أسعد بن زرارة: فاتحة كتاب الأنصار
2011/08/12م
المقالات
2,872 زيارة
أسعد بن زرارة: فاتحة كتاب الأنصار
نقيب الخزرج من بني النجار، رجل دولة من الطراز الأول، من الستة الأوائل من الأنصار الذين آمنوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان لهم دور عظيم في إرساء دعامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة.
اسمه وكنيته ووفاته:
اسمه: أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وكنيته: أبو أمامة وتوفي t قبل معركة بدر الكبرى.
بدء إسلامه:
روى ابن كثير في البداية والنهاية قال: قال ابن إسحاق: فلما أراد الله إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز موعده له، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر الستة من الأنصار، فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم، فبينا هو عند العقبة لقي رهطًا من الخزرج أراد الله بهم خيرًا فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «من أنتم؟» قالوا: نفر من الخزرج، قال: «أمن موالي يهود» قالوا: نعم، قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟» قالوا: بلى. فجلسوا معه صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن. قال بعضهم لبعض: يا قوم تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به يهود فلا يسبقنكم إليه، فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك. ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم قد آمنوا الله وصدقوا، وواعدوه إلى قابل – أي العام المقبل -. فكان أسعد بن زرارة t من النفر الستة الأوائل الذين آمنوا من المدينة المنورة، وكان له ولهم السبق في غرس شجرة التوحيد ورفع لوائه فيها.
الإيمان والعمل:
بعد أن آمن أسعد بن زرارة وأصحابه y أجمعين لم يرضوا أن يبقى الإسلام حبيسًا في صدورهم، وإنما رجعوا إلى قومهم فدعوهم إلى الإسلام، وهذا شأن حملة الدعوة فإنهم دائمًا يجب أن يكونوا مثل خلية النحل في نقل الخير إلى الآخرين، وهذا درس لنا وعبرة في أن نكون مثلهم . قال ابن إسحاق: فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم، فلم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن من آمن وتزايد عدد المسلمين في يثرب بفعل اتصال أسعد وأصحابه y جميعًا في الناس. وقد حان موعد اللقاء المقبل كما حدد في العقبة.
بيعة العقبة الأولى:
روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت t قال: «كنت ممن حضر العقبة الأولى وكنا اثنى عشر رجلاً. فايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على- بيعة النساء وذلك قبل أن يفترض الحرب على أن نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئًا فأمركم إلى الله، إن شاء عذب وإن شاء غفر» وكان فيمن بايع أسعد بن زرارة t وأرسل معهم النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين، فنزل مصعب على أسعد بن زرارة فكان مصعب يسمى بالمدينة المقرئ. وهذه من فضائل أسعد بن زرارة t إذ كان فيمن بايع العقبة الأولى واستضاف مصعب بن عمير t والذي سيكون لهما الدور الأكبر فينشر الإسلام في المدينة المنورة.
كانت بيعة العقبة الأولى خيرًا وبركة، فإنَّ الذين أسلموا على قلة عددهم، كفاهم شخص واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مصعب لأن يغير بهم المدينة، ويقلب الأفكار والمشاعر الموجودة في مجتمعهم، ومع أن الذين أسلموا في مكة كانوا كثيرين إلا أنَّ جماهير الناس كانوا منفصلين عنهم، إذ لم تؤمن الجماعات ولم يتأثر المجتمع بالأفكار والمشاعر الإسلامية، بخلاف المدينة فقد دخلت في الإسلام جماهير الناس، وتأثر المجتمع فيها بالإسلام، وتأثرت أفكاره، وتأثرت مشاعره. وذلك يدل دلالة واضحة على أنَّ إيمان الأفراد منفصلين عن المجتمع، منفصلين عن جماهير الناس لا يحدث أثرًا في المجتمع ولا في الجماهير. وأنَّ العلاقات القائمة بين الناس إذا تأثرت بتأثير الأفكار والمشاعر حدث التحول والانقلاب مهما يكن قليلًا عدد الحاملين للدعوة.
تقصد المؤثرين وكسب أصحاب الرأي والسياسة وأهل القوة والمنعة:
كان أسعد بن زرارة t من أصحاب الفراسة ويحسن التأتي واختيار الأوقات والأوضاع المناسبة التي يكسب بها الآخرين، ويتمتع برباطة الجأش وحسن النصح التي أدت إلى كسب أسيد بن حضير وسعد بن معاذ ابن خالته وهما زعيما قومهما من بني عبد الأشهل، فبإسلامهما قويت شوكة الإسلام والمسلمين في المدينة وكانت نقطة الارتكاز التي ستقام بها الدولة الإسلامية الأولى.
ورد في سيرة ابن هشام: إن أسعد بن زرارة t خرج بمصعب بن عمير t يريد به دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر، وكان سعد بن معاذ t ابن خالة أسعد فدخل به حائطًا من حوائط بني ظفر على بئر يقال له بئر مرق، فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم، وسعد بن معاذ وأسيد بن الحضير يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل وكلاهما مشرك على دين قومه، فلما سمعا به قال سعد لأسيد: لا أبا لك، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما، وانههما أن يأتيا دارينا، فإنّه لولا أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت من القرابة كفيتُك ذلك، هو ابن خالتي ولا أجدُ عليه مقدمًا. قال: فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما، فلما رآه أسعد بن زرارة t قال لمصعب الخير t: هذا سيد قومه، وقد جاءك فاصدُق اللهَ فيه، قال مصعب t: إن يجلس أكلمه. فوقف أسيد عليهما مُتَشَتِمًا فقال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة. فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كفيناك ما تكره؟ قال أسيد: أنصفت، ثم ركز أسيد حربته وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن، فقالا فيما يذكر عنهما: والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله. ثم قال: ما أحسن هذا وأجمله، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي. فقام فاغتسل وطهر ثوبيه ثم شهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين، ثم قال لهما: إنّ ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما، سعد بن معاذ. ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد مقبلاً، قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال سعد ما فَعَلتَ؟ قال كلمتُ الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسًا. وقد نهيتهما قالا نفعل ما أحببت، وقد حُدِّثتُ أنّ بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنّهم عرفوا أنّه ابن خالتك ليَحقِروك – أي يخفروا ذمتك – قال فقام سعد بن معاذ مُغضَبًا مبادرًا مخوفًا للذي ذكر له وأخذ الحربة في يده ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئًا، ثم خرج إليهما سعد، فلما رآهما مطمئنين عرف أنّ أسيدًا إنما أراد أن يسمع منهما. فوقف متشتمًا ثم قال لأسعد بن زرارة: والله يا أبا أمامة، لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رُمتَ هذا مني، أتغشانا في دارنا بما نكره؟ قال وقد قال: أسعد لمصعب: جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان. فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمرًا رغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد: أنصفت، ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن. قال فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلي ركعتين. فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق، ثم ركع ركعتين، ثم أخذ حربته فأقبل عائدًا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن الحضير، فلما رآه قومه مقبلاً قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف عليهم سعد قال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًا وأيمَنُنا نَقِيبة، قال سعد: فإنّ كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا أو مسلمة، ورجع سعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة y جميعًا يدعون الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون.
لم نذكر هذه الرواية لمجرد القصص، وإنما لأخذ الدروس والعبر التي وردت فيها والذي كان لأسعد بن زرارة ومصعب بن عمير الدور الأكبر فيها.
1 – فقد احتضن أسعد مصعبًا مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآواه وجهز له ومهد له الطريق لنشر الدعوة حتى يصل الهدى والخير إلى الناس. هذا درس لنا أن تكون بيوتنا مفتوحة للدعوة واستضافة حلقاتها ورجالها. فقد لا أكون متحدثًا جيدًا لكن في إمكاني أن استضيف في بيتي من يدعو ومن يُدعى، ولا يَستَقِل (يستهين) أحدنا هذا الأمر فإنه في ميزان الله ثوابه عظيم.
2- تحمل الأذى والشتم والاستهزاء من الناس، فإنّ هذا الأمر يفتح القلوب، ذلك أنّ الطرف الآخر سيستصغر فعله، والصبر على الأذى وإحسان النصح وطيب الكلام سيفتح بيننا وبين قومنا وسيُلين قلوبهم لقبول دعوتنا. وهذا ما حصل مع أسعد ومصعب عندما جاءهم أسيد متشتمًا وكذلك سعد.
3- حسن التأتي في غشيان الناس في كل موضع ووقت مناسب حتى يكون للحديث قبولاً وتكون النفوس والآذان صاغية لا لاهية نافرة. والقيام بالحركات المقصودة في اتخاذ الوسائل للوصول إلى الناس حتى يسمعوا صوت الحق لقلب الأفكار والمشاعر لتكون إسلامية.
4- دعوة جميع الناس وتخير ذوي التأثير في جميع مواقعهم، بطرق الأبواب على الناس سعيًا للاتصال بهم، وهذا يظهر في قول أسعد لمصعب عن أسيد وسعد رضي الله عنهم جميعًا، فعن أسيد قال: “هذا سيد قومه فاصدُق الله فيه” وعن سعد قال: “جاءك والله سيد من ورائه قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان”. فالدعوة بحاجة لأهل القوة والمنعة والتأثير والمثقفين وأصحاب الفكر والسياسة ، فقد يعمل أحدهم عملاً لا يستطيع الآلاف منا تقديمه في خدمة الدعوة.
5 – إن عمل مصعب وأسعد y ومن أسلموا أوجد أجواءً للإسلام مما ساعد على انتشاره، وإنَّ قوة المسلمين ومنعتهم هناك كان لها من التأثير ما جعل الإسلام هو الذي له الغلبة على كل شيء، وإنَّ المدينة أصبحت جاهزة لإقامة الدولة فيها، وهذا ما أدى إلى بيعة العقبة الثانية.
بيعة العقبة الثانية وموقف أسعد بن زرارة فيها:
روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي الزبير عن جابر قال: قالت الأنصار علامَ نبايعك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لا تَخَافُوا فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيكُم، مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ» فقمنا إليه نبايعه، وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أول من بايع فقال: رويدًا يا أهل يثرب، فإنَّا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن إخراجه اليوم مناوأة للعرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف. فأما أنتم قوم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وأما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه. فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله. قالوا: أبط عنا يا أسعد – أي اجعل كلامك لنفسك تحت إبطك – فوالله لا ندع هذه البيعة ولا نسلبها أبدًا. وفي رواية للإمام أحمد والبيهقي، فأخذ البراء بن معرور بيده وقال نعم فوالذي بعثك بالحق نبيًا لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا – أي نساءنا -، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحَلْقة ورثناها كابرًا عن كابر. قال فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان فقال: يا رسول الله إنَّ بيننا وبين الرجال حبالاً وإنَّا قاطعوها – يعني يهود – فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «بَلْ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ. أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ بِمَا فِيهِم» فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وكان أسعد بن زرارة t نقيبًا عن قومه.
وهنا لابد من بيان أمور مهمة:
1- مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة حتى يطمئن على أصحابه إذا ما قرر الهجرة إليها.
2- ليستوثق النبي صلى الله عليه وسلم من مبلغ استعداد أهل المدينة لحماية الدعوة، ومبلغ استعدادهم للتضحية في سبيل الإسلام.
3- لتقرير أنَّ البيعة الثانية هي بيعة على الحرب والقتال واستلام الحكم.
4- تحدث إليهم صلى الله عليه وسلم ليبين لهم أن البيعة الثانية لا تقف عند حد الدعوة فحسب والصبر على الأذى، بل تتجاوز ذلك وتمتد إلى ما يكون به القوة التي يدافع بها المسلمون عن أنفسهم. وذلك بإيجاد النواة التي ستكون حجر الأساس والدعامة في إقامة دولة الإسلام التي تطبقه في المجتمع، وتحمله رسالة عالمية إلى الناس كافة وتحمل معه القوة التي تحميه، وتزيل كل حاجز مادي يقف في سبيل نشره وتطبيقه.
لقد كان موقف أسعد بن زرارة لافتًا للنظر في سرعة الاستجابة للبيعة، ذلك أنه t كان من أوائل من بايع، كذلك كان مبينًا لقومه أنَّ الأمر جلل وهو محاربة الناس جميعًا. فكان لهذا الصحابي دور عظيم في إرساء دعامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة. فجزى الله أسعد بن زرارة خير الجزاء، وكثَّر في الأمة من أمثاله. لذلك حفظ له النبي صلى الله عليه وسلم قدره وفضله، فعندما توفي أسعد t وقالوا له إنَّ أسعد قد مات فاختر لنا نقيبًا بدلًا عنه فقال صلى الله عليه وسلم: أنا نقيبكم عن أسعد».
2011-08-12