمر أن من ذكر ذلك قال إن فوكوياما أصيب بعدها بفوبيا الإسلام، مع أن تلك الأحداث كانت بين أطراف تحمل مبادئ غير مبدأ الإسلام، وهذا يثبت محاولة الكثير تشويه الحقائق حول الإسلام، والذي لم يكن للإسلام أي دور في تلك الأحداث،
3- الإسلام: وهو الذي يُتوصل إلى القناعة به عن طريق إعمال العقل في الإيمان بخالق الكون والإنسان والحياة، وبأن القرآن كلام الله، وبأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله بناء على معجزة القرآن الخالدة كونه هو من أتى بالقرآن، كما أن له بعض المعجزات المؤقتة في حالات معينة. فنجد أن الإسلام أقنع العقل بصحته، وأشبع الغرائز إشباعًا صحيحًا طبيعيًا بأحكامه، ووافق الفطرة التي تشعر بالنقص والعجز والاحتياج إلى من ينظم لها شؤون حياتها.
ومما سبق يتبين أن أساس النهضة الصناعية والعلمية والرقي الاجتماعي في الإسلام هو أساس فكري عقائدي، وقد طُبق هذا تطبيقًا عمليًا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، ثم انتشر إلى الجزيرة العربية واستمر بعد وفاته عليه الصلاة والسلام في عهد الخلفاء وانتشر إلى أصقاع الأرض، وكانت الدولة الإسلامية هي الدولة الرائدة ومنارة العالم في الوقت الذي كانت أوروبا تقبع في مستنقع التخلف والجهل والضلال. وقد استمرت هذه الدولة من العام الأول الهجري إلى العام 1342ﻫ الموافق 3-3- 1924م، ولولا المؤامرات عليها من الخارج والاستعانة بمن يحقدون على المسلمين ودولتهم من الداخل، ومن غلبت عليهم مصلحتهم الشخصية على الإسلام ودولته لما تمكنوا من هدمها.
ولعل أبرز ما لاحظه الغرب في الإسلام هو النظام الاجتماعي الذي يجسد الترابط الأسري الذي سعت بريطانيا مثلًا لنقله إلى شعبها بخلط أسر مسلمة مع أسر نصرانية ليتعلموا كيفية التعايش من المسلمين والترابط الأسري، فقد عانت من مشاكل التفرقة اﻷسرية التي تكلفهم أيضًا أموالًا باهظة مثلما يحصل مع المسنين في نظام (الكيرة) وغيره. هذا وقد عبر الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون في كتابه (ما وراء الإسلام) عن واقع المجتمع الأميركي خاصة والمجتمعات الغربية عامة، فقال: «ما يهدد العالم فعلًا هو أن بلدنا قد يكون غنيًا بالبضائع ولكننا فقراء في الروح. فالتربية والتعليم الرديئان، والجرائم المتزايدة، والعنف المتصاعد، والانقسامات العرقية النامية، والفقر المستشري، وآفة المخدرات، والثقافة المنهارة في وسائل التسلية، والانحدار في تأدية الواجب، وتدني المسؤولية، وانتشار الفراغ الروحي، ساهمت جميعًا بفض الأميركيين وتغريبهم عن بلادهم ودينهم وعن بعضهم بعضًا»
وبدوره قال زبغنيو بريجنسكي، وهو مستشار سابق في الأمن القومي الأميركي: «إن المجتمع المنغمس في الشهوات – المجتمع الأميركي – لا يستطيع أن يسن قانونًا أخلاقيًا للعالم، وأي حضارة لا تستطيع أن تقدم قيادة أخلاقية سوف تتلاشى». ومما يمثل غياب هذه القيادة الأخلاقية للعالم ما قالته هيلاري كلينتون، وهي وزيرة خارجية سابقة ومرشحة سابقة لانتخابات الرئاسة الأميركية في كتابها خيارات صعبة عندما سألها أحد الصحفيين: ماهي الحريات التي تنادين بها قالت: «حقوق المثليين».
كما لاحظ الغرب النظام الاقتصادي لدى المسلمين حين كانت لهم دولة، أو في فكرهم المستمد من عقيدتهم (لا الفكر المغلوط المنسوب زورًا إلى عقيدتهم) والذي يُشبع احتياجات الأفراد والمجتمع والدولة بشكل مفصل، ويُلزم الناس بأحكام في الاقتصاد تضمن توزيع الثروة بين الناس دون أن تأخذ حقوق بعضهم. ومن أحكام الإسلام التي طالب بعض مثقفي الغرب بها لحل أزمة الرهن العقاري 2008م، المطالبة بخفض سعر الفائدة إلى الصفر، والضرائب إلى 2.5 %، ولكن دون الاعتراف بفضل الإسلام في ذلك.
إذًا، وبما أن هناك نظامًا اجتماعيًا ونظامًا اقتصاديًا وغيرها من الأنظمة لحل مشاكل الإنسان، فيلزم لذلك نظام حكم من جنسها يطبقها ويحافظ عليها ويكون منبثقًا من عقيدتها، ألا وهو نظام (الخلافة)، ذلك النظام الذي حمل الإسلام رسالة رحمة للعالم بعد تطبيقه داخليًا برعاية شؤون الناس، وشكَّل أنموذجًا يُحتذى به.
وقبل أن نستعرض بعض الأمثلة حول التطور العلمي والصناعي في ظل ازدهار الدولة الإسلامية يجب أن نعرف تاريخنا بعيدًا عن التشويه، وذلك بأمرين هما:
– أخذ التاريخ عن طريق الرواية بعيدًا عن التشويه.
– فهم الإسلام من مصادره.
أما عن استعراض بعض مظاهر الحضارة في الإسلام فليس من باب التباكي على الماضي التليد، بل لنعرف كيف كنا، وكيف كان الإسلام مطبقًا عمليًا لنستفيد مما كان، ونهتم بالعمل للوصول إلى ما يجب أن نكون عليه، فكان لابد أن نذكر بعض الخطوات التي حصلت بها النهضة وظهرت معالمها الصناعية والعلمية ومنها:
– إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم أناسًا ليتعلموا صناعة السيوف في (هجر) باليمن.
– أخذ نظام الدواوين من الروم وهو أبرز ما أخذ.
– أخذ كتب من سبقنا بالعلوم وترجمتها والتحقق من أسسها وتعديل ما يمكن تعديله من أخطاء كإثبات كروية الأرض، وتطوير ما يمكن تطويره مثل أخذ الإبرة المغناطيسية من الصينيين وتطويرها إلى بوصلة محددة الدرجات والزوايا.
– استئجار علماء وترجمة كلامهم والتعلم منهم كما فعل أحد الخلفاء حين استقدم أحد علماء الرياضيات من الهنود كونهم من برعوا في الرياضيات ذلك الحين.
وإذا بحثنا سنجد العديد من المستشرقين قد أنكروا تاريخ المسلمين الناصع، وفي المقابل سنجد القلة منهم من أنصف في كتبه واعترف بفضل المسلمين في النهضة العلمية مثل المستشرقة الألمانية (زغريدهونكا) في كتابها (شمس الله تسطع على الغرب) والذي غُيِّر اسمه فيما بعد إلى (شمس العرب تسطع على الغرب) والتي بينت الكثير منها، نورد فيما يلي بعض كلامها ضمن بعض الأمثلة:
– الاعتراف بأن بعض من عُرِفوا بعلماء أوروبا كانوا يأخذون من كتب المسلمين ويطمسون اسم مؤلفه ويكتبون أسماءهم كما فُعل بكتاب ابن الهيثم.
– تطوير علم الرياضيات كما عُرف “بالخوارزميات” للعالم المسلم الخوارزمي، والذي لا يزال هذا المصطلح يُعمل به حتى الآن، ولا ننسى ثابت بن قرة، وكذلك البيروني الذي استطاع قياس قطر الأرض، وغيرها من العلوم مثل علم الجبر، والاستفادة العملية من العلوم كالكيمياء.
– علم الأتمتة (الميكانيك) والحركة الذاتية، ومن أبرزهم محمد بن موسى، ومن مخترعات المسلمين الساعة ذاتية الحركة التي اكتشفت في عهد العباسيين.
– ابن الهيثم في البصريات.
– ابن ماجد في البحار .
– في الطب اكتشاف أدوات الجراحة والشرنقة (الإبرة) والدورة الدموية الصغرى، وحتى في اختيار المكان الأنسب لبناء المستشفيات من الناحية الطبية، ومن أبرزهم: ابن الهيثم، وابن النفيس، والرازي، وابن سيناء.
كما لا ننسى الرسالة التاريخية التي أرسلها جورج السادس ملك إنجلترا والنرويج والسويد والتي جاء فيها: (إلى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة هشام الثالث الجليل المقام، من جورج الثاني ملك إنجلترا والسويد والنرويج، وبعدالتعظيم والتوقير، فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعة في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بدايةً حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل من أركانها الأربعة، وقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبانت على رأس بعثة من بنات أشراف الإنجليز، لتتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف، وتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم وفي حماية الحاشية الكريمة، والحدب من قبل اللواتي سوف يقمن على تعليمهن، وقد أرفقتُ الأميرة الصغيرة بهدية متواضعة نأمل أن تنال إعجاب مقامكم الجليل، أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب من خادمكم المطيع جورج الثاني ملك إنجلترا والسويد والنرويج).
عوامل سقوط الدولة الإسلامية
وبما أن هناك عوامل لقيام دولة تطبق الإسلام وتنهض به وتنشره للعالم، وبما أن الدولة الإسلامية دولة بشرية وليست دولة إلهية، فمن الطبيعي سقوطها عند تخلي المسلمين عن عوامل نهضة دولتهم وخضوعهم لعوامل أدت إلى سقوطها، وتتمثل هذه العوامل في:
أولًا: العوامل الداخلية مثل:
– إساءة تطبيق أحكام الإسلام على الناس.
– إخماد الاضطرابات بالقوة، وعدم استخدام الفكر في توعية الناس على أحكام الإسلام في الوحدة، وأحكام التعامل مع السلطة.
– فصل الطاقة العربية عن الطاقة الإسلامية، وكان آخرها اعتماد سياسة التتريك بجعل اللغة التركية هي اللغة الرسمية.
– إغلاق باب الاجتهاد وعدم إعادة فتحه من قبل الدولة رغم استحداث أمور في الحياة تحتاج إلى بحث واجتهاد لمعرفة كيفية التعامل معها.
ثانيًا: عوامل خارجية مثل:
* مؤتمر وستفاليا الذي عقد في ألمانيا بين دول أوروبا لوقف الحروب بينهم والوقوف في وجه المد الإسلامي في أوروبا، وتم على أساسه تأسيس عصبة الأمم النصرانية التي تعرف اليوم بالأمم المتحدة، والتي لازال دورها الأساسي التصدي للإسلام بكافة أشكاله. ولعل أخطر عمل قام به الغرب في هذا المجال بدأ عام 1650م؛ حيث تم بحث عوامل القوة والضعف عند المسلمين، وتوصلوا إلى أن قوة المسلمين تكمن في عقيدتهم التي تنبثق منها أحكام مثل نشر الإسلام والجهاد والتضحية والوحدة والتآخي وتفصيلات نظام الحكم والنظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي، فعمدوا إلى رسم خطة لهدم هذه العقيدة وما ينبثق عنها من أحكام، وبالتالي يسهل القضاء على دولتهم؛ وقد نجحوا في ذلك، وتتمثل هذه الخطة بإرسال المستشرقين الذين كان دورهم يتمثل في:
1- دراسة (لسان العرب) بشكل خاص، وبقية الألسن بشكل عام.
2- دراسة الإسلام بعمق، حتى إن بعضهم كان يصل إلى درجة الاستنباط لتزييف الأحكام والدس على الإسلام.
3- دراسة التاريخ لتشويهه وإظهاره بأنه صراع بين المسلمين على الحكم والمال، وأن الجهاد إنما هو لنهب ثروات الدول الأخرى.
4- دراسة الآثار لإيهام المسلمين أن حضارتهم نشأت على أساس حضارة الغرب، وليس على أساس الإسلام.
5- بروز المستشرقين في الأمة كمفكرين وعلماء بعد ادعائهم الإسلام كعلماء آثار وتاريخ وشريعة، وأيضًا قادة ثورات للاستقلال عن جسم الدولة الإسلامية.
6- استقطاب بعض أبناء المسلمين وغيرهم من أبناء الدولة وإرسالهم إلى أوروبا لدراسة الثقافة الغربية بعد انبهارهم بتقدم الغرب العلمي والصناعي في فترة ضعف الدولة، فعادوا مضبوعين بالثقافة الغربية وأصبحوا أدوات لهدم المجتمع والدولة.
7- شراء ذمم وجهاء وعصابات وقيادات وربطهم بهم استخباراتيًا للقيام بأعمال تخدم مصالحهم وأبرزهم كانوا آل سعود.
8- تدمير الاقتصاد وإرهاق البلاد، فقاموا بأعمال من مثل تفجير سكك الحديد، كما فعل الشريف حسين بسكة تركيا العراق الكويت، وإحراق المزارع وتفجير السدود وغيرها الكثير.
9- الوصول إلى قيادة الدولة، وكما قال السلطان عبدالحميد الثاني في مذكراته: «حتى رئيس وزرائي عميل بريطاني».
10- اختراق الجيش والوصول لقيادته كما فعل مصطفى كمال وهو من يهود الدونمة.
11- إثارة القوميات بين أبناء دولة الخلافة مثل: العربية، والبربرية، والطورانية التركية، والأمازيغية، والبلقانية، والفارسية، وغيرها الكثير.
12- القيام بثورات والمطالبة بالاستقلال والانفصال عن جسم الدولة وتصويرها بأنها احتلال وغير شرعية.
13- عزل الخليفة عبد الحميد الثاني في عام 1911م، ثم عبد المجيد الثاني آخر خليفة من بني عثمان عام 1924م.
14- إعلان إلغاء الحكم بالخلافة وتطبيق العلمانية في 28 رجب 1342م الموافق 3-3-1924م الساعة 10:10 صباحًا.
* مؤتمر كامبل 1905م. بعد أن ظهرت ملامح تحقيق أهداف مؤتمر وستفاليا، عقد مؤتمر كامبل لتوضيح ما يجب أن يكون عليه المسلمون للحيلولة دون عودة دولتهم من جديد؛ فخرجوا بقرارات أبرزها
-
تقسيم بلاد المسلمين إلى دويلات تفصل بينها حدود قابلة للنزاع في أي وقت “وهذا ما تم تحقيقه باتفاق سايكس بيكو.
-
عدم السماح بالوحدة بين المسلمين.
-
منع قيام نهضة علمية حقيقية للمسلمين، ولامانع من نهضة محدودة.
-
تمزيق النسيج الاجتماعي بتمييز الأقليات في المجتمع وتلغيم علاقتهم بغيرهم من مكونات المجتمع.
وبعد أن استطاع الغرب الكافر هدم دولة الإسلام ،صرح رئيس الوزراء البريطاني في مجلس العموم عندما اعترض عليه المجلس لمنحه استقلال تركيا بقوله: “لقد قضينا على الدولة العثمانية، ولن تقوم لهم قائمة لأننا قضينا على أهم أمرين هما: الإسلام، والخلافة”. ومنذ ذلك الوقت فالوصاية الغربية قائمة علينا، سواء عسكريًا مباشرة كما كانت، أم بالوكالة كما هو اليوم ولا نستطيع القيام بأي شيء في هذه الدويلات الكرتونية إلا بأمر دولة غربية ويُنقض بأمر دولة أخرى، وإذا اختلفت دول الغرب تصارعنا فيما بيننا.
العودة للنهضة من جديد:
بعد استعراض ما مضى وبحث عوامل السقوط، وإذا أردنا العودة للنهوض والصدارة من جديد لنكمل رسالتنا إلى العالم كافة… فلا يكون ذلك إلا بالآتي:
1- إيجاد الفكر الصحيح الذي قامت على أساسه الدولة الأولى وطريقة التفكير السليمة عند الأمة؛ لفهم الإسلام وأحكامه وكيفية عودته من جديد إلى الحياة.
2- ضرب الأفكار الغربية القائمة على أساس فصل الدين عن الحياة وما ينبثق عنها من أنظمة حياة.
3- الوعي على التاريخ الصحيح لنعرف كيف كان من قبلنا يقود الدولة عمليًا على أساس الإسلام.
4- معرفة طبائع الشعوب بدولتنا سابقًا، وبالمسلمين في الوقت السابق والحاضر؛ لمعرفة كيف نتعامل معهم.
وفي الختام، إن من يريد النهوض بالمسلمين من جديد يجب أن يكون له منهجان:
الأول: (منهجٌ للتغيير) يتجلى فيه معرفة كيفية الوصول إلى الحكم لتغيير النظام حسب أحكام الشرع.
الثاني: (منهجٌ للدولة) يتضمن نظرته وتصوره لنظام الحكم في الإسلام وتفصيلاته وكيفية تطبيقه.
ولا يتأتى ذلك إلا بجماعة واعية مخلصة قائمة على أساس الإسلام، قال تعالى: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
نسأل الله العلي القدير أن يُعجل بقيام دولة المسلمين: «خلافة على منهاج النبوة» تُقيم شرع ربنا، وتوحد شملنا، وتلمُّ شتاتنا، وتنشر الخير للعالم.
2019-09-19