خطة الغرب لتغيير الإسلام و(سحق الإسلام السياسي) سينهيه المسلمون بإعلان الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة (بعون الله)
2019/08/02م
المقالات
3,767 زيارة
خطة الغرب لتغيير الإسلام و(سحق الإسلام السياسي)
سينهيه المسلمون بإعلان الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة (بعون الله)
أبو إبراهيم – قلقيلية
قد عمل الغرب منذ هدم دولة الخلافة على القضاء على الإسلام كنظام حياة، وتحويله إلى دين كهنوتي كاليهودية والنصرانية، وفرض حضارته وقيمه ومفاهيمه على المسلمين؛ ولكن الغرب فشل في كل محاولاته، وبات المسلمون يتطلعون لعودة الإسلام إلى الحياة عن طريق إقامة الخلافة، فقاد الغرب حملة جديدة على المسلمين فيما عرف بالحرب على الإرهاب، استهدف فيها الإسلام كدين، فكانت حربًا دينية بامتياز، سماها قادة حربه حربًا صليبية، فاحتلت أميركا العراق وأفغانستان، واستُهدف المسلمون في كل مكان، ووُصِموا (بالإرهاب)، وشُدِّد عليهم في الغرب والشرق، فكانت نتائج هذه الحرب لا تصب في مصلحة الغرب، فأصبح المسلمون مستنفرين ومتيقظين، فأدركوا أن عدوهم الحقيقي هو الكافر المستعمر، والتفَّ المسلمون حول دينهم، وازدادوا فهمًا له، وتمسكًا به، ورغبة عن وعي لتحكيمه في الحياة من جديد، فجُنَّ جنون الغرب، وأدرك فشله في خطته، ولكن استكباره وعناده قاداه ليطوِّر خطته من جديد، والتي تعتمد على اتجاهين:
1- الحرب المادية فيما يحلو للغرب أن يسميها الحرب على (الإرهاب)، والتي تشمل:
أ- الحرب العسكرية وإقامة الأحلاف للحيلولة دون عودة الإسلام للحياة من جديد بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وما يقتضي ذلك من أمور.
ب- القضاء على العاملين لإعزاز الإسلام وإعادة سلطانه إلى الأرض واستئصالهم بمساعدة حكام الضرار في بلاد المسلمين.
2- حرب أفكار تهدف إلى تغيير الإسلام، والقضاء على توجهه السياسي، وتحويله إلى دين كهنوتي يهتم بالعبادات والأخلاق، ويترك الحكم والسياسة، والعمل على نشر العلمانية، وعقيدة فصل الدين عن الحياة، والديمقراطية، والحريات، كنظام بديل عن الإسلام، والخلافة، والأخلاق، والقيم التي أصّلها الإسلام بأحكامه.
إن ما يركز عليه الغرب في حرب الأفكار هذه، وما يسعى لتغييره أو تصفيته من مفاهيم الإسلام هي ثلاثة أفكار رئيسية:
أ- الحاكمية لله، والتي تعني تحكيم الإسلام في شؤون الحياة جميعها عن طريق إقامة الخلافة.
ب- مفهوم الولاء والبراء، والذي يعني تولي الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلموالمؤمنين، والتبرؤ من الكفر والكافرين.
ج- الجهاد في سبيل الله.
ولتنفيذ خطة الغرب هذه أطلق مجموعة من الدعوات والتوجهات التي تخدم وتحقق أهدافه، ومن هذه الدعوات:
1- تجديد الخطاب الديني:
إن مصطلح تجديد الخطاب الديني المستعمل بكثرة على الساحة في بلاد المسلمين. يستعمل بشكل مبهم وغير محدد عن عمد ليحقق أهداف الغرب الفكرية والسياسية، وهو مصطلح دُعي له قديمًا وركز عليه بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
إن مفهوم التجديد في الإسلام هو الذي يتفق مع ما جاء به الشرع الحنيف، فهو يعني إحياء النصوص وإعادة رونقها، والعمل والتمسك بها، وإزالة البدع والأفكار والمفاهيم الغريبة عن الإسلام، وإنزال الأفكار على وقائعها الجارية، ومعالجة المشاكل المستجدة بإيجاد الحلول الشرعية من الإسلام.
فالتجديد ضرورة تحتاجها الأمة على الدوام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا». رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم.
وهناك الدعوة إلى التجديد التي أطلقها حكام المسلمين، ومن ورائهم الغرب ومراكز الأبحاث والدراسات، وببغاوات الكتاب والإعلاميين في البلاد الإسلامية، والتي تُطالب بها المؤسسات الدينية كالأزهر، والجماعات والحركات الإسلامية، وهو ما يطلق عليه الغرب الحداثة (التغريب والعلمنة)، وهو يعني تحويل مفاهيم الإسلام التي تناقض مصالح الغرب، ويعتبرها خطرًا عليه، إلى مفاهيم تقبل بالغرب وتتعايش معه، وإن كان مستعمرًا ينهب الثروات ويفسد البلاد والعباد.
وفي مبحث مهم، يقسم الشيخ محمد بن شاكر الشريف مراحل تحريف الدين في تاريخنا الحديث باسم التجديد والإصلاح إلى خمس مراحل:
أولًا: (البداية كانت ظهرت مع بشائر القرن الثالث عشر الهجري، مع الاحتكاك المباشر بالحضارة الغربية، فدعوا إلى التقريب بين الأديان، وتفسير الجهاد على أنه دفاع عن الأوطان فقط، وإنكار جهاد الطلب، وتقديم شروح لبعض الأمور الغيبية من منظور العلم التجريبي، وبالتالي إنكار حقيقتها. وأطلق على هذه المرحلة «مدرسة الإصلاح» وشخصيتها الأبرز الشيخ محمد عبده.
ثانيًا: التغريب، وتبدأ تقريبًا من الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري.والتغريب حركة فكرية قامت على اتخاذ الغرب النصراني قدوة في كل المجالات، ويمثله في الجانب الاجتماعي قاسم أمين، حامل لواء تحرير المرأة، وسياسيًا الشيخ علي عبد الرازق، وثقافيًا الدكتور طه حسين.
ثالثًا: العصرانية: ظهرت مع منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وتدعو إلى قراءة جديدة للنصوص الشرعية وإعادة تفسيرهاوفقًا لمنجزات العصر العلمية والفكرية، ممّا يفقدها قدسيتها. ومن الأساليب المتبعة في تمرير خطابهم التحريفي: الادعاء بأن العبرة بالقيمة والمضمون لا بالشكل والقالب (فهم يحاربون ستر المرأة جسدها وعفتها، وكذلك العودة إلى النظام السياسي الإسلامي)…
رابعًا: العولمة: بعد انهيار المعسكر الشرقي، في نهاية ثمانينات القرن العشرين، انفردت أميركا بقيادة العالم، وروَّجت مصطلح «العولمة»، لصهر كل الشعوب في منظومتها الفكرية والثقافية والأخلاقية. وفي ظل صخب صوت العولمة الهادر، سيبدأ النداء بقوة بالدعوة لتجديد (تحريف) الخطاب الديني، بدعوى أنه لن يعود لأي شعب هوية ذاتية أو استقلال فكري وحضاري وثقافي.
أما أخطر الوسائل المتبعة لتجديد الخطاب الديني في ظل العولمة، فهي تحوير المناهج التعليمية وعلمنتها، وتزييف التاريخ، وحذف بعض الآيات والمواضيع نهائيًا من المقررات المدرسية، ومساهمة بعض الأميركيين في تعديل المناهج، بالإضافة إلى التضييق على المدارس والمعاهد الدينية، واستخدام القروض والمنح في الترغيب والترهيب. فالمطلوب من المناهج التعليمية، حسب المفهوم العالمي، أن تخدم مفهوم السلام العالمي، وألا تقدم الإسلام كدين متميز عن باقي الأديان المحرفة. كما يتم استخدام وسائل الإعلام وخطبة الجمعة، ولأن هذه الأخيرة أقوى تأثيرًا من كل وسائل الإعلام، تحدد نوعية الخطب، وتنتهج سياسة «تجفيف المنابع»؛ منابع التدين عند الناس، فتفصل الدين عن الحياة، وتركز على الشعائر التعبدية والأخلاق والسلوكيات الحسنة والعلم الدنيوي، وتمنع الخطباء من التعرض لكفر اليهود والنصارى وكشف تحريفات كتبهم المنزلة. كما تجري دورات تدريبية مكثفة للخطباء لتعريفهم بمتطلبات تجديد (تحريف) الخطاب الديني، وبعضها يتم في أميركا. ويتم إغراق الناس بالنتاج الفني، الذي يحرض على الوقوع في الرذيلة والتفسخ الأخلاقي، ويساعد على ذلك الوضع الاقتصادي المتردي وتأخر سن الزواج.
خامسًا: فرض التجديد (التحريف) بالقوة: في هذه المرحلة الأخيرة، لجأت أميركا وحلفاؤها الصليبيون إلى توفير الدعم السخي للمتعاونين معهم من المسلمين، فتتغاضى عما ترتكبه حكومات البلدان الموالية لها في حق شعوبها.
وقد لجأ الصليبيون إلى فرض التغيير بالقوة، بالتهديد تارة وباستخدامها تارة أخرى.. للحيلولة دون نشوء جيل جديد يتمسك بفهم السلف الصالح للدين… والهدف الرئيس إفقاد الإسلام خاصية ثبات الأحكام الشرعية، والتمكين للحداثة والعلمانية، وضمان عدم عودة الإسلام إلى موقع الريادة، وتمكين الجمعيات والمؤسسات التبشيرية من العمل في بلاد المسلمين). انتهى الاقتباس.
وعليه فهذا التجديد (التغريب والعلمنة) يهدف إلى تغيير الإسلام ليتمكن الغرب الكافر من إبعاده عن الحياة، ويكرس هيمنته على المسلمين وثرواتهم، ويفرض العلمانية في بلاد المسلمين؛ ولذلك فهو يتناول ويستهدف الأصول والثوابت لزعزعتها، ويقلب الرؤى والعقيدة والشريعة والقيم.
2- العمل على تغيير الإسلام عن طريق الدعوة لإصلاح الإسلام أو تصفية أو تجميد بعض نصوصه أو إلغائها بالكلية، عدا عن تشجيعه للإلحاد.
إن دعوة الغرب للتجديد دعوة خبيثة تهدف إلى التخلي عن أفكار ومفاهيم الإسلام، فالغرب كان يستخدم التضليل والخبث والدهاء لتغيير الإسلام، ولكنه اليوم بدأ بالتصريح بشكل علني بمعاداة الإسلام، والمطالبة بتغيير نصوصه القطعية. وقد كثرت الدعوات لترك العمل بالسنة المطهرة، والاقتصار على القرآن الكريم في السنوات الأخيرة. ففي ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلمفي العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ألقى شيخ الأزهر كلمة في الاحتفال الرسمي بهذه المناسبة، هاجم فيها من دعَوا للتخلي عن السنة النبوية والاكتفاء بما جاء في القرآن من نصوص وأحكام. وأكد شيخ الأزهر أن المسلمين أجمعوا على «ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبًا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين».
وفي كلمة للسيسي في المناسبة ذاتها علَّق قائلًا: «الإشكالية الموجودة في عالمنا الإسلامي حاليًا ليس في اتباعنا لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلممن عدمه، لكن المشكلة الحقيقية هي القراءة الخاطئة لأصول ديننا». وتساءل السيسي عمن أساء أكثر للدين الإسلامي؟ أهم من دعَوا إلى التخلي عن سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والاكتفاء بما جاء في نصوص القرآن فقط، «أم الإساءة الناتجة عن الفهم الخاطئ والتطرف الشديد التي أساءت لسمعة المسلمين في العالم»؟
وعلق سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، في وقت لاحق على مسألة استبعاد السنة النبوية، قائلًا إن «الأحاديث المروية يتعارض بعضها مع بعض». وأضاف: «حينما يكون كل حديث يقابله حديث، وكل تفسير يقابله تفسير آخر، فعلينا أن نختار ما يناسبنا في عصرنا، ونعيش مستقبلنا وحضارة العصر، لكي لا نكون أقل من أوروبا، واليابان والصين، الذين عرفوا كيف يديرون بلادهم بأريحية، دون الاتجار بالدين».
في سياق آخر وُضع (إصلاح الإسلام)، والذي يعني تغييره وتحريفه ضمن الاستراتيجية الأميركية الجديدة في السنوات الأخيرة. فقد كشف موقع «ذا إنترسبت» مذكرة مسربة عن وزارة الخارجية الأميركية، نصحت فيها إدارة الرئيس دونالد ترامب بالدفع باتجاه «الإصلاح الإسلامي». وجاء في المذكرة: «الهدف ضد إيران وتنظيم داعش هو تفكيك العلامتين والتطرف الإسلامي. وفي البحث عن وسائل الدبلوماسية العامة لإضعاف القواعد الأيديولوجية التي تدعم البنى الإيرانية الحالية وتنظيم الدولة، ويجب أن يبرز التركيز على الإصلاح الإسلامي بشكل كبير».
وأشار التقرير إلى أن فريق تخطيط السياسات في وزارة الخارجية تقدم بالوثيقة في صيف عام 2017م، حيث كان مجلس الأمن القومي يعد استراتيجية إدارة ترامب للأمن القومي، حيث ركزت على «التنافس الأيديولوجي»، وكان وزير الخارجية في ذلك الوقت ريكس تيلرسون، قد أبعد نفسه عن خطاب الرئيس ترامب المعادي للإسلام، الذي عين مكانه وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو في نيسان/أبريل، الذي يملك سجلًا واضحًا في معاداة الإسلام، ما جعل الكثيرين يشعرون بالقلق من الطريقة التي ستتعامل فيها الخارجية مع الإسلام.
وأكد مسؤول في الخارجية صحة الوثيقة، باعتبارها إحدى وثائق عديدة اعتُمد عليها لتشكيل استراتيجية الأمن القومي. ونوَّه التقرير إلى إنشاء وحدة فريق تخطيط السياسة في عام 1947م، التي تعد مركز بحث داخل الوزارة، ويترأسها أحد الصقور السابقين في إدارة بوش، بريان هوك، الذي كان مديرًا للوحدة وقت إعداد المذكرة، مشيرًا إلى أنه بحسب موقع المركز على الإنترنت، فإن هوك وفريقه يتعاملون «برؤية استراتيجية طويلة الأمد مع التوجهات الدولية». إذ كشف الكاتبان عن كتابة المذكرة بعدما قام هوك بعملية تطهير في الوحدة… مشيرين إلى أن الدائرة، أصبحت مزدحمة بالأيديولوجيين الذين ينشرون مواد لم تصدر عن الدائرة من قبل، وذلك بحسب شهادات مسؤولين سابقين في الخارجية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي ومستشارين ومحامين، الذين قالوا إنهم لم يشاهدوا المصطلح الخلافي التحريضي «الإصلاح الإسلامي»، الداعي لشخصية مارتن لوثر مسلم لتحديث الإسلام المتجذر، فيما يفترض أنه عنف موروث ورجعية، يستخدم في وثائق الحكومة الأميركية، وفقًا لما نقلته صحيفة «القدس العربي».
ويفيد التقرير بأن المذكرة تقدم تفاصيل حول كيفية تحقيق ما يطلق عليه الإصلاح، وتتضمن فقرة مثيرة حول استخدام تقوية المرأة لتوسيع أهداف الإمبراطورية الأميركية؛ حيث تقول: «هناك جماعتان مهمتان مستهدفتان، وهما المرأة والشباب، مع أنهما ليستا وحدهما الهدف الوحيد المحتمل، فالتركيز على تقوية المرأة باعتباره هدفًا رئيسيًا لإيصال الرسائل في داخل عالم التأثير على الإسلام، سيسمح لأميركا بالحفاظ على المكونات الأخلاقية الأميركية وروايتها الليبرالية».
كما أشار التقرير إلى الآثار السلبية التي قد يتركها إصرار دائرة فريق تخطيط السياسات على استخدام «الإصلاح الإسلامي» على أميركا، حيث قال المستشار السابق لوزارة الخارجية، تود غرين «إن الترويج لإصلاح الإسلام هذا سيقود أميركا إلى «منطقة خطرة»، الأمر الذي أيده المستشار السابق لوحدة الشؤون الدولية والدينية في الخارجية في ظل أوباما والنصف الأول من إدارة ترامب، قمر الهدى، الذي يرى أنه يمكن النظر لدعوة الإصلاح بطريقة خاطئة، وبأنها «أجندة لتخريب المجتمعات الإسلامية»، الأمر الذي يغذي شعور معاداة أميركا للإسلام.
ومن جهة أخرى فقد تم نشر وثيقة فرنسية تطالب بتجميد آيات من القرآن الكريم، والتي تدعو – على حدِّ زعمهم – إلى قتال اليهود والنصارى، وكان صاحب هذه الدعوة «فيليب فال» المدير السابق لمجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، بعد أن نشر مقالًا في صحيفة «لوباريزيان»، تحت عنوان «ضد معاداة السامية الجديدة» عن «التطرف الإسلامي»، يدعو فيه إلى فكرة حذف آيات قرآنية بدعوى محاربة معاداة السامية. وأكد «فال» أنه استطاع الحصول على تأييدٍ من 300 شخصية فرنسية عامة ذات ثقل، كان من بينهم الرئيس السابق نيكولاس ساركوزي، ورئيس الوزراء السابق إيمانويل فالس، والمغني المعروف شارل أزنافور، وبيرنار هنري ليفي، وهو أكاديمي وإعلامي يهودي فرنسي، والممثل جيرار ديبارديو.
وتزامنت هذه الوثيقة مع تصاعد بعض المطالبات الأوروبية بتضييق الخناق على تلك الأموال الموجهة للمساجد والمنظمات غير الحكومية. وأما ما جعلهم يظنون أنهم قادرون على تحقيق مطالبهم فهو جهلهم بالإسلام وقياسه على النصرانية، فقد سبق موافقة الفاتيكان بإلغاء نصوص من الكتاب المقدس عندهم كانت غير متناسقة ومعادية للسامية على حد وصفهم، معتبرين أنه لا يمكن لأي مؤمن الاعتماد على نص ديني مقدس يحرض على ارتكاب الجريمة، بحسب أقوالهم.
3- العمل على القضاء على التوجه السياسي الإسلامي، أو بتعبير أحد الناعقين بأباطيلهم (سحق الإسلام السياسي) عن طريق تحويل الحركات والأحزاب العاملة لتحكيم الإسلام وإقامة الخلافة إلى حركات تترك العمل السياسي، وتنشغل بالعمل الدعوي، والذي يعني الجانب التعبدي والخلقي.
فقد أصدرت «مؤسسة راند» في 2007م تقريرًا بعنوان: «بناء شبكات مسلمة معتدلة» فوفقًا لعرض مسهب قام به الدكتور باسم خفاجي مدير المركز العربي للدراسات الإنسانية، ومكوّن من 217 صفحة، ويقع في عشرة فصول، وهو يطرح الاستفادة من خبرات الحرب الباردة السابقة بين المعسكرين الرأسمالي الغربي والاشتراكي الشرقي في الصراع بين الغرب والإسلاميين ولاحتواء الحركات الإسلامية، فيدعو إلى تجنيد مثقفين إسلاميين ورجال دين مسلمين، والاستفادة من الصوفيين، واستغلال العلمانيين في البلاد الإسلامية، ويقترح على صناع القرار في أميركا استخدام القطاع الخاص الأميركي، وليس المؤسسات الحكومية؛ لتنفيذ مخططاته، ولإبعاد شبهة العمالة عن المتعاونين…
ويدعو إلى نقل الصراع ليتحول إلى صراع بين العالم العربي المسلم وبين الأجزاء الأخرى غير العربية من العالم الإسلامي، ولأن يصبح الصراع أيضًا بين الإسلاميين أنفسهم، مع دعم التيار العلماني الليبرالي في مواجهة صعود الإسلاميين سياسيًا… ولنتذكر فقط أنّه خلال الحرب الباردة سعى الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية لدعم التيار الإسلامي في مواجهة التيار اليساري القومي… وقبله في نهاية خمسينات القرن العشرين بذل الغرب جهودًا من أجل استخدام القوميين العرب في الصراع ضد التيار اليساري الماركسي… وهكذا دواليك!
وتقرر الدراسة أن بناء شبكات المسلمين المعتدلين يمكن أن تتم من خلال ثلاثة مستويات، أولها: مساندة الشبكات القائمة، وثانيها: التعريف الدقيق للشبكات المحتملة ودعم نموها، وثالثها: تعزيز قيم التعددية والتسامح التي قد تساهم في نمو هذه الشبكات.
وقد طرح التقرير عشرة أسئلة هي بمثابة اختبار لإثبات مدى اعتدال أي جماعة إسلامية من عدمه، وتتمثل بالقبول بالعلمانية وقوانينها وتشريعاتها، وترك الحكم بالإسلام، وموالاة الكفار والتعايش معهم.
أما الراديكالي أو المتطرِّف فهو من يتمسَّك بتطبيق الشريعة الإسلامية، ويسعى لإقامة الدولة الإسلامية، ويتبنى الفكر السلفي، ويرفض الديمقراطية، والليبرالية الغربية، وما يرتبط بها من منظومات حقوق الإنسان المنبثقة عن المنظور الغربي، ويرى أن من حقِّه استخدام العنف كأداةٍ للتغيير، حسب مؤسسة راند.
وبناء على هذا التوجه ارتفعت أصوات العلمانيين، وتغولهم على الإسلام، وتوجهه السياسي في السنوات الأخيرة، وزادت كتاباتهم في ذلك. وفي المقابل بدأت الدعوات لدعم الحركات الإسلامية التي تدعو للتصوف، والأخلاق والنواحي التعبدية، والتي ترتبط بالدول القائمة، فدعمت الإمارات مثلًا عبر مؤسسة أبو ظبي «طابة» الصوفية، المؤتمر الذي عقد بتاريخ 25 آب/أغسطس 2016م، في غروزني العاصمة الشيشانية، تحت عنوان «من هم أهل السنة والجماعة» لدعم الصوفية الحكومية، ولتنفيذ الأجندات الأميركية التي أوصت بها مؤسسة راند في مواجهة الحركات السياسية الإسلامية. وأنشأت الإمارات أيضًا «مجلس حكماء المسلمين».
وسبق أن رصد كتّاب وعلماء عرب الدعم الغربي والروسي للتيار الصوفي الحكومي منهم د. عبد الوهاب المسيري الذي يقول: «ومما له دلالته، أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية المدعومة حكوميًا. ومن أكثر الكتب انتشارًا الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي، وأشعار جلال الدين الرومي». وقد حازت المؤلفات التي تدعو للتصوف على جوائز أدبية منها جائزة بوكر.
وإزاء هذه الحملة الشرسة على الإسلام، وحركاته السياسية للقضاء على توجهه السياسي، والحيلولة دون عودته للحكم والتطبيق، فإننا نقول للغرب أجمع وعلى رأسه أميركا: خاب فألكم، وطاش سهمكم، وسيرد كيدكم إلى نحركم، فإن استطعتم أن تطفئوا نور القمر أو نور الشمس فافعلوا؟! قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطۡفُِٔواْ نُور ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٣٢ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ ٣٣﴾. فكيف بكم والله نور السماوات والأرض، ونقول لكم أيضًا: إن خشيتكم من عودة الخلافة، وإن إنفاقكم الأموال لبناء شبكات جواسيس من (العلماء والمفكرين)، وأيضًا الحرب على الإسلام بشتى الطرق لن ينفعكم، وسيكون وبالًا عليكم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ ٣٦ لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ٣٧﴾
أما استضعافكم للمسلمين، وحذركم من استعادة مجدهم من جديد، فسينهيه المسلمون بإعلان الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، قال تعالى: ﴿ طسٓمٓ١تِلۡكَ َايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ٢ نَتۡلُواْ عَلَيۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٣ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعٗا يَسۡتَضۡعِفُ طَآئِفَةٗ مِّنۡهُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ ٤ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ٥وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ ٦﴾.
والحمد لله رب العالمين
2019-08-02